سحب الأموال هو بمثابة تصويت على نزع الثقة من الحكومة
المصدر
  • الثورة الدستورية التي بدأت في سنة 1992، في أعقاب قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته؛ وقانون أساس: حرية العمل، وسع فعالية المحكمة العليا، وهي المستهدفة في جوهر خطة رئيس الحكومة ووزير العدل ياريف ليفين لتخريب النظام القضائي. إلاّ إنه، وبحسب أسلوب الذين يحاولون التخريب أيضاً، فإن خرق التوازن بين السلطة القضائية والتنفيذية جرى بالتدريج، على مدار 30 عاماً. قرار آخر واستئناف آخر دفع دعاة الإصلاح إلى فهم ضرورة إحداث هذا التغيير. لكن السؤال، هل يمكن تغيير ما جرى على مدار 30 عاماً بمسار بطيء، من خلال عملية تشريعية عاجلة تستغرق عدة أسابيع لم نشهد مثلها قط، وحتى تغييرات بسيطة أكثر لا تنطوي على انقلاب في نظام الحكم؟
  • الوتيرة، النبرة، وجوهر الإصلاحات المطروحة، نابعة من مشاعر انتقام لدى أعضاء الائتلاف، ومن افتراض أن ما لا يحدث سريعاً - لن يحدث. لذلك، هم يغلقون آذانهم ويتجاهلون كل ما يقوله القانونيون والاقتصاديون ونشطاء حقوق الإنسان في البلد والخارج، الذين يطالبونهم بالتوقف. إنهم يحضّرون الذريعة التي تبّرر الانهيار الذي سيحدث في اقتصاد إسرائيل بعد الإصلاحات، ويتهمون مسبقاً المعارضة بإدارة "حملة هدفها إلحاق الضرر واغتيال الاقتصاد الإسرائيلي"، بحسب ما قاله وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
  • يتجاهلون البنوك الكبيرة في العالم، التي تحذر من أن الإصلاحات القضائية ستؤدي إلى تراجُع في تصنيف الائتمان الخاص بإسرائيل، وفي الاستثمارات الأجنبية فيها. ويستندون بالأساس إلى افتراض أنه وإلى حين حدوث هذه الأضرار، فإن الإصلاحات القضائية ستكون قد جرت، وسيطرة الائتلاف على تعيين القضاة قد تم، كما تم إنجاز عملية إخصاء المراجعة القضائية وإقصاء المستشارين القضائيين في الوزارات المختلفة. وهو ما يخلق معضلة بشأن السؤال عن الجمهور الذي يتم تحذيره من الإسقاطات الهدامة: الأضرار المتوقعة ستكون في المدى البعيد، ومن الصعب الشعور بها الآن. فارق الوقت يلعب لمصلحة الائتلاف، لأن ما يحدث الآن لا علاقة له ظاهرياً بالإصلاحات القضائية. هناك حاجة إلى زيادة حدّة الصوت ورفع الأعلام، كي يعلم الجمهور بمَ ينتظرنا.
  • قرار شركات التكنولوجيا العالية الدقة، مثل "ويز" و"بابايا"، إخراج أموالها من إسرائيل، لم يكن بسبب الخوف على الأموال. لا يوجد لدى حكومة إسرائيل أي نية للحجز على الأموال أو الضرر بها. على العكس، يمكن أن تدفع الانتقادات الواسعة للإصلاحات القضائية بالحكومة إلى منح امتيازات للمستثمرين. سحب الأموال هو بمثابة تصويت على حجب الثقة عن الحكومة التي تدفع قدماً بخطوات ستحوّل إسرائيل ومؤسساتها المهمة- المحكمة، الشرطة، وحتى الجيش، إلى مؤسسات أكثر فساداً وتديناً وتطرفاً.
  • لدى شركات التكنولوجيا العالية الدقة قدرة أكثر من غيرها، على أن تقول للحكومة لا، نحن لا نريد ولا نستطيع أن ننتج هنا ونستثمر في دولة كهذه. لا يجب عليهم الانتظار حتى تظهر نتيجة الاصلاحات القضائية، وذلك لأن الإسقاطات هنا أصلاً، تبدو واضحة مع دفع الحكومة بـ"قانون درعي" الذي سيسمح بتعيينه وزيراً، على الرغم من قرار المحكمة العليا الذي أقرّ بأنه من غير المعقول تعيين مُدان 3 مرات بقضايا جنائية في منصب وزير في حكومة إسرائيل، ومع تجاهل درعي قرار المحكمة ويدير وزارات عن بُعد، وأيضاً مع دفع عضو الكنيست عميت هليفي باقتراح قانون يشرّع التبرعات لتغطية النفقات القضائية لنائب منتخب من الجمهور، وأيضاً من أجل "زوجته أو من أجل ابنه". الهدف من هذا القانون هو الالتفاف على قرار المحكمة العليا التي أرغمت نتنياهو على إعادة تبرُّع بقيمة 270 ألف دولار حصل عليه من ابن عمه، وطبعاً منح ابنه رخصة لزيادة سيطرته على وسائل التواصل الاجتماعي، على افتراض أنه سيكون هناك مَن يدفع لقاء ذلك.
  • الهدف ليس التوازن والاصلاح، إنما الهدم الذي سيؤدي إلى الإفساد. وهو ما يدفع برجال الأعمال والقطاع الخاص إلى سحب أموالهم من هنا. وهذا سيزداد فقط.