تأسس في سنة 1959 بالتعاون مع جامعة تل أبيب. وهو مركز متعدد المجالات، ينشر دراسات تتعلق بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، كما يُعنى بالموضوعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الدول العربية والدول الأفريقية. ولدى المركز أهم مكتبة للمصادر العربية من كتب ومجلات وصحف. وتصدر عن المركز سلسلة كتب مهمة في مختلف المجالات، ولديه برامج تدريب ومنح أكاديمية.
الصراع في ليبيا له تداعياته على أوروبا، وكذلك على شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط. وقد تسبّب في مقتل الآلاف وتشريد عشرات الآلاف. وازداد تدفّق المهاجرين من ليبيا وعبر أراضيها إلى أوروبا. كما أسهم تدفّق الأسلحة إلى مصر [عبر الصحراء الليبية]، في تصعيد الاعتداءات الإرهابية هناك.
بث تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تسجيلاً مصوراً في 15 شباط/فبراير 2015 يظهر عملية قطع رؤوس 21 قبطياً مصرياً على أحد شواطئ ليبيا. ولفت هذا العمل البربري الانتباه إلى ما تعيشه ليبيا من وضع فوضوي خطير. وفي العام 2014، أعلنت جماعة مسلحة في شرق البلاد انتماءها إلى تنظيم "داعش". وبحلول نهاية العام، سيطرت هذه الجماعة على مدينة درنة، وأعلن المنتمون إليها مسؤوليتهم عن هجمات نفذت في جميع أنحاء البلاد.
قبل بروز المسلحين المنتمين لتنظيم "داعش"، كانت ليبيا منقسمة إلى معسكرين متحاربين: ما يسمّى "عملية الكرامة" وهو تحالف قبائل المنطقة الشرقية وأنصار الفدرالية ووحدات عسكرية ساخطة؛ و"عملية الفجر" وهو تحالف من القوى الإسلامية المتحالفة مع جماعات مسلحة من مصراتة. كل معسكر يدّعي أنه يملك الحكم والشرعية وله برلمانه وجيشه ورئيس وزرائه الخاصة.
والنتيجة هي أن هناك حكومتين متنافستين: واحدة في مدينة طرابلس، حيث سيطر ائتلاف جماعات مسلحة من مصراتة ومدن أخرى في الغرب بالتحالف مع إسلاميين على المطار والوزارات؛ وحكومة ثانية في طبرق، حيث يجتمع مجلس النواب المنتخب وحكومة تحت سيطرة مؤيدي الجنرال [المتقاعد] خليفة حفتر وأنصار الفدرالية. وتتقاتل القوات المسلحة الليبية – الرسمية وغير الرسمية، علماً بأن كل فصيل مدعوم من قبل كوكبة من القبائل والمدن.
انخرطت قوى خارجية في هذا الصراع، وانحاز بعضها إلى هذا الفريق أو ذاك، الأمر الذي فاقم تهديد اندلاع حرب بالوكالة بين دول عربية. فقد نفّذت مصر والإمارات العربية المتحدة ضربات جويّة بالنيابة عن حكومة "الكرامة" المنتخبة، ضد ميليشيات إسلامية في البلاد. ويقال إن تركيا والسودان وقطر تدعم معسكر "الفجر". كما عرضت مصر تقديم تدريب عسكري ودعم للقوات المؤيدة للحكومة. وطرحت الجزائر خطة لحل الأزمة من خلال استضافة مؤتمر حوار وطني يجمع المتخاصمين. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2014، تعهّدت مصر والسودان بتأييد القوات النظامية الليبية في قتالها ضد الميليشيات المسلحة.
إن "الكرامة" هي حكومة علمانية إلى حد كبير ومعترف بها دولياً، ويرأسها رئيس الوزراء عبد الله الثني الذي انتُخب في حزيران/يونيو 2014. وفي آب/أغسطس 2014، انتقل الثني مع جماعته ومن ضمنهم مجلس النواب الليبي، من العاصمة طرابلس إلى مدينة طبرق، على بعد نحو 780 ميلاً [في شرق ليبيا]، هرباً من جماعة منافسة مؤلفة من سياسيين إسلاميين، وتسيطر هذه الجماعة بقيادة عمر الحاسي على مدينة طرابلس، وقد انتخبت برلماناً جديداً. وتستمد هذه الجماعة قوتها من ميليشيا إسلامية تدعى "فجر ليبيا". والحكومة في طبرق قريبة من حقول النفط الكبرى في شرق البلاد ومن خطوط الأنابيب التي تنقل النفط إلى الساحل. أما الحكومة المنافسة في طرابلس فهي أقرب إلى حقول النفط الغربية وخطوط الأنابيب التابعة لها. وتواجِه الحكومتان جماعات إسلامية أخرى تقاتل للسيطرة على منابع النفط (أنظر الخريطة المرفقة أدناه).
وهناك أيضاً تشكيلة من جماعات إسلامية أخرى، بدءاً بتنظيمات تابعة لـ"داعش"، مثل "أنصار الشريعة - درنة" في مدينة درنة، وصولاً إلى فصيل آخر متفرع عن تنظيم "القاعدة"، وهو "القاعدة في المغرب الإسلامي" الذي ينشط في جنوب غرب البلاد. وهناك أيضاً جماعة "أنصار الشريعة" وهو فرع آخر لتنظيم "القاعدة" في ليبيا. وتسيطر هذه الجماعة على أحياء كبيرة من مدينة بنغازي على الرغم من محاولات متكررة للجيش الليبي الوطني لطردها منها.
منذ ثورة 2011، تدفقت مليارات الدولارات من عائدات النفط عبر مصرف ليبيا المركزي إلى عدد كبير من الميليشيات والعصابات الإجرامية التي تعيق جهود الحكومات الليبية المنتخبة من الشعب لفرض سيطرة مركزية. كما أن الجزائر هي من ضحايا الفوضى في ليبيا (الهجوم على منشأة الغاز في عين أميناس في العام 2013)، بالإضافة إلى مالي (التي أوشكت أن تسقط في قبضة أنصار تنظيم "القاعدة" في 2013 بفعل الأسلحة المهرَّبة من ليبيا)، ونيجيريا (حيث تقوّض جماعةُ "بوكو حرام" الاستقرار ، والنيجر (التي تحتوي على كميات كبيرة من رواسب اليورانيوم).
في النيجر، غربي ليبيا، هاجمت وهدّدت جماعاتٌ مشابهة الحكومةَ وأغرقت المنطقةَ بالأسلحة، الأمر الذي حمل فرنسا على التدخل في محاولة لاحتواء هذه المشكلة. والخوف الأكبر هو ما يتعلق بمصر. فقد نجح متطرفون ومنتفعون من الحروب في ليبيا في تهريب أسلحة عبر الحدود، ولا سيما إلى شبه جزيرة سيناء، حيث هاجم متمردون تابعون لتنظيم "داعش" قوات حكومية، وشنّوا هجمات عبر الحدود ضد إسرائيل.
وبحسب دراسة صادرة عن "مركز كارنيغي للشرق الأوسط"، فإن الوضع في ليبيا يعكس شبكات الجهات [التي ترعى القوى] التي تقاتل من أجل الموارد الاقتصادية والسلطة السياسية. وهذا يحدث في دولة تعاني من فراغ مؤسّسي ومن غياب حَكَم مركزي يملك قوةً راجحةً. ويعاني البلد من توازن الضعف بين الفصائل السياسية والجماعات المسلحة: فليس ثمة كيان واحد يمكنه أن يجبر الآخرين على التصرف عن طريق الإكراه، غير أن كل كيان قوي يملك من القوة ما يكفي للاعتراض على الآخرين.
قضى الآلاف في هذا الصراع، ويقدّر عدد النازحين واللاجئين بنحو 400 ألف. السلع الضرورية والوقود غير متوافرين بالقدر الكافي؛ وفي بعض الأحياء المدينية لم تعد الاتصالات أو التغذية بالتيار الكهربائي موثوق بها، والناس يستخدمون الحطب للطهي.
يعتمد اقتصاد ليبيا بشكل رئيس على إنتاجها للهيدروكربون. وفي عام 2012، شكّل النفط والغاز الطبيعي ما يقارب 96% من عائدات الحكومة و98% من صادراتها. وتمثل صادرات النفط الخام ما يقارب 90% من مجمل عائدات التصدير في ليبيا.
في تشرين الأول/أكتوبر 2014، أفاد صندوق النقد الدولي (IMF) أن حصار منشآت النفط في ليبيا من قبل ميليشيات قَبَليّة وفدرالية أدى إلى توقف إنتاج النفط في البلاد، الأمر الذي خفض الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بما يقدر بـ 14% في 2013، وبنحو 20% في 2014. وساعدت غلبة الواردات فيما يتعلق بسلة المستهلك [الليبي] في الحدّ من التضخم. وتحوّل الميزانان المالي والتجاري الكبيران لعام 2012 إلى عجزَين. ومن المتوقع أن تسجّل الحكومة في العام 2014 عجزاً يربو على 50% من الناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن العجز في الحساب الجاري يتخطى 27%. وقلص العجزان التوأمان احتياطي النقد الأجنبي [ودائع وسندات بالعملة الأجنبية] الرسمي.
وفق إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة (U.S. Energy Information Administration)، بلغ صافي عائدات صادرات النفط الليبية نحو 4 مليارات دولار في النصف الأول من العام 2014، نتيجة تراجع أحجام صادرات النفط. وخلال الحرب الأهلية في العام 2011، أدى تراجع إنتاج النفط والغاز الطبيعي إلى انهيار اقتصادي وإلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (real GDP) بنحو 62%. استأنف الناتج المحلي الإجمالي الليبي النموّ في العام 2012، مما عكس الاستقرار النسبي لإنتاج النفط، لكنه سرعان ما عاد إلى التراجع بنحو 14% في 2013. ويشير كل ذلك إلى أن الصراع سوف يتسبّب في 2015 بخسارة أكبر للاقتصاد الليبي. ويبيّن الجدول رقم (1) تقلبات معدلات النموّ الاقتصادي الحادة تبعاً لتغيرات حجم صادرات النفط والغاز، بينما محاولة بناء قطاع غير نفطي وأكثر استقراراً كانت دائماً محدودة، ووضع الصراع الحالي حداً لها.
جدول رقم (1)
الاقتصاد الليبي - مؤشرات رئيسية، 2011-2014
|
الناتج المحلي الإجمالي(GDP) |
معدل التغير السنوي في الناتج المحلي الإجمالي (%) |
الناتج المحلي الإجمالي للفرد |
إنتاج النفط (ملايين البراميل في اليوم mb/d) |
مبيعات الغاز (ملايين الأمتار المكعبة mcm) |
2011 |
41 |
-62,1 |
6,721 |
0,490 |
7,885 |
2012 |
84 |
104,5 |
13,658 |
1,450 |
18,118 |
2013 |
62 |
-13,6 |
10,000 |
0,993 |
18,463 |
2014 |
50 |
-19,8 |
8,000 |
0,480 |
|
المصدر: صندوق النقد الدولي (IMF)، إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة (IEA) ومنظمة أوبك (OPEC).
أدّت الاشتباكات بين الميليشيات المتصارعة في صيف 2014 إلى سقوط مئات الضحايا ونزوح أكثر من 250 ألف مواطن ليبي. وبعد سقوط مدينة طرابلس في قبضة ميليشيات مسلحة، وانتقال البرلمان المنتخب إلى مدينة طبرق، أصبح في البلد سلطتان متنافستان. وزادت سيطرة "داعش" على أجزاء من البلاد في تعقيد هذا الوضع. وألحق القتال ضرراً واسع النطاق بالأملاك العامة والخاصة وبالبنى التحتية، وتسبب في نقص حاد في الطاقة، والمياه، والوقود، والمواد الغذائية، في مدينة طرابلس. ويعوق انعدام الأمن والقانون وصول الأموال النقدية إلى المصارف التجارية في جميع أنحاء البلاد، الأمر الذي يزيد من إضعاف النشاط الاقتصادي. أما بعيداً عن المدن الكبرى المتضررة من القتال فالوضع أفضل بصورة طفيفة. وسمح إنهاء حصار المنشآت النفطية الذي دام عاماً من قبل ميليشيات فدرالية، للإنتاج النفطي بالارتفاع إلى معدل 840 ألف برميل من النفط في اليوم بحسب التقارير، بعد أن كان انخفض إلى أدنى مستواه البالغ 240 ألف برميل في اليوم في حزيران/يونيو 2014.
تنقسم ليبيا حالياً إلى قبائل وفصائل سياسية متنافسة مع سعي حكومتين للإمساك بزمام السلطة. وفي غضون ذلك، لم يقم أي من الفريقين بإعداد الموازنة العامة للعام 2015، في حين يحاول الفريقان السيطرة على عائدات البلاد من النفط الآخذة في التراجع. إن كلفة عدم التوصل إلى اتفاق باهظة لأن مستوى الإنتاج النفطي هو دون نسبة 20% من المستوى الذي بلغه قبل الأزمة. وهذا الأمر إضافة إلى تراجع أسعار النفط، هو ما أجبر الحكومة على سحب مبالغ من الأموال من احتياطي النقد الأجنبي الذي بلغ 100 مليار دولار في آب/أغسطس 2014، مما أدى إلى انخفاض هذا الاحتياطي إلى 80 مليار دولار في كانون الثاني/يناير 2015، وبحسب البنك الدولي (World Bank)، فإنه قد ينضب خلال أربعة أعوام. وتعرضت العملة الليبية إلى ضغوط شديدة نتيجة التراجع الكبير في أسعار النفط وانخفاض حجم صادراته.
شهدت السنوات 2011، و2013، و2014، عجزاً في الموازنة العامة لليبيا. وسيؤدي تراجع أسعار النفط مع تقلّص حجم صادرات النفط الليبية، إلى مفاقمة هذا العجز. وسيكون من الصعب تمويل العجز المالي fiscal gap لأنه لا يُتوقع تعافي الصادرات النفطية في المستقبل القريب. وحصة الأسد من موازنة الدولة في ليبيا مخصصة لدعم أسعار الطاقة ولدفع رواتب الموظفين الحكوميين. وتشكل الرواتب عبئاً كبيراً على الموازنة لأن ربع المواطنين الليبيين يتقاضون راتباً حكومياً، ولأن رواتب القطاع العام ازدادت بنحو 250% منذ ثورة 2011. وسيكون احتياطي النقد الأجنبي والعملة الليبية تحت ضغط كبير ما لم يحدث تغيير كبير في السياسة العامة يؤدّي إلى خفض فاتورة الأجور وتقليص الدعم الكبير للطاقة.
وقد أعلن البرلمان المنافس القائم في مدينة طرابلس أنه ينظر في رفع الدعم عن الوقود وهو ما يمثل حالياً 20% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي حال تطبيق هذا القرار، فإنه سوف يؤدّي إلى توفير كبير في الإنفاق الحكومي وإلى خفض العجز المالي.
إن حاكم المصرف المركزي الليبي في مدينة طرابلس هو صادق عمر الكبير الذي أُقيل من منصبه في أيلول/سبتمبر 2014 من قبل البرلمان المعترف به دولياً والذي هرب إلى مدينة طبرق. ويواصل صادق عمر الكبير دفع رواتب الموظفين الحكوميين والإعانات في جميع أنحاء ليبيا، لكنه جمّد أبواب إنفاق أخرى كانت مدرجة في الموازنة العامة قبل الانشقاق الحكومي. وعَيَّن برلمانُ مدينة طبرق السيد علي [محمد سالم] الحبري، النائب السابق لحاكم المصرف المركزي الليبي، حاكماً مكان صادق عمر الكبير. لكن الحبري لا يستطيع الوصول إلى الموجودات المالية الوطنية التي لا تزال تُدار في مدينة طرابلس، العاصمة الرسمية لليبيا.
أسفر سقوط القذافي عن مشكلات عديدة بالنسبة لأوروبا. فقد كان، بالفعل، شرطيّ أوروبا، وتسبّب سقوطه في زيادة كبيرة في عدد طالبي الهجرة إلى أوروبا، من وعبر ليبيا. وتشير معطيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) إلى أن ما يقارب 25 ألف شخص هربوا إلى إيطاليا من شمال أفريقيا في العام 2009، مقارنة بـ 9573 شخصاً في العام 2005. وارتفع هذا الرقم بسرعة صاروخية إلى نحو 61 ألفاً في العام 2011، بسبب الصراع في ليبيا الذي أدى إلى سقوط القذافي. وتخطى هذا الرقم 130 ألفاً في العام 2014.
وفي شباط/فبراير 2015، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) عن وجود 37 ألف لاجئ وطالب لجوء في ليبيا نصفهم من السوريين. وما يربو على 390 ألف مواطن ليبي مصنفين على أنهم نازحين داخل ليبيا، علماً بأن نصفهم تقريباً كانوا في غرب وجنوب غرب البلاد.
كما تأثرت إمدادات الطاقة لأوروبا بانزلاق ليبيا نحو الفوضى. وفي كانون الثاني/يناير 2014، بلغ حجم احتياطي ليبيا المؤكد من النفط الخام نحو 48 مليار برميل من النفط. وهو الأكبر في أفريقيا حيث إنه يمثل 38% من مجمل احتياطي القارة الأفريقية من النفط، كما أنه تاسع أكبر احتياطي نفطي في العالم.قبل اندلاع المواجهات في العام 2011، كانت ليبيا تنتج ما يقارب 1,65 مليون برميل من النفط العالي الجودة في اليوم (mb/d)، أي النفط الخام الخفيف. ازداد إنتاج ليبيا من النفط خلال معظم سنوات العقد الأخير من مستوى 1,4 مليون برميل في اليوم في العام 2000 إلى نحو 1,74 مليون برميل في اليوم في العام 2008، لكن الإنتاج بقي أدنى من مستويات الذروة التي تجاوزت 3 مليون برميل في اليوم في نهاية ستينيات القرن الماضي. وتأثر إنتاج ليبيا من النفط اعتباراً من سبعينيات القرن الماضي وصولاً إلى سنوات الألفين في المقام الأول بسبب التأميم الجزئي لقطاع النفط، ولاحقاً بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والتي عوّقت الاستثمار والتجهيز المطلوبين للمحافظة على المستويات العالية من إنتاج النفط.
وفي العام 2013، صدّرت ليبيا كمعدل وسطي 875 ألف برميل في اليوم (b/d) من النفط الخام، بما في ذلك المكثّفات، وهو أدنى من مستوى العام 2012 البالغ نحو 1,3 مليون برميل في اليوم (mb/d)، لكن أعلى من مستوى عام 2011 البالغ 400 ألف برميل في اليوم.أما صادرات النفط فتقلصت في العام 2013 من جراء أعمال تعطيل إنتاج النفط التي تصاعدت في منتصف العام 2013. وتواصل التعطيل في العام 2014.
في الأعوام الأخيرة، كان يُباع ما يراوح بين 70 و80% من نفط ليبيا الخام إلى دول أوروبية. وفي العام 2013، ذَهَبَ 75% من صادرات الخام الليبي إلى أوروبا؛ وتتصدّر إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، قائمة المشترين. وفي العام 2012، مثّلت هذه الصادرات ما نسبته 8% من مستوردات الاتحاد الأوروبي النفطية. واستأنفت الولايات المتحدة استيراد النفط من ليبيا في العام 2004 بعد رفع العقوبات، لكنها لم تستورد منها في العام 2013 سوى 43000 برميل من النفط في اليوم، أي ما نسبته 0,6% فقط من مجمل مستورداتها في ذلك العام.
لكن ترتيب ليبيا كدولة منتجة للغاز الطبيعي وتملك احتياطياً منه، أقل أهمية قياساً إلى مواردها النفطية. وما يقارب نصف إنتاجها من الغاز الطبيعي يُصدَّر إلى إيطاليا عبر خط أنابيب "غرين ستريم" greenstream. وبحسب تقديرات مجلة "Oil and Gas Journal"، كان احتياطي ليبيا من الغاز الطبيعي يبلغ في الأول من كانون الثاني/يناير 2014 ما يقارب 55 تريليون قدم مكعبة (tcf)، وهو خامس أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في أفريقيا. وفي العام 2012، مثّلت ليبيا ما نسبته 2% من مجمل مستوردات الاتحاد الأوروبي من الغاز.
وفي الختام، تجدر الإشارة إلى تداعيات الصراع في ليبيا على مصر، إذ وَجدَت أسلحةٌ منهوبة من ثكنات الجيش طريقها إلى أيدي إرهابيين يقاتلون الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء ومناطق أخرى. من ناحية أخرى، خسر آلاف المصريين أعمالهم وعادوا إلى الوطن حيث نسبة البطالة مرتفعة. وهناك ما يقارب 200 ألف عامل مصري في ليبيا حالياً مقارنة بنحو مليونين كانوا يعملون هناك قبل انتفاضة 2011 التي أدت إلى إنهاء حكم معمر القذافي.
المصدر: إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة - ملخص تحليل وضع الدولة الليبية
U.S Energy Information: Country Analysis Brief: Libya
* مركز موشيه دايان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية، "اقتصادي"، المجلد 5، عدد 4،
20 نيسان/أبريل 2015.
- ترجمته عن الإنكليزية: يولا البطل.