· دفعت الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط السعودية ودول الخليج إلى السعي لـ"تحصين" الأنظمة الملكية في وجه المخاطر التي تهدد استقرارها، وتعزيز شرعيتها في الداخل والخارج. ومن بين الخطوات التي اتخذتها هذه الدول في هذا الإطار توسيع مجلس التعاون الخليجي بحيث يضم كلاً من الأردن والمغرب، مما يمنح هذا المجلس، الذي يحتفل هذا الشهربمرور ثلاثين عاماً على تأسيسه، بعداً سياسياً وأمنياً أوسع.
· في الأسابيع الأخيرة أُعلنت السعودية والكويت والبحرين وعُمان وقطر واتحاد الإمارات العربية عن دعوتها الأردن والمغرب، ونظامهما مَلكي سُني موالي للغرب ومعارض لإيران، إلى التقدم بطلب للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سيعزز أهمية هذا المجلس على الصعيد الإقليمي ويجعله مساوياً من حيث المكانة لمجلس جامعة الدول العربية.
· إن انضمام الأردن والمغرب إلى "النادي المغلق" للدول المنتجة للنفط، من شأنه أن يؤدي بالطبع إلى زيادة الاستثمارات في هاتين الدولتين اللتين تعانيان من البطالة المرتفعة، وربما سيسمح بتزودهما بالنفط من دول الخليج بأسعار رخيصة مقابل الحصول على يد عاملة رخيصة.
· وسيضاعف انضمام الأردن والمغرب إلى المجلس عدد سكان الدول الأعضاء فيه، وسيرفع انتاجه الخام بنسبة 12%. وسيكون من الأسهل على دول الخليج استيعاب الأردن، الذي اقتصاده أصغر من اقتصاد عُمان، من استيعاب المغرب البعيد جغرافياً عن المجلس.
· لم تقدم دول مجلس التعاون تفاصيل تتعلق بكيفية انضمام الأردن والمغرب، ولا بالجدول الزمني لذلك. كما لم تحدد هذه الدول ما إذا كانت عضوية الأردن والمغرب ستكون كاملة، أم أن التعاون معهما سيقتصر على عدد من المجالات مثل التجارة والمجال الأمني. وكان الأردن قد طلب سابقاً الانضمام إلى المجلس لكن طلبه رُفض.
· ثمة بعدٌ أمنيٌ مهمٌ للمبادرة: فانضمام الأردن إلى المجلس سيؤدي إلى تحسين قدرة الدول الخليجية على مواجهة أي تدهور محتمل في وضعها الأمني، فالوحدات الخاصة الأردنية وأجهزة المخابرات لديها سمعة جيدة في هذا المجال، وهي تقوم عملياً بتدريب قوات الأمن الخليجية وتقديم المساعدة لها.
· وعلى الرغم من أن جميع الدول الأعضاء هي أنظمة مَلكية سُنيّة، فإنها مختلفة ثقافياً واقتصادياً، وهناك اختلافات حتى في النظام المَلكي المعمول به في كل منها. وتعكس هذه المبادرة التغييرات التي طرأت على الأنظمة السياسية في المنطقة، والغموض الذي يسود سياسة مصر والولايات المتحدة تجاه دول الخليج. وتسعى دول الخليج من خلال هذه المبادرة إلى ملء الفراغ الناشىء عن ضعف مصر، وإلى "توحيد الصفوف"، وتشكيل جبهة سُنيّة بديلة لمواجهة إيران، ومواجهة المخاطر الداخلية التي تتهدد هذه الدول. وهناك من يرى في هذه الخطوة محاولة لمنع الأردن والمغرب من القيام باصلاحات سياسية تحولهما إلى مَلكيات دستورية، وهو أمر يقلق العائلات الحاكمة في الخليج، خوفاً من انتقال العدوى إلى بلادهم. ومن المحتمل أيضاً ألا تكون هذه المبادرة سوى رسالة إلى الولايات المتحدة وإلى مصر.
· إن موقف الدول الثماني الأعضاء من موضوع التسوية السلمية ومن إسرائيل هو موقف متقارب. وفي الماضي كان لإسرائيل علاقات جزئية مع بعض دول الخليج، وفي الأعوام الأخيرة كثر الحديث عن وجود تعاون أمني بين إسرائيل وهذه الدول من أجل مواجهة إيران. وفي حال استمر هذا المسار، فقد تنضم إسرائيل إلى مجلس إقليمي يتمتع بقوة سياسية واقتصادية لا يُستهان بهما.