إيران والدول العربية: تحوّل تاريخي في ميزان القوى
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– عدكان استراتيجي، المجلد 18 ،العدد 3.
المؤلف

 

في السنوات الأخيرة، تعززت مكانة إيران في المنطقة، باستمرار، بينما غرقت الدول العربية في حالة من الفوضى العميقة غير المسبوقة. وأظهر الإيرانيون إصراراً لافتاً ومثيراً في السعي نحو تحقيق نوايا الهيمنة وحققوا الفائدة القصوى من الوحدة النسبية التي نشأت في المعسكر الشيعي، مقابل التقاطب الحاد القائم في المعسكر السني. ولكن، ثمة لدى إيران أيضاً نواقص، إذ تشكل سورية كعب أخيل بالنسبة إليها، حيث يخوض حلفاؤها هناك ما بدا، حتى فترة وجيزة، حرباً خاسرة. ومع ذلك، كان من شأن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في تموز 2015 بين الدول العظمى الست وإيران أنه رجح كفة ميزان القوى لصالحها أكثر فأكثر، مقابل خصومها السنّة، وهذا ما فعله أيضاً التدخل الروسي الأخير في الحرب الأهلية في سورية، بالتنسيق مع إيران، بغية دعم وتعزيز نظام بشار الأسد المتحالف مع إيران. 

 

مدخل

  • أشار مراقب عربي من أبو ظبي، في بداية العام 2015، بسخرية، إلى أن مصطلح "الهلال الشيعي"، الذي وضعه الملك الأردني، عبد الله الثاني- في كانون الأول/ ديسمبر 2014 لدى تطرقه إلى قوس التأثير الإيراني المتشكل من طهران إلى بيروت مروراً بالعراق وسوريةـ "قد عفا عليه الزمن .... فما نراه اليوم هو بدرٌ (مكتمل)، وقد أصبح الخليج مُحوَّطاً".[1] وكلما تقدم الحوثيون الشيعة في اليمن، بدعم إيراني، وأحكموا سيطرتهم على أجزاء أخرى من الدولة، كلما حقق الإيرانيون نفوذا وتأثيراً يتجاوزان مضيق هرمز وصولاً إلى مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر. وقد تملك دول الخليج السنيّة شعور بالقلق المتزايد حيال نوايا الهيمنة الإيرانية، مع حلفائها وأدواتها.

  • كان الإنجاز الإيراني مبْهـِراً جداً، لكنه أتى نتيجة القوة الإيرانية، بدرجة قليلة، ونتيجة ضعف الدول العربية، بدرجة كبيرة. فقد وجد العرب أنفسهم يغرقون في أزمة عميقة في أعقاب الثورات، والحروب الأهلية والهجرة الجماعية، التي تشكل جميعها ثمرة مـُرّة للفشل السياسي المدوي الذي منيت به القومية العربية. وهي ذروة سيرورة طويلة بدأت في أوائل الستينات، مع تفكك الوحدة الواعدة بين مصر وسوريا في إطار "الجمهورية العربية المتحدة"، والذي أعقبه نشوب الحرب الأهلية الأولى في اليمن، ثم تكبـُّد العرب هزيمتهم القاسية أمام إسرائيل في حرب العام 1967، وهي الهزيمة التي لم يتعافوا منها تماما، بعد، حتى يومنا هذا.

  • صدر في مصر، قبل 80 عاماً، في نهاية الثلاثينات، كتابان غاية في الأهمية: الأول، كتاب ميريت بطرس غالي بعنوان "سياسة الغد"، والثاني كتاب حافظ عفيفي بعنوان "على هامش السياسة". وقد عالج هذان الكتابان مشكلات مصر الاجتماعية - الاقتصادية التي نجمت عن معدلات الزيادة السكانية المرتفعة جداً. وباعتماد مؤشرات إحصائية ومعطيات أخرى، "حاول الكاتبان التحذير من أن مصر تسير نحو كارثة إذا لم تُطبـَّق خطة إصلاحات جذرية".[2] مثل هذه الإصلاحات الحيوية لم يتم تطبيقها أبداً، لا في مصر ولا في أية دولة عربية أخرى. 

  •  حصلت، في دول الشرق الأوسط كلها، بما فيها إيران وتركيا غير العربيتين، سيرورات من الزيادة السكانية السريعة والتمدين المكثف. فقد هجر عشرات ملايين المواطنين مناطقهم الريفية وانتقلوا إلى المدن، ما عمق، بالضرورة، شعور الاغتراب الاجتماعي، والتطرف السياسي، وعدم الاستقرار. وتميزت الفترة الممتدة من مطلع الستينات وحتى أوائل الثمانينات في تركيا بالعنف السياسي الشديد وبتدخل الجيش المتكرر في الحياة السياسية، ما قاد في نهاية المطاف إلى اعتلاء "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي (AKP) سدة الحكم في العام 2002. أما إيران، فقد شهدت في العام 1979 ثورة أدت إلى تغيير نظام الحكم، بالإطاحة بآل بهلوي وصعود الملالي إلى الحكم وتأسيس الجمهورية الإسلامية. ويمكن القول، مع ذلك، إن تركيا وإيران حققتا حتى الآن، بشكل عام، نجاحاً يفوق بكثير غالبية الدول العربية (باستثناء الدول العربية الغنية المنتجة للنفط)، إذا ما اعتمدنا الناتج المحلي الإجمالي للفرد، مثلاً، مقياساًـ وذلك، أساساً، بفضل تاريخهما الطويل كدولتين سياديتين فاعلتين يميز كل منهما التجانس الديني بين السكان، بدرجة معينة، واعتماد غالبيتهم لغة واحدة مشتركة.[3] إن لتركيا تاريخاً طويلاً جداً من الحداثة والتحديث على الطراز الغربي. وإيران نجحت، رغم انضمامها إلى ركب الحداثة بعد تركيا بزمن طويل في تحقيق درجة معقولة من التطور، بفضل ما يوفره النفط من موارد.

  •  أما العالم العربي، في المقابل، فلا يقوى على سدّ متطلبات سكانه وتلبية احتياجاتهم. ورغم أن معدلات التكاثر السكاني تشهد تراجعاً وانخفاضاً واضحين، إلا أن عدد السكان في العالم العربي لا يزال يرتفع بوتائر سريعة، أكثر بكثير مما تستطيع المنطقة استيعابه. فقد بلغ تعداد سكان الدول العربية من المغرب وحتى الخليج في العام 2000 ما يربو على 280 مليون نسمة، بينما يتوقع أن يصل إلى نحو 460 مليوناً تقريباً حتى العام 2025.[4]وعند التمعن في وضع المنطقة الحالي، يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: مَن الذي سيوفّر أماكن العمل، المال، الكهرباء، المياه لنحو 80 - 90 مليون إنسان إضافي خلال العقد القريب؟

  •  يكابد العرب، الآن، ذروة أزمة سياسية واجتماعية - اقتصادية عميقة لا تبدو لها نهاية في الأفق. لم تحقق سيرورة التحديث المتغربة، في نهاية المطاف، القوة، والهيبة والازدهار المرجوة. وانتهت حركة القومية العربية والوحدة العربية المسيحانية إلى الفشل السياسي المدوي. وقد كانت القومية العربية - في مستواها النظري على الأقل، إن لم يكن في المستوى العملي أيضاً، وعلى الدوام - أيديولوجية علمانية سعت إلى توحيد الشعوب الناطقة بالعربية، على أساس لغتها، سواء كانت شعوباً مسلمة، مسيحية أو أخرى. ولذا، كان فشل القومية العربية بمثابة فشل هذه الخطة الحيوية لتحقيق سيرورات العلمنة في المجتمعات العربية.

  • أدت المصاعب التي رافقت سيرورة التحديث في دول الشرق الأوسط، بما فيها تركيا وإيران، إلى عودة واسعة إلى حضن التقليدية الحديثة الدافئ - الإسلام السياسي والمذهبية (والقبلية أيضاً في بعض البلدان). وتبدو هذه الظاهرة جلية لا في مجال السياسة الداخلية في داخل دول الشرق الأوسط فحسب، وإنما في العلاقات ما بين الدول أيضاً، التي كانت تقوم، أساساً، على تحالفات طائفية - مذهبية بين دول سنية في مواجهة خصومها من الشيعة. ولم تعد المسألة مشكلة خصومات/ صراعات ممالك مقابل جمهوريات، أو دول مؤيدة للاتحاد السوفياتي مقابل دول مؤيدة للولايات المتحدة، فهذه أضحت اليوم ذكرى من ماض بعيد.

  •  يتجسد التعبير الأبرز لهذه التحولات في الأزمة الراهنة التي تعصف باليمن. ففي الحرب الأهلية التي شهدتها اليمن في أوائل الستينات، تحارب الجمهوريون، الذين كانوا يتمتعون بالدعم المصري أساساً، مع الملكيين، الذين حصلوا على دعم النظامين الملكيين المؤيدين للولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية وإيران. وفي تلك الفترة، كان الشيعة الزيديون (الحوثيون اليوم) ملكيين في غالبيتهم، بينما كان السنة جمهوريين في الغالب. وكانت السعودية وإيران البهلوية تنتميان، آنذاك، إلى المعسكر ذاته في إطار التقسيم الأيديولوجي، فدعمتا الشيعة الملكيين. وقد مرّ خط الصدع السياسي ذو الصلة بالموضوع، في تلك الفترة، بين من كانوا يوصفون بـ"التقدميين" في العالم العربي، بقيادة مصر عبد الناصر، من جانب، وبين "الرجعيين"، الذين كانوا ممثلين في الممالك المؤيدة للغرب، من جانب آخر. لكن التقسيم المذهبي الرائج في العصر الراهن والذي تقف بموجبه إيران الشيعية وحلفاؤها الشيعة، المؤيدون للشيعة الحوثيين في اليمن، مقابل الدول السنّيّة، لم يكن قائماً أو ذا معنى في الستينات. أما الملكيون الشيعة الذين كانوا حلفاء السعودية في الستينات، فقد أصبحوا اليوم خصومها المذهبيين الأشداء.

  • تميز القرن العشرون، غالباً، بكونه قرن القومية العربية وتشكّل الدولة العربية. ويمكن القول إن نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين شكّلتا، معا، عصراً جديداً في تاريخ الشرق الأوسط، حيث القومية العربية قد تبددت، والدولة العربية هي تلك التي تصارع، في حالات كثيرة - من ليبيا حتى السودان ومن اليمن حتى العراق، وسورية ولبنان - من أجل البقاء والصمود ككيان سيادي موحد. لا توجد دولة فلسطينية بعد، لكن هناك اثنتين على الطريق.

 

الإسلام السياسي - بين السنة والشيعة

  • العودة إلى حضن الدين الدافئ تميل، بحكم طبيعتها، إلى زيادة حدة الولاءات المذهبية وإلى تعميق النزعات الانفصالية. وكما أن المسلمين السنة قد ازدادوا تعصباً وتطرفاً، والمعتقد الديني أصبح العلامة المقررة والفارقة في الهوية الجمعية، كذلك حصل لدى المذاهب والطوائف الأخرى أيضاً، دفاعاً عن النفس. فقد تحصّن الشيعة وأبناء الأقليات الأخرى، من غير المسلمين، خلف متاريس الهويات والولاءات المذهبية الخاصة بهم.

  • · ثمة للراديكالية السنية ولنظيرتها الشيعية تفرد طائفي. والأهم من هذا، أن لهذا التفرد تأثيراً حاسماً على الخصومة ما بين السنة والشيعة وعلى ميزان القوى بين إيران والعرب. لكن، ثمة فوارق عديدة بين الراديكالية السنية ونظيرتها الشيعية. الفارق الأهم يكمن في المبادئ الموجهة لدى كل منهما. وكما أشار جون إسبوزيتو، فقد تمثل القاسم المشترك الذي تبلور ضمن الفكر السياسي السني التقليدي في أن "الحد الأدنى المطلوب للحكم الإسلامي لا يكمن في شخصية رئيس الدولة، وإنما في الحكم طبقاً للشريعة".[5] ولهذا، يؤكد الراديكاليون السنة اليوم ضرورة تطبيق الشريعة. وهم يقتفون، بذلك، أثر مجموعة من مفكري السنة الحديثين الروّاد منذ منتصف القرن العشرين، مثل الباكستاني أبو الأعلى المودودي والمصري سيد قطب، في الادعاء بأن المجتمع لن يكون مسلماً حقيقياً إلا إذا استند إلى أحكام الشريعة. وكما ادعى المودودي، فإن المجتمعات التي لا تسير على هذا النهج هي مجتمعات غير شرعية وجاهلية في جوهرها.[6] وخلافاً لهذا الرأي، يشدد راديكاليون شيعة من أتباع مدرسة الخميني على أهمية شخصية القائد المكلف بمراقبة تطبيق الشريعة. وعليه، فالشيعة يركزون، أساساً، على مبدأ ولاية الفقيه- حكم العالِم في أصول الشريعة وفروعها، الذي يتبوأ - في نظرهم - مكانة أكثر أهمية من تطبيق الشريعة.[7]

  •  شكلت القومية العربية المظلة الجامعة لجميع الناطقين باللغة العربية، بصرف النظر عن الطائفة الدينية أو المذهب الذي كانوا ينتمون إليه، نظرياً على الأقل وإن لم يكن دائماً فعلياً. وفي المقابل، تثير الراديكالية السنيّة النزاعات والفتن، بحكم طبيعتها. وقد تميز فكر الراديكالية السنيّة، على الدوام، بعدم الوضوح المؤسساتي، إذ لم يوضح، مثلاً، من هو المسؤول عن تطبيق الشريعة وبأية وسائل. وليس ثمة مرجعية دينية سنية مركزية تحظى بالاعتراف وتستطيع الحكم في مثل هذه المسائل. وقد نصّب أبو بكر البغدادي، زعيم الدولة الإسلامية (في العراق وبلاد الشام) نفسه خليفة في حزيران من العام 2014، ورغم أن كثيرين أعلنوا قبولهم وولاءهم، إلا أن الأغلبية رفضت قيادته. وثمة عدد كبير من التنظيمات والمليشيات في العالم السنّي تدّعي الحق في ترويج وتطبيق توجهاتها في مسألة تطبيق الشريعة، سواء بالطرق الديمقراطية أو باستخدام القوة، بما في ذلك قطع الرؤوس، والإعدامات الجماعية، واستعباد النساء أو هدم مواقع أثرية، إلى جانب سلسلة طويلة أخرى من الأعمال الهمجية. 

  • وتقاتل كثرة من هذه التنظيمات، مثل الدولة الإسلامية، جبهة النصرة، القاعدة، أحرار الشام، الإخوان المسلمين في دول عربية مختلفة، إلى جانب التنظيمات السلفية الجهادية الأخرى وتنظيمات سلفية غير جهادية، معاً أحياناً، وضد بعضها البعض أحياناً أُخرى. وهذه التنظيمات، وغيرها الكثير أيضاً، عدو لدود لكل من هو غير سني - الشيعة (سواء كانوا عرباً أم لا) والأقليات الأخرى المختلفة من غير المسلمين، مثل العلويين واليزيديين والمسيحيين، بمختلف طوائفهم. وهي العدو اللدود، أيضاً، لأنظمة سنية مختلفة سواء كانت، في حد ذاتها، راديكالية، مثل السعوديين، أم لا، مثل الهاشميين في الأردن. 

  •  يعمق الإسلام السياسي السني جميع الفوارق الطائفية والمذهبية التي أرادت القومية العربية إزالتها ومحوها. الراديكالية الإسلامية السنيّة ليست مركزية، وهي متعددة الأقطاب ومشتتة بصورة لافتة، إلى درجة تذكّر، أحياناً، بالوضع الذي وصفه توماس هوبس في "حرب الكل ضد الكل". وبذلك، فهي تهدد بتفكيك دول الهلال الخصيب غير المتجانسة مذهبياً، كما لم يحدث منذ إنشاء هذه الدول قبل قرن من الزمان.

  • يدعو الفراغ السياسي الناشئ من هذا التفكك الداخلي الإيرانيين إلى الدخول والتدخل، فيما هم يستغلون ما يتمتعون به من أفضليات نسبية على العرب. منذ الحرب الإيرانية - العراقية، في الثمانينات، شكّل العراق بقيادة صدام حسين الحارس الأفضل للشرق العربي عند خط الحدود مع إيران الملالي. غير أن الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين رجّحا ميزان القوى الإقليمي لمصلحة إيران، على نحو حاد جداً. وقد أدت العملية التي أطلق عليها في العراق عنوان "اجتثاث البعث"، في إحدى نتائجها الحتمية، إلى إقصاء السنّة الذين حكموا الدولة من خلال حزب "البعث" وأجهزته، وإلى تعزيز قوة الأغلبية الشيعية في البلاد. 

  •  شكـّل حزب "البعث" الذي حكم العراق، عملياً، منظومة سياسية لتكريس التفوق السني وإقصاء الشيعة في الدولة إلى الهامش. لقد كان التفوق السنّي في العراق قائماً ومتواصلاً طوال مئات السنين، منذ عصر الخلافة العباسية، مروراً بعهد الإمبراطورية العثمانية وحتى دولة العراق الحديثة، سواء من خلال حكم الهاشميين منذ عشرينات القرن الماضي أو حكم "البعث" منذ أواخر الستينات. فقد تحول العراق، بين عشية وضحاها تقريباً، وبفعل اجتثاث البعث ما بعد عهد صدام حسين، من دولة تحت سيطرة سنيّة إلى دولة تحت سيطرة شيعية، وأضحت حليفة طبيعية لإيران الشيعية وعتبة وثب لتعزيز قوة إيران وتأثيرها الإقليمي.

  • وجدت هذه التطورات إسناداً لها في المزايا السياسية الكامنة في العقيدة الشيعية بشأن ولاية الفقيه، كما طورها آية الله الخميني، الذي أقام تطابقاً بين السلطة (المرجعية) الدينية العليا في إيران ورئيس الدولة، بحيث يكون القائد الأعلى في إيران هو، أيضاً، المرجعية الدينية الأعلى للشيعة. ورغم أن نظرية الخميني لم تلق أبداً القبول التام، من جانب كل رجال الدين الشيعة، ورغم وجود معارضين كثر وأشداء لها، إلا أنها حظيت بقبول غالبية الشيعة في إيران، فضلاً عن أوساط أخرى واسعة جداً في الشرق الأوسط. ومن هنا، فخلافاً لحالة اللامركزية والتعددية القطبية السائدة في عالم الراديكالية السنية، يميل الراديكاليون الشيعة إلى التسليم بسلطة إيران المركزية، سواء من حيث المرجعية الروحانية أو القيادة السياسية. فحزب الله في لبنان، والمليشيات الشيعية في العراق، وحتى الحوثيون في اليمن أيضاً - جميعهم مستعدون للتعاون مع توجهات الهيمنة الإيرانية، التي تقودها وتوجهها، بنجاعة فائقة، أجهزةالدولة الإيرانية، وفي مقدمتها "الحرس الثوري".

  • لم تقم، في المقابل، أية قيادة أو مرجعية مماثلة في أوساط السنّة. وقد كان بودّ السعوديين أن يتمكنوا من تأدية هذا الدور، لكنهم لا يمتلكون القوة العسكرية أو السياسية للقيام بذلك. فكثيرون من الراديكاليين يعادون السعوديين، بل إن بعض الدول السنية القيادية، مثل مصر وتركيا، المحسوبة على المعسكر ذاته مثل السعودية، لا تتقاسم المصالح ذاتها في كل القضايا. وقد اعتمدت تركيا توجهاً تصالحياً حيال إيران، أكثر من السعودية. ولم تبدِ مصر وتركيا، على حد سواء، حماسة كتلك التي أبدتها السعودية إزاء مبادرة التدخل العسكري في اليمن. وخيّم التوتر على العلاقات بين حكم العسكر في مصر والحكومة الإسلاموية في تركيا، منذ عزل الإخوان المسلمين في مصر، كما تتباين مواقفهما حيال الأزمة في سورية.

ظروف قاهرة إيرانية - كعب أخيل السوري

  • قد يولّد ما قيل أعلاه انطباعاً خطأ بأن الإيرانيين متفوقون دائماً ويتمتعون بقوة غير محدودة على الدوام. لكن الأمر ليس كذلك، بل ثمة محدوديات قاهرة تحدهم. لقد أبدى الإيرانيون، من جهة، إصراراً لافتاً في مسعاهم نحو تحقيق أهدافهم. وهم لا يرتدعون عن استخدام القوة أو عن التآمر وتأليب الشيعة الذين يعيشون في دول الجوار. وهم مستعدون، أيضاً، لتوظيف أموال طائلة لخدمة مصالحهم في المنطقة، حتى في فترات أزمة اقتصادية، بالإضافة إلى السباق المحموم لتحقيق القدرات النووية، وحتى في ظل العقوبات الدولية والضغوط الدبلوماسية. لكن إيران، من جهة أخرى، ليست سوى قوة عظمى إقليمية، لا أكثر. إلاّ أنها، بمقاييس عالمية، هي مجرد قوة عظمى دون المتوسطة ومكانتها الإقليمية المُبهرة مستمدة من حالة الضعف والانقسام المنتشرة بين جاراتها العربية. فالناتج المحلي للفرد في إيران يعادل نحو الثُلث فقط من مستواه في السعودية ونصف مستواه في إسرائيل.[8] وقد أثقلت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الكبرى على إيران، علاوة على أن تدني أسعار النفط يثقل، بدرجة حادة جداً كاهل الاقتصاد الإيراني.

  •  لم يفلح الإيرانيون في تشكيل معارضة فاعلة لقرار السعوديين وحلفائهم الخليجيين استخدام القوة في اليمن، كما في البحرين في العام 2011، ضد من يعتبرونهم شيعة تابعين لإيران في المناطق الملاصقة لحدودهم. فقد تم قمع التمرد الشيعي في البحرين، فيما حقق التدخل العسكري السعودي في اليمن نجاحاً معيناً، بعد ما بدا وكأنه تقدم حتمي غير قابل للّجم حققه الحوثيون في مناطق وأجزاء واسعة من الدولة في العام 2014، وصولاً إلى مدينة عدن ومينائها في الجنوب. وقد شن السعوديون هجمات جوية بمساندة قوات برية من الإمارات العربية المتحدة تقدمت إلى الشمال من عدن، ومدعومة بحصار بحري فعال فرضه الأميركيون، ما قاد إلى صدّ الحوثيين وردّهم إلى الخلف، ولم يقو الإيرانيون على فعل الكثير فيما يتعلق بذلك.[9]

  • ومع ذلك، فقد أضحت الحرب الأهلية في سورية كعب أخيل الإيراني الحقيقي. فهي لم تجر وفق ما كان متوقعاً لنظام الأسد المشمول برعاية إيران. في بداية العام 2015، مُنيت قوات الأسد بهزائم فادحة جداً في أجزاء مختلفة من الدولة، من إدلب في الشمال حتى تدمُر إلى الجنوب منها. وبعدما بسطت سيطرتها على معظم أجزاء الدولة، نجحت قوات المعارضة في التقدم حتى نقطة قريبة وخطِرة من قلب المنطقة العلوية الموالية للنظام، في منطقة الساحل السوري. واضطر النظام إلى خوض معركة بقاء جَبَت ثمناً دموياً باهظاً من جميع الأطراف.

  • في العراق، وخلافاً للحال في سورية، يشكل الشيعة حلفاء إيران أغلبية السكان. وقد كان للمقاتلين الشيعة هناك دور فاعل في نجاح الجهود التي رمت، بدعم إيراني، إلى إلحاق الهزيمة بقوات داعش في مواقع مثل تكريت وغيرها، إلى حد دحرها تدريجياً من بضعة مواقع كانت تسيطر عليها في العراق. غير أن المعركة هناك أيضاً، لا تزال بعيدة عن نهايتها، كما أثبتت إنجازات داعش في الرمادي، غرب العراق. إن العلويين، حلفاء إيران في سورية وعماد النظام فيها، لا يشكلون سوى 12 بالمائة فقط من مجمل السكان. وهم منهـَكون من القتال ويواجهون مشكلات عويصة في المعنويات والقوة البشرية. هروب مسؤولين يشغلون مناصب رفيعة في نظام الحكم وسلسلة من الوفيات الغامضة كشفت النقاب عن خلافات داخلية حادة في القيادة. وأصبح الأسد، تدريجياً معتمداً على إيران والمقاتلين الشيعة من الحرس الثوري الإيراني ومن تشكيلات أخرى، وخاصة حزب الله في لبنان، ومقاتلين شيعة من العراق وأفغانستان، بعدما تراجعت قدراته وفقد تفوقه الكمّي في معركة شديدة الوطأة وغير محتملة. 

  • ويبدو أن الإيرانيين كانوا مصرين على مواصلة المعركة، بالرغم من الثمن الباهظ. ففضلاً عن القوة البشرية التي جندوها لصالح الأسد، أفادت تقارير دبلوماسية في بيروت بأن الإيرانيين أسندوا النظام بنحو مليار حتى ملياري دولار كل شهر.[10] وهي تضحية جسيمة من جانب النظام الإيراني الذي كان يكابد ضائقة اقتصادية إلى حد ما، مما يقدم دليلاً على الأهمية الاستراتيجية الفائقة التي يوليها الإيرانيون لسورية. فضياع سورية سيشكل بالنسبة لإيران هزيمة استراتيجية قاسية. ذلك أن سورية توفر ممراً حيوياً إلى حزب الله، قد يؤدي فقدانه إلى زعزعة القاعدة التي تقوم عليها قوة المليشيا الشيعية في لبنان، على نحو خطير جدا. وإضافة إلى هذا، فسورية توفر لإيران، أيضاً، جبهة إضافية أخرى محتملة ضد إسرائيل، على طول الحدود في هضبة الجولان.

  •  توفر سورية ولبنان للإيرانيين - سوية مع حزب الله - وصولاً إلى مواقع ذات أهمية قصوى على الحدود مع إسرائيل، حيث يمكن من هناك إطلاق عشرات آلاف القذائف والصواريخ نحو أهداف في داخل إسرائيل، متى أرادت إيران ذلك. فمثل هذه المنظومة من القذائف والصواريخ تستهدف ردع إسرائيل عن مهاجمة المنشآت النووية في داخل إيران أو إجبارها على دفع ثمن باهظ في حال إقدامها على عملية عسكرية كهذه. ومؤخراً فقط، في نهاية أيار 2015، هدد مصدر عسكري رسمي في إيران بأن في حوزة إيران وحزب الله 80,000 قذيفة وصاروخ جاهزة يمكن "إمطار تل أبيب وحيفا بها".[11]

  • تشكل المعركة على سورية بين إيران وحليفاتها، من جهة، وبين المعسكر السنّي، من جهة أخرى، إذن، لبّ الصراع على الهيمنة الإقليمية. وخلال عقود من الزمن، منذ تأسيسها في العشرينات، لم تحسم الدولة اللبنانية قرارها بعد، بشأن ما إذا كانت دولة غربية يسيطر عليها المسيحيون المارونيون أم جزءاً من العالم العربي السنّي. ولكن في أعقاب تدهور مكانة المارونيين، الديمغرافية والسياسية، في أواخر السبعينات، حُسم هذا السؤال في غير صالحهم. والسؤال المطروح الآن هو هل ما يزال لبنان جزءاً من العالم العربي السنّي، أم ربما أنه قد انجرف، بشكل تام، إلى داخل المعسكر الإيراني - الشيعي، بفضل تحكّم حزب الله بالسياسة اللبنانية. وإذا ما خسر الإيرانيون في سورية، فثمة احتمال كبير بأن يتم حسم هذه الأسئلة، في نهاية المطاف، في غير صالحهم.

  • كانت الإجراءات التي اتخذتها روسيا، بالتعاون مع إيران في أيلول 2015، والتي شملت نقل شحنات كبيرة من العتاد والقوات العسكرية الروسية إلى داخل سورية جوّاً، أحد عروض القوة الأكثر إثارة التي قدمها الروس منذ انتهاء الحرب الباردة. وقد شكل النشاط العسكري الروسي والإيراني في سورية مؤشراً جلياً على مدى الأهمية الحيوية التي يوليها الإيرانيون وحلفاؤهم- الروس، في هذه الحالة - للإبقاء على نظام الأسد في سورية، وعلى مدى استعدادهم لاتخاذ إجراءات عملية فعلية دفاعاً عن مصالحهم هذه. 

 

خلاصة: إيران، الدول العربية، إسرائيل

  • جرت المفاوضات حول المسألة النووية بين الولايات المتحدة والدول العظمي الأخرى وبين إيران في ظروف مصيرية، في وقت كانت إيران تئن فيه تحت وطأة العقوبات الدولية وتواجه، مع حلفائها في سورية، صعوبات وإخفاقات في الحرب الأهلية المستعرة هناك. ونظراً لأنه كان يبدو، خلال المفاوضات، أن الإدارة الأميركية متلهفة للتوصل إلى اتفاق أكثر من الإيرانيين أنفسهم، فقد كانت النتيجة الاتفاق الذي تم توقيعه في فيينا في تموز 2015. ورغم أن الاتفاق تعهد بإنهاء العقوبات ورفعها، إلا أنه لن يمنع إيران، بالضرورة، من تطوير سلاح نووي في المستقبل، إنْ ومتى رغبت في ذلك. وبقطع النظر عن حقيقة أن ايران عادت وأقرت، في الاتفاق، (مرتين) بأنها "لن تسعى، مهما كانت الظروف، إلى الحصول على، أو تطوير أو امتلاك أي نوع من السلاح النووي"،[12] يبقى التخوف الأكبر الذي يساور إسرائيل والدول السنيّة من مغبة أن يمكّن هذا الاتفاق، الذي أبقى البنية التحتية النووية الإيرانية على حالها، الإيرانيين من العودة - ولو بعد فترة معينة من الوقت - إلى اتخاذ إجراءات وخطوات تخدم توجهاتهم ومساعيهم نحو الهيمنة، بإصرار أشد من ذي قبل، مع موارد أكثر بكثير ومساحة أوسع للمناورة، على الرغم من جميع التزاماتهم الواردة في إطار الاتفاق. وعندئذ، لن يكون بين العرب مَن يستطيع لجم الإيرانيين وكبح جماحهم سوى تنظيم داعش وتنظيمات مماثلة أخرى (وهي ليست حليفة طبيعية للأنظمة السنيّة بالطبع). وفي الإجمال، يشهد ميزان القوى بين إيران والدول العربية تغيّراً لصالح إيران منذ عقود. وفي أعقاب الاتفاق النووي هذا، سيبقى هذا المنحى على حاله، بل سيتعمق أكثر.

  •  ينشىء هذا الوضع بيئة استراتيجة جديدة، مختلفة تماماً بالنسبة لإسرائيل. فقد تعرّض العالم العربي خلال العقود الأخيرة لتغيرات بنيوية عميقة جراء التدهور المتواصل في الدول العربية، وإخفاقها في عملية التحديث والعصرنة والفشل الذريع الذي منيت به القومية العربية. أما الدول غير العربية في الشرق الأوسط، تركيا وإيران وإسرائيل، فقد أصبحت القوى العظمى الإقليمية المركزية. وعبّدت انتكاسة القومية العربية العلمانية الطريق أمام صعود الإسلام السياسي، الذي بعث الروح من جديد في الانقسامات والصراعات الطائفية - المذهبية في المنطقة، ووضع السنّة ضد الشيعة، والعرب، الذين هم من السنة في غالبيتهم، ضد إيران الشيعية. 

  • وقع في العام 1979 حدثان حاسمان زلزلا العالم العربي بأسره: توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، واعتلاء الملالي سدة الحكم في إيران، وهذا أدى، بعد سنة من ذلك، إلى نشوب الحرب الإيرانية - العراقية. وخلال ثماني سنوات طويلة، خاض العراق حرباً دامية يائسة ضد إيران، بذريعة الدفاع عن المشرق العربي السنّي في وجه نزعات ونوايا الغزو والتمدد الشيعية الإيرانية. وفي أعقاب انسحاب مصر من منظومة القوى العربية، لم تعد الحرب مع إسرائيل احتمالاً واقعياً وارداً. بل وتتضاءل أهمية المواجهة مع إسرائيل باستمرار في ضوء تزايد وتصاعد المخاوف من إيران. وفي العام 1994، حذت الأردن حذو مصر ووقعت معاهدة سلام مع إسرائيل. منذ العام 1973، أي طوال ما يزيد عن 40 سنة، لم تخض إسرائيل أية حرب ضد أية دولة عربية. ولكن، في أعقاب صعود حزب الله في لبنان، وخاصة بعد انهيار "البعث" في العراق وتحوّله إلى الدولة العربية الأولى التي يحكمها الشيعة، لم تعد إسرائيل هي عنوان التخوف المركزي لدى العرب، بل احتلت مكانها إيران الشيعية.

  •  انتقل المركز السياسي والاستراتيجي في الشرق الأوسط من الساحة العربية - الإسرائيلية إلى الساحة الخليجية. وفي هذا الاصطفاف الجديد، تتقاسم إسرائيل مع دول سنية مركزية هدفاً مشتركاً يتمثل في التصدي لنوايا الهيمنة الإيرانية. ويوجِد هذا الاصطفاف الجديد بيئة جديدة أمام السياسة الخارجية الإسرائيلية وفرصاً لإعادة تحديد موقع إسرائيل ومكانتها في الشرق الأوسط، من جديد. فإسرائيل لم تعد تقف وحيدة اليوم في مواجهة المجموعة العربية وضدها، بل أصبحت أحد الأعضاء في تحالف إقليمي غير رسمي يضم دولاً، مثلها أيضاً، تتكئ على صداقتها مع الولايات المتحدة وتسعى إلى الدفاع عن نفسها في وجه مطامح إيران ومساعيها التخريبية وأتباعها. 

  • كلما رجح ميزان القوى بين إيران والدول العربية لصالح إيران، تعزز القاسم المشترك الاستراتيجي بين إسرائيل ودول عربية مركزية، مثل مصر، والمملكة العربية السعودية، والأردن، والإمارات العربية المتحدة. وكما تبيّن الأحداث في سورية، وفي البحرين، وفي اليمن، فثمة للإيرانيين أيضا ظروف قاهرة. ومن هنا، من المنطقي جداً التعاون بين إسرائيل ودول عربية، سوية مع الولايات المتحدة، بغية لجم الإيرانيين وكبح جماح مطامعهم الإقليمية.

 

 

 


[1]. “The Iran-Saudi Rivalry”, The Economist, April 7, 2015

.ترجمه عن العبرية: سليم سلامة (الجليل).

 مراجعة: أحمد خليفة-

[2]. P. J. Vatikiotis, The Modern History of Egypt (London: Weidenfeld and Nicolson, 2 

1969), pp. 309-310.

[3] 80- 85% من سكان تركيا هم من المسلمين السنة، 70-75% يتحدثون التركية. أما في إيران، فـ 90 % من السكان هم من الشيعة وأكثر من 50% يتحدثون الفارسية.

[4]. Arab Human Development Reports (AHDR)-United Nations Development Programme, Human Development Data for the Arab States, Population, total both sexes, http://www.arab-hdr.org/data/indicators/2012-3.aspx; Barry Mirkin, Arab Spring: Demographics in a Region in Transition, United Nations Development Programme, Regional Bureau for Arab States, Arab Human Development Report Research Paper Series, 2013, p.12

[5]. John Esposito, Islam and Politics, 4th ed. (Syracuse: Syracuse University Press, 1998), p. 31.

 

 

[6] الـ"جاهلية"، حسب التراث الإسلامي، هي فترة الجهل والبربرية التي سبقت الإسلام وظهور النبي. وعليه، فالمجتمع الجاهلي في أيامنا هو المجتمع غير الإسلامي وغير الشرعي بالضرورة، وفق منظور المودودي للجاهلية.

[7] لمزيد من التفاصيل، أنظر:
Yvonne Haddad, “Sayyid Qutb: Ideologue of Islamic Revival,” Charles Adams, 

“Mawdudi and the Islamic State,” and Michael Fischer, “Imam Khomeini:

Four Levels of Understanding,” in Voices of Resurgent Islam, ed. John 

;Esposito (Oxford: Oxford University Press, 1983), pp. 67-133, 150-74

,Esposito, Islam and Politics, pp. 30-31, 131-52; Nikki Keddie, Modern

,Iran: Roots and Results of Revolution (New Haven: Yale University Press

2006), pp. 188-213

[8] CIA World Factbook, https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/

rankorder/2004rank.html

[9] شلومو بروم ويوئيل جوجانسكي، "الصراع في اليمن: مثال على محدودية قوة إيران"، معهد دراسات الأمن القومي، "مباط عَل"، العدد 747، أيلول 2015.

[10] Nicholas Blanford, “Why Iran is Standing by its Weakened, and Expensive, Ally Syria,” csmonitor.com, April 27, 2015.

[11] Michelle Malka Grossman, “Iran Threatens ‘80,000 Rockets at Tel Aviv and Haifa’ Over Distorted Ya’alon Comment,” Jerusalem Post, May 21, 2015

[12]. Preamble and General Provisions, Joint Comprehensive Plan of Action, Vienna, July 14, 2015.