ترامب قلب طاولة المفاوضات - كيف يمكن لإسرائيل استغلال ذلك
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • استغل ترامب خطأ "حماس" جيداً. هذا هو الوقت الملائم لوضع قواعد جديدة يكون لها صدى في الشرق الأوسط وقتاً طويلاً: كل مَن يتجرأ على خطف إسرائيليين، عليه أن يعلم بأنه يُعرّض مكان سكنه للخطر. علينا أن نحبط استعمال الخطف كسلاح استراتيجي. الثمن الذي سيدفعه الغزيون، يجب أن يردع كلّ مَن يفكر في الخطف مستقبلاً. صحيح أن إسرائيل كبّلت نفسها بصفقة سيئة، لكنها ضرورية. والآن، حتى الرئيس ترامب يريد تغييرها، وأشار إلى أنه: ليس عبر دفعات من مخطوفَين اثنين، أو ثلاثة.
  • بالنسبة إلى "حماس"، فإن الهدف من المخطوفين لم يكن فقط تحرير الأسرى- إنما تحقيق هدف سياسي/ عسكري طموح أكثر بكثير: تحريك مسار كانت تأمل "حماس"، من خلاله، بالسيطرة على أراضي دولة إسرائيل، من النهر إلى البحر.
  • لقد سمح ترامب لإسرائيل، من خلال مطلبه هذا، بعد 15 شهراً على هجوم السابع من أكتوبر، بالتصرف كما يجب  أن تتصرف أيّ دولة أُخرى في هذه الظروف: إبعاد العدو بعيداً عن حدودها وإحباط نياته الاستراتيجية. الآن، يجب علينا أن ندمج تهديد ترامب بشأن المخطوفين في خطته الطموحة جداً بشأن غزة. هذه الخطة تُرغم الدول العربية، لأول مرة، على تحمُّل مسؤولية غزة. نعم، لأول مرة منذ 50 عاماً، حوّل إعلان ترامب الغزيين إلى عبء على مصر، بدلاً من رصيد تستغله من أجل إدارة حرب غير مباشرة ضد إسرائيل.
  • الآن، هو الوقت الملائم للضغط على دولة مصر التي لديها حدود مع القطاع، وتهرّبت أعواماً من مسؤوليتها التاريخية عن قطاع غزة. إذا قامت "حماس" بخرق اتفاق التبادل - فيتوجب على إسرائيل استغلال الأزمة للتوصل إلى تغيير استراتيجي مُنع عنا حتى الآن. علينا أن نفهم الرؤية الاستراتيجية المختلفة، وأن نخرج عن نمط العمل العسكري الضيق، وبحسبه، فإن الحرب على "حماس" هي حرب عسكرية فقط، وتتركز على السيطرة على محور فيلادلفيا وتقسيم القطاع، عبر محور نتساريم، وتفكيك الكتائب في مخيمات الوسط. لقد جرّبنا هذه الطرق، ولم توصلنا إلى حسم استراتيجي.
  • الطريقة التي ستؤدي إلى تغيير استراتيجي هي دفع سكان غزة جنوباً نحو الحدود مع مصر. بالضبط كما كان يتوجب علينا أن نفعل بعد السابع من أكتوبر، وبطريقة يسمح بها القانون الدولي:
  1. أن نغلق فوراً جميع المعابر مع غزة، وعلى رأسها معبر كرم أبو سالم.
  2. أن نطلب من مصر استقبال النساء والأطفال من غزة. وفي الوقت نفسه، يستطيع الجيش فتح محور فيلادلفيا من الغرب، حيث لا يوجد كثير من الأسوار المصرية، وهو ما سيسمح للمجتمع الغزي بحُرية الحركة في اتجاه مصر.

بحسب معاهدة اللاجئين الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي وقّعتها مصر، يجب عليها أن تسمح بلجوء موقت بسبب الخطر في مواقع القتال. يجب أن تكون المساعدات متوفرة في سيناء، وليس فقط في غزة، وبهذه الطريقة، تُخرج إسرائيل نفسها من الدائرة، وتتخلص من الحاجة إلى تفتيش المساعدات، ويتحول العبء إلى مصر.

  1. يجب تجميع قوات عسكرية كبيرة حول شمال القطاع وتوجيه الأوامر إلى السكان الغزيين، الذين عادوا للتو إلى الشمال، بالتحرك جنوباً، وإخلاء شمال القطاع كلياً. لا يجب الاندفاع إلى الداخل والسيطرة على الأرض، إنما يكفي تفعيل ضغوط بكل الطرق الممكنة، بحسب القانون الدولي، وعلى رأسها القول للسكان: توجّهوا جنوباً.
  • هناك أهمية كبيرة جداً لإغلاق المعابر من إسرائيل إلى داخل غزة، والإبقاء فقط على إمكان الحصول على المساعدات، عبر معبر رفح ومصر نفسها. إذ كان يتوجب على إسرائيل أساساً أن تعلن للعالم، بعد السابع من أكتوبر مباشرة: أننا انفصلنا عن غزة منذ سنة2005. لقد كان خطأً كبيراً في ذلك الوقت،لأننا بقينا مرتبطين بها اقتصادياً، وزودناها بالموارد. هذه هي الموارد ذاتها التي استغلتها "حماس" لبناء قدراتها على مدار 17 عاماً، اقتصادياً وعسكرياً. وما دامت إسرائيل مستمرة في إدخال المساعدات، يعتقد العالم أننا نعترف ونتحمل مسؤولية الغزيين. المسؤولية الوحيدة الملقاة على إسرائيل، بحسب القانون الدولي، هي عدم منع جهة ثالثة من تقديم المساعدات للنساء والأطفال حتى جيل الـ15 عاماً. هذه المساعدات يمكن أن تدخل من رفح، أو تنتظر النازحين في الجانب المصري. ولا يوجد أيّ واجب علينا بالقيام بذلك من مناطقنا السيادية. علينا أن نوضح مرة واحدة، وللأبد: إسرائيل ليست مسؤولة عن غزة مدنياً. وأن غزة منطقة معادية، ولا يجب أن يكون لدينا أيّ علاقة تجارية، أو علاقة أُخرى معها. بالضبط مثلما نمنع تمرير أيّ بضائع للبنان، أو منح الحوثيين خدمات بنكية. يجب التعامل مع العدو كعدو، وليس كشريك تجاري.

أهمية شمال القطاع بالنسبة إلى "حماس"

  • ليس اعتباطاً أن "حماس" طالبت بعودة النازحين إلى مدينة غزة، بالتزامن مع المرحلة الأولى من الصفقة. غزة هي العاصمة، والمركز الرمزي والحقيقي للقطاع، وأيضاً هي قريبة من مراكز السكن في إسرائيل. ومباشرةً بعد العودة الجماعية إلى الشمال، بدأت "حماس" بنصب مخيمات للنازحين في بيت حانون وبيت لاهيا، في أقرب مكان ممكن من إسرائيل. هذه هي طريقتهم في رسم الحدود، حيث بدأوا، بشكل مشابه، يقتربون من الحدود، بالقرب من "ناحال عوز"، لتحدّي الجيش بالدخول إلى الحزام الأمني. يجب على إسرائيل قلب الطاولة، وخلق صورة عكسية قبل يوم السبت: عليهم العودة إلى الجنوب، والابتعاد عن إسرائيل.
  • يجب أن يكون التهديد لشمال القطاع واضحاً وحاداً: هذه هي المنطقة الأولى التي سيدخل إليها الجيش، إذا لم يعُد جميع المخطوفين. وبعد استعادة جميع المخطوفات الموجودات في مدينة غزة، سيكون لدى الجيش حُرية في العمل في المناطق الغربية والمركزية للمدينة، حيث لم نعمل برياً حتى الآن. يجب أيضاً إصدار بيانات إخلاء لكافة مناطق شمال القطاع، وأن نضع أمامهم قوات كبيرة تشمل دبابات ومدفعية ثقيلة، لنوضح أن هناك تهديداً عسكرياً: اهربوا جنوباً. صورة عشرات آلاف الغزيين يهربون بهلع نحو الجنوب، هو ما تتخوف منه "حماس" أكثر من أيّ شيء آخر، وهو ما يجب على إسرائيل أن تقوم به الآن. إذا نجحنا في التهديد اللازم، فيمكن أن تفهم "حماس" هذه المرة أنه من الأفضل لها تحرير المخطوفين، وكل محاولة ابتزاز منها ستكلفها مزيداً ومزيداً من الأراضي.

 

 

المزيد ضمن العدد