الوضع في سورية يتدهور نحو حرب أهلية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- سعى اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط أمس، بمشاركة وزير الخارجية التركي، لتشديد الخناق العربي على سورية وإجبارها على تبني المبادرة العربية. لكن، ثمة شك في أن يكون لهذا الاجتماع أي تأثير في الأسد. في هذه الأثناء، تنتقل سوريا بسرعة من مرحلة المواجهات بين المدنيين العزل والجيش، إلى مرحلة الحرب الأهلية المسلحة، إذ يزداد يوماً بعد يوم عدد المنشقين عن الجيش السوري، وتشير التقديرات إلى أن عددهم بلغ 30 ألفاَ من الجنود والضباط الذين ينشطون اليوم ضمن إطار ما يسمى "الجيش الحر" الذي يسعى لإسقاط النظام.
- وتتحدث التقارير الآتية من سورية عن معسكرات تقيمها تركيا وقطر من أجل تدريب المواطنين على استخدام السلاح، في وقت يزداد فيه عدد القتلى وسط الجيش، إذ باتت الهجمات على القواعد العسكرية جزءاً لا يتجزأ من المواجهات اليومية. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن المواجهات المسلحة من شأنها أن تخدم موقف الأسد الذي يدّعي أنه يقاتل مجموعات مسلحة تهدد الدولة لا مدنيين. كذلك، تتخوف المعارضة من أن يعتبر المنشقون عن الجيش أنفسهم البديل المنظم والوحيد الذي يستطيع الحلول محل النظام الحالي في سورية، وهذا من شأنه أن ينقل سورية من نظام عسكري إلى نظام عسكري من نوع آخر.
- ما زالت المعارضة السورية عاجزة، حتى الآن، عن تشكيل جبهة موحدة تستطيع أن تتحاور معها الدول العربية والدول الغربية. فعلى سبيل المثال، لم تنجح هذه المعارضة في الاتفاق على بنود الحوار مع الجامعة العربية بشأن المرحلة المقبلة في سورية. وقد شكلت مبادرة الجامعة فرصة استثنائية لها للتحول إلى الطرف الممثل لسورية، إلاّ إنها بدلاً من ذلك تنشغل بخلافات داخلية غير أساسية.
- لا خلاف بشأن ضرورة تنحي الأسد، لكن الأسئلة المطروحة هي التالية: ما هي طبيعة النظام الذي سيحل محله؟ وكيف سيتم الانتقال إلى المرحلة المقبلة ولا سيما في ظل عدم الاتفاق على طبيعة النضال؟ هل سيبقى الاحتجاج مدنياً أو أنه يجب المطالبة بالتدخل الخارجي؟
- يستغل الأسد هذا الانقسام، ويبدي لامبالاة إزاء المساعي العربية والتركية من أجل فرض عقوبات عليه. وتقوم كل من روسيا وإيران بالحديث نيابة عنه سواء في الساحة العربية أو في الساحة الدولية، في الوقت الذي تسعى فيه كل الأطراف لعدم اتخاذ أي قرار بالتدخل العسكري في سورية.
- إن ملامح المرحلة المقبلة ستظهر في نهاية هذا الأسبوع بعد أن تتخذ الجامعة العربية، مع تركيا، قراراً بتوجيه إنذار جديد إلى سورية. فإذا رفض الأسد هذا القرار، ستطلب الجامعة العربية من مجلس الأمن فرض منطقة يحظر على الطيران السوري التحليق في أجوائها، وبهذه الطريقة تجيز بصورة نهائية العمل العسكري ضدها. وستتحول تركيا حينها إلى الدولة الأكثر فعالية في تنفيذ هذا القرار، إذ إنها بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي ستفرضها على دمشق، ستكون القاعدة التي ستنطلق منها عمليات الناتو.
- لكن، ثمة فارق بين السيناريوهات وبين الواقع، لأن روسيا ستمارس حق الفيتو ضد أي قرار يتخذه مجلس الأمن في هذا الشأن وستنقذ دمشق، وهذا ما ستفعله دول الغرب التي لا ترغب في الدخول في عملية عسكرية، فضلاً عن أن استخدام الفيتو سيؤدي إلى دفن إمكان التدخل العسكري لوقت طويل، وسيسمح فقط بالعقوبات الاقتصادية كوسيلة للضغط على سورية. وعلى الرغم من الوضع الحرج الذي يعانيه الاقتصاد السوري، إلاّ إنه قادر على الصمود ما دام كل من العراق وإيران يقوم بدور الجبهة الخلفية الاقتصادية له.