[المخاطر الأمنية التي تتهدد إسرائيل في 2015 تغيرت وتكمن الآن في التنظيمات غير الدولتية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

  • قبل بضعة أيام أردت أن ألخّص الوضع الأمني لدولة إسرائيل في مطلع السنة الجديدة. وعندما بدأت بتحديد المخاطر، انتبهت إلى عدم ظهور أي جيش "حقيقي" في صورة المخاطر الراهنة. بالطبع لا تزال هناك دول في المنطقة لديها جيوش وفي طليعتها مصر، لكن لا يبدو أن إسرائيل في طليعة اهتمامات قادة هذه الدولة ولا سيما انهم لم يستطيعوا حتى الآن السيطرة على مصر نفسها ولم يجدوا بعد حلاً لمشكلاتها.
  • بقية جيوش المنطقة لم تعد ذات أهمية من نواح عدة، فالجيش السوري يستنزف قوته في القتال ضد مواطنيه. صحيح أنه لا يزال يملك وسائل قتالية ليست قليلة، لكن وحداته تضررت، ومعنوياته انخفضت كثيراً، والعديد من قادته يتخوفون على حياتهم في حال انتهت الحرب بانتصار الطرف الثاني.
  • أما بالنسبة للجيش العراقي الذي كان يعتبر من أكبر الجيوش والقادر على تغيير موازين القوى على الجبهة الشرقية ضد إسرائيل، فلم يعد موجوداً. ويعكف الأميركيون اليوم على بنائه من جديد من أجل محاربة داعش.
  • الجيش الأردني الصغير لكن الاحترافي، يوجه نظره شرقاً وشمالاً نحو العراق وسورية اللتين تتفككان، حيث تنمو العناصر الجهادية وسط الفراغ في السلطة هناك، ومن المحتمل أن يكون الأردن هو الهدف التالي بالنسبة إليهم. وحتى داخل الأردن نفسه هناك احتمال كبير لصعود الإسلام الراديكالي، وبالطبع لا ترى المملكة الهاشمية أنه من المناسب أن تُدرِج إسرائيل في قائمة أعدائها. وبالنسبة للجيش اللبناني فقد كان ولا يزال جيشاً صغيراً، وهو يعاني اليوم من هجمات العناصر الإسلامية التي تحاول أن تنقل الحرب من سورية إلى لبنان الصغير، لكن من دون أن تنجح في ذلك حتى الآن.
  • صحيح أن السعودية ودول الخليج تتسلح بأفضل السلاح الغربي ولا سيما الأميركي، لكن ليست إسرائيل ما يهمها، بل إيران الغيمة الرابضة في سماء الخليج، وهي السبب في سباق التسلح فيه. ومن الواضح أنه منذ اللحظة التي يوجد فيها السلاح، فإن في إمكان أي طرف يسيطر على هذه الدولة استخدامه، ويمكن ان يشكل هذا سبباً للقلق في المستقبل، لكن حدوث ذلك يتطلب تغييراً كبيراً ويأخذ وقتاً ليس بالقصير.
  • مما لا شك فيه أننا انتقلنا إلى عالم مختلف عن الوضع الذي اعتدناه حين كانت تنتشر على حدودنا جيوش نظامية كبيرة مع دبابات ومدفعية، ومئات الطائرات ومئات آلاف الجنود.
  • لقد تغير الخطر الحالي الذي يتهدد إسرائيل، وأصبح يكمن في الأساس في التنظيمات غير الدولتية التي تحركها أيديولوجيا إسلامية. ويعتبر حزب الله أقوى هذه التنظيمات، وقد جرى بناؤه من منظور مزدوج بحيث يكون الذراع الطويلة لإيران من أجل ردع إسرائيل، وفي الوقت عينه الطرف الذي من المقّدر له أن يسيطر نظرياً وعملياً على لبنان حيث الطائفة الشيعية هي الأكبر عدداً.
  • يعتبر حزب الله التنظيم غير الدولتي الأكثر شبهاً بالجيوش من ناحية قدراته. فهو يملك نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة تستطيع بضعة آلاف منها تغطية جميع أنحاء إسرائيل. وهذه قوة نار كبيرة وهائلة وهي أكبر على ما يبدو مما تملكه دول أوروبا معاً.
  • كما يملك حزب الله صواريخ بر- بحر طويلة المدى، وصورايخ مضادة للطائرات، وطائرات من دون طيار، وصواريخ حديثة مضادة للدبابات، وهو منظم جيداً ووفقاً لهرمية عسكرية منهجية ولديه منظومة قيادة وسيطرة نوعية. وقد بُني الحزب على يد [خبراء إيرانيين]، لكن زعاماته كانت دائماً لبنانية ومرتبطة بقوة بالطائفة ومنافعها. وقام بتأمين حاجات الشيعة في المجال المدني وجعل من ذلك أساساً لبناء قوته العسكرية.
  • يقوم الحزب اليوم بتقديم المساعدة لنظام الأسد في سورية. وهو ضحى من أجل ذلك بمئات من رجاله، لكنه يكتسب هناك خبرة قتالية مهمة، ويعتبر هذه الحرب دفاعاً عن بقائه، ويقاتل إلى جانب العلويين في سورية لأن استمرار حكمهم ضروري من أجله، وبالنسبة إليه تشكل سورية الساحة الخلفية له والجسر الذي يصله بإيران، فإذا صمد الأسد ستقوى مكانة حزب الله في لبنان وسيزداد نفوذه في دمشق.
  • التنظيم الثاني الذي على إسرائيل أن تأخذه في حسابها اليوم هو "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة حيث تبني بمساعدة إيران وحزب الله قدرة عسكرية لا بأس بها أهمها القدرة على الإنتاج الذاتي للصورايخ والقذائف ذات المدى البعيد، وشبكة أنفاق موجهة نحو دولة إسرائيل.
  • بعد العملية الأخيرة [الجرف الصامد] بقي لدى "حماس" نحو 3500 صاروخ. والسؤال الكبير هو: بأية وتيرة ستستعيد "حماس" القدرة العسكرية التي خسرتها ولا سيما أن الحكم الحالي في مصر يشكل العائق الكبير في نظرها. وتمتاز "حماس" بتسلسل عسكري منتظم، وهي تظهر قدرة مثيرة للإعجاب على التعلم والتطور، وتدرك أن أغلبية المفاجآت التي أعدتها في العملية الأخيرة فشلت، ويجب أن نفترض أنها ستكون مستعدة بصورة أفضل في المستقبل.
  • إلى جانب "حماس" ينشط الجهاد الإسلامي الذي أنشأته إيران وإلى حد كبير هي التي تحركه. وهو عبارة عن تنظيم صغير يملك عدداً من الصواريخ أقل بكثير كماً ونوعاً مما تملكه "حماس"، لكنه ليس تنظيماً عابراً لا أهمية له.
  • وعلى حدود سيناء وفي هضبة الجولان يجب على الجيش الإسرائيلي أن يأخذ في حسابه تصاعد قوة التنظيمات المتطرفة التي ينتمي بعضها إلى القاعدة، وكلها اليوم تقوم بتطوير قدراتها وتعززها. بيد أن هذه التنظيمات تشكل عدواً أقل أهمية على الرغم من كونها قادرة على المبادرة إلى عملية ناجحة يمكن أن تكون مزعجة جداً (مثل عملية اختطاف)، ولكن لا تزال قوة هذا الخصم ضئيلة.
  • إن الضرر الذي يمكن أن يحدثه تنظيم داعش يمكن أن يكون أكبر إذا نجح في التسبب بعدم الهدوء، أو بالتأكيد إذا تسبب في انهيار دولة مجاورة. وحتى الآن لا يبدو أن مثل هذه الأمور ممكن التحقيق. لكن هذا النوع من الأحداث يجب أن نأخذه دوماً في حسابنا ونستعد لمواجهته.
  • في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إذا استمر الوضع الحالي، لا يبدو أن الخطر الأمني سيزاداد بصورة كبيرة، فالتدهور في العلاقات مع السلطة الفلسطينية قد يؤدي إلى توتر على الأرض، وبصورة خاصة تظاهرات وأعمال مخلة بالنظام وربما إرهاب شعبي. لكن يمكن الافتراض أن هذا سيشكل تحدياً يمكن أن تتصدى له قوات الشرطة وليس تهديداً عسكرياً حقيقياً.
  • إن الخطر الأكبر على جوهر وجود إسرائيل يكمن في احتمال أن تنجح إيران السنة المقبلة في التوصل إلى اتفاق يسمح لها بالتقدم في عملية حصولها على القدرة العسكرية النووية. بالتأكيد، هذه العملية لن تكتمل في هذه السنة، لكن اتفاقاً سيئاً مع الدول العظمى يمكن أن يشكل حجراً أساسياً في مسار بدأ منذ زمن طويل.
  • من المحتمل أن يشكل هذا الخطر التحدي الأمني الأساسي لإسرائيل، والاتفاق مع إيران سيجعل من الصعب على إسرائيل مواجهته. نستنتج من ذلك كله أنه يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعداً لحرب برية واسعة النطاق في لبنان، وحرب استنزاف في غزة، وعملية عسكرية ضد إيران، ستكون صعبة ومكلفة.