معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· تشكل التحذيرات التي أطلقها هذا الأسبوع علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني وأحد الأشخاص المقربين جداً من الزعيم الإيراني، والتي قال فيها إن هجوم الغرب بزعامة الولايات المتحدة على حليفتهم سورية سيؤدي إلى مهاجمة إسرائيل، مرحلة جديدة من محاولات إيران ردع الغرب وإسرائيل عن مهاجمتها عسكرياً. وعلى الرغم من عدم القدرة على معرفة مدى استعداد إيران لأن تساعد فعلاً شريكتها وحليفتها سورية، فإن الأدوات الأساسية المتوفرة لديها هي أن تقوم بذلك من خلال امتداداتها المختلفة، وعلى رأسها حزب الله اللبناني الذي، وبالتنسيق مع إيران، يقيم تعاوناً استراتيجياً وثيقاً مع الرئيس بشار الأسد، وسبق أن أعلن تأييده موقف النظام السوري.
· بناء على ذلك، عندما تقرر إيران تنفيذ تهديدات لاريجاني، فمن المحتمل أن يُطلب من حزب الله التحرك -جبناً إلى جنب مع إيران وسورية - ضد أعداء إيران عامة وضد إسرائيل خاصة. والدليل على ذلك التهديدات التي أطلقها في الأيام الأخيرة حسن نصر الله ضد المعارضة السورية في أعقاب خطف المواطنين اللبنانيين الشيعة في سورية، كذلك التهديدات التي أطلقها في أيار/مايو 2012 في ذكرى إعادة إعمار الضاحية ومرور 12 عاماً على الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، إذ تباهى نصر الله بمخزون الصواريخ الذي لدى الحزب والقادر على إصابة أي نقطة في إسرائيل بما فيها تل أبيب.
· وتشير التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أن حزب الله يملك اليوم منظومة عسكرية تضم عشرات الآلاف من المقاتلين، ونحو 60 ألف صاروخ قصير ومتوسط وبعيد المدى، ذات قدرة تدميرية أشد، ودقة أكثر في إصابة الهدف من الصواريخ التي كانت لدى الحزب في حرب لبنان الثانية [تموز 2006]. فضلاًَ عن ذلك، فقد نشر الحزب قواته في نحو 160 قرية شيعية في جنوب لبنان، وشمال الليطاني، والبقاع، مستخدماً منازل السكان معاقلاً للقتال.
· ومن الواضح اليوم أن أي مواجهة جديدة بين إسرائيل وحزب الله سيستخدم فيها الحزب هذه المنظومة الصاروخية الواسعة التي لديه، والتي من المنتظر أن تلحق أضراراً في الجانب الإسرائيلي. إلاّ إن ذلك سيؤدي في المقابل إلى رد إسرائيلي قاس ضد الدولة اللبنانية، وسيلحق دماراً كبيراً ببنيتها التحتية، ولن يقتصر هذا الرد على أهداف تابعة مباشرة لحزب الله. فقد أوضح مسؤولون إسرائيليون كبار هذا الأمر للحكومة اللبنانية، التي يشكل حزب الله محوراً أساسياً فيها، وبات واضحاً اليوم لسكان لبنان أن أي جولة قتال جديدة ستلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد اللبناني الذي يستند إلى حرية النظام المصرفي والاستثمارت الأجنبية والسياحة، وسيزعزع الوضع السياسي غير المستقر السائد في هذا البلد.
لكن على الرغم من التقدير السائد في إسرائيل بأن حزب الله لا يرغب في الدخول في اختبار جديد لقوته العسكرية بسب الثمن الباهظ المتوقع أن يدفعه بالأرواح والأملاك والبنى التحتية، فمن المحتمل ألا يترك الارتباط الوثيق للحزب بإيران، والتدخل المباشر لعناصر الحرس الثوري المتواجدين في لبنان في نشاطه، مجالاً واسعاً أمام نصر الله للمناورة في حال تلقى تعليمات من طهران بالتحرك ضد إسرائيل دفاعاً عن مصالحها أو دفاعاً عن مصالح سورية. ويبقى السؤال: هل يمكن للسيد نصر الله الذي سبق أن أخطأ في تقديراته في الماضي [عندما اعترف بعد حرب تموز 2006 بأنه لم يتوقع الرد القاسي من جانب إسرائيل] أن يجر لبنان وحزبه عن وعي نحو الانتحار السياسي والاقتصادي؟ إن معنى ذلك هو أن مصير الشعب اللبناني لم يعد ملكاً له، ومصالحه الوطنية قد صودرت من أجل مصالح الدول الأجنبية التي تستطيع أن تفعل ما تشاء في لبنان من خلال مبعوثيها.