العلاقات مع السعودية هدف مهم، لكن ليس بأي ثمن
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

– قناة التلفزة الإسرائيلية
  • "يمكن أن يكون هناك تقدّم في الطريق إلى اتفاق بين السعودية وإسرائيل." بهذه الكلمات، اختار الرئيس جو بايدن وصف الحوارات التي تديرها الولايات المتحدة بهذا الشأن. وجاءت أقوال بايدن خلال اجتماع متبرعين، تحضيراً للحملة الانتخابية الرئاسية في سنة 2024. ما يقف وراء هذا التفاؤل الحذر للرئيس الأميركي هي الحوارات التي قام بها مؤخراً مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة جيك ساليفان مع جهات سعودية في جدة.
  • منذ وصول إدارة بايدن إلى الحكم، لم يتم تسجيل أي إنجازات مهمة في مجال التطبيع. صحيح أنهم في واشنطن عبّروا عن رغبة علنية وصادقة في الاستمرار في تحريك الاتفاقيات، إلاّ إن النتائج كانت قليلة جداً. دائرة الدول المشاركة في الاتفاقيات لم تتوسع، والتقدم في القنوات التي فُتحت خلال الإدارة السابقة، باستثناء "قمة النقب" التي تكمن أهميتها في مجرد حدوثها، لم يتم تسجيل أي مشاريع مدنية كبيرة بمشاركة واسعة من دول الاتفاقيات.
  • لم يتم استكمال اتفاق العلاقات مع السودان، وتخيّم على مستقبله اليوم غيمة الحرب الأهلية التي اندلعت هناك. حتى مع المغرب، حيث وصلت علاقاتنا معه إلى أبعاد كانت مجرد حلم فقط، لم يتم رفع مكانة الممثلية هناك. التحسن في العلاقات معه جاء بسبب الخطوة التي قامت بها إسرائيل الأسبوع الماضي، الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
  • إذاً، إدارة بايدن لا تستطيع طرح أي إنجازات حقيقية في قضايا اتفاقيات السلام. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يجب التشكيك في صدق تصريحاتها وطموحها بالوصول إلى تطبيع بين السعودية وإسرائيل. إنجاز كهذا سيُعَد إنجازاً لمصلحة الرئيس بصورة خاصة، ويساعده عشية الانتخابات، سياسياً، كما يقلل الانتقادات الموجهة إليه بشأن التخلي عن الشرق الأوسط، ويعطي بعداً حقيقياً لالتزامه بالاستمرار في الاتجاه الذي أدت إليه "اتفاقيات أبراهام"، ويمنحه أدوات لتحقيق أهداف مهمة أُخرى، كالقضية الفلسطينية.
  • يستطيعون في البيت الأبيض تقديم خطوة كهذه على أنها من أجل إبعاد السعودية عن الصين (أو على الأقل، وقف مسار التقارب ما بينهما)، وخطوة لصوغ جبهة مشتركة لدول الشرق الأوسط ضد إيران. ولكن، لا يمكن تخطّي العقبات الكثيرة التي تقف في الطريق للوصول إلى هدف كهذا. الوقت أيضاً لا يعمل لمصلحة بايدن كي يقوم بذلك ويستفيد من الخطوة عشية الانتخابات غير البعيدة.
  • المطالب التي يطرحها السعوديون في مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ستضع نتنياهو أمام 3 تحديات مركزية: الأول، منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، في ظل رغبة العائلة المالكة في الرياض في الحصول على قدرات نووية مدنية برقابة محدودة؛ الثاني، الحفاظ على تفوّق إسرائيل النوعي، في ظل رغبة السعودية في التزود بأسلحة متطورة (ورغبة الولايات المتحدة من الجانب الآخر في توقيع صفقات سلاح كبيرة).
  • أما التحدي الثالث، فهو الحفاظ على المصالح الأمنية الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية (ومن جانب نتنياهو، الحفاظ على سلامة الائتلاف)، في ظل مطالب العائلة المالكة في الرياض لإحراز تقدّم مهم فيها. يمكن الافتراض أن الأميركيين سيرون أن ذلك أداة ضغط للحصول على تنازلات من إسرائيل أمام الفلسطينيين.

وكما ذكرنا بالنسبة إلى إسرائيل، فإن التطبيع مع السعودية هو هدف مهم يجب الوصول إليه، ولكن ليس بأي ثمن. يجب التذكير بأن التطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية هو مصلحة واضحة لواشنطن والرياض، وليس فقط للقدس. لا يجب الانجرار والموافقة على تنازلات في موضوع إيران، وابداء ليونة بشأن الانتشار النووي في الشرق الأوسط، أو تقديم تنازلات ذات أهمية أمنية في الساحة الفلسطينية. في المجالات الثلاثة، هذه الأثمان باهظة جداً، حتى ولو كان هدفها الوصول إلى إنجاز مهم كهذا.

 

المزيد ضمن العدد