علمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك التقى مصادفةً، وعلى هامش اشتراكه في مؤتمر الأمن الدولي الذي عُقد في مدينة ميونيخ في ألمانيا في نهاية الأسبوع الفائت، أحد المندوبين من وفد المعارضة السورية الذي اشترك في المؤتمر. وقال هذا ال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي في إسرائيل تعبير عن نقاش يتعلق بسلّم الأولويات الوطنية، وفي مقدمها ثلاثة أهداف: زيادة حجم الجيش الإسرائيلي؛ توسيع الحدود بواسطة الاستيطان في الضفة الغربية؛ رعاية "مجتمع طلاب حريدي" يعتمد على المخصصات الحكومية. وطبعاً لا تظهر هذه الأولويات بهذه الصورة في خطابات المسؤولين في الدولة، أو في الوثائق الرسمية. فقد تطورتالمستوطنات واليشيفوت [المدارس الدينية] تحت غطاء تعتيم رسمي، وجرى تسويغ الزيادة في ميزانية الدفاع بالتهديدات الخارجية. لكن منذ سنة 1967 التزمت الحكومات الإسرائيلية جميعها بهذه الأهداف بصورة تتلاءم وأيديولوجياتها وضرورات الميزانية والضغط الدولي.

·       لقد صمد المثلث القائم على الأمن ـ المستوطنات - اليشيفوت، لأن الأسباط كلها التي يتكون منها المجتمع اليهودي في إسرائيل استفادت من ثماره. فقد استفاد العلمانيون من الهيبة، والتأهيل المهني والنفوذ الاجتماعي الذي حصلوا عليه من خلال الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. أمّا المتدينون - القوميون فحصلوا على تقديمات اجتماعية من الجيش، واستطاعوا من خلال المستوطنات الحصول على مساكن زهيدة وعلى النفوذ السياسي، إلى جانب تمتّعهم باستقلالية ذاتية على صعيد التعليم (من خلال التعليم الرسمي - الديني) ومن خلال الجيش (عبر يشيفوت هَهِسْدير). أمّا الحريديم فقد تنازلوا  عن الفوائد التي تقدمها الخدمة العسكرية، لكنهم تحوّلوا من أقلية معزولة إلى قوة اجتماعية وسياسية أساسية بفضل الميزانيات المخصصة لليشيفوت والتقديمات للأولاد، وانضموا إلى المشروع الاستيطاني في مقابل الحصول على الإسكان المدعوم. وظل عرب إسرائيل، الذين لا يخدمون في الجيش ولا يسكنون في المستوطنات ولا يتعلمون التوراة، في أسفل سلّم هذه الأولويات.

·       لقد عملت حكومة بنيامين نتنياهو المنتهية ولايتها بتصميم على المضي في تحقيق هذه الأهداف الثلاثة، إذ بلغت ميزانية الدفاع ذروة تاريخية، وجرى تسريع الاستيطان على الرغم من المعارضة الدولية، واستفادت الطائفة الحريدية من المخصصات المالية ومن إعفائها من الخدمة العسكرية الإلزامية، وتدفقت الموارد على سلاح الجو، وعلى ضواحي القدس وتلال السامرة، وعلى التعليم التوراتي والبلدات الحريدية. وفي صيف سنة 2011 انتفض الجمهور العلماني ضد هذه السياسة وخرجت جماهيره إلى الشوارع، لكن قادة الاحتجاج الاجتماعي، وزعيمتهم السياسية شيلي يحيموفيتش، ضيّعوا الفرصة من خلال إحجامهم عن انتقاد الجانب الإنفاقي في الميزانية الحكومية، خوفاً من أن يُتهموا باليسارية وبعدم الوطنية. وظل نتنياهو متمسكاً بموقفه، وتبدد الاحتجاج.

·       بيد أن أسباب الاحتجاج لم تختف، وقد استوعبت التركيبة السياسية هذه الرسالة وقامت بإجراء تصحيحات. وكان السبب في سقوط الحكومة الخلاف على ترتيب الأولويات الوطنية، ففي البداية برز الخلاف بشأن مسألة تجنيد الحريديم، ثم بشأن ميزانية الدولة. وفي الانتخابات التي جرت، عاقب الناخبون نتنياهو ويحيموفيتش، وكافأوا يائير لبيد المرشح الذي طرح سؤال أين ذهب المال؟

·       الآن حان دور نتنياهو للردّ. فما يريده الليكود هو زيادة ميزانية الدفاع تحت عنوان "كبح الخطر الإيراني"، ومواصلة الاستيطان، بقدر ما يسمح به الصبر الأميركي. أمّا حزب البيت اليهودي فيضع توسيع المستوطنات في طليعة أهدافه، وهو من أجل ذلك مستعد لتقليص ميزانية وزارة الدفاع ومخصصات الحريديم. وبالنسبة إلى حزبَي يهدوت هتواره وشاس فما يهمهما هو اليشيفوت [المدارس الدينية] فقط، بينما يريد حزب يش عتيد تقليص مخصصات الحريديم تحت شعار "المساواة في تحمل العبء"، لكنه سيدعم زيادة حجم الجيش وزيادة محددة في المستوطنات. وفي المقابل، فإن هتنوعا وكاديما سيقبلان بما يقرره نتنياهو، شرط ألاّ يذوبا في المعارضة، وكل ما يمكن أن يصدر عنهما هو التحفظ الضعيف على تسريع الاستيطان دفاعاً عن "المفاوضات السياسية".

·       وإذا افترضنا أن الشركاء جميعاً في الائتلاف سيؤيدون زيادة ميزانية الدفاع، وأن توسيع الاستيطان مرتبط بموقف باراك أوباما أكثر مما هو مرتبط بنتنياهو، فإن النقاش بشأن الائتلاف يتمحور حالياً على الحريديم. وعلى نتنياهو أن يقرر ما إذا كان سيتمسك بتحالفه مع شاس، ويواصل حلب الطبقة الوسطى لمصلحة اليشيفوت [المدارس الدينية]، أم سيفضّل أن يكون لبيد في وزارة الخارجية، وإضعاف الحريديم. إن الميل العاطفي لنتنياهو ومصلحته السياسية يتجهان نحو شاس، بيد أن الخوف من العزلة الدولية ومن غضب الناس قد يدفعه إلى اختيار لبيد. وعلى الأرجح فإن الضغوطات التي ستمارَس على نتنياهو هي التي ستحسم خياره، وستحدد تالياً سلّم الأولويات الوطنية.