تصدير الغاز الطبيعي: خيارات إسرائيل وقبرص ومشاريع التعاون بينهما

فصول من كتاب دليل اسرائيل

المصدر
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى - "صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة"، واشنطن: سلسلة أوراق المتوسط

مدخل

تنبئ اكتشافات الغاز الطبيعي البحرية، داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ) لكل من إسرائيل وقبرص، باكتشاف المزيد من حقول الغاز مستقبلاً.[1] وكان الحقلان المكتشفان قبالة الساحل الإسرائيلي - حقل "تَمار" (10 تريليون قدم³) عام 2009، ثم حقل "ﻟﭭﻴﺘﺎن" (19 تريليون قدم³) عام 2010- أكثر اكتشافات الغاز الطبيعي أهميةً، عامذاك، في عمق البحر ( 2000 متراً). ويقدَّر احتياطي حقل "أفروديت" القبرصي الوحيد، المكتشف عام 2011، بنحو 5,2 تريليون قدم³ من الغاز الطبيعي. وهذه الكميات ضئيلة بالقياس لاحتياطي الغاز الطبيعي العالمي. فإن لدى إيران احتياطي مؤكّد يبلغ 1187 تريليون قدم³، ولدى قطر احتياطي مؤكّد يبلغ 885 تريليون قدم³، وضمن نطاق شرق البحر المتوسط، ولدى مصر احتياطي مؤكّد يبلغ 72 تريليون قدم مكعبة.[2] ورغم ذلك، فإن لهذه الاكتشافات أثر كبير على التنمية الاقتصادية وتعزيز أمن الطاقة في البلدين.

2

ومع أن حقلي "ﻟﭭﻴﺘﺎن" و"أفروديت"، وسواهما من الحقول الجديدة، لم يجر استكشافهما بالكامل، يبدو جلياً منذ الآن أنه سيكون للبلدين فائض من الغاز متاحاً للتصدير. وبالنسبة لإسرائيل، سمحت الحكومة بتصدير ما نسبته 40% من احتياطي الغاز المكتشف طبقاً لتقديرات العام 2013. أما قبرص، ونظراً لعدد سكانها المنخفض نسبياً، فإن تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي لن تتجاوز نسبة 10% من احتياطها من الغاز الطبيعي. وسيُمْكن بالتالي تصدير معظمِه.

أما بالنسبة للنفط، فلم يتم اكتشافه بعد [في الحوض المشرقي]، لكن من المتوقع حصول هكذا اكتشافات مستقبلاً.[3] ونظراً لمعدّل تفاضل السعر الجاري بين النفط والغاز – والبالغ نحو 1:4 لجهة محتوى الطاقة في النفط، وتكاليف إنتاجه المتدنية، وتسويقه الأسهل – فهناك حافز أكبر لاستخراج النفط، بشرط أن تبرّر الكميات المكتشفة، من الناحية التجارية، تكلفة استخراجه. فالشركة المنقِّبة الرئيسية، والمشغِّلة، في المنطقتين الاقتصاديتين الخالصتين لإسرائيل وقبرص، أي شركة "نوبل إنرجي" الأميركية، تعتزم القيام، في العام 2014، بحفر اختباري "تنقيباً عن النفط في العمق". وتفيد الشركة بأن هناك "مشاريع تنقيب مشابهة عديدة" في المساحة المشمولة بعقد امتيازها.[4] كما أسفر استثمار حقلَيْ "تَمار" و"ﻟﭭﻴﺘﺎن" منذ الآن عن كميات ملحوظة من "متكثفات الغاز الطبيعي"، والتي هي مشتقات قيّمة تُستخدم في الصناعة البيتروكيماوية.[5] والمتكثفات هي مصادر هيدروكربونية سائلة تُفرَز عن الغاز عند درجات حرارة منخفضة.

.... ...

إمداد الأسواق المحلية

في إسرائيل، بدأ استخراج الغاز الطبيعي في العام 2004، من بئر ماري - بي المستنزفة حالياً، الواقعة ضمن حقل "يام ثيتيس" المقابل لساحل أسدود. ولقد بيع الغاز المستخرج إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية الحكومية، التي استوردت أيضاً الغاز المصري خلال الفترة 2008– 2012. وتصل إمدادات الغاز المحلية والمستوردة، بالإضافة إلى إمدادات الغاز الآتية من حقل "تَمار" بدءاً من آذار/مارس 2013، إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية التابعة للشركة. وهناك محطات لتوليد الطاقة أصغر حجماً، عاملة على الغاز ومموَّلة من شركات خاصة، التي تزوّد بعض المنشآت الصناعية بالطاقة الكهربائية. وتبلغ قدرات إسرائيل الإجمالية على توليد الطاقة الكهربائية 12 ألف ميغاواط.

3

وبحلول العام 2025، سيشكل الغاز الطبيعي مصدر توليد ما نسبته 50% من الطاقة الكهربائية المنتجَة في إسرائيل.[6] فمن قَبْل، استُخدم الفحم الحجري بشكل رئيسي لتوليد الطاقة، بالإضافة إلى المازوت كمصدر ثانٍ للوقود. أما الآن، ومن أصل أكبر خمس محطات لتوليد الطاقة في إسرائيل، هناك ثلاث منها عاملة حالياً على الغاز، وهي: "ردينغ" (شمالي تل أبيب)، "إشكول" (قرب أسدود)، و"حيفا" (داخل المنطقة الصناعية لهذه المدينة الساحلية الشمالية). وهناك خطط لتحويل محطة "أوروت رابين"، قرب الخضيرة، من الفحم الحجري إلى الغاز الطبيعي. وهكذا لا يبقى سوى محطة كبيرة واحدة تستخدم الفحم الحجري في توليد الطاقة، وهي محطة "روتنبرغ" القريبة من عسقلان، وذلك حرصاً على تنويع مصادر (وأمن) الطاقة. ولقد وقّعت شركة الكهرباء الإسرائيلية عقداً لخمس عشرة عاماً (وفق مبدأ الاستلام أو الدفع الملزم) لشراء 78 بليون م³ من الغاز من حقل "تمار"، مع حق زيادة الكمية إلى 99 بليون م³. وهناك عقود أخرى موقَّعة بحيث تبلغ قيمة العقود الإجمالية نحو 145 بليون م³، مع حق شراء 23 بليون م³ إضافية. وبالتالي، تبقى كمية فائضة في حقول الغاز، بمقدار 114 بليون م³، والتي سيُتاح بيعُها.[7] 

وتعتزم إسرائيل أيضاً استخدام الغاز الطبيعي المستخرج، بالإضافة إلى متكثفات الغاز، كمادة أولية في منشأتها البتروكيماوية في حيفا. كما تنوي إسرائيل استخدام الغاز لزيادة إنتاج معامل تحلية مياه البحر، لأنها عملية مُكْلفة تستهلك الكثير من الوقود. وهناك خطط لزيادة استخدام الميثانول والغاز الطبيعي المضغوط (CNG) كوقود لوسائل النقل، ولا سيما الشاحنات والباصات على اختلافها. لكن هذا يثير المخاوف من اعتماد قطاعات إسرائيل الاقتصادية على الغاز الطبيعي أكثر من اللزوم. والسبب هو أمني بالدرجة الأولى: فالبنية التحتية للغاز الطبيعي غير حصينة، وبالتالي فإن أي ضرر تتعرض له سيؤدي إلى تعطيل سير عمل الاقتصاد برمته. وفي كافة الأحوال، يتوقف نجاح التحول نحو استخدام الغاز الطبيعي في إسرائيل على نطاق واسع، على اكتشاف كميات كبيرة إضافية من الغاز الطبيعي القابل للاسترداد من الناحية الفنية.

ولقد أعلنت حكومة إسرائيل، في حزيران/يونيو 2013، عن جوهر سياسة تصدير الغاز الرسمية. فاقترحت هيئةٌ وزارية ضمّت كلاً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير المال يائير لبيد، ووزير الطاقة والمياه سيلفان شالوم، وحاكم مصرف إسرائيل المركزي ستانلي فيشر، أن يُسمح بتصدير 40% من إنتاج الغاز. وأضافت الهيئة تدبيراً احتياطياً ينص على إدراج مبيعات الغاز إلى الأردن والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ضمن حصة ال 60% المخصصة للاستخدام المحلي. لكن مجلس الوزراء مجتمعاً أسقط هذه الفقرة. ويواجه هذا القرار الحكومي اعتراضاً قانونياً من مجموعات ضغط سياسية وبيئية، التي تطالب بطرحه للنقاش في الكنيست الإسرائيلي. فالقرار معلّق إذاً، لكن يبدو أنه سيُصادق في النهاية على سياسة تصدير الغاز، لاعتبارات تتعلق بسد عجز ميزان المدفوعات وتقديم الحوافز لشركات التنقيب عن الغاز والمستثمرين.

قبرص

تمتلك هيئة الكهرباء القبرصية قدرات على توليد الكهرباء بطاقة تبلغ 1410 ميغاواط، منها 830 ميغاواط مصدرها محطة "ﭬﺎسيليكوس" الجديدة لتوليد الطاقة الكهربائية، والتي استُكمل بناؤها مؤخراً على الساحل الجنوبي للجزيرة. وتقوم، في هذه المحطة، ثلاث وحدات توربينية بخارية بحرق المازوت لتوليد 130 ميغاواط من الطاقة الكهربائية. بينما تعمل، حالياً، وحدتان إضافيتان على الديزل لتوليد 220 ميغاواط من الطاقة؛ لكنهما ستعملان، مستقبلاً، على الغاز الطبيعي، المستورد أو الآتي عبر خط أنابيب من حقل "أفروديت". وهناك مخطط لبناء منشأة للغاز المسال (LNG) في "ﭬﺎسيليكوس"، ينتظر الضوء الأخضر، والاستثمارات المطلوبة لتنفيذه. فقرار بناء المنشأة الصادر عن مجلس الوزراء في 2012، قد جرى تأكيده في نيسان/ أبريل 2013، من قبل الرئيس المنتخب الجديد، نيكوس أنستزيادس. وقد يُستخدم الغاز الطبيعي في معامل تحلية مياه البحر، ولمعالجة مشكلة النقص بالمياه، المزمنة في قبرص.

4

ومن المتوقع أن يؤدي توافر إمدادات الغاز الطبيعي المحلية إلى تحسين ميزان مدفوعات قبرص، وإلى خفض أسعار الكهرباء، التي هي الأعلى في أوروبا. وستخلق مشاريع البنى التحتية الضرورية فرصَ عملٍ جديدة. وسيؤدي خفض أسعار الكهرباء إلى جعل الاقتصاد القبرصي أكثر تنافسية، وإلى تعزيز جهود إعادة هيكلة الاقتصاد، بعيداً عن الارتهان للخدمات المصرفية والمالية، الناجم عن الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة.

خيارات التصدير بحسب المقصد

يستعرض هذا القسم خيارات التصدير قيد البحث في كل من إسرائيل وقبرص، ويحلل بإيجاز مزايا ومساوئ كل منها.

إسرائيل

إن قدرات إسرائيل التصديرية، رغم أهميتها القطرية، ضئيلة بالمقاييس العالمية. فإن احتياطي إسرائيل من الغاز الطبيعي، والذي يبلغ، طبقاً لتقديرات لجنة "تسيمح" الرسمية لعام 2012، نحو 680 بليون م³ (24,3 تريليون قدم³)، ضئيل نسبياً.[8] فهو يشكل أقل من 0,4% من الاحتياطي العالمي المؤكّد من الغاز الطبيعي. ولا مجال لمقارنته مع احتياطي إيران المؤكّد من الغاز (18% من الاحتياطي العالمي)، واحتياطي روسيا (17,6%)، واحتياطي قطر (13,4%).[9] وحتى مصر لديها احتياطي مؤكّد لا بأس به (2%). وعلى صعيد الإنتاج السنوي، فروسيا هي المنتج الأول (592 بليون م³)، تليها إيران (160 بليون م³) فقطر (157 بليون م³). وبالمقارنة، ستبدأ إسرائيل، اعتباراً من أواخر العام 2013، بإنتاج نحو 7 بليون م³ في السنة، في حقلها العملاني الرئيسي "تمار".
... ....

خطوط الأنابيب

·       إلى الأردن: تَعطَّل إمداد المملكة الهاشمية الأردنية بالغاز المصري، مراراً، منذ سقوط نظام حسني مبارك في مطلع 2011. وفي مطلع العام 2013، تقلص إمداد الأردن بالغاز إلى كَسْر من عقد الشراء السنوي البالغ نحو 3 بليون م³. فاضطر الأردن لشراء المازوت الغالي بدلاً من الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية. وتمتد شبكة أنابيب الغاز القطرية لإسرائيل، أو ستمتد مستقبلاً لغاية [جبل] سدوم، جنوب البحر الميت، وإلى أطراف مرج إبن عامر في الشمال، على الضفة الجنوبية لبحيرة طبريا. والمسافة بين هذين الموقعين والحدود مع الأردن لا تتجاوز بضعة أميال.

وهناك مقترح قيد البحث، ويقضي بأن تمدّ إسرائيل "شركة البوتاس العربية" الأردنية بالغاز الطبيعي، عبر إطالة خط الأنابيب الذي ينقل حالياً الغاز إلى معامل البحر الميت التابعة لشركة "كيميكاليم ليسرائيل".[10] وبما أن الشركة الكندية PSC هي مساهم أساسي في "شركة البوتاس العربية"، يمكن إظهار الصفقة كعقد توريد بين الشركة الأميركية (نوبل إنرجي) والشركة الكندية المذكورة، بقصد تخفيف حدّة المعارضة السياسية الداخلية الأردنية للصفقة إلى حدها الأدنى. لكن، بالإضافة لموافقة الحكومة الأردنية، ينبغي الحصول على موافقة سائر المساهمين [في شركة البوتاس العربية]: السعوديين، والكويتيين، والإماراتيين، ومسؤولي البنك الإسلامي للتنمية.

·       إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية: هناك مقترح لبناء محطة لتوليد الطاقة بالقرب من مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية، وتشغيلها بالغاز الطبيعي الآتي من إسرائيل أو من حقل غزة البحري ("غزة مارين") غير المستثمَر، والذي يقدَّر احتياطي الغاز فيه بتريليون قدم³ (28 بليون م³). إذ لا توجد حالياً محطة لإنتاج الطاقة في الضفة الغربية؛ وتلبي إسرائيل 95% من الطلب على الكهرباء، والأردن ال 5% الباقية. كما أن حقل "غزة مارين" مملوك لصندوق الاستثمار الفلسطيني، وهو يخضع لإشراف السلطة الفلسطينية ومقرها رام الله، وليس لحركة حماس في قطاع غزة. ومن الناحية الفنية، يكمن الحل الأسهل في ربط هذا الحقل بالشبكة البحرية لنقل الغاز الإسرائيلي، كونه قريب جداً من بئر ماري - بي المستنزفة، ومن منصة "تمار" الجديدة. ويمكن أن تشتري المحطة الغازَ مباشرةً من إسرائيل.

·       إلى قطاع غزة: يشتغل معمل الطاقة الوحيد في قطاع غزة على المازوت المستورد من إسرائيل. وتأتي إمدادات إضافية من الكهرباء من إسرائيل، وبمقدار أقل من مصر. وهناك اقتراح يقضي بتحويل محطة الطاقة الوحيدة في القطاع للعمل على الغاز الطبيعي، وبأن تأتيها إمدادات الغاز من إسرائيل أو من حقل "غزة مارين" البحري غير المستثمَر.
... وهناك مجال للتوصل لحالة مربحة لكل الأطراف، على النحو التالي: تتوقف إسرائيل عن تصدير الكهرباء أو المازوت، غير المسدّد ثمنهما كما ينبغي، إلى قطاع غزة؛ وتجبي السلطة الفلسطينية عوائد الملكية عن غاز حقل "غزة مارين"؛ وتؤمّن إدارة حماس لسكانها في القطاع إمداداً منتظماً بالطاقة الكهربائية. لكن هذا الأمر يتطلب موافقة الأطراف الثلاثة. 

·       إلى تركيا: يمكن ضخ الغاز من حقل"ﻟﭭﻴﺘﺎن" العملاق، شمالاً بإتجاه تركيا، عبر خط أنابيب ممتد في قاع البحر في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، من دون رُسّو الخط على الجزيرة. وهذا يؤمن لإسرائيل منفذاً إلى السوق الداخلية التركية الواسعة التي تستهلك 40 بليون م³ سنوياً، وإلى أوروبا عبر شبكة خطوط الغاز العابرة لتركيا. وقد تمارس قبرص حقّها في منع مسار خط الأنابيب داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة، بوصفها أحد الموقعين على "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار" UNCLOS. لكن ظروفها المالية السيئة منذ الأزمة المالية والاقتصادية لعام 2013، قد تحثها على إبداء بعض المرونة. كما أن الكراهية التركية لقبرص قد تلطفها أولاً، الحاجةُ لتنويع واردات الغاز التي تتحكم بها روسيا، وثانياً، الفائدةُ المتمثلة في التزام مشاريع مدّ خطوط الأنابيب التي ستعود بالأرباح على شركات الإنشاءات التركية.

·       إلى تركيا عبر قبرص: يمكن ضخ الغاز من حقل"ﻟﭭﻴﺘﺎن" الإسرائيلي ومن حقل "أفروديت" مجتمعَيْن، شمالاً نحو الجزيرة، إلى الساحل القبرصي، بحيث يُعالَج الغاز في محطة "ﭬﺎسيليكوس" للطاقة... ويمكن إعادة ضخ الغاز المنقّى من الشوائب، في خط عابر للجزيرة، وصولاً إلى "جمهورية شمال قبرص التركية". ومن هناك يمكن نقله عبر خط تحت- بحريّ إلى البرّ التركي، حيث يمكن ربطه بشبكة الخطوط المحلية، أو بخطوط الغاز العابرة لتركيا وصولاً إلى أوروبا.

·       إلى اليونان عبر قبرص: هناك خيار جرى بحثه لمد خط تحت- بحريّ لإيصال إمدادات الغاز الإسرائيلية والقبرصية إلى اليونان، حيث يُربَط بشبكات خطوط الغاز الأوروبية. لكن المسافات طويلة، وتضاريس قاع البحر لا تساعد على مد خط الأنابيب.[11]

·       إلى مصر، من خلال عكس مسار ضخ الغاز في خط الأنابيب الممتد من العريش إلى عسقلان: منذ إسقاط نظام مبارك، ازداد بشكل حاد الطلب المحلي على الغاز الطبيعي في مصر. كما أن لمصر التزامات بموجب عقود تصدير الغاز يصعب إيفاؤها. وفي آب/أغسطس 2013، وضعت قطر في تصرف مصر ناقلات محمَّلة بالغاز المسال من أجل مدّ زبائن مصر الخارجيين بالغاز. وهناك في مصر طلب على الغاز المستورد، رغم أنه ليس لديها حالياً "منصة عائمة لإعادة الغاز المسال إلى حالته الطبيعية الغازية" (regasification vessel). وبالتالي، تبقى إسرائيل مصدّراً محتملاً للغاز الطبيعي إلى مصر، وسيواجَه هكذا مخطط، على الأرجح، باعتراضات سياسية محلية مصرية. وقد يمكن تجاوز هذه المشكلة، إذا نجحت إسرائيل في مدّ الأردن، والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وقطاع غزة، بالغاز الطبيعي.

5

 

الغاز الطبيعي المسال LNG: مشاريع وخيارات قيد البحث

·       منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال [على الساحل الإسرائيلي من ناحية البحر الأبيض المتوسط: يمكن أن تتلقى هذه المنشأة الغاز الطبيعي من حقلي "تَمار" و"ﻟﭭﻴﺘﺎن"، إلى غاز مُسال معدّ للتصدير. يمكن بيع هذا الغاز المسال إلى أوروبا أو شحنه عبر قناة السويس إلى الأسواق الآسيوية وغيرها من الأسواق... لكن، وبغض النظر عن العراقيل السياسية الخارجية المتوقعة، سيواجَه هذا الخيار باعتراضات إسرائيلية داخلية لدوافع بيئية، وبمشكلة النقص في المواقع المتاحة لإقامة هذه المنشأة.

·       منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال على شاطئ البحر الأحمر بالقرب من إيلات: جرى التفكير بمنطقة خارج مرفأ إيلات لإقامة منشأة للغاز الطبيعي المسال. وهذا مقترح مغر لأنه يسمح بمد الأسواق الآسيوية بالغاز الإسرائيلي، مباشرةً، من دون عبور قناة السويس. لكن، وبغض النظر عن صغر مساحة الأرض المتاحة، وغير الملائمة من الناحية التجارية، فإن أي منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في إيلات ستكون عرضة لنيران الصواريخ والهاون من الأراضي المصرية أو الأردنية.[12]

·       منشأة لإسالة الغاز الإسرائيلي في المنطقة الصناعية لمرفأ العقبة الأردني على البحر الأحمر، القريب من إيلات: ولقد قيّمت شركة نوبل إنرجي هذا الموقع، بالإضافة إلى مواقع أخرى في إسرائيل وقبرص، وهي تخطط لاستكمال "التصميم الهندسي الأولي للواجهات الأمامية" (Pre-FEED) في 2013.[13] وتدعم الولايات المتحدة الأميركية تطوير العقبة كمحور موزِّع للطاقة. وهي تشجع مدّ خط أنابيب من العراق إلى محطة طرفية terminal في ميناء العقبة، للالتفاف على مضيق هرمز المعرّض للخطر من الناحية الاستراتيجية. لكن، من المستبعد أن توافق إسرائيل على وجود هذا الرصيد الاستراتيجي [الإسرائيلي] في الأردن. كما أن دولاً عربية، ومن ضمنها الكويت وقطر، تحاول على ما يبدو عرقلة هذا الخيار، من خلال عرضها على الأردن تمويل إقامة منشأة "لإعادة الغاز المسال إلى حالته الطبيعية الغازية"، بحيث يتمكن الأردن من استيراد الغاز الطبيعي المسال [من قطر أساساً]، وتنتفي الحاجة لشراء الغاز الإسرائيلي أو لتسهيل تصديره.[14]

·       منصة عائمة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال (FLNG) قبالة الساحل الإسرائيلي في شرق البحر المتوسط: يمكن وضع هكذا منصة مباشرةً فوق الحقول المنتجة، فترسو إلى جانبها الناقلات لتحميلها بالغاز المسال. وتكمن الميزة الإضافية لهذه المنصة العائمة (FLNG vessel) في أنها تقلص الحاجة لخطوط أنابيب تحت البحر معقدة ومكلفة. كما يمكن نقل موقع المنصة العائمة من أول الحقل لآخره ومن حقل لحقل. وتدرس شركة نوبل إنرجي جدوى إقامة منصة عائمة فوق حقل "تَمار"، طاقتها الإنتاجية 3,4 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً (mmtpa)، على أن يبدأ الإنتاج في العام 2018.[15] وهناك اتفاقية بين اتحاد شركات الغاز بقيادة نوبل إنرجي والشركة الكورية الجنوبية (Daewoo Shipbuilding and Marine Engineering) لدراسة تصميم وبناء هذه المنصة العائمة. كما أن هناك خطاب نوايا غير مُلزِم بين الشركة الكورية المذكورة و"غازبروم" الروسية، والتي تتضمن مدّ "غازبروم" بالغاز المسال من هذه المنصة. ويمثل تصميم وبناء هذه المنصة توسيعاً لحدود التكنولوجيا لأن المنصة الأولى من نوعها، والتي ستقام قبالة الساحل الغربي لأستراليا، لم تُستكمل بعد، ولم تصبح عملانية حتى الآن. وتجري الشركة الأسترالية المشرفة على تنفيذ هذه المنصة، "وودسايد بتروليوم"، مفاوضات مع شركة نوبل إنرجي وشريكاتها الإسرائيلية من أجل شراء حصة كبيرة من أسهم حقل"ﻟﭭﻴﺘﺎن".[16] 
وقد تكون المنصة العملاقة، التي يعادل حجمها حجم أربع حاملات طائرات، عرضةً لهجمات الصواريخ المضادة للسفن، وحتى القذائف الصاروخية. لكن الخبراء يهوّنون من المخاطر الأمنية، ويتوقعون أن تؤدي جاذبيةَ "المنصة العائمة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال"، ليس فقط في شرق البحر المتوسط، وإنما في أنحاء أخرى من العالم، إلى اختراقاتٍ تكنولوجيةٍ، وإلى خفضٍ للتكاليف يجعلها مجدية تجارياً.

·       تستطيع إسرائيل ضخ الغاز الطبيعي من حقل "ﻟﭭﻴﺘﺎن" عبر خط أنابيب تحت البحر إلى منشأة الغاز الطبيعي المسال المزمع إنشاؤها في"ﭬﺎسيليكوس"، على الساحل الجنوبي لقبرص: وهذا من شأنه تعزيز الاستمرارية التجارية للمنشأة. وستظل خُطط بناءِ قدرات إنتاج الغاز الطبيعي المسال [القبرصية] مجرد محاولات إلى حين يتم استكشاف إمكانات حقل "أفروديت" كاملةً. فإن حجمه الحالي، المقدَّر بنحو 5,2 تريليون قدم³ (145,6 بليون م³)، قد يؤمن مخزوناً من المواد الأولية، كافٍ لمنشأة تحتوي وحْدَة إنتاج واحدة فقط لا غير من الغاز الطبيعي المسال one LNG train [طاقتها الإنتاجية 5 مليون طن متري من الغاز المسال سنوياً]. أما إذا تبين أن حقل "أفروديت" أكبر مما يُقدر الآن، أو إذا تم اكتشاف حقول غاز أخرى، أو أبدت إسرائيل أو الدولة اللبنانية، استعداداً لضخ الغاز، من منطقتهما الاقتصادية الخالصة إلى قبرص، فسترتفع بصورة ملحوظة فرصُ وجدوى إقامة منشأة كبيرة الحجم للغاز المسال [على الساحل القبرصي].
وبما أنه يجري التخطيط لمد خط أنابيب يربط حقل "أفروديت" القبرصي البحري ببرّ الجزيرة، فيمكن أن يُربط به خط أنابيب إسرائيلي. إن المسافة طويلة – أكثر من 180 كلم- وقد تطول أكثر بسبب تضاريس قاع البحر. لكن حجمَيْ حقلَيْ "أفروديت" و"ﻟﭭﻴﺘﺎن" ، مجتمعَين، قد يعزّزا الجدوى التجارية لمنشأة "ﭬﺎسيليكوس" للغاز الطبيعي المسال. فهذا يسمح بتوسيع طاقتها من وحدة إنتاج، طاقتها الإنتاجية 5 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً، إلى ثلاث وحدات إنتاج أو أكثر، طبقاً للتوقعات الأكثر تفاؤلاً. وهكذا، تنخفض تكاليف وحدات إنتاج الغاز المسال الإضافية، لأن الإنتاج الموسّع يحقّق "وفورات الحجم" economies of scale.[17] ...
لكن قراراً إسرائيلياً بضخ صادراتها من الغاز الطبيعي عبر قبرص سيكون مناقضاً لإحدى أبرز توصيات لجنة تسيمح لعام 2012 – التوصية التي تنص على "ربط جميع حقول الغاز القائمة ضمن أراضي إسرائيل و/أو منطقتها الاقتصادية الخالصة، بشبكة نقل الغاز القُطرية". لكن هناك توصية ثانية – تنص على التالي:"إن الأفضلية المطلقة هي لتصدير الغاز الطبيعي من منشآت (برية أو بحرية) واقعة ضمن الأراضي الإسرائيلية (بما فيها المنطقة الاقتصادية الخالصة)"- والتي قد تتيح إمكانية التصدير عبر قبرص.

·       استخدام قدرات إسالة الغاز المصرية الفائضة: قد تتمكن إسرائيل من الاستفادة من الطاقة غير المستخدمة لإسالة الغاز المصرية، وتحديداً من مجمّع سيجاس Segas LNG، في ساحل [دمياط] المصري على البحر المتوسط. وعندما طُرحت الفكرة لأول مرة، عارضتها حكومة الإخوان المسلمين وبذلت ما في وسعها لعرقلتها. لكن، منذ مجيء حكومة موالية للمؤسسة العسكرية، في منتصف العام 2013، عاد الاعتبار لهذا الخيار على ما يبدو. ففي آب/أغسطس 2013، بعثت شركة "ديليك" [للحفر" Delek Drilling] الإسرائيلية برسالة إلى بورصة تل أبيب، تُعلِمها فيها بالمباحثات التي تجريها حول مدّ مصر بالغاز، وباقتراحها عكس مسار خط العريش- عسقلان، الذي كان يمد إسرائيل بالغاز المصري حتى العام 2012، وذلك بهدف إيصال الغاز الإسرائيلي إلى منشآت الغاز المسال [المصرية].[18] 

الغاز الطبيعي المضغوط

أفادت تقارير أن إسرائيل قد تزوّد مركز الطاقة القبرصي"ﭬﺎسيليكوس"، الذي أصبح عملانياً في 2013، بالغاز الطبيعي المضغوط CNG في سبيل تشغيل الوحدات العاملة بالدورة المركبة بقدرة توليد 440 ميغاواط من الطاقة الكهربائية.[19] وتحتاج التوربينات لتشغيلها ما بين 0,5 و0,7 بليون م³ من الغاز الطبيعي المضغوط. ولقد طُرح بديل "الغاز الطبيعي المضغوط"، لأنه لا يوجد أنبوب غاز قادم من إسرائيل [إلى قبرص]، ولا منشأة لإنتاج الغاز المسال في الوقت الحالي. وتقوم الفكرة على استخدام باخرة مصمَّمة خصيصاً لهذا الغرض، كحل أرخص نسبياً، وملائم مؤقتاً للحاجة الآنية الملحة، قبل بدء ضخ الغاز من حقل "أفروديت" إلى قبرص. لكن الوجه السلبي للمسألة هو أن هذه التكنولوجيا غير راسخة، وأن البواخر الملائمة غير متوفرة على الفور. وبالتالي، لا يبدو هذا الخيار قابلاً للحياة.

قبرص

خطوط الأنابيب

·       إلى اليونان: مع أو من دون الغاز الإسرائيلي: تدرس قبرص جدوى مدّ خط أنابيب في قاع البحر وصولاً إلى اليونان، وربطه بشبكات نقل الغاز الأوروبية. لكن عمق المياه – 6000 قدم- يقيّد مواصفات قُطْر أنبوب الغاز التحت- بحري. ويحتاج الأمر إلى خمسة أو ستة خطوط أنابيب من أجل تصدير كميات معقولة من الغاز، مما يجعل العملية غير مجدية اقتصادياً.

·       إلى تركيا: تعترض هذ الخيار قيودٌ سياسيةٌ عسيرة، رغم مسوِّغه التجاري الظاهر. فالطلب على الغاز في تركيا كبير ومتزايد، وهو يبلغ حالياً نحو 40 بليون م³ في السنة. وتؤمن تركيا منفذاً إلى أوروبا، حيث يُلبّي مورّد واحد، ألا وهو روسيا، الطلب الأوروبي على الغاز، البالغ نحو 400 بليون م³ في السنة. ومن الناحية اللوجستية، يحتاج هذا المسار إلى خط أنابيب تحت- بحري قصير نسبياً (نحو 100 كلم). فالمسافة برّاً، بين السواحل الجنوبية لقبرص وسواحلها الشمالية، قصيرة نسبياً. وفي تركيا، هذا يتطلب بناء خطوط أنابيب جديدة وربطها بشبكة الغاز الوطنية التركية وبخطوط العبور إلى أوروبا.
وبغض النظر عن التعقيدات السياسية، إن الجدوى التجارية لهذا الخيار موضع تساؤل. وهذا مبني على فرضية أن يرتفع النمو في الطلب المحلي على الغاز في تركيا، بموازاة نمو الاقتصاد التركي. وقد يواجه الغاز القبرصي، في تركيا، منافسةً متزايدة من مورّدين آخرين، كالعراق، وإيران، وأذربيجان.
وهناك مصادر جديدة لأنواع غير تقليدية من الغاز، ومن ضمنها الغاز الصخري، التي يُتوقع أن يزداد نصيبها من تجارة المصادر الهيدروكربونية في العقد القادم. وعلى ضوء عدم اليقين الذي يحيط بمستقبل الطلب التركي والأوروبي على الغاز، بالإضافة إلى عدم اليقين الذي يحيط بالتكاليف، والأسعار المطبقة، ورسوم العبور، عندما يبدأ الغاز بالتدفق من قبرص، قد يكون المنطق التجاري لهذا الخيار أقل جدوى مما يبدو للوهلة الأولى.[20]

الغاز الطبيعي المسال LNG

·       منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال على الساحل الجنوبي في"ﭬﺎسيليكوس": هذا هو خيار التصدير المفضل لقبرص. فلقد صادق الرئيس القبرصي الجديد، نيكوس أنستزيادس، في نيسان/أبريل 2013، على القرار الأوّلي الصادر في العام 2012. ويمكن أن يُشحن الغاز المسال من هذه المنشأة إلى مقاصد أوروبية وآسيوية على السواء. وفي حين أن هناك مخاوف في إسرائيل من احتمال إقدام مصر على تقييد حركة الناقلات المحمَّلة بالغاز المسال من إسرائيل عبر قناة السويس، فليس لقبرص مثل هذه المخاوف. والمسؤولون القبارصة متفائلون بأن تبلغ صادرات المنشأة من الغاز المسال نحو 7 بليون م³ بحلول العام 2020، وقرابة 35 بليون م³ بحلول العام 2025. وإذا أصبحت محطة "ﭬﺎسيليكوس"، في نهاية المطاف، محوراً موزّعاً للغاز الطبيعي المسال في منطقة شرق البحر المتوسط، بحيث تأتيها إمدادات الغاز من حقول إسرائيل ولبنان، فقد يرتفع إنتاج هذه المنشأة إلى 50 بليون م³ في السنة.
وتقترح قبرص إنشاء مسار route لتصدير الغاز المسال [إلى أوروبا] والمسمَّى: "ممر الغاز الشرق أوسطي" (East Med Gas Corridor)، لتمييزه عن "الممر الجنوبي" Southern Corridor [لنقل الغاز الأزربيجاني] الذي يعبر المياه الإقليمية التركية نحو أوروبا، وعن مشروع خط أنابيب "ساوث ستريم" [لنقل الغاز الروسي] في قاع البحر الأسود باتجاه أوروبا. ولم توافق المفوضية الأوروبية بعد على فكرة "ممر الغاز الشرق أوسطي"، التي تقترحها قبرص. لكن البنك الأوروبي للاستثمار European Investment Bank أعلن أنه قد يدرس الاستثمار في منشأة قبرصية لإنتاج الغاز المسال. وقدّم المصرف المذكور قرضاً بقيمة 130 مليون € من أجل إعادة إعمار محطة "ﭬﺎسيليكوس" للطاقة، التي تضررت بفعل الانفجار الذي وقع في 20/7/2011.
وتَعتبِر شركة المصادر الهيدروكربونية الوطنية القبرصية (Cyprus National Hydrocarbons Company) أن منشأة الغاز المسال في "ﭬﺎسيليكوس" هي الحل الوحيد المنطقي، والاقتصادي، لصادرات الغاز الطبيعي القبرصية.[21] وفي انتظار تأكيد اكتشافات غازية ملحوظة جديدة، بالإضافة إلى حقل "أفروديت" في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، تقول شركة CNHC أن "ﭬﺎسيليكوس" هي المقصد الأمثل للغاز الإسرائيلي، وللغاز اللبناني عندما يتم اكتشافه. والحجة التجارية التي تسوقها لترسيخ دور "ﭬﺎسيليكوس" كمحور إقليمي موزّع للطاقة، هي أن وحدة الإنتاج train تكلف 6 بليون دولار أميركي، زائد 3 بليون دولار للبنية التحتية؛ لكن توسيع المنشأة لوحدتَيْ إنتاج يتطلب 3 بليون دولار إضافية فقط (أي أن الكلفة الإجمالية هي 12 بليون دولار). كما يمكن توسيع المنشأة لثلاث وحدات إنتاج، بكلفة إجمالية تبلغ 15 بليون دولار. بيد أن نجاح هذه الخطط يتوقف على اكتشاف المزيد من حقول الغاز، وعلى تعديل في سياسة إسرائيل الرافضة لإرسال غازها للمعالجة في بلد آخر. كما أن فُرَص إرسال الغاز من بحر لبنان إلى "ﭬﺎسيليكوس" بدءاً من عشرينات القرن الواحد والعشرين، هي أقل يقيناً.
وفي ميزان الخيارات المطروحة، يبدو أن هذا هو خيار تسويق الغاز monetization الذي سيُعتمد على الأرجح. بيد أن جدواه الاقتصادية تتوقف على إمداد "ﭬﺎسيليكوس" بكميات إضافية من الغاز.

·       منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال على الساحل الغربي لتركيا تُمدّ بالغاز الطبيعي من حقل "أفروديت"، ومن الحقول الإسرائيلية:[22] ويقوم المنطق التجاري لهذا المقترح على واقع أنه تتوافر مساحة شاسعة من الأراضي على الساحل الغربي لتركيا، صالحة لبناء مجمّع كبير لإنتاج الغاز المسال. وقد يشمل المجمّع أيضاً منشأةً لمعالجة الغاز من شوائبه من أجل نقله براً عبر خطوط الأنابيب. لكن لا تبدي أيّ من قبرص أو إسرائيل، في الظروف الراهنة، استعداداً لمنح تركيا هذا القَدْر من التحكّم بمواردهما.

الكهرباء

توصّلت إسرائيل وقبرص، بمشاركة اليونان، بعد مباحثات حول تصدير الطاقة الكهربائية من محطات الطاقة العاملة على الغاز، إلى لإتفاق على مشروع للربط الكهربائي، والمسمَّى: "رابط أوروبا بآسيا" EuroAsia Interconnector. ويقتضي تنفيذ المشروع مدّ كابل [توتر عالي] بطاقة 2000 ميغاواط، وبطول 540 ميل بحري (1000 كلم) في قاع البحر، يربط إسرائيل بقبرص، ثم قبرص بجزيرة كريت، ثم كريت بالبرّ الرئيسي اليوناني وبشبكات الكهرباء الأوروبية. ويسمح هذا المشروع لإسرائيل بتصدير فائضها من الكهرباء، وباستيراد الكهرباء عند الحاجة.
وعندما وُقّع الاتفاق المبدئي بين شركة DEH Quantum [القبرصية اليونانية] وشركة الكهرباء الإسرائيلية في آذار/مارس 2012، قُدّرت تكاليف المشروع بنحو 1,5 بليون €؛ ولا يشمل هذا الرقم تكلفة محطة إضافية لتوليد الطاقة الكهربائية. وبحسب الجدول الزمني لتنفيذ المشروع، كان من المفترض أن يصبح "الرابط" عملانياً بحلول 2016، لو أنه بُوشر بتنفيذه فور توقيع الاتفاق.

ولقد وقّع وزراء طاقة إسرائيل، وقبرص، واليونان، في آب/أغسطس 2013، في العاصمة القبرصية نيقوسيا، مذكرة تفاهم مبدئية حول تشجيع المشاريع المشتركة الخاصة بأمن إمدادات ومصادر الطاقة. وأكد الوزراء الثلاثة، مجدداً، التزامهم بتنفيذ مشروع الربط الكهربائي المذكور.[23] لكن مسار الكابل قد يكون إشكالياً، لأن تركيا تقول إنه يعبر الجرف القاري التركي، والذي هو ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.[24]

ومن الناحية الفنية، المسار مليء بالتحديات نظراً لعمق قاع البحر، الذي يصل إلى 2000 متراً. كما تضررت مصداقية المشروع جراء الأزمة الاقتصادية والمالية في اليونان وقبرص، مما صعّب توفير الاستثمارات اللازمة. ورغم الموافقة المبدئية للبلدان الثلاثة على مشروع الربط الكهربائي، يبقى تنفيذه رهناً بحل المشكلات المتعددة: السياسية، والمالية، والتجارية، والتقنية.

خلاصة
... ....
في حين تستطيع إسرائيل تصدير جزء من فائضها من الغاز إلى الأردن وفلسطين عبر خط أنابيب برّي، إن المنطق الغالب في إسرائيل وقبرص هو أن يجري تحويل الغاز الفائض عن الاحتياجات المحلية إلى غازٍ طبيعي مسال LNG، وشحنه إلى الزبائن المحتملين في أوروبا وآسيا. لكن هذا الأمر يتطلب استثمارات طويلة الأمد ببلايين الدولارات، في الوقت الذي تشهد أسعار الغاز الطبيعي تراجعاً، ويشهد اللاعبون الإقليميون الذين يُرجى تعاونهم، ولا سيما مصر ولبنان، أزماتٍ سياسيةً داخليةً.
... ....
وإن حكومتا إسرائيل وقبرص، وكذلك شركات الغاز العاملة في مناطق الامتياز، في أمس الحاجة إلى دعم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فبإمكان الاتحاد الأوروبي أن يؤمّن بيئةً ناظمةً رقابيةً شفافةً للمستثمرين في قبرص. وبوسع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن يساعدا على الحدّ من المخاطر السياسية...

إن تطوير موارد الغاز الطبيعي البحرية في شرق المتوسط يواجه بين صراعين دبلوماسيين م طويلي الأمد: "المشكلة القبرصية"، والنزاع [العربي - الإسرائيلي] الشرق أوسطي... وقد نشهد تصاعداً للتوتر بسبب الخلافات حول ملكية الموارد البحرية. وتُظهر هذه الدراسة أنه لن يتم انتقاء إلاّ خيارات التصدير القابلة للصرف bankable، والقادرة على إقناع المستثمرين بجدواها التجارية.

 

* المصدر: "صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة"، واشنطن: سلسلة أوراق المتوسط، أيلول/سبتمبر 2013؛ انظر الرابط التالي.

[1] أنظر الرابط التالي.

قدّرت إدارة المسح الجيولوجي الأميركية في آذار/مارس 2010 متوسطَ مواردِ الغاز الطبيعي القابلة للاسترداد في منطقة "الحوض المشرقي" بنحو 122 تريليون قدم مكعبة (أي 3416 بليون متر مكعب). وتمتد هذه المنطقة من غور الأردن إلى غرب جزيرة قبرص، وتغطي [الأراضي اليابسة و] سواحل قطاع غزة، وإسرائيل، ولبنان، وسورية. 

[2] أنظر تقريرالمراجعة السنوية لقطاع الطاقة العالمي الذي تصدره شركة "بريتيش بتروليوم"؛

BP Statistical Review of World Energy, June 2013.

[3] قدرت إدارة المسح الجيولوجي الأميركية في آذار/مارس 2010 متوسط موارد النفط الخام في الحوض المشرقي بنحو 1,7 بليون برميل من النفط القابل للاسترداد.

[5] أنظر تقرير مجموعة "ديليك" الصادر في حزيران/يونيو 2013؛

Delek Group: June 2013.

[7] أنظر تقرير شركة "ديليك للطاقة"؛

Delek Energy, June 2013.

[8] اللجنة الوزارية المكلفة بدرس سياسة الحكومة الإسرائيلية الخاصة بالغاز الطبيعي (تقرير لجنة تسيمح)، أيلول/سبتمبر 2012.

[9] تقرير المراجعة السنوية لقطاع الطاقة العالمية لشركة "بريتيش بتروليوم"، مصدر سبق ذكره.

[10] See link.

[11] يظهر الموقع الإلكتروني لشركة "ديليك للطاقة"، الشريك الرئيسي لشركة نوبل إنرجي، خطاً للأنابيب متجهاً إلى اليونان مباشرةً، بوصفه خيار تصدير محتمل. أنظر الرابط التالي، 

PowerPoint presentation dated June 2013.

[12] في آب/أغسطس 2013، أغلقت السلطات الإسرائيلية مرفأ إيلات لعدة ساعات خوفاً من هجمات إرهابية صاروخية مصدرها شبه جزيرة سيناء المصرية، التي انعدم فيها حكم القانون منذ سقوط نظام مبارك.

[13] Presentation for Noble Energy 2011 Analyst Conference: see link, http://www.nobleenergyinc.com.

[14] See link.

[15] Noble Energy Analyst Conference, December 6, 2012. 

[16] تأجل إبرام هذه الصفقة المعلن عنها في 2012، بعد صدور قرار الحكومة الإسرائيلية بتصدير 40% فقط من الغاز المكتشف. ولا تزال المفاوضات مستمرة بين شركة وودسايد، ونوبل إنرجي، وشركائها الإسرائيليين.

[17] “Eastern Mediterranean New Offshore Resources: What’s in it for Europe”. Presentation by Dr. Charles Ellinas, CEO, Cyprus National Hydrocarbons Company, Brussels, June 4, 2013.

[18] See link.

[19] see link and Middle East Economic Survey (MEES), August 30, 2013.

[20] أنظر الدراسة حول خيارات تسويق الغاز القبرصي التي ستصدر قريباً في تشرين الأول/أكتوبر القادم عن صندوق مارشال الألماني في واشنطن:

For an economic analysis of Cyprus’s monetization options, see a forthcoming paper by Anastasios Giamourides, German Marshall Fund of the United States (October 2013).

[21] إن دور شركة المصادر الهيدروكربونية الوطنية القبرصية CNHC هو، حالياً، تحت مجهر الحكومة القبرصية التي تريد وضع سياسة الغاز تحت رقابة سياسية أكبر؛ انظر الرابط التالي.

[22] انظر الرابط التالي.

 http://fuelfix.com/blog/2013/05/31/guest-comment-aphrodites-possibility-everyone-wins-in-the-eastern-mediterranean/

[24] في تموز/يوليو 2013، اعترض زورق عسكري تركي باخرةً ترفع العلم الإيطالي، والتي كانت تجري مسحاً بهدف درس إمكانية مدّ كابل من الألياف الضوئية في مياه جزيرة بافوس القبرصية.