إسقاطات الأحداث السياسية في شرق البحر المتوسط والبحر الأحمر على التجارة البحرية الإسرائيلية
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– عدكان استراتيجي، المجلد 18 ،العدد 2.
المؤلف

مدخل

  •  تجري في منطقتنا، خلال السنوات الأخيرة، سيرورات بالغة الأثر في ما يتصل بالتجارة البحرية الإسرائيلية: الأولى - إعادة الشحن وانتقال الصناعات شرقاً نحو الدول الآسيوية، بما يؤكد أهمية وحيوية سلسلة الإمداد البحري إلى إسرائيل. الثانيةـ دخول البنى التحتية في الموانئ الإسرائيلية في حالة من الضائقة جراء عجزها عن مجاراة التزايد السريع في أحجام البواخر التجارية المتنقلة ما بين آسيا وأوروبا. ولذا، فإن للقدرة على إعادة الشحن[1] والتغذية[2] في موانئ التغذية في المنطقة أهمية بالغة بالنسبة إلى إسرائيل. الثالثة - ضائقة استيعاب متوقعة في موانئ التغذية في شرق البحر المتوسط، وذلك في أعقاب تباطؤ تطويرها جراء تردد المستثمرين وشركات تشغيل الموانئ الدولية، حيال عدم الاستقرار في المنطقة.
  •  وتستحق مسألة أزمة البنى التحتية في الموانئ الإسرائيلية عرضاً مستقلاً خاصاً، نظراً لحيويتها البالغة. ولكن، يمكن القول باختصار إنه في أعقاب جهود عديدة في هذا الموضوع، الذي وُصف بأنه "حصار بحري"[3] على الدولة، تقف إسرائيل عند بداية أعمال تطوير واسعة في البنى التحتية في موانئها، غير أن هذه البنى التحتية ستكون جاهزة في مستهل العقد القادم فقط، علماً بأن للتوقيت معاني ودلالات استراتيجية. وتشكل هذه كلها مخاطر استراتيجية تؤكد مدى حساسية التجارة البحرية الإسرائيلية وأهمية ثباتها ومتانتها.
  •  ثمة، من الوجهة السياسية، مخاطر وتهديدات تخيم على المنطقة الممتدة من موانئ ليبيا الشرقية، موانئ الدلتا المصرية وموانئ قناة السويس، على طول القناة ثم على طول البحر الأحمر، مضيق باب المندب وحتى خليج عدن، في كل ما يتعلق بأمن التجارة البحرية العالمية بوجه عام، والإسرائيلية بوجه خاص. وبالنسبة إلى إسرائيل، تشمل هذه المخاطر المقاطعة العربية التي لا تزال مستمرة، تحولات إقليمية وأحداثاً تجري بوتيرة سريعة تعزز سيناريوهات الإرهاب البحري المتعاظمة، على غرار مهاجمة باخرة Cosco Asia لدى عبورها في قناة السويس قبل نحو عام،[4] مهاجمة وفقدان قطعة بحرية حربية مصرية قبل نحو نصف عام،[5] مهاجمة صهاريج في موانئ ليبيا الشرقية[6] وغيرها.
  • يمكن الإشارة إلى أربعة عوامل مركزية تؤثر على التجارة البحرية، ضمن الإطار السياسي المعقد في الشرق الأوسط: الأول المقاطعة العربية في تطورها وتجلياتها الراهنة وتأثيرها على التجارة البحرية الإسرائيلية. الثاني أحداث "الربيع العربي"، وخاصة عدم استقرار الأنظمة وتخلخلها، وتأثيراتها على التجارة البحرية ومساراتها. الثالث ـتقسيم دول المنطقة إلى ثلاث كتل جيوسياسية تتبدّل صورتها وتركيبة أعضائها بصورة دينامية، بل تتنافس فيما بينها. ولهذه الكتل علاقة مرنة بالدول العظمى. وثمة للعلاقات التفاعلية بين الكتل إسقاطات جوهرية على مجال التجارة البحرية. الرابع مصر، بوصفها عاملاً مفتاحياً: فبعد ثلاث سنوات من عدم الاستقرار السلطوي، تعود إلى موقعة نفسها كدولة عظمى إقليمية بقيادة رئيسها (عبد الفتاح) السيسي. ونظرا لكونها تمثل أحد مفترقات التجارة البحرية الأكثر أهمية في العالم، فإن ثمة انعكاسات كبيرة لما يحصل فيها اليوم ومستقبلاً على التجارة البحرية العالمية عموماً، والإسرائيلية خصوصاً. 

 

المقاطعة العربية

  • عمر المقاطعة العربية منذ سبعين عاماً، لكن تأثيرها تضاءل مع مر السنوات نتيجة أحداث وتطورات مختلفة، مثل: القانون الأمريكي الذي حظر تطبيق المقاطعة، اتفاقيات السلام مع مصر والأردن، اتفاقيات أوسلو، انضمام المملكة العربية السعودية إلى منظمة التجارة العالمية (WTO) في العام 2005، ونتيجة لذلك-إلغاء مشاركتها (الرسمية) في المقاطعة[7]، طرد سورية من منظمة الجامعة العربية على خلفية ما يجري فيها[8] وغير ذلك.
  • ويمكن الاستدلال على هذه الوجهة البعيدة المدى مما قاله مسؤول في الحكومة المصرية حين صرّح، في بداية القرن الـ 21، بأن "مقاطعة إسرائيل هي أمر نتحدث عنه ونسجله في وثائقنا الرسمية، لكننا لا نطبقه، ليس في غالبية الدول العربية على الأقل".[9] واتهم مصدر رسمي آخر، علناًـ في مؤتمر الجامعة العربية في أيار 2006. غالبية الدول العربية بأنها تتهرب من تطبيق المقاطعة.[10]
  •  وبالرغم من هذا، ما زال شبح المقاطعة يخيم على إسرائيل، سواء بشكلها التقليدي أو بصور وصيغ حديثة، وخاصة حملة الـ"بي.دي. إس" - BDS (المقاطعة، سحب الاستثمارات وفرض العقوبات) ضد أنشطة إسرائيلية في الخارج، مما يخلق ضغوطات على الملاحة البحرية الإسرائيلية، على غرار العقوبات على سفن شركة "تسيم" في الولايات المتحدة[11]، بما يترتب عنها من أضرار. ومن الواضح أن الملاحة البحرية الإسرائيلية تواجه، في مثل هذه الأجواء، صعوبة في إنشاء علاقات من التعاون الدولي تشكل، اليوم، شرطاً تجاريا حيوياً لأية شركة ملاحة تريد البقاء. 

 

أحداث "الربيع العربي"

  •  اندلعت أحداث "الربيع العربي" في موجة من الانتفاضات العنيفة اجتاحت، في بداية العام 2011، جميع دول الشرق الأوسط وجاراته، سوية مع "هزات فرعية" تتواصل حتى اليوم. حكام مستبدون أصابهم الوهن، أنظمة استُبدِلَت وزعماء أطيح بهم. حالة من الفوضى السلطوية العارمة تسود في ليبيا اليوم، وفي اليمن أدى التمرد الحوثي إلى انهيار النظام. في سورية تطورت حرب الكل ضد الكل التي أوقعت، حتى الآن، مئات آلاف الضحايا. في مصر، وفقط بعد ثلاث سنوات من الفوضى وغياب النظام، ترتسم مؤشرات على استقرار سلطوي حقيقي بقيادة السيسي. 
  • ينجم تأثير الأحداث على التجارة البحرية عن الاضطرابات وانعدام النظام، لكن من سيناريوهات الإرهاب على اختلاف أنواعه ضد التجارة البحرية، بوجه أساسي: سيناريوهات مثل مهاجمة سفينة Cosco Asia لدى عبورها في قناة السويس،[12] مهاجمة وفقدان قطعة بحرية حربية مصرية قبالة شواطئ دمياط (Damietta) في تشرين الثاني 2014، عمليات تهريب مهاجرين غير قانونيين من ليبيا إلى أوروبا تنطوي على احتمال نقل عناصر إرهابية ووسائل قتالية والهجمات ـحتى قبل اندلاع "الربيع العربي" على قطع بحرية مثل ناقلة M. Star إلى الجنوب من مضيق هرمز،[13] المدمرة الأمريكية Cole والناقلة Limburg قبالة الشواطئ اليمنية.[14] وتضاف هذه جميعاً إلى تنامي التهديد الشيعي / الحوثي / الإيراني في مضيق باب المندب (في سيناريوهات مماثلة للهجوم على الناقلة الإسرائيلية Coral Sea في العام 1971)[15] وإلى المسّ الجدي بالتجارة البحرية من آسيا غرباً، وإلى إسرائيل بوجه خاص.

 وتتعزز، أيضاً، إلى جانب ما ذكر، تخوفات من سيناريوهات إرهابية في شرق البحر المتوسط وفي مركزه، وخاصة في المنطقة المقابلة للشواطئ الليبية:[16] تهديدات محدقة بالبنى التحتية لأغراض الطاقة في عرض البحر، تشويش وعرقلة تشغيل الموانئ، كما حصل في الموانئ المصرية غير مرة خلال السنوات الأخيرة، وحتى تنفيذ عمليات عسكرية ضد السفن، مثل مهاجمة ناقلات من الجو خلال رسوّها في الموانئ الليبية الشرقية ـفي إطار المناوشات بين قوات حكومية ليبية وعناصر إسلامية راديكالية.[17] أي حدث من هذا القبيل يؤثّر فورا ًعلى استقرار الملاحة البحرية في المنطقة ويؤدي إلى ارتفاع حاد جداً في رسوم التأمينات البحرية جراء مركّب مخاطر الحرب، ارتفاع أسعار استئجار السفن إضافة، بالطبع، إلى مصروفات تأمين السفن و/ أو منشآت البنى التحتية في المنطقة.

  • أصبحت تأثيرات هذه السيناريوهات واردة ومتوقعة في سوق الناقلات، على خلفية التخوف من تصعيد محتمل في مضيق باب المندب المجاور لليمن.[18] كما تعرض قطاع الملاحة البحرية للمسافرين، أيضاً، إلى أزمة منذ بداية "الربيع العربي" إذ ألغت شركات الملاحة رحلاتها إلى موانئ عديدة خوفاً على أمن المسافرين وجراء انخفاض الطلب على السياحة في المنطقة.

وتمثل تطور آخر في هروب مستثمرين في البنى التحتية للموانئ، مثل شركة ICTSI الفلبينية، التي هجرت مشروع ميناء طرطوس في سورية،[19] أو المستثمرين في محطة الحاويات Dipco في ميناء دمياط الذين لم يفوا بالتزاماتهم بشأن تطوير محطة الحاويات في الميناء ونشب خلاف بينهم وبين الحكومة المصرية حول الأمر.[20].

 

ديناميكية ما بين الدول وتأثيرها على التجارة البحرية

  •  أثّرت التطورات الحاصلة على صعيد السياسات الداخلية في العالم العربي، ولا تزال تؤثر، أيضا، على الديناميكية ما بين الدول في المنطقة. ويمكن الإشارة، عموما، إلى ثلاث كتل من الدول. الأولى، التي يمكن وصفها بـ "المحافـِظة العدوانية"، داعمة للإسلام السني ـالراديكالي. وتبرز، في هذه الكتلة، كل من تركيا بقيادة (طيب رجب) أردوغان بتوجهاته النيوعثمانية/ الوحدوية الإسلامية، وقطر. وقد تمتعت هذه الكتلة في السابق بدعم مصر بقيادة "الإخوان المسلمين"، لكنها وجدت نفسها لاحقا بدون هذا الحليف المسيطر، مع عزل (محمد) مرسي في تموز 2013. 
  • ويجسد اعتلاء السيسي سدة الحكم تعاظم قوة الكتلة الثانية، التي يمكن وصفها بـ "السنيّة المعتدلة" (رغم أنه لا يجوز التقليل من التوجهات الدينية المتأصلة في هذه الكتلة أو من طموح زعمائها نحو الهيمنة في العالم العربي). وتعيش هذه الكتلة، التي تشمل أساساً كلا من مصر، المملكة العربية السعودية، الكويت والإمارات العربية المتحدة، في ظل خوف دائم من الإرهاب السنّي المتصاعد في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي في وضع دفاعي فاعل حياله.
  •  ويضاف إلى هذا، الخوف الدائم من تعاظم قوة وتأثير الكتلة الثالثة، التي تقودها إيران وتشمل حلفاءها ـحكومة سورية، حكومة العراق وعناصر شيعية في لبنان (حزب الله) واليمن (الحوثيون). الدول الأعضاء في الكتلة الثانية ("السنيّة المعتدلة")، وكجزء من مواجهتها مع الكتلتين الأخريين، تساهم في استثمارات استراتيجية اقتصادية وأمنية في مصر، مدفوعةً بالمصلحة في استقرارها وقوتها. ويدور الحديث عن معونات بلغت قيمتها الإجمالية، منذ بدء حكم السيسي، ما يزيد عن 30 مليار دولار، بما فيها مبالغ مؤتمر شرم الشيخ.[21] وتشكل هذه الاستثمارات، عملياً، قاعدة الأساس لتطوير البنى التحتية سعياً إلى تحسين أنشطة التجارة البحرية عبر قناة السويس ومداخلها. 
  • تتدخل الدول العظمى في هذه الكتل بأسلوب "مرن". مثال على هذا، علاقة الولايات المتحدة بالكتلة "المحافظة العدوانية" من جهة، ومحاولاتها التقرّب من الكتلة المعتدلة والمملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف السني، المكون من الكتلتين، في الحلبة اليمنية، من جهة أخرى. كما تحاول الولايات المتحدة، أيضاً، إحداث انفراج في العلاقات مع إيران، التي تعتبر الخصم الأشد للعربية السعودية لكنها تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة حول مشروعها النووي. وفي مصر، يمكن استشعار تقرّب روسي، صيني وبدرجة معينة هندي (وهي من الدول القيادية في مجموعة البريكس BRICS التي عبرت مصر في السابق عن اهتمامها بها).[22] ويجري هذا كله من خلال معونات اقتصادية وأمنية متنوعة يتم تقديمها لمصر ومشاريعها، بما في ذلك صفقات أسلحة[23] لتعزيز قدراتها وفي تلميح مصري قوي للولايات المتحدة (التي خففت قليلاً، مؤخراً فقط، من حظر الأسلحة الذي فرض على مصر في أعقاب عزل السيسي).[24] وفي السياق الصيني، يثير الاهتمام التجاوب المصري المتحمس لتكون جزءاً من مشروع "طريق الحرير البحري الجديد"،[25] الذي يشمل استثمارات في مشروع القناة، علماً بأن ثمة شراكة صينية قائمة من خلال شركة Cosco Pacific في محطة الناقلات SCCT في شرق ـشمال قناة السويس (20%) وغيرها.[26]
  •  يشكل عدم تحفظ (على الأقل) الكتلة "المحافظة العدوانية" من الإسلام الراديكالي في أنحاء المنطقة عاملا إشكالياً في مسألة الاستقرار الإقليمي، الهام جداً للتجارة البحرية. وينعكس توجه الكتلة من خلال الإعلام الذي يسيطر عليه، مثل قناة "الجزيرة" في قطر، ومن خلال سياسة دعم تنظيمات مثل "الإخوان المسلمين" وغيرها. ويشجع هذا التوجه، بطريقته، تهديدات على سلسلة الإمداد البحري، بدءا من قناة السويس ومداخلها، مرورا بالبحر الأحمر وحتى خليج عدن. فوجود سلسلة الإمداد هذه منوط باستقرارها وأمنها وأية هزة تتعرض لها تنطوي على إسقاطات على التجارة البحرية العالمية عامة، والإسرائيلية خاصة. زد على ذلك، أن توجه الكتلة "المحافظة" يشكل عائقاً أمام هدف مشروع منطقة قناة السويس كما يعيق أيضاً، بسبب التوترات ما بين الدول / الكتل، أحداثاً أخرى، مثل إلغاء اتفاقية سفن الدحرجة مؤخراً، والتي كانت قائمة بين تركيا ومصر (لنقل بضائع تم نقلها، لاحقاً، إلى الأردن والعراق، بدلاً من المسار السوري). رغم أهميته العملية الضئيلة جداً فقد حظي هذا المسار بإبراز إعلامي.[27] 
  •  من المهم التذكير والتأكيد على أن للدول المكوّنة للكتل المختلفة سيطرة على ممرات مائية دولية حيوية. فتركيا تسيطر على مضيقيّ البوسفور والدردنيل الاستراتيجيين لدول البحر الأسود. وتسيطر مصر على قناة السويس، الهامّة للعالم بأسره. ولإيران، بفضل علاقاتها مع المتمردين الشيعة / الحوثيين في اليمن، تأثير في مضيق باب المندب، علاوة على رغبتها في السيطرة على مضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي (الفارسي)، كما أثبتت مؤخرا في حادثة الباخرة Maersk Tigris.[28] ويتعين في هذه المسألة تأكيد أهمية السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية الممتدة على طول سلاسل الإمداد الدولية والمحلية: مضيقا البوسفور والدردنيل المسيطران على سلسلة الإمداد البحري من دول البحر الأسود وإليها; مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر المسيطر على مخارج السعودية، أريتريا، السودان والأردن باتجاه البحر، والأهمية التي يضطلع بها هذا الممر في سياق التجارة البحرية الدولية، في الطريق نحو قناة السويس. وفي سياق التجارة البحرية الإسرائيلية، تنبغي الإشارة إلى أن القسط الأكبر من حمولات إسرائيل ضمن التجارة البحرية من آسيا وإليها يتم نقله، في العادة، بواسطة شركات ملاحة دولية، ما يعني أن سيناريو المس الفعلي بالتجارة البحرية الإسرائيلية سينطوي، بالضرورة، على مس بالتجارة البحرية الدولية، على ما يترتب عنه من دلالات وإسقاطات دولية.

 

مصر كحالة خاصة

  •  يتم التركيز على مصر، هنا، بسبب أهميتها للتجارة البحرية الإسرائيلية. بعد اندلاع أحداث "الربيع العربي"، في العام 2011، انتقل حُكم مبارك إلى محمد مرسي، مرشح "الإخوان المسلمين". لكن حكم مرسي لم يدم، إذ جرى عزله في تموز 2013. وفي حزيران 2014، أدى الجنرال عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية رئيساً لمصر. وقد وجد السيسي نفسه رئيساً في الفترة الأكثر صعوبة وتعقيداً في تاريخ مصر الحديث - اقتصاد منهار ومصحوب بتضخم مالي بلغ معدله نحو 10%، والبورصة المصرية بلغت خسائرها نحو 40% من قيمتها في غضون سنتين، وهبوط حاد جداً بنسبة 65% في احتياطي العملات الأجنبية، وبطالة متفاقمة بنسبة نحو 15%، وتلاشي السياحة وهبوط حاد في الاستثمارات الأجنبية[29]
  • واضطر السيسي، أيضاً، إلى مواجهة قضايا خارجية ملحة، لمعظمها إسقاطات على التجارة البحرية. ولأسباب مختلفة، بما فيها العلاقات القطرية مع "الإخوان المسلمين" والنقد الإعلامي الحاد ضد السيسي، دخل في مواجهة مع أمير قطر بلغت حد طرد عناصر هامة تخص الأمير من مصر، بما في ذلك استثماراته التي صُوّرت في مصر بوصفها محاولة قطرية لدعم مرسي والسيطرة على قناة السويس[30]. ومن الجنوب، تفاقمت الأزمة مع أثيوبيا، التي بدأت تنفذ برامجها لبناء سدّ على نهر النيل الأزرق (سد النهضة)، على ما فيه من آثار وإسقاطات على مصر، التي يشكل النيل شرطاً لحياتها. وعلى خلفية المساعدات الإسرائيلية المتنوعة لأثيوبيا، والتي اعتبرتها جهات مختلفة في مصر مؤامرة إسرائيلية، صدرت عن سياسيين مصريين راديكاليين تهديدات بحظر الملاحة البحرية الإسرائيلية في قناة السويس. ومن الغرب، تحدّ مصرَ موانئ شرق ليبيا، مثل درنة وحريقة، علماً بأن مصر دخلت في تلك المنطقة في مواجهات عنيفة مع تنظيمات إسلامية راديكالية، مثل تنظيم "أنصار الشريعة" الليبي، والتي تتكئ على تأييد "الإخوان المسلمين". أما في شرق شبه جزيرة سيناء وشمالها، فيشن النظام معركة ضارية ضد تنظيم "أنصار بيت المقدس" الذي أعلن ولاءه لتنظيم "الدولة الإسلامية". وفي قطاع قناة السويس، يضطر النظام إلى مواجهة تنظيم "الفرقان"، الذي وقف وراء إطلاق النار على سفينة Cosco Asia.
  • في مثل هذا الوضع، تسلم السيسي مهام منصبه كرئيس للبلاد في حزيران 2014 واستهلها بإجراءات ترمي إلى الحدّ من حالة الفوضى المدنية، الاقتصادية والأمنية. وفي خطوة سريعة، أعلن السيسي لشعبه والعالم أجمع عن مشروع البنى التحتية المعدّل لمنطقة قناة السويس (SCZProject) والذي سيبدأ على الفور بتوسيع القناة[31]. وقد روّج السيسي للمشروع بوصفه رمزاً وطنياً موحِّداً، من خلال تعظيم مدلولاته وآثاره في وسائل الإعلام المصرية باستخدام مأثورات من التاريخ المصري، وتوجه إلى الشعب المصري ومشاعره الوطنية بنداء، تمت الاستجابة إليه بحماس، لاقتناء شهادات استثمار لتمويل المشروع. واستحصل السيسي على دعم الجيش للمشروع الجَسور بتعيينه مسؤولاً عن مرحلة توسيع القناة، على نحو يجعل الجيش المصري ـفي الأجندة الوطنية جيش الشعب ويضمن التزام الجيش بالمشروع وتجنده له وتقديم الرد المناسب على أية محاولة للمس بهذا المشروع.[32]
  • أثارت مسيرة التوسيع، وخاصة نية مضاعفة مداخيل القناة مستقبلاً، نوعاً من عدم الارتياح وعدم الاستقرار في قطاع الملاحة البحرية العالمي، الغارق في أزمة اقتصادية. ومن الواضح للجميع أن حجم المواصلات البحرية لن يتغير بصورة جدية تتجاوز النمو العضوي في التجارة البحرية، بل إن الخشية الأساس هي من ارتفاع رسوم العبور لغرض استرداد استثمارات التطوير التي وظفتها مصر. والسيناريو الذي يمكن لمرحلة التوسيع فيه أن تؤدي إلى تأجيل عملية إنشاء وتطوير محطات الحاويات والناقلات، وخاصة تلك التي في شمال القناة، هو سيناريو إشكاليّ للملاحة البحرية الإقليمية وللتجارة البحرية الإسرائيلية، نظراً للنقص المتوقع في البنى التحتية في الموانئ خلال السنوات المقبلة ونظرا لإشكالية أحجام عمليات إعادة الشحن والتغذية خلال الفترة المذكورة.
  •  ويسأل السؤال، إذن: ما هو مشروع منطقة قناة السويس - Suez Canal Zone Project، حقاً، وما هو إطاره العام في سياق التجارة البحرية، بصفة أساسية؟ من المتوقع لهذا المشروع أن يستغرق نحو عشرين عاماً باستثمار إجمالي يقدر بنحو 200 مليار دولار. والمقصود، إجمالاً، هو إنشاء محور حضري قائم على الخدمات اللوجستية التي تستوجبها أنشطة القناة، وتطوير زراعة مائية وصحراوية حديثة، وإنشاء بنى تحتية للطاقة وتحلية مياه البحر، والسياحة وما شابه. وسيبدأ المشروع بتوسيع القناة بغية إتاحة المجال أمام حركة بالاتجاهين في القناة وتقليص فترات انتظار البواخر للعبور، ما سيقلص بصورة كبيرة الوقت الذي يستغرقه عبور البواخر في القناة ويرفع من مستوى الخدمات المقدمة للملاحة البحرية.[33]
  • ويخطط، في مرحلة تالية، لتوسيع الموانئ في شمال القناة وتطوير هذه المنطقة لتكون بوابة مركزية أمام الحركة التجارية ومنطقة إعادة الشحن البحري الأساسية (Hub) في مصر. وهذا من خلال تطوير الأرصفة ورفع قدرة استيعابها إلى نحو 12 مليون حاوية وحمولة إضافية تتم معالجتها على نحو 25 كيلومترا من الأرصفة. ويشمل المخطط، أيضا، منطقة تجارة حرة، منطقة صناعية ومراكز لوجستية على مساحة نحو 100 كيلومتر مربع. وفي الجنوب، يتوقع تنفيذ أعمال تطوير جوهرية وجدية في ميناء السخنة، في منطقة عين السخنة (Ain-Sukhna)، ليصبح البوابة المصرية الجنوبية إلى موانئ الخليج، شرق أفريقيا وآسيا. وستشمل أعمال التطوير إنشاء أرصفة جديدة، مناطق صناعية، مناطق لوجستية وصناعات مختلفة داعمة للملاحة البحرية، بما في ذلك توسيع الأنشطة الداعمة للملاحة البحرية في موانئ بورسعيد، بور توفيق والأدبية.
  •  ويشمل المشروع، أيضاً، حفر ستة أنفاق تحت القناة، وتوسيع مدينتي القنطرة والاسماعيلية وإنشاء مدينتين جديدتين، في مدينة الاسماعيلية الجديدة (New Ismailia City) ومدينة بردويل (Bardawil City) وغيرهما. والهدف من وراء هذا المخطط هو تكثيف الوجود الحضري على محور القناة ليشكل منطقة تطوير مستقبلي في مصر، بما يشمل مركزا لاستيعاب مواطنين ينتقلون للإقامة هناك كحل محتمل للكثافة السكانية المتزايدة باستمرار في المدن المصرية. ومن المفترض أن يؤدي هذا المشروع ـالذي سيشكل أيضاً بديلاً معيناً للاقتصاد الزراعي التقليدي في وادي النيل إلى خلق وتوفير نحو مليون فرصة عمل جديدة في غضون السنوات الـ 15 المقبلة. وما من شك، قط، في مدى أهمية هذا المشروع لدولة إسرائيل. والقصد، بوجه أساسي، المنافع والامتيازات التي ستعود على الاقتصاد والنقليات، بفضل القرب الجغرافي من مشروع السويس، بالاستناد إلى أنماط وفورات التجمعات (Economies of agglomerations)، بمعنى: تطوير اقتصادي مصري يقود إلى تطوير اقتصادي إسرائيلي، وخصوصاً في كل ما يتعلق بالتجارة البحرية ومشتقاتها. ومشروع السويس مصَمـَّم لتطوير منظومة غير مسبوقة في منطقتنا من البنى التحتية (في الموانئ) والصناعات الداعمة للملاحة البحرية، بما لا يمكن إلا أن يعود بالفائدة الجمة على الاقتصاد الاسرائيلي، إذا ما تمت معالجة الأمر بصورة صحيحة وداعمة. وفي الإمكان التطرق، أيضا، إلى مسألة الأمن الإقليمي والفوائد التي ستعود على إسرائيل من حليفة جارة، لها مصالح متطابقة في تطوير وإنشاء سلسلة إمداد آمنة ومأمونة.

 

استنتاجات

  •  ينبغي عدم التقليل من جدوى المقاطعة ضد إسرائيل، بالرغم من تآكلها، ظاهريا، وتحوّلها من محور لنشاط جامعة الدول العربية إلى شأن يخص كل دولة بمفردها. فالمقاطعة قائمة وفعالة في وعي حركة الملاحة البحرية الدولية، كما في صيغ محدّثة مثل حملة "بي. دي. إس" (BDS). ويمكن، في هذا الوضع، فهم تأثير المقاطعة على التجارة البحرية الإسرائيلية، بما في ذلك أشكال وقدرة الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية والإسقاطات المحتملة على الأسعار، البدائل والمرونة في سلسلة الإمداد البحري الإسرائيلية.
  • ولا يزال من السابق لأوانه تلخيص آثار وإسقاطات "الربيع العربي"، غير أن غياب الاستقرار الإقليمي، الإرهاب الإسلامي المتصاعد، المس بإمكانيات تطوير بنى تحتية للموانئ في المنطقة، بما في ذلك مخاوف المستثمرين وظواهر أخرى تعيق سير الأعمال اللوجستية البحرية الروتينية المنتظم ـهذه، كلها، تؤثر على التجارة البحرية الإقليمية، دون أدنى شك. وفي المقابل، من شأن الاستقرار الإقليمي أن يمنح إسرائيل نقاط قوة وتفوق، نظرا لما تنعم به من استقرار، وهو ما يتجسد في نجاح المناقصات الدولية لإنشاء موانئ الناقلات الجديدة وتشغيلها. ذلك أن إنشاء هذه الموانئ وملاءمة الموانئ القائمة لمتطلبات التجارة البحرية العالمية يشكلان خطوة إلزامية، وخاصة على ضوء التطورات الجيو سياسية في منطقتنا وحساسيتها، وبكونهما ردا مناسبا على حالة الضائقة المتوقعة في مجال البنى التحتية في الموانئ في شرق البحر المتوسط، بما تنطوي عليه من أهمية فائقة في سياق احتياجات دولة إسرائيل.
  •  تخلق التحولات الإقليمية المتواترة، وغير المتوقعة في الغالب، توترات دائمة على صعيد العلاقات والسياسات المتبادلة ما بين الدول، على غرار ما حصل، مثلاً، في العلاقات بين تركيا ومصر، السعودية وإيران وغيرها، والتي جرى تحويلها وتصعيدها، غير مرة، من مستوى العلاقة بين دول إلى مستوى العلاقة بين كتل. وعلى المستوى الأعلى، يثير تعاطف الدول العظمى عالمياً مع هذه الكتلة أو تلك تخوفات من احتمال نقل توترات ما بين الدول العظمى ومصالح مصدرها من خارج المنطقة، إجمالاً، إلى مستويات محلية على صعيد الدولة الواحدة، بما لذلك من تأثيرات غير محمودة على التجارة البحرية الإقليمية عامة، والإسرائيلية خاصة، وبما يتعلق بأمن الممرات المائية في المنطقة، بصفة أساسية، أو بالقدرة على تشغيل البنى التحتية في موانئ المنطقة.
  •  في سياق العلاقات المصرية - الإسرائيلية، وفي كل ما يتصل بالمنطقة البحرية الفاصلة بين الدولتين ـبالرغم من بعض القضايا الاستراتيجية المشتركة ـينبغي ألا نتوقع أن تدير مصر ظهرها للمصالح العربية، حتى لو تناقضت مع مصالح مصرية محددة وحتى في ظل وجود تهديدات على موانئها، وعلى قناة السويس، أو حتى على الملاحة البحرية الحرة في البحر الأحمر ومضيقه (باب المندب)، إذا ما نشأت مخاطر تهدد التجارة البحرية الإسرائيلية. ولكن، من الواضح أن النهج الذي يختطه السيسي اليوم ومسارَ التطوير الجَسور الذي يضع مصرَ عليه ـوهو مسار مصالح مصرية بالكامل ـينطويان أيضاً على معان وآثار استراتيجية حيوية ومرجوة لضمان استقرار سلسلة الإمداد البحري الإسرائيلية.

توصيات

  •  تمتاز إسرائيل، اليوم، باستقرارها النسبي في لجّة العاصفة التي تجتاح بلاد الشام ولا تلوح في الأفق أية إشارات على قرب هدوئها. ولا يجوز لهذا الوضع، في سياق التجارة البحرية، أن يخدع أحداً. فإن عدم جاهزية إسرائيل، في ما يتعلق بالبنى التحتية في الموانئ أو بمستوى فاعليتها، قد يؤدي، بالتأكيد، إلى خفض مستوى إمكانية اتصال (Connectivity) إسرائيل بالتجارة العالمية، وهو ما يجعل ملاءمة هذه البنى التحتية للمستوى الدولي أمراً ضرورياً وحيوياً. ذلك أن هذا المستوى سيموضع إسرائيل في موقعها اللائق ضمن وفي جوار مشاريع النقل التي يجري تنفيذها في المنطقة، مثل "طريق الحرير الصينية الجديدة"، ومناطق التجارة الحرة، والصناعات الداعمة للملاحة البحرية على محور قناة السويس وغيرها، على نحو يعود بالفائدة على مجمل الاقتصاد الإسرائيلي على صعيد التصدير والاستيراد، على حد سواء، وعلى صعيد آفاق التعاون المحتملة في إطار الأنشطة والبرامج الاقتصادية الهائلة المتوقعة في مشروع منطقة السويس.
  •  وتشكل مشاريع التطوير الإقليمية المتوقعة، وخاصة في منطقة قناة السويس وحولها، نافذة فرص غير مسبوقة في كل ما يتعلق بحجم الأنشطة المتوقعة في المجال البحري، بما فيها الأنشطة المكثفة في مجال صناعة الغاز الطبيعي. وتتطلب هذه المشاريع والأنشطة، كما ستتيح، تعاوناً إقليمياً بحرياً ينبغي تنميته وتعزيزه بكل الأشكال، بالنظر إلى الإمكانيات الاقتصادية الهائلة الكامنة في منطقتنا، وخاصة ما ترتسم مؤشرات عليه في مجال الصناعة البحرية. يتعين على إسرائيل اتخاذ كل التدابير والطرق لتجنب إهدار وإضاعة التوقيت الجيوسياسي الفريد وفرصة العمل الإقليمي المشترك مع شركاء محتملين، خفف بعضهم من لهجة معارضته أي تعاون مع إسرائيل، بصورة كبيرة لافتة.

 

 

[1] ميناء تزويد (Transshipment) – تفريغ حمولة في ميناء محوري (Hub) من باخرة أ وإعادة شحنه على باخرة ب من أجل نقله إلى هدفه النهائي.

[2] التغذية (Feeding) – نقل الحمولة المُعاد شحنها من ميناء التغذية إلى هدفها النهائي.- ترجمه عن العبرية سليم سلامة.

[3] شميل دانئيل، بارـ إيلي آفي، "الموانئ صغيرة جدا، إسرائيل ستعاني من حصار بحري في غضون 5 سنوات"، "ذي ماركر" 14 حزيران 2012.

[4] BBC, “Egypt attack on Suez canal ship ‘foiled’ September 1, 2013, http://www.bbc.com/news/world-middle-east-23918642

[5] Amir Khalifa, “Terror at sea: Doomyat,” Daily news Egypt, November 15, 2014.

[6] Roumpis Nick, “Libya bombs second tanker,” Trade Winds, January 14, 2015

[7] “Amity with Israel opens WTO doors,” The Washington Times, November 12,2005 

[8] Batty David, Shenker Jack, “Syria suspended from Arab League,” The Guardian, November 12, 2011

[9] Ezzat Dina, “Boycott Israel? Not so simple,” Al-Ahram weekly, issue 581, April 11-17, 2002.

[10] “Arabs evading economic boycott of Israel,” UPI, May 16, 2006.

[11] “Activist blockade delays Israeli ZIM ship another day at port of Seattle,” BDS Movement official site, August 27, 2014,

http://www.bdsmovement.net/2014/activist-blockade-delays-israeli-zim-ship-anotherday-at-port-of-seattle-12588 

[12] Barnett David, “Al Furqan Brigades claim 2 attacks on ships in Suez canal,Threaten more,” The Long War Journal, September 7, 2013.

[13] Worth F. Robert, “Tanker damage caused by attack, inquiry finds”, The New York Times, August 6, 2010.

[14] Smith S. Craig, “Fire on French Tanker Off Yemen Raises Terrorism Fears,” The New York Times October 7, 2002.

[15] هليل يركوني، 75 عاماً من الملاحة البحرية العبرية في أرض إسرائيل، ص 371، منشورات إيفي ملتسر، 2005.

[16] Bartlett Charlie, “Is Islamic state a credible threat to Mediterranean shipping?,” Seatrade Maritime News, March 3, 2015.

[17]. Loveluck Louisa, “Greek oil tanker ARAEVO bombe by Libyan warplanes at Islamist 18 port,” The Telegraph, January 5, 2015, Brown Hal, “Second tanker bombed in war-torn Libya,” Lloyd’s Loading List, January 14, 2015.

[18] Brown Hall, “Suezmax in spotlight as Yemen conflict worsens”, Lloyd’s Loading List, 19 April 10, 2015. 

[19] Hailey Roger, “ICTSI pulls out of Tartous,” Lloyd’s Loading List, January 2, 2013.

[20] Atris Eslam, “World bank arbitrator accepts charges raised by DIPCO against government,” Daily News Egypt, April 18, 2015.

[21] “Egypt signed final investment deals worth $33 bn at conference: Salman ahramonline, March 15, 2015.

[22] Zondi Siphamandla, “Should the BRICS admit Egypt,” E-International Relations, July 28, 2013. 

[23] Newsroom, “Putin visits Egypt in bid to expand influence, arms deal,” The Times of 24 Israel, April 15, 2015.

[24] “US Lifts arms embargo on Egypt,” AL-Jazeera, April 1, 2015. 

[25] “El Sisi in China: Egypt Will Be a Mainstay of the New Silk Road, December 24, 2014, https://larouchepac.com/20141224-3.

[26] Fouly Mahmoud, “News Analysis: Egypt counts on China as key partner in economy push,” African.news.cn, March 21, 2015

[27] Samir Menna, “RO-RO agreement not to be renewed,” Daily News Egypt, October 27, 28, 2014. 

 

[28] Berg-Logan Munch Daniel, “Iran detains cargo vessel Maersk Tigris,” Shipping Watch, April 28, 2015.

[29]. Al-Tamimi Thiab Amer, “Egypt facing economic, investor crisis,” Al-Monitor, January 13, 2014. 

[30] Aman Ayah, “UAE replaces Qatar as Egypt’s partner on Suez project,” Al-Monitor, November 5, 2013. 

[31] Doaa Farid, “Al-Sisi kicks off new Suez canal project, lays down tightened completion deadline” Daily News Egypt, August 5, 2014.

[32].“Militarizing the economy? Egypt army could play role in new Suez lifeline,” Albawaba, February 27, 2015. 

[33 The new Suez canal project at the Suez Canal Authority, http://www.suezcanal.gov.eg/sc.aspx?show=69