علينا العمل الآن على افتداء الأسرى
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • المشاهد والأخبار المتعلقة بوجود إسرائيليين، جنود ومدنيين، في قبضة كلٍّ من "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة، تؤثر في كلّ إنسان في إسرائيل وتدفعه إلى الحزن. لكننا لن نسمح لأنفسنا بالاكتفاء بالتعبير عن مشاعرنا. من الأجدى أن ننشغل بمسألة افتداء هؤلاء الأسرى: ما هو واجب إسرائيل تجاه جنودها ومواطنيها الموجودين في قبضة عدو، وكيف يمكنها الوفاء بالتزاماتها تجاههم. خلال الأيام الأولى من الحرب، سمعنا ردّين من سياسيين بشأن هذه المسائل. وفي جلسة الحكومة التي عُقدت يوم السبت، قال الوزير بتسلئيل سموتريتش: "علينا أن نكون متوحشين الآن، وألّا نفكر في الأسرى أكثر من اللازم." يوم الجمعة، قال "مسؤول سياسي" :"لن تتم معالجة موضوع المخطوفين إلّا بعد الحرب." هاتان الإجابتان مضللتان من الناحيتين الأخلاقية والمهنية.
  • من غير الوارد في الحسبان إهمال "التعامل مع قضية المخطوفين" حتى انتهاء الحرب. هنالك مكوّن استخباراتي كامن في جهود الدولة لافتداء المواطنين والجنود، بهدف تحريرهم من قبضة العدو. ويبدو أن النشاط في مجال هذا المكوّن بدأ، ولن يتم التخلي عنه أبداً. في هذا الصدد، يتم تجنيد العلاقات مع الدول والمنظمات في العالم، للاستعانة بهم في مسألة افتداء الأسرى. لقد كان كلٌّ من ألمانيا (بواسطة جهاز استخباراتها)، ومصر (بواسطة وزير استخباراتها)، و"منظمة الصليب الأحمر الدولي"، ضالعاً في أعمال افتداء سابقة، وهناك منطق في إعادة محاولة تجنيدهم، الآن وهنا. توجد عدة اعتبارات مهنية تتعارض مع مزاعم ضرورة تأجيل متابعة قضية المخطوفين حتى انتهاء الحرب، وفي إمكاننا الاعتماد على الذين يتعاملون مع هذه القضية في جميع المنظومات الاستخباراتية الخاصة بالدولة، بألاّ يسمحوا بأيّ تأجيلات تفتقر إلى المسؤولية في هذا الصدد.
  • إن فكرة "عدم إيلاء الاعتبار أكثر من اللازم للأسرى"، هي فكرة لا يمكن تحمّلها. وهنا يجب أن نشير إلى جانبين من التحرك الرسمي الإسرائيلي اللذين يجب، في سياقهما، إدارة الأمور بصورة مختلفة تماماً: فعلى الدولة أولاً، أن تقول قولاً واحداً، وبصورة لا لبس فيها، إن لديها التزاماً تجاه جميع الموجودين في قبضة العدو، ويتمثل هذا الالتزام في العمل بصورة لائقة لإعادتهم إلى منازلهم بسلام، بغض النظر عن كونهم جنوداً، أو مدنيين، وبغض النظر عمّا إذا كانوا أحياء، أو مقتولين بيد العدو. لا يحق للدولة أبداَ التنصل من واجبها الأخلاقي والأساسي. إن مثل هذا التنصل هو تعبير عن القسوة وانعدام المسؤولية، وعدم إدراك الهوية الأخلاقية لإسرائيل بصفتها دولة يهودية وديمقراطية.
  • الجانب الآخر من التحرك الرسمي الإسرائيلي، والذي تُعتبر إسرائيل ملزمة تجاهه أخلاقياً، بصدد الاهتمام بالأسرى، هو التحرك العسكري في غزة. هناك مبرر أخلاقي يبيح العمل العسكري ضد "حماس"، الذي يهدف إلى إفقاد "حماس" قدراتها العسكرية التي تمكنها من المساس بإسرائيل وبلداتها. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا المبرر الأخلاقي لا يجب أن يشكّل مبرراً لإسرائيل كي تتحرك من دون قيود، وكيفما تشاء أو بحسب ما تمليه عليها عواطفها الجياشة. فالتحرك العسكري الإسرائيلي يجب أن يلتزم بالقيود الضميرية والأخلاقية والقانونية المتأتية من القانون الدولي.
  • يتمثل الحد الأخلاقي الأعلى هنا في واجب الاحتراس من إلحاق الضرر بالإسرائيليين الموجودين في قبضة العدو. إن مسألة كيفية ممارسة هذا الحذر، هي مسألة استخباراتية وعملياتية شديدة التعقيد، لكن الدولة لا تملك الحق في تجاهُل هذا الواجب وكأنه غير قائم. هذا مثال أبسط للأمر: هل علينا نسف مبنى نعلم أن العدو يحتجز إسرائيليين في داخله؟ ستكون المواقف العملانية على الأرض أكثر تعقيداً من هذا السؤال، لكن مسألة الحذر في التعامل في أثناء هذه المواقف ستكون أمراً مفصلياً. إذا تعارضت مسألة الحذر هذه مع أيّ التزام آخر، فالحلّ كامن في العثور على توازُن حذِر وحكيم ومسؤول، بالاستناد إلى أساس الواجب الأخلاقي في الحفاظ على كرامة الإنسان، أياً كان، وفي أيّ وقت، وفي أيّ مكان، وفي أيّ ظرف.
  • إن القيود الأخلاقية التي تحدد النشاط العسكري، ملزِمة للدولة ومقاتليها، ليس فقط في ضوء الخطر الذي يشكله النشاط العسكري الإسرائيلي على المواطنين الإسرائيليين، بل أيضاً في ضوء الخطر الكامن في هذا النشاط العسكري على مواطني دولة العدو، غير المشاركين في أعمال "الإرهاب"، أو في النشاطات العسكرية الخاصة بهذا العدو. هذه أخلاقية "نقاء السلاح" التي نفاخر بها. وهي جزء من هوية جيش الدفاع، ومكوّن من مكوّنات هوية الدولة...