معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
[تعالج الدراسة، المكونة من خمسة أقسام، والتي ننشر القسم الأول منها أدناه، موضوع التدخل الروسي في الحرب الدائرة في سورية ودلالاته بالنسبة لإسرائيل. وسننشر الأقسام الأربعة المتبقية تباعاً، وهي تتناول:
أولاً: أهداف التدخل الروسي.
ثانياً: الجانب العسكري/ الدبلوماسي/ الدولي.
ثالثاً: الإنجازات والإخفاقات في كفتي الميزان.
رابعاً: علاقات روسيا مع اللاعبين الإقليميين والدوليين.
خامساً: الانعكاسات على مصالح إسرائيل]
- التدخل العسكري المباشر لروسيا في سورية في أواخر العام 2015 ومطلع العام 2016 كان نموذجاً أنه بمستطاع قوة عسكرية أن "تحدث فرقاً"، كما أنه دليل إضافي على حكمة استراتيجية تتجلى في الدمج الصحيح بين قوة عسكرية وخطوات سياسية. لقد أنقذت الحملة العسكرية الروسية في سورية في خريف عام 2015 نظام الأسد من الهزيمة وغيرت ميزان القوى في سورية وأوجدت رافعات لوقف إطلاق النار ولمحادثات دبلوماسية. بيد أن تدخل روسيا في سورية لم يبدأ في الأيام الأخيرة من أيلول/سبتمبر 2015، عندما أعلن رئيس روسيا فلاديمير بوتين تكثيف التواجد العسكري في سورية تلبية لدعوة رئيس سورية، بشار الأسد، روسيا إلى مساعدة "النظام الشرعي" في الدولة. كما أنه لم ينته في آذار/مارس 2016، عندما أعلن بوتين إنتهاء التدخل وسحب قسم من القوات الروسية من سورية. فقد استمر تدخل روسيا في سورية على مدى عقود، منذ بداية عهد حافظ الأسد، مروراً بفترة انهيار الاتحاد السوفياتي وتبدل الحكام في الدولتين. وحافظت روسيا على مكانتها في سورية بفضل صفقات أسلحة وتوسيع القواعد الروسية في سورية وتواجد خبراء عسكريين وممثلي أجهزة مخابرات، وأيضاً بفضل التنازل الروسي عن ديون الدولة السورية المستحقة للاتحاد السوفياتي. فقد وجدت روسيا في سورية الموقع الاستراتيجي الأكثر ثباتاً والأكثر موثوقية، والأخير في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن خسرت حلفائها التقليديين: مصر، وفي وقت لاحق أيضاً العراق وليبيا.
- عاينت روسيا بقيادة بوتين علامات ضعف الولايات المتحدة عالمياً في العقد الأخير، وتصرفت بشكل استباقي فاعل من خلال إدارة مخاطر محسوبة بهدف تعزيز مصالح حيوية بالنسبة لها في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، وبهدف توطيد مكانتها مجدداً كقوة عظمى عالمية. بدأت روسيا تتدخل في الحرب الأهلية في سورية منذ أن اندلعت، وأُدمج مستشارون روس في الوحدات القتالية منذ اللحظة الأولى. والأهم من ذلك، رمت روسيا بكل ثقلها الدبلوماسي في الساحة الدولية من خلال ممارسة حق الفيتو لقطع الطريق أمام إمكانية العمل ضد نظام الأسد، وإدانته في المحافل الدولية. وأبعد من ذلك، كان لروسيا دور مهم في التوصل إلى اتفاق تخلي نظام الأسد عن أسلحته الكيميائية. وسرعت هذه الخطوات تحول روسيا إلى "لاعب فيتو أساسي" في المسألة السورية، بحيث أضحت كل إمكانية حل تتطلب موافقة الروس عليها.
- قبل نحو أسبوع من إعلان روسيا تكثيف تدخلها في سورية في نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2015، كشفت مجلة "جينز [انتيليجنس ريفيو" المختصة بالشؤون الدفاعية] أنه قبل شهرين من الإعلان قامت روسيا بإدخال وحدات خاصة إلى داخل الأراضي السورية،[1] وأدخلت وحدات من أجهزة استخبارات (SVR) للمحافظة على أرصدة استراتيجية روسية في حال إنهيار نظام الأسد، ونقلت جواً وحدات من الاستخبارات العسكرية (GRU) من أجل العمل مع أجهزة الأمن السورية. وفي مطلع شهر أيلول/سبتمبر 2015، اعترفت روسيا بأن مطار اللاذقية وقاعدة ["حميميم" العسكرية] القريبة منه جرى توسيعهما لخدمة قوات عسكرية روسية. وبعد مرور نحو أسبوع هبطت طائرات نقل عملاقة روسية في المطار، كما وصل مئات الجنود من أجل ضمان أمن القاعدة ومن أجل إعدادها لوصول طائرات من طراز Su 30، وSu 25، وSu 24، وأيضاً عدد من مروحيات هجومية من طراز Ka 52. وفي المحادثة الهاتفية التي دارت بين وزيري دفاع الولايات المتحدة وروسيا في 18 أيلول/سبتمبر (قبل الإعلان المذكور بأقل من أسبوعين) وعد الوزير الروسي سيرغي شويغو [نظيره الأميركي] بأن خطوات روسيا هي محض دفاعية - وهذا الكلام بالطبع لم يكن دقيقاً.
- وعلى الرغم من حديث التهدئة الذي دار بين وزيري خارجية البلدين، وفي خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 30/9/2015 أن قوات الجيش الروسية لبّت دعوة النظام الشرعي في الدولة السورية، وأنها ستساعده في حربه ضد "الإرهابيين". وانطلاقاً من تدخل روسيا العميق في الحرب الأهلية، سواء قبل الإعلان الرسمي أو من خلال التدخل الذي أعقبه، يمكن أن نلاحظ أن الروس لا يعتبرون أنفسهم قوة غازية، ويعتبرون، من ناحيتهم، أنهم القوة الخارجية الشرعية الوحيدة المنخرطة في الحرب الدائرة في سورية. ومن منظورهم، جرى تكثيف تواجد القوات العسكرية الروسية عقب دعوة رسمية من الحكم السوري، وبعد موافقة البرلمان الروسي.
أهداف التدخل
- على الرغم من إعلان رئيس روسيا بشكل لا لبس فيه بأن تدخله يستهدف محاربة الإرهاب الإسلامي المتطرف، وبصرف النظر عن التصور الشائع بأن الروس جاؤوا لإنقاذ نظام الأسد، يبدو بحسب خريطة الهجمات الروسية بأن محاربة تنظيم "داعش" كان في أسفل سلم الأولويات، ولا سيما في المراحل الأولى للحملة، وأنه توجد لانخراطهم في القتال أهداف أكثر أهمية من ناحيتهم.
- يبدو أن الهدف الأول والرئيسي لتعزيز التدخل الروسي في سورية هو تموضع روسيا كقوة عظمى عالمية. في نظر بوتين، فقدتضرر مكان روسيا "على طاولة الكبار" في اللعبة الدولية في الغرب عقب تفكك الاتحاد السوفياتي- وهذا ما يعتبر في محيط بوتين أكبر كارثة شهدها القرن العشرين.[2] ومن ناحية القيادة الروسية، يستهدف تدخل روسيا في الساحة الشرق أوسطية أولاً وقبل كل شيء إعادة روسيا إلى مكانتها المستحقة في العالم. وبواسطة التدخل المركز والمصمم في سورية، تظهر روسيا أنها لاعب رئيسي يصعب من دون تدخله حل مشاكل مستعصية في أنحاء العالم. وعلى الغرب الذي عجز عن إيجاد حل لمشكلة متفاقمة على مدى أكثر من خمسة أعوام، أن يأخذ بعين الاعتبار الروس ومواقفهم بقوة أكبر، لا بل أن يشركهم بشكل ملفت في مسارات حل الأزمة.
- والهدف الثاني من التدخل هو استخدام المشكلة السورية كرافعة لحل مشاكل في ساحات أخرى مهمة بالنسبة لروسيا، وعلى رأسها أوروبا بعامة وأوكرانيا بخاصة. ويشكل التدخل الروسي في سورية رافعة للضغط على الغرب توصلا إلى إلغاء "عقوبات أوكرانيا"، والتي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا في أعقاب النشاط الروسي في أوكرانيا. وفي هذا السياق، يجوز الافتراض، من جهة، بأن روسيا منفتحة على تفاهمات مع الغرب تضمن استمرار النفوذ الروسي في أوكرانيا ومنح شرعية لضم شبه جزيرة القرم، ومن جهة أخرى، يساعد الروس في دفع مطالب الغرب قدماً في إطار اتفاق مستقبلي في سورية. ومن بين تفاهمات من هذا القبيل: مساعدة روسية على إقامة إطار حكم في سورية يجمع بين مصالح مجمل اللاعبين المعنيين. ومن شأن هكذا صفقة أن تضمن أمن وسلامة الأقلية العلوية وحصتها في النظام السوري المستقبلي، ولكن في الوقت نفسه يتعين عليها أن تقبل برؤية الغرب والمعارضة السورية القاضية بإبعاد الأسد عن موقع الرئاسة كمفتاح لنجاح محاربة تنظيم "داعش". وقد جلبت روسيا بشار الأسد إلى طاولة المفاوضات ليكون أداة في ترتيب تسوية شاملة ملائمة أكثر للروس.
- وينبع الهدف الثالث من اعتبارات داخلية لبوتين تتعلق بجمهوره في روسيا. أولا، تسمح الحرب بتحويل أنظار الرأي العام عن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية القاسية التي تنهال على روسيا (ركود اقتصادي في أعقاب انخفاض أسعار النفط والعقوبات الدولية، توترات بين مواطنين روس ومواطنين من أقليات إثنية، توتر بين الطبقة الوسطى وبين الطبقة ذات الدخل المنخفض وسكان الريف الروسي). فعندما يذهب الجيش إلى القتال تستيقظ لدى الجمهور مشاعر وطنية تساعد في تعزيز الكبرياء القومي. وفي هذا السياق يظهر استقصاء نشر في مطلع نيسان/أبريل 2016 استطلع مواقف المواطنين في روسيا حيال تدخل بلادهم في الحرب الدائرة في سورية، أن 58% من المستطلَعين يؤمنون بأن عمليات سلاح الجو الروسي تستهدف الدفاع عن روسيا في مواجهة الإرهاب الإسلامي.[3] ويعتقد 27% من المستطلعين بأن التدخل الروسي منع وقوع "ثورات متعددة الأنواع" [عصيانات مدنية في دول شيوعية سابقة] على النسق الأوكراني من صنع الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن 69% من المستطلعين يعتقدون بأن سلاح الجو الروسي قد حقق أهدافه، وإلى أن 81% من المستطلعين أيدوا إعلان الانسحاب الجزئي الروسي من سورية.[4]ويبدو أن النجاح في كل ما يتعلق بالمجال الروسي الداخلي لا لبس فيه.
- والهدف الرابع الذي يفسر التدخل الروسي هو إنقاذ نظام صديق كان على وشك السقوط، من خلال عملية مركبة عسكرية ودبلوماسية. فللروس والسوريين تاريخ مشترك طويل، ولروسيا مصالح استراتيجية في سورية: مرافئ على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، ونفوذ في العالم العربي، وسوق لتوريد أسلحة، وقرب جغرافي من حدود دول مهمة أخرى في منطقة الشرق الأوسط: تركيا، العراق وإسرائيل. ويبدو أن استراتيجيا إنقاذ نظام الأسد ركزّت على إلحاق الأذى الشديد بالمعارضة المعتدلة نسبياً، من أجل أن تبقى للمجتمع الدولي الاختيار غير السار بين نظام الأسد وتنظيم "داعش".
- الهدف الخامس هو إظهار أن روسيا حليفة موثوقة ووفية. والعملية في سورية كانت رسالة واضحة لحلفاء آخرين لروسيا، ولسائر دول العالم، فحواها أنه على عكس الأميركيين وطريقة تعاملهم مع مبارك في مصر، ومع السعوديين والتوانسة، والأتراك والإسرائيليين، الروس يساندون حلفاءهم ويدعمونهم.
الهدف السادس هو محاربة الجماعات الجهادية السنية المتشددة. فروسيا التي اختبرت معارك ضد الإرهاب الإسلامي في الماضي القريب، تخشى من أن يتطور انعدام حل لمشكلة محلية في منطقة الشرق الأوسط إلى موجة إرهاب إضافية تضرب داخل روسيا نفسها. وبناء عليه، من ناحية روسيا، إن تدخلاً منخفض التكاليف نسبياً على أرض أجنبية يمنع تطور بيئة حاضنة للإرهاب الإسلامي إلى مشكلة دامية داخل روسيا. وتجدر الإشارة إلى أن اللغة الروسية هي اللغة الثالثة المحكية في "دول الخلافة" التابعة لتنظيم "داعش"، ويشكل عناصر روسية جزءاً غير متناسب [مع عددهم] من القيادة العليا لداعش.[5]
- شارك في الحملة الروسية في سورية آلاف الجنود الروس، بعضهم مقاتلون وغالبيتهم من وحدات الخدمات [اللوجستية] والصيانة، الذين رابطوا أساساً في القاعدة البحرية في ميناء طرطوس وفي قاعدة سلاح الجو في "حميميم" في شمال سورية.[6] ومن ناحية العتاد الحربي، شارك في الحملة عشرات الطائرات الحربية [مقاتلات هجومية وقاذفات من أنواع مختلفة] و(من بينها طائرات Tu 160، وTu 95، وTu 22، وSu 35، وSu 30، وSu 25، وSu 24)، ومروحيات (من طراز Mi 35، وMi 28، وKa 52)، وطائرات بلا طيار. وضمت قوات الأسطول الروسية المشاركة في الحملة سفنا حربية من أحجام مختلفة (فرقاطات، وسفن كورفيت [متعددة المهام ومزودة بصواريخ مجنحة]، وزوارق سريعة للدوريات، وحتى غواصات). أما معدات التجسس التي استخدمت في الحملة فقد ضمت قوات بحرية (سفينة من فئة "المريديان" لجمع معلومات استخبارات الإشارات (SIGINT) واستخبارات الاتصالات (COMINT)، وقوات جوية (طائرات من طراز Tu-214R، وIl-20M1) ومعدات أرضية (أنظمة رادار متطورة، وأنظمة حرب إلكترونية منتشرة وقوات خاصة). كما جرى استخدام قذائف صاروخية، وصواريخ، وصواريخ مجنحة حديثة من طراز "كاليبر" (Kaliber). وعلاوة على ذلك شملت القوة الروسية نصب منظومات دفاع جوي متطورة (منظومة صاروخية من طراز S-300 تطلق من منصات بحرية، والمنظومة المتطورة للغاية S-400).
- وبلغت كلفة الحملة العسكرية حتى ربيع عام 2016 ما يتراوح بين 500 و600 مليون دولار.[7] وفي ذروة العملية الروسية نفذت الطائرات الحربية الروسية عشرات الغارات الجوية في اليوم. وبلغ مجموع الطلعات الجوية أكثر من 9000 طلعة. وأسفرت عن الإنجازات التالية: تقليص ملحوظ في مساحة المناطق التي يسيطر عليها المسلحون وضربات جسيمة للبنى التحتية ولمنشآت صناعة الطاقة (تضررت مداخيل المسلحين من النفط ومشتقاته). وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان(SOHR)، في غضون الحملة، من شهر أيلول/سبتمبر [2015] وحتى إعلان الانسحاب في أيار/مايو [2016]، أسفرت الغارات الروسية عن سقوط نحو 4500 قتيل، من بينهم أكثر من 1700 من المدنيين ونحو 200 من الأطفال. وفي هذا السياق، في معرض الإعلان عن تقليص الوجود العسكري الروسي، أشار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى أن القوات الروسية "قتلت أكثر من 2000 مسلح من أصل روسي، ومن بينهم 17 قائد ميداني.[8]
- وعلى صعيد الخسائر البشرية التي تكبدتها القوات الروسية: لم يفد الجانب الروسي بشكل منتظم عن سقوط قتلى، لكن هناك معلومات تفيد عن سقوط 12 قتيلاً في صفوف الجيش الروسي. والقتيل العملاني الأبرز كان قائد الطائرة [سوخوي - 24] التي أسقطها الجيش التركي (قتل على أيدي مسلحين في شمال سورية بعد أن قفز من الطائرة). بالإضافة إلى ذلك، أفيد عن سقوط قتيلين روسيين كانا يقاتلان كمرتزقة، ولعلهما عنصران في إحدى الوحدات الروسية السرية التي تقاتل في سورية منذ بعض الوقت. وقتل طياران روسيان إضافيان في تحطم مروحية هجومية بسبب عطل فني في 11 نيسان/أبريل 2016.[9] ووقعت الخسائر البشرية الأخيرة للجيش الروسي في محيط مدينة تدمر في 9 تموز/يوليو، عندما أسقطت مروحية من طراز Mi 25 على أيدي قوات المتمردين، مما أسفر عن مقتل طيارين كانا على متنها.[10]
- بالمقارنة مع معارك جوية حديثة شهدها العقد الأخير (قطاع غزة، اليمن، الحملة العسكرية التي يخوضها الغرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" - داعش)، يستطيع الروس أن يقولوا إن المعركة الجوية تكللت بالنجاح. والجدير بالذكر أن معركة جوية يمكن أن تغير مجرى الحرب، لكن من أجل تحقيق كامل أهداف الحملة الجوية مطلوب تآزر وتعاون فعال مع قوة برية على الأرض. وقد ترافق القتال الجوي الروسي مع هجمات برية منسقة مع قوات موالية للنظام السوري، وقوات إيرانية، وميليشيات شيعية وقوات حزب الله. كما أن الحملة الجوية بحد ذاتها تستوجب وجود ظروف مسبقة تسمح بنجاحها بفعالية. وقد أدرك الروس أهمية الكتلة الحرجة (critical mass) من الهجمات، وضرورة الاعتماد على استخبارات نوعية، وسمحوا لأنفسهم بالعمل وفقا لقواعد استخدام قوة نارية متحررة من اعتبارات تفادي إصابة الأشخاص غير المشاركين في القتال. وقصارى القول، الحملة الجوية المدعومة بقوات برية غيرت اتجاه الحرب وأفضت إلى وقف إطلاق نار وإلى إطلاق مسار سياسي بشروط لم تقبل بها المعارضة السورية قبل الحملة الجوية. وينبغي لفت الانتباه إلى أن الروس أوجدوا غلافاً دفاعياً فعالاً واقياً من هجمات برية ضد منشآتهم الرئيسية: قاعدة الأسطول البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية في اللاذقية. ونفت روسيا أنباء حول إصابة طائرات تابعة لها في قاعدة "التياس" في محافظة حمص.[11] إن ضآلة الخسائر البشرية الروسية وحقيقة أنه لم يقع أي طيار روسي حيّاً في قبضة المسلحين سمحا للروس بالمحافظة على التأييد الشعبي للحملة في الداخل الروسي أيضاً. والثمن الذي دفعه الروس، المتمثل بتحطم طائرة ركاب مدنية فوق شبه جزيرة سيناء [في تشرين الأول/أكتوبر 2015] لم يربط مباشرة بالحرب في سورية، ونجح القادة الروس في تقديمه لشعبهم كمبرر لتدخلهم العسكري وليس كثمن له.
- بعد أكثر من ستة أشهر على الحملة العسكرية الروسية، يجدر التوقف عند ما حققه التدخل الروسي. أولا، الخطوة الهجومية التي أقدمت عليها روسيا جعلتها بكل وضوح عنصراً قيادياً في كل ما يتعلق بمستقبل سورية. فروسيا هي التي تملي التطورات في الحلبة، سواء العسكرية أو السياسية. وعلى الساحة الدولية عاد الروس إلى صدارة المسرح الدولي، بل وحتى أنهم قدموا أنفسهم كقوة مؤثرة في الساحة الدولية بمستطاعها أن تسهم في حل نزاعات كبيرة في العالم. وقد قال بوتين (في 7 نيسان/أبريل 2016) إن جهود روسيا في محاربة الإرهاب العالمي ساعدتها على تحسين علاقاتها مع القوى الكبرى في العالم.[12]
- ثانياً، إن شكل النشاط الروسي، الذي يدمج بين خطوات عسكرية وخطوات دبلوماسية، أثبت استخداماً صحيحاً لقوة عسكرية كأداة فعالة لتحريك منظومات معقدة "عالقة".
- ثالثاً، أنقذ الروس النظام العلوي من خسارة الحكم في سورية. وبذا يبعث الروس برسالة إلى حلفائهم (الحاليين والمحتملين) مفادها أنهم حلفاء جديرون بالثقة وسينقذونهم في وقت الشدة. ومع ذلك، في الوقت الذي تنم رسالتهم عن استعداد للتنازل عن هوية الحاكم، لكن ليس عن هوية النظام، يرسلون إشارة إلى لاعبين آخرين بأنهم مستعدون لتقديم تنازل، في مقابل استعداد غربي لتقديم تنازلات في مواضيع أخرى.
- وبإعلانهم عن "انسحاب"، خفف الروس من تطلعات الأسد، الذي حقق عدداً من الانتصارات الملفتة على الأرض بدعم روسي وشيعي فتصلبت مواقفه خلال المفاوضات في مواجهة المعارضة السورية. ومع ذلك، يوضح الروس من خلال إبقائهم الجيش الروسي في سورية أنهم يمتلكون قوة رادعة في مواجهة تصعيد مستقبلي لقوات المتمردين. ويشكل الروس قوة تدفع باتجاه تسوية مبنية على توازن القوى وعلى الإقرار بأن أي طرف ليس قوياً بما فيه الكفاية ليحرز الانتصار على الطرف الآخر في ساحة القتال.
- على الصعيد العسكري، أثبت الروس أن جيشهم خضع لتحديث كبير، وأنه يمتلك قدرات عملانية وتكنولوجية جيدة جداً. الوسائل القتالية ومنظومات الأسلحة التي استخدمها الجيش الروسي كانت الأحدث، واجتازت معمودية بالنار واُتيح اختبارها في ظروف معارك حقيقية. واستخدام مجموعة واسعة من منظومات أسلحة روسية هو بمثابة ترويج لمبيعات الصناعات العسكرية الروسية التي توظف ملايين العمال، والتي يمكنها في المستقبل أن تكون مصدراً واسعاً لإيرادات بالعملة الصعبة في صفقات أسلحة مستقبلية. كما اكتسب الجيش الروسي خبرة قتالية مهمة. وأخيراً، عززت روسيا مكانتها كدولة عظمى واكتسبت تقديراً لقوتها العسكرية بعد سنوات من التآكل، وذلك في أوقات يتصاعد فيها التوتر بين روسيا وبين دول مجاورة لها في الاتحاد الأوروبي، وفي مواجهة حلف الناتو.
- وفي مقابل الإنجازات الكثيرة، يمكن تعداد بضع مجالات لم يحقق فيها الروس أهدافهم الاستراتيجية. أولا وقبل كل شيء، لم تفض العملية الروسية في سورية إلى حسم أو استقرار، بالنظر إلى استمرار القتال في المدى القصير. فوقف إطلاق النار جزئي فقط، والقتال متواصل ويحصد مزيداً من الضحايا (مئات من المدنيين القتلى منذ وقف إطلاق النار). وهناك عراقيل أمام نقل المساعدات الإنسانية إلى مئات آلاف السوريين المحتاجين لها، والمساعدات التي تنجح في العبور تنهب في الأغلب من قبل قوات الجيش السوري. وعلى المستوى الاستراتيجي، معظم إنجازات روسيا في الحرب الأهلية في سورية هي شعورية [تتصل بوعي الناس] وهي قصيرة المدى. وللقتال الروسي مساهمة حاسمة في تدمير الدولة السورية وبناها التحتية. ولا يمكن أن نبالغ في تقدير حجم المجهود والموارد المطلوبة لإعادة إعمار سورية عندما تضع الحرب أوزارها. كما أن روسيا ساهمت بشكل كبير في تدفق اللاجئين والنازحين السوريين- وهم طاقة بشرية مهمة وضرورية لإعادة إعمار سورية في أي مشروع حل مستقبلي.
هل أنجزت المهمة؟
- وإذن، بعد أن غيروا مجرى المعركة في سورية، استعاد الروس مكانة قوة كبرى عالمية، وأوضحوا أن أهميتهم في منطقة الشرق الأوسط لا تقل شأناً عن أهمية الولايات المتحدة، واختبروا منظوماتهم القتالية الجديدة – وفجأة أعلن الروس في منتصف آذار/مارس 2016 أنهم يسحبون قواتهم من سورية بشكل جزئي وفوري (فجأة مثلما فعلوا عندما أعلنوا تكثيف تدخلهم في سورية، قبل ستة أشهر). لقد قرر بوتين أنه حقق أكبر قدر ممكن من الإنجازات، معتبراً أنه إذا استمرت الحملة بكامل طاقتها فإن المخاطر والتكاليف قد تلغي تلك الإنجازات. وبعد الإعلان عن سحب القوات الروسية من سورية في منتصف آذار/مارس، يتبين أن الأمر يتعلق بتناوب بين القوات وبملاءمتها لطابع القتال المتغير، أكثر مما يتعلق بإنتهاء النشاط الروسي في البلاد. فالطائرات التي عاد ثلثها إلى أرض روسيا واستقبلت بحفاوة رسمية،[13] حلت محلها مروحيات هجومية ملائمة أكثر لدعم تقدم وحدات قتالية برية (مروحيات من طراز Mi 35، وMi 28، وKa 52)، بل إن هذه المروحيات نقلت إلى قواعد أقرب إلى خط القتال بهدف زيادة قدرتها على القتال لأطول مدة ممكنة، وبهدف تقصير زمن وصول الإسناد الجوي لقوات برية.[14] وبالإضافة إلى ذلك، تساند قوات روسية برّية الجيش السوري والتحالف الذي يقاتل إلى جانبه. فقد ساعدت قوات روسية في إعادة احتلال مدينة تدمر،[15] والتقطت صور تظهر قوات روسية من سلاح الهندسة "تنظف" المنطقة من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعت في المكان من قبل قوات "داعش" قبل انسحابها.[16]
- وتفيد التقارير الروسية بأن قوات مؤلفة من كتيبتين (نحو 800 مقاتل) ستبقى على أرض سورية في كافة الأحوال من أجل حماية القواعد الروسية، وأيضاً ستبقى منظومة الدفاع الجوي الصاروخية المتطورة S-400 في الأراضي السورية.[17] وعلاوة على ذلك، أفيد بأن سفن الأسطول الروسي، التي اجتازت مضيق البوسفور ذهاباً وإياباً بين روسيا وسورية، كانت حمولتها وهي مبحرة إلى سورية أكبر من حمولتها وهي عائدة إلى موانئ روسيا.[18] وتصريحات القادة الروس تعزز هذه النقطة بشأن مستقبل قواتهم في سورية، سواء بالنسبة لقوات الحماية أو لقوات الهجوم، وحتى بالنسبة لمدة بقائها. وفي هذا الإطار، قال سيرغي إيفانوف (قائد الجيش) في آذار/مارس إن روسيا ستحرص على حماية أمن وسلامة الجنود الباقين في سورية. وتوسع في هذا الموضوع نائب وزير الدفاع الروسي نيقولاي بانكوف فأشار إلى أن القوات الروسية ستواصل هجماتها ضد مواقع الإرهابيين. وقال رئيس حكومة روسيا، دميتري ميدفيديف، في آذار/مارس، في مقابلة مع مجلة "تايم" [الأميركية] إن روسيا لا تنوي إيقاف حملتها العسكرية قبل أن يتمكن حلفاؤها في دمشق من ضمان سلام بـ"شروط مرضية".
- إن بقاء قسم من القوة الروسية في سورية يضمن استمرار تأثيرها على ما يحدث هناك، ويحول دون تغيير مجرى الحرب مجدداً. إن خطوة إنهاء القتال لم تصطدم بنقد داخلي في روسيا، لا سيما وأنه مثلما سبق ذكره 81% من المواطنين الذين شملهم استطلاع الرأي في الربيع يؤيدون انسحاباً روسياً جزئياً من سورية. إن سحباً جزئياً للقوات هو رسالة واضحة إلى الأسد مفادها أن روسيا لن تبقى في سورية لفترة طويلة بالشكل الحالي، ولا تعتزم أن تحارب أعداء الحاكم العلوي بدلاً عنه لأجل غير مسمى، وأيضاً ليس إلى أن يحقق انتصاراً مطلقاً في ساحة القتال. هذا بيان واضح بشأن حدود التدخل الروسي وكذلك بشأن أهداف الحملة، والغاية منه تليين موقف هذا الحاكم قبيل المحادثات مع المتمردين، و "تشجيعه" على التوصل إلى تسوية متفق عليها بالنسبة لمستقبل سورية.
روسيا والعالم السني
- يبدو للوهلة الأولى أن الحلف الروسي مع إيران وحزب الله، والمساعدة الروسية المرتبطة بالأسد، اللذين أفضيا إلى تعزيز المحور الشيعي، كان من المفترض أن يلحقا الضرر بعلاقات روسيا مع العالم العربي- السني. بيد أن روسيا أحسنت المناورة تجاه عدد كبير من الدول السنية وعلى رأسها العربية السعودية، ومصر وتركيا. وتستخدم روسيا في مواجهة القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، مجموعة كبيرة من الوسائل، الإيجابية والسلبية، الموجودة بتصرفها في سياستها الخارجية. بالنسبة للعربية السعودية، فإنه على الرغم من أن الدولتين هما على طرفي نقيض في موضوع مستقبل الأسد والعلاقات مع إيران، توجد لهما مصالح متشابهة، وهي تشمل مسائل الطاقة وتصدير منظومات أسلحة [روسية للسعودية] ورغبة السعوديين في كسب دعم قوة عظمى إضافية لهم. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى زيارات وزير الدفاع السعودي المتكررة إلى روسيا والعلاقة الوثيقة التي تربطه بالقيادة الروسية، وسعي الدولتين لبلورة اتفاق طاقة يلزم أطراف متعددة بعدم زيادة معروض الخام، فضلاً عن إمكانية تعاون مستقبلي بين روسيا والعربية السعودية في مجال استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. وفي السياق المصري، تجدر الإشارة إلى أن إطار تحسين العلاقات بين روسيا ومصر يشمل صفقة [بناء محطة] نووية لتوليد الطاقة لأغراض مدنية وأيضاً صفقات أسلحة كبيرة.
- وفي مقابل محاولة تحسين العلاقات مع العربية السعودية من خلال خطوات إيجابية، هناك دولة بارزة أخرى في العالم السني، هي تركيا التي وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا. وسبب الأزمة التي فاقمت منحى التباعد بينهما كان إسقاط طائرة سوخوي Su 24 الروسية في منطقة الحدود الشمالية - الغربية لسورية مع تركيا. واعتبر الأمر من قبل الروس استفزازاً متعمداً من قيادة تركيا، مما أثار رداً سريعاً وشاملاً من روسيا. وعقب إسقاط الطائرة الحربية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 صعدت روسيا خطواتها العقابية ضد تركيا، ولا سيما في المجال الاقتصادي. وتقدر الكلفة التي تحملتها تركيا جرّاء الخطوات الروسية حتى الآن بأكثر من 10 مليار دولار في مجالات الزراعة والسياحة والطاقة. وعقب إسقاط الطائرة بدأ وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يطرح باستمرار في مقابلاته وتصريحاته مواضيع تصوّر تركيا بشكل سلبي مثل دخول الجيش التركي إلى داخل الأرض السورية، وغارات تركية ضد مناطق مدنية ما وراء الحدود، وبناء مناطق أمنية عازلة جنوبي تركيا، وتسلل مسلحين عبر حدود سورية الشمالية.
- وقد ساعد إسقاط الطائرة الروسية فوق جنوب تركيا الروس على تعزيز صلاتهم بجماعات كردية في سورية. ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2015 دعمت روسيا القوات الكردية بهدف دفع أهدافها قدماً وكوسيلة لمناكفة تركيا، وأيضا لإضعاف تأثير تركيا في تشكيل تسوية مستقبلية في سورية. وفي هذا الإطار أشار وزير الخارجية الروسي أكثر من مرة إلى أن إشراك الأكراد في المفاوضات حول مستقبل سورية ضروري لضمان مستقبل مستقر في الدولة، وألح في الأمم المتحدة على رفض الخضوع لـ"إملاءات خارجية" (تركية) في ما يخص إشراك ممثلي الأكراد في المحادثات. وشدد دميتري بيسكوف، الناطق بلسان الكرملين، على هذه النقطة بقوله: "باعتقادنا يجب أن تكون المحادثات شاملة للجميع [inclusive]، أي أنه يجب على جميع أطراف النزاع أن تكون ممثلة فيها، ومن ضمنهم الأكراد، وذلك لكي يحدد جميع السوريين مستقبلهم ومصير حكومتهم. وينبغي أن يكون الجميع شركاء في القرارات".[19]
- ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الضغط الروسي المركّز على تركيا فعل فعله على ما يبدو. فقد أرسل الرئيس التركي أردوغان، في إطار سياسة قائمة على حل النزاعات مع دول قائدة في المنطقة (روسيا، إسرائيل، ومصر)، رسالة اعتذار عن حادثة إسقاط الطائرة، وقدم الروس دعوة رسمية إلى وزير الخارجية التركي للمشاركة في اجتماعات منظمة BSCO في "سوتشي"- وقبلت الدعوة بترحاب. وبعد بضعة أيام، تحادث زعيما البلدين هاتفياً.[20]
- وفي الختام، من خلال استخدام مجموعة أدوات إيجابية (سواء أدوات صلبة مثل صفقات أسلحة أو أدوات ناعمة مثل تعزيز العلاقات الدبلوماسية) وأدوات سلبية (مثل الضغط الاقتصادي والدبلوماسي)، قرّبت روسيا دول منطقة الشرق الأوسط من ترتيب علاقات ثنائية الأطراف قريبة من المواقف المفضلة لديها. وهكذا، يتبين أن روسيا تخطو على مسار يؤدي إلى تطور إيجابي مع مجمل الدول الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وهي تخفض إلى أدنى حد ضرر الانطباع السائد عن كونها حليفة الإيرانيين ونظام الأسد.
روسيا في مواجهة الولايات المتحدة والغرب
- من المهم تفحص السلوك الروسي تجاه الولايات المتحدة وتطور العلاقات البينية بين القوى الكبرى في السياق السوري. إذا كانت روسيا قد قوبلت في بداية التدخل بإدانة حادة من الولايات المتحدة وأوروبا، وتنبأ الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ"غرق الروس في الوحل السوري"، فما حدث لاحقاً بعد النجاح التكتيكي لروسيا وإدراك أن الروس يحققون أهدافهم على الأقل في المدى القصير، هو أن الأميركيين انتقلوا إلى محاولة استخدام النجاح الروسي كرافعة لدفع أهدافهم في مواجهة تنظيم "داعش" ولتحقيق تسوية تضع حداً للحرب الأهلية والمأساة الإنسانية في سورية. وقد جرى التوصل إلى تنسيق بري وجوي فعال وبدأت محادثات على مستوى وزراء الخارجية يستشف منها أن الحل المقترح لوقف الحرب الأهلية في سورية من قبل الأطراف المعنية ليس بعيداً جداً.
- مع ذلك، يبدو أن الفجوة بين القوى الكبرى لا تزال كبيرة. فالولايات المتحدة أبقت العقوبات المفروضة ضد روسيا في موضوع أوكرانيا على حالها، حتى بعد التقارب بين الدولتين في الشأن السوري (من المتوقع أن تمدد أوروبا مفعول عقوباتها [الأوكرانية] قريباً). وآلية الحوار الثنائي لا تعطي نتائج على الأرض. وعلى الرغم من ذلك، تحاول روسيا إظهار أنها طرف يبحث عن مخرج دبلوماسي ويسعى جاهدا للعمل من خلال تفاهمات مع الولايات المتحدة. وتقوم وسائل الإعلام الروسية بشكل متواصل بنشر تقارير حول تواصل وزير الخارجية لافروف مع نظيره الأميركي باستمرار، بل ويعلنون عن مبادرات للتعاون على الأرض بين قواتهم والقوات الأميركية.[21]
من هنا، إلى أين؟
- إن تعقيدات المواجهة في سورية تتجلى في حقيقة أنه تجري في سورية في آن معاً مسارات موازية ومعقدة، مع تأثير متداخل وإشكالي: فمن جهة، هناك وقف إطلاق نار، ومن جهة أخرى، يتواصل القتال ضد "داعش" و"جبهة النصرة"، وفي موازاة ذلك، هناك مسار مفاوضات سياسي متعدد الأطراف يهدف إلى التوصل لتسوية سياسية ولكنه يجري ببطء شديد ومن دون حد أدنى من الثقة. ولمزيد من التعقيد، يتواصل نضال الأكراد في سبيل حكم ذاتي، وإيران وتركيا والعربية السعودية متورطة في النزاع بتدخل مباشر أو بصورة غير مباشرة، وكذلك القوى الكبرى العالمية.
- هناك ضرورة لدرس وتقدير إلى أين ستؤول إليه الأحداث في سورية، مع الإشارة إلى صعوبات التوصل إلى نهاية الحرب الأهلية وإلى تسوية تسمح بإعادة إعمار الدولة.
- وتكمن الإشكالية الرئيسية في تزامن وقف إطلاق نار مع استمرار الحرب ضد "داعش" و"جبهة النصرة". وحقيقة أن خطوط التماس بين مناطق يسري فيها وقف إطلاق نار وبين مناطق الحرب فيها مستمرة، غير واضحة المعالم تسمح للنظام والإيرانيين والروس بمواصلة القتال الذي يسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى من المدنيين ومن قوات المعارضة المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار.[22]
- وتعاني محادثات السلام في جنيف من مشكلتين رئيسيتين: لقد تعزز أمن النظام عقب إنجازات الحملة بقيادة روسيا، وفي المقابل، تبدو مطالبة المعارضة بتنحي الأسد عن الحكم غير قابلة للتطبيق. واستمرار ضربات النظام ضد جهات المعارضة المشمولة بوقف إطلاق النار يشكل هو أيضاً عقبة كبيرة لأي تقدم في المحادثات. وعلاوة على ذلك، هناك، من جملة مواضيع خلافية تباينات أساسية في الرأي حول مسألة من يشارك في النقاشات حول مستقبل الأسد ونظام البعث. وفي حين تتفق جميع الدول على أن تنظيم "داعش" ليس جديراً بأن يكون طرفاً مشاركاً في المحادثات، بقيت مشاركة جهات معارضة أخرى موضع خلاف. وأحد الأمثلة على ذلك هو إشراك الأكراد السوريين في المحادثات. وبينما تدعم الولايات المتحدة وروسيا القوات الكردية التي تقاتل "داعش" وتضغطان لإشراكها في محادثات السلام، لا تريد تركيا، التي لديها تاريخ معقد وعنيف مع الأقلية الكردية على أرضها وحتى مع الأكراد في سورية والعراق، رؤية الأكراد طرفاً شرعياً يأخذ حصة في تشكيل مستقبل سورية.
- وهناك نقطة خلافية أخرى هي البنية الجغرافية وبنية الحكم في سورية بعد إنتهاء الحرب. وبينما تكلم الروس في شباط/فبراير 2016 بلهجة حادة ضد تقسيم سورية، وأيدوا إبقاء سورية موحدة في حدودها الحالية كشرط لأي حل مستقبلي ولم يقبلوا حتى بالرد علنا على موضوع طبيعة التسوية المستقبلية، تبين لاحقاً أنهم يميلون لقبول مخطط فدرالي كحل مستقبلي. ومع ذلك، يقول المسؤولون الكبار الروس مراراً وتكراراً إن روسيا تؤيد أي اتفاق تتوصل إليه أطراف النزاع في سورية. وهكذا يمهدون الأرض لحل يحفظ بقاء نظام ملائم لهم، مع ترك إمكانية تنحي الأسد عن سدة الحكم كتنازل أمام مطالب الأميركيين.
- وحتى لو بدا أن جميع القوى معنية بوقف إطلاق نار وبدفع عملية سياسية لردم الفجوات فيما بينها، فإن استمرار هجمات النظام وحلفائه ضد قوى المعارضة المعتدلة سيؤدي في نهاية المطاف، كما يبدو، إلى انهيار وقف إطلاق النار فضلاً عن انهيار محادثات جنيف. وفي هذا الإطار أعلن مندوب المعارضة المعتدلة، محمد علوش،[23] عن استقالته من المحادثات احتجاجاً على فشلها، بحسب قوله.[24]
- وفيما يتعلق ب "داعش"، القتال ضد التنظيم مستمر بمشاركة جميع القوى. وفي حين قلصت روسيا وجودها الجوي، نشرت الولايات المتحدة في المنطقة قاذفات ثقيلة من نوع B-52.[25] وكثفت وجود عناصر القوات الخاصة المرابطة في المنطقة، وذلك بموازاة استمرار الضربات الجوية وتمكن الجيش السوري وحلفاؤه من استعادة السيطرة على مناطق كانت في قبضة المسلحين.
- وعلاوة على ذلك، يجد تنظيم "داعش" نفسه في مواجهة صعوبات متزايدة في عدد من المجالات - العسكرية والسلطوية والاقتصادية- وكلها تضغط على التنظيم. وقد أوقفت هذه الصعوبات اندفاعته، بل وحتى أرجعته إلى الوراء. ومع ذلك، وعلى الرغم من بيانات القوات التي تقاتله، يدرك تنظيم "الدولة الإسلامية" أن الغرب وحتى روسيا غير مستعدين لإرسال قوات برية لمحاربته، وأيضاً الأنظمة السنية القائدة مثل تركيا والعربية السعودية ليست على عجلة لإرسال قوات برية لتحرير "عاصمته" الرقة. ويسعى "داعش" لمواجهة الإخفاقات في سورية والعراق عن طريق تنفيذ عمليات إرهابية استعراضية في أوروبا ونقل جزء ملحوظ من نشاطه إلى ليبيا. وقول الرئيس أوباما إن تنظيم "داعش" لن يهزم في الأشهر التسعة المتبقية لولايته في البيت الأبيض،[26] وإصراره على موقفه من أنه لن يرسل جنوداً أميركيين إلى سورية، يسمحان للتنظيم بالتقاط أنفاسه.
- ويبقى مستقبل نظام الأسد مسألة مركزية في الدوائر الثلاث: الداخلية -السورية، والشرق أوسطية التي تضم إيران وحزب الله في مواجهة السعودية وتركيا، ودائرة التباين بين القوتين الكبيرتين روسيا والولايات المتحدة.
- وفقط إذا قررت روسيا أن الوقت قد حان لتنحي الأسد عن السلطة (لصالح تسوية مع المعارضة أو الحصول على مقابل من الغرب في أوكرانيا)، مع الحرص على ضمان حماية العلويين ومؤسسات الدولة، وفقط إذا تمكنت من الحصول على موافقة الإيرانيين على هذه التسوية، سيكون هناك فرصة ما لإنهاء الحرب الأهلية في سورية. وفي هذه الحال، ستبقى هناك مسألتان رئيسيتان: محاربة "داعش" والمسألة الكردية. وحقيقة أن هناك مصالح متشابهة بين الولايات المتحدة وروسيا في المسألتين تعطي أملاً، إذا وجد حل لمشكلة تنحي الأسد، بأن السير على طريق الحل سيكون أسهل.
- طوال فترة الحرب الأهلية في سورية، حاولت إسرائيل أن تنأى بنفسها بقدر الإمكان عن الحرب. وامتنعت إسرائيل الرسمية عن دعم أي طرف في النزاع، وحتى لم تعبر علناً عن رأيها بالنسبة للحل المفضل لديها. واقتصرت سياسة إسرائيل في الميدان على الرد على مصادر النار من سورية، وعلى تقديم مساعدة إنسانية، ومنع تعزيز قدرات حزب الله بسلاح نوعي متطور.
- ومع تعاظم التدخل الروسي وتحوله إلى نشاط مباشر لقوات جوية، تصرفت إسرائيل بحذر شديد وحرصت على عدم الاشتباك مع الطائرات الحربية الروسية، وأخذت بالحسبان المظلة النارية لأنظمة الدفاع الجوي المتطورة التابعة للروس. وأرسى رئيس الحكومة نتنياهو لدى زيارته روسيا - برفقة رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلي - أساساً لآلية تنسيق تكتيكي لتجنب الاشتباك (deconfliction)، ولتوضيح الخطوط الحمراء للدولتين، وربما أيضاً لبدء تفاهمات استراتيجية حول مستقبل سورية. والروس، من جانبهم، يقولون علنا إن لديهم فهماً عميقاً للمصالح الإسرائيلية في سورية، وإن خطوات مستقبلية لروسيا في سورية لن تضر بأمن إسرائيل.
- حمل تدخل روسيا في الحرب الدائرة في سورية عددا من الجوانب الإيجابية لإسرائيل. أولاً، مساهمته في استقرار الوضع في سورية وفي إمكانية تسوية مستقبلية في البلاد. وإسرائيل، التي تنتهج سياسة حذرة، تفضل المحافظة على استقرار وعلى "عنوان واضح" على حدودها. وتستطيع روسيا أن تتوسط بين إسرائيل وبين المعسكر الشيعي عند اللزوم، وحتى أن تشكل عامل ضغط على هذا المعسكر، إذا عرفت إسرائيل كيف توضّح للروس فوائد لجمه. ثانياً، التنسيق مع روسيا أظهر مكانة إسرائيل كجهة موثوقة ومستقرة في المنطقة. ثالثاً، تفاهمات تكتيكية مع روسيا هي منطلق ممتاز لإقامة منظومة علاقات على المستوى الاستراتيجي بين الدولتين. وأخيراً، يبدو أيضاً أن دخول روسيا والدعم الذي تقدمه للمعسكر الشيعي يساهمان بطريقة غير مباشرة في تعزيز التعاون بين إسرائيل وبين دول سنية في المنطقة، وعلى رأسها العربية السعودية.
- وفي مقابل ذلك، من المهم أن ندرك أن هذه الخطوة الروسية تنطوي على قوة كامنة استراتيجية سلبية للغاية بالنسبة لإسرائيل. فقد أفضى التدخل الروسي إلى تعزيز المحور الشيعي الراديكالي بتواجده الإشكالي في منطقة متاخمة لحدود إسرائيل. إن تعزيز محور إيران - حزب الله – سورية، وجعله مجدداً القوة المهيمنة في سورية، وتزويده بوسائل قتالية متطورة ونوعية، ووضع استخبارات نوعية لرصد إسرائيل في تصرف المحور، وتحسّن المستوى القتالي لحزب الله - جميع هذه الأمور من شأنها أن تهدد أمن إسرائيل مستقبلاً. وتعزيز تواجد إيران وحزب الله في مرتفعات الجولان هو تطور استراتيجي سلبي بالنسبة لإسرائيل.
- وبالإضافة إلى ذلك، التدخل الروسي في الحرب جلب معه منظومات أسلحة متطورة إلى المنطقة. ومن المرجح أن جزءاً منها على الأقل سيبقى ضمن حدود سورية بعد إنتهاء الحرب، وسيضاف إلى منظومات الأسلحة الموجهة ضد إسرائيل. وكما يبدو فإن التدريبات والعقائد القتالية والخبرة العملانية الروسية لم تنقل فقط إلى الجيش السوري وإنما أيضاً إلى قوات أخرى تقاتل إلى جانب الأسد، ومن بينها حزب الله. وهكذا كسب حزب الله رفعا لمستوى قدراته في مجالات القيادة والتحكم، وقدرةً على تفعيل قوات على نطاق أوسع مما كان أمره عليه سابقاً عليه، والخبرة القتالية هجومية (مغايرة لقتاله الدفاعي التاريخي ضد إسرائيل). إن وصول وسائل قتالية متطورة إلى أيدي حزب الله، وخبرة قتالية اكتسبها التنظيم الشيعي، يرفعان مستوى المخاطر التي من المتوقع أن تواجهها إسرائيل في جولة القتال القادمة على الجبهة الشمالية.
- على ضوء هذا التطور السلبي يجدر درس ما يتوجب على إسرائيل فعله لتحسين وضعها الاستراتيجي. أولاً، يجب مواصلة بناء منظومة العلاقات الاستراتيجية الناشئة مع روسيا، وعلى هذه الأخيرة أن تعترف بخريطة المصالح والخطوط الحمراء الخاصة بإسرائيل فيما يتعلق بسورية ولبنان. كما أن عملية تشكيل سورية المستقبلية، التي ستكون روسيا لاعباً رئيسياً فيها، ينبغي أن تجري مع مراعاة موقف إسرائيل في موضوع الجولان، ومنع فتح جبهة إضافية من قبل حزب الله في جنوب سورية، وتقليص نفوذ الإيرانيين في سورية. ثانياً، ينبغي على إسرائيل أن توضح أنها ستواصل العمل عسكرياً عندما تتضرر مصالحها، وأساساً في حالات نقل سلاح نوعي إلى حزب الله، أو نشر قوات معادية في مرتفعات الجولان، أو استخدام أسلحة غير تقليدية. ثالثاً، ينبغي على إسرائيل أن تعزز التفاهمات مع العربية السعودية وتركيا بشأن مستقبل سورية، وبشأن أعمال استباقية ترمي إلى تعزيز جهات سنية معتدلة في سورية. رابعاً، بمستطاع إسرائيل أن تستخدم منظومة العلاقات الناشئة مع روسيا كرافعة من أجل ضمان كبح حزب الله. ومن شأن نشاط روسي كابح للحزب أن يقلص مخاطر عمليات مزعزعة للاستقرار من قبل حزب الله في المستقبل. وفي الختام، ينبغي أن تُسمع إسرائيل صوتها في القضية الأخلاقية المهمة. ذبح الشعب في سورية يجب أن يتوقف، وعلى إسرائيل أن تفعل المزيد من أجل وقف قتل الشعب علماً أن نظام الأسد هو المسبب الرئيسي له، وإن كان مدعوماً أيضاً من حلفائه، وذلك باستخدام وسائل إنسانية وحتى هجومية عند الضرورة، مع إشراك دول عربية وإسلامية برغماتية: تركيا، العربية السعودية، مصر والأردن.
- وثمة خطوات إسرائيلية ممكنة يجدر أن تشمل، بين جملة أمور، تقديم معلومات استخباراتية لإجراءات مستقبلية في المحكمة الجنائية الدولية عندما تنظر في موضوع جرائم الحرب الخطيرة التي يرتكبها الأسد ومؤيدوه منذ سنوات. كما أن إسرائيل ملزمة بدعم جميع الجهات الفاعلة الدولية (الدولتية أو الفوق - دولتية) التي تعمل جاهدة لحل سوري يستبدل الأسد ويقلص إلى حد أدنى من وجود إيران وحزب الله في سورية. وبالإضافة إلى ذلك، تستطيع إسرائيل أن تنشط بشكل فاعل في منطقة الحدود كي تضمن سيطرة جهات معتدلة على الأرض.
- وأبعد من هذه الخطوات، على إسرائيل أن تكون منخرطة بشكل مكثف أكثر في كل ما يتعلق بالمساعدة الإنسانية للسكان المدنيين في سورية. وذلك من خلال إمدادات غذائية، ومساعدة إنسانية، ومواصلة علاج جرحى الحرب الأهلية.
- وقصارى القول إن تعزيز المحور الراديكالي على الحدود الشمالية لدولة إسرائيل يستدعي مواصلة تطوير ركائز مفهوم الأمن القومي المحدثة في مواجهة جبهة شمالية معقدة ودينامية ومغايرة جداً عما عهدنا في الماضي، والتي يوجد في مركزها حضور عسكري روسي.
[1] انظر:
Mark Galeotti and Jonathan Spyer, “Russia to defend core Syrian government
areas,” IHS Jane’s Intelligence Review, September 22,2015, http://www.janes.com/article/54732/russia-to-defend-syrian-government-areas
[2] كشفت وكالة "أسوشييتد برس" أن بوتين نفسه قال في العام 2005 إن تفكك الاتحاد السوفياتي هو "الكارثة الكبرى للقرن العشرين". أنظر:
“Putin: Soviet Collapse a Genuine Tragedy”, AP, April 25,2005,
http://www.nbcnews.com/id/7632057/ns/world_news/t/putin-soviet-collapse-genuine-tragedy/
[3] أنظر:
“Majority of Russians Support Military Withdrawal from Syria-Poll”, The Moscow Times, April 4,2016, www.themoscowtimes.com/article/564680.html
[4] نتائج هذه الدراسة الاستطلاعية معبرة بشكل خاص لأن الدراسة أنجزت قبل يوم واحد فقط من صدور الإعلان الروسي عن سحب القوات [الجزئي].
[5] أنظر:
Oliver Carroll, “Cracking Down on Russia’s Caliphate”, Foreign Policy, May 31, 2016,
http://foreignpolicy.com/2016/05/31/cracking-down-on-russias-caliphate-islamic-state/
[6] مع استمرار الحملة أضيفت قواعد أصغر في مناطق سيطرة الأسد.
[7] أنظر:
Lydia Tomkiw, “How Much Has the Syrian Civil War Cost Russia and The US?” IBT, March 14, 2016,
http://www.ibtimes.com/how-much-has-syrian-civil-war-cost-russia-us-2336199
[8] أنظر:
“9000 sorties,400 localities freed: What Russia has achieved during its 5-month Syria operation, RT, March 15, 2016,
https://www.rt.com/news/335596-russia-syria-operation-results/
[9] أنظر:
“Russian pilots killed in Syria chopper crash,” DW, April 14, 2016, http://www.dw.com/en/russian-pilots-killed-in-syria-chopper-crash/a-19180330
[10] أنظر:
“Two Russian helicopter pilots shot down, killed in Syria: Interfax, Reuters, July 10, 2016,
http://www.reuters/com/article/us-mideast-crisis-syria-russia-idUSKCNOZPOUI
[11] أنظر:
“Moscow rejects reports of Russian combat helicopters destroyed in Syria”, TASS, May 24, 2016,
http://tass.ru/en/defense/877805
[12] أنظر:
Michael Birnbaum, “Weeks after pullout from Syria, Russian military is as
busy as ever,” The Washington Post, April 12, 2016, https://www.washingtonpost.com/world/europe/weeks-after-pullout-from-syria-russian-military-is-as-busy-as-ever/2016/04/11/d150a004-fd77-11e5-a569-2c9e819c14e4_story.html
[13] المصدر نفسه.
[14] Thomas Gibbons-Neff, “This is the advanced Russian helicopter that just crashed in Syria”, The Washington Post, April 12, 2016,http://www.washingtonpost.com/news/checkpoint/wp/2016/04/12/this-is-the-advanced-russian-helicopter-that-just-crashed-in-syria
[15] تحرير مدينة تدمر الأثرية يشكل نقطة ملفتة في تسليط الضوء على سلوك القوة الروسية. وحفل الموسيقى الكلاسيكية الذي أقيم على المسرح الروماني في تدمر الأثرية كان رسالة روسية مفادها أنها قوة تحرير تحترم التراث والثقافة العريقة.
[16] [16] أنظر:
“Russian presence speeding up peace process: Syrian minister”, Press TV, April 10, 2016, http://www.presstv.ir/Detail/2016/04/10/459968/russia-air-force-syria-peace-process
[17] أنظر :
“The Latest: Syrian opposition raises detainees at talks”, AP, March 16, 2016 http://www.dailyherald.com/article/20160315/news/303159976/
[18] أنظر:
Exclusive: Russia, despite draw down, shipping more to Syria than removing, Reuters, March 30, 2016, http://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-supplies-idUSKCN0WW0DJMaria Tsvetkova, “
[19] أنظر:
“Russia: Syrians must decide Assad’s fate”, Al-Arabiya, April 1, 2016,http://english.alarabiya.net/en/News/middle-east/2016/04/01/Russia-hopes-for-Syria-regime-flexibility-at-peace-talks.html
[20] أنظر:
“Putin’s Phone Talks With Erdogan Underway-Kremlin”, Sputnik, June 29, 2016,
http://sputniknews.com/politics/20160629/1042134871/putin-erdogan-talks.htm
[21] أنظر:
“Lavrov, Kerry Discuss Joint Operations Against Violators of Syrian Truce”, Sputnik, May 29, 2016,
http://sputniknews.com/politics/20160529/1010119001/lavrov-kerry-syria.html
[22] أنظر:
Tom Perry and Suleiman Al-Khalidi, “Death toll from Russian air strikes in Idlib clims to 23:monitor”, Reuters, May 31, 2016,
http://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-idlib-toll-idUSKCN0YM0GO
[23] شقيق علوش، الذي قاد إحدى جماعات المتمردين الرئيسية، "جيش الإسلام"، قتل من جراء غارة جوية روسية في الأيام الأخيرة من عام 2015.
[24]أنظر:
“Syria negotiator Alloush quits over failure of UN talks”, Al-Jazeera, May 30, 2016,
[25] أنظر:
Oriana Pawlyk, “The B-52 could rise again, this time to fight ISIS”, Air Force Times, March 7, 2016,
http://www.airforcetimes.com/story/military/2016/03/01/b52-stratofortress-isis/81318630/
[26]أنظر:
“Syria conflict: Obama rules out ground troops for Syria”, BBC, April 24, 2016,