رسالة تهدئة للولايات المتحدة، إسرائيل لا تزال في قمة التأهب: مغازي الرسالة الإيرانية لـ"حماس"
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • بلّغت إيران حركة "حماس" أنها، هي والتنظيمات الدائرة في فلكها، بما يشمل حزب الله في لبنان، لن تزيد في منسوب مشاركتها في القتال الذي اندلع ضد إسرائيل، في أعقاب هجوم "حماس" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. هذا ما قالته مصادر استخباراتية غربية مطّلعة على تفاصيل اللقاء الذي دار بين رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، والمرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي.
  • من جهته، نفى التنظيم "الإرهابي" الغزي الأخبار التي نقلتها وكالة رويترز، والتي تفيد بأن خامنئي وبّخ هنية على شنّ حركة "حماس" الهجوم على إسرائيل من دون التنسيق أولاً مع إيران، ومع أطراف المحور الشيعي الراديكالي الذي تطلق عليه إيران اسم "محور المقاومة".
  • نفى هنية هذا الخبر، لكن إيران وحركة "حماس" لم تنفيا (ولم تؤكدا أيضاً) أن المنظمة "الإرهابية" تلقت رسالة رسمية، مفادها بأن الجمهورية الإسلامية وحزب الله وأطرافاً أُخرى في الائتلاف الشيعي الذي تقوده طهران، لن يصعّدوا قتالهم ضد إسرائيل، وصولاً إلى الحرب الشاملة، من أجل تقديم الإسناد لقطاع غزة.
  • وقد ورد تأكيد آخر غير مباشر لهذه المعلومات، بعد اجتماع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ في كاليفورنيا بالأمس، على هامش الاجتماع الذي يهدف إلى الحد من التوترات العالمية بين الصين والولايات المتحدة، وتلافي زعزعة الاستقرار في جنوب شرق آسيا، وفي اقتصادات العالم، إذ نقل دبلوماسيون صينيون لزملائهم الأميركيين أن طهران بعثت برسالة إلى الصين، مفادها أنها لا تعتزم هي، أو التنظيمات الدائرة في فلكها، تصعيد الحرب ضد إسرائيل، شرط ألّا يهاجمها الجيش الإسرائيلي، أو القوات الأميركية العاملة في المنطقة، بصورة مباشرة.
  • هذه الرسالة تحمل أهمية كبرى، في نظر جميع الجهات الدولية الضالعة في الاشتباك، الذي بات مركزه اليوم قطاع غزة، لكنه ينطوي على إسقاطات إقليمية ودولية. بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، التي تخشى من اندلاع حرب إقليمية في الشرق الأوسط، في أعقاب الأعمال القتالية الدائرة في قطاع غزة، يُعدّ الأمر بمثابة رسالة تهدئة. وتخفيف التهديد للاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط بصورة كبيرة، فالولايات المتحدة قلقة من تصعيد من هذا النوع، وهو ما دفعها إلى إرسال قوات عسكرية كبيرة، لكي لا يفكر أعداء إسرائيل، الذين تقودهم إيران، في الانضمام إلى القتال الدائر في قطاع غزة، الأمر الذي قد يدفع بالولايات المتحدة إلى التورط في حرب إضافية، إلى جانب تلك الدائرة في أوكرانيا، وإلى جانب التنافس العالمي الناشط مع الصين.
  • وكما أظهرت استطلاعات الرأي العام الأميركية مؤخراً، فإن الشعب الأميركي يعارض بشدة تورط الولايات المتحدة في حرب أُخرى، حتى لو كان هذا التورط غير مباشر، كما أن الرئيس بايدن، الذي بات الآن في خضم حملته الانتخابية لولاية رئاسية أُخرى، مضطر إلى أخذ هذا الموقف بعين الاعتبار. تشهد رسالة إيران إلى حركة "حماس" أيضاً أن الرسالة التي أطلقها بايدن، عبر إرساله فرقتَي عمل عسكريتين حول حاملتَي الطائرات، بالإضافة إلى غواصة نووية، إلى الشرق الأوسط، قد استوعبتها إيران جيداً، وكذلك حزب الله اللبناني.
  • بالاستناد إلى تجربتها المريرة، تقول المؤسسة الأمنية في إسرائيل، ومنظومتها الاستخباراتية، إن الرسالة الإيرانية تبدو ذات صدقية، لكن يجب ألا تُستقبل من دون تشكيك، فعلينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار احتمال أن تكون هذه الرسالة مجرد خداع، أو أن تؤدي دينامية التصعيد على الحدود الشمالية، وعلى جبهات أُخرى، إلى قتال ضد حزب الله، أو حملة على سورية، أو هجمات على العراقيين، وكلها أعمال تصعيد لا أحد يرغب في حدوثها.
  • بناءً على ما تقدّم، لا يوجد لدى إسرائيل أي نية لتخفيض تأهّبها، أو تغيير استعداداتها كنتيجة للمعلومات التي تفيد بأن إيران تريد تجنُّب تصعيد تورُّطها وتورُّط حزب الله في الحرب. لكن الخبر نفسه يخفّض من ضغط الوقت الذي يعاني جرّاءه الجيش الإسرائيلي العامل الآن في قطاع غزة، ويتيح لنا خوض الأعمال القتالية بالوتيرة والطرق التي نريدها، وهو ما يخفف مخاطر تكبُّدنا خسائر في الأرواح في المعارك التي تخوضها قواتها، إلى جانب تخفيض مخاطر "تضرُّر الشرعية" الذي قد ينجم عن مقتل كثيرين من الفلسطينيين بنيران قواتنا، وهو ما سيُطلق حملات تطالب إسرائيل بوقف الأعمال القتالية.
  • من المهم أن نتذكر أن الرسالة الإيرانية الموجهة إلى حركة "حماس"، لا تعني أن إيران، أو المحور الشيعي الراديكالي الذي تقوده، سيتوقفان عن محاولة تقديم العون لحركة "حماس"، سواء بواسطة حرب استنزاف على الحدود الشمالية، وهي حرب تُلزم الجيش الإسرائيلي نشر العديد من القوات البرية على الحدود اللبنانية، ولا تتيح لسكان المنطقة الحدودية، الذين تم تهجيرهم من منازلهم، العودة إلى الحياة الطبيعية. ستستمر الأعمال القتالية الدائرة على الحدود الشمالية على نار هادئة قد تتصاعد نتيجة حدث ما، لا يقصد أي من الطرفين المبادرة إليه، ولا يرغب أي منهما في وقوعه.
  • هناك ميدان آخر ينطوي القتال فيه على احتمالات خطِرة، هو ميدان البحر الأحمر وخليج إيلات، حيث ينشط الحوثيون الذين، هم أيضاً، أعضاء في ائتلاف المقاومة الذي تقوده إيران. لقد فشلت، حتى الآن، محاولات اليمنيين الشيعة ضرب "جنوب إسرائيل"، إن بواسطة الصواريخ، أو بواسطة الطائرات المسيّرة، لكن هؤلاء يهددون، بصورة علنية، السفن التجارية الإسرائيلية والأميركية التي تمر في مضيق باب المندب، في طريقها من إيلات إلى آسيا، أو عبر البحر الأحمر، مروراً بقناة السويس، ووصولاً إلى أوروبا.
  • يملك الحوثيون صواريخ أرض - بحر، إلى جانب وسائل قتالية كثيرة أُخرى، تمكّنهم من تنفيذ هذا التهديد، ويشمل ذلك محاولات قرصنة السفن التجارية المملوكة لإسرائيل، والتي تبحر، رافعةً أعلاماً أجنبية، أو أفريقية، أو جنوب أميركية. إن تنفيذ مثل هذه العمليات ضد السفن، أو أي عمل حربي ضد النشاط البحري الإسرائيلي والأميركي الحر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، سيشكّلان تحدياً يضطر إسرائيل والولايات المتحدة إلى معالجته بحزم شديد.

 

  • بناءً عليه، فإن الرسالة الإيرانية، التي تبدو موثوقاً بها، بشأن نيّة طهران الحد من مشاركتها في الأعمال القتالية الدائرة في قطاع غزة، لا يمكنها أن تكون بمثابة رسالة تهدئة، بل إن دورها يتمثل في التقليل من عدد الجبهات التي ينبغي تركيز الانتباه الاستخباراتي والعملياتي الأميركي والإسرائيلي عليها. وكما نذكر جميعاً، فإن مَن ينشط الآن في منطقة مضيق باب المندب وبحر العرب، قوة مهمات بحرية أميركية تضم في صفوفها حاملة الطائرات أيزنهاور، بهدف ردع المحور الراديكالي الشيعي في هذا الإقليم عن العمل، وهذا الوجود يستهدف، على وجه الخصوص، ردع الذراع البحرية للحرس الثوري الإيراني، وحوثيي اليمن، عن القيام بأعمال معادية.
 

المزيد ضمن العدد