انتقال الجيش من الدفاع إلى الهجوم؛ هل استفاق نتنياهو؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • في هذه الأيام، يعمد الجيش الإسرائيلي إلى عرض عضلاته، بهدف إجبار حركة "حماس" على إطلاق سراح الأسرى، فيكثّف نشاطه في قطاع غزة. وفي الوقت نفسه، ومن أجل منع سورية من تحقيق قدرات عسكرية كبيرة والعودة إلى "محور الشر"، يقصف أهدافاً استراتيجية على أراضيها، بينما يعمل سلاح الجو في لبنان على منع حزب الله من تهريب وسائل قتالية، وأحبط مخططاً واسعاً لتنفيذ اعتداءات كانت"حماس" تعتزم تنفيذها من هناك، "احتفالاً" بعيد الفصح. كذلك، يستعد الجيش، حسبما نسمع (وبصورة خاصة من وسائل الإعلام الأجنبية)، لإخراج إيران من نادي الدول القادرة على إنتاج سلاح نووي.
  • بعد نحو 19 شهراً من القتال المتواصل، هذه المهمة ليست بسيطة. هذه العمليات العلنية، والعديد غيرها في الخفاء، تتيح لنا نحن، مواطني إسرائيل،   مواصلة  أسلوب حياة يكاد يكون طبيعياً.
  • في ضوء هذا التحوّل المشجّع في سلوكه، من جيش يحتوي ويدافع، إلى جيش هجومي يُحبط اليوم كوارث المستقبل، لا مفرّ من أفكار حزينة تُختزل بكلمة "لو". حسبما هو معلوم، انتهت حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]حين صدر القرار 1701 عن مجلس الأمن. بدأ حزب الله بخرقه فور اعتماده: هرَّب أسلحة من إيران، ولم يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني. أمّا الجيش الإسرائيلي، المنهك والمفتقر إلى الثقة بالنفس، فتغاضى عن كل هذا، وتقبّل وجود حزب الله على الحدود الشمالية، بما في ذلك الاستفزازات المتكررة، وانتهاك سيادة إسرائيل على أراضٍ تم الاتفاق على أنها ضمن أراضيها.
  • والنتيجة معروفة: في سنوات الاحتواء... تمكّن هذا التنظيم "الإرهابي" الصغير، لكن المتعصب، من بناء جيش نظامي فعلي، من دون أيّ عرقلة تقريباً. وتعرّفنا إلى حجم ترسانته من الوسائل القتالية، وإلى الخطط التي كان يعتزم تنفيذها بحق سكان الجليل، على غرار ما فعلته "حماس" بسكان الجنوب في 7 تشرين الأول/أكتوبر،عندما تجرأ الجيش الإسرائيلي، أخيراً، على الدخول إلى الجنوب اللبناني، بعد عام من الدفاع الذي  تخلينا خلاله عن الشمال، وفي الواقع، لا يزال حتى هذه الأيام خالياً من أغلبية سكانه، ليكشف مخازن أسلحة وخطط إبادة في أنفاق حُفرت وتم تجهيزها من دون أيّ تدخّل.
  • نعم، كان من الممكن تجنّب معظم الشرور التي وقعت هنا في السنة والنصف الأخيرتين "لو"؛ لو كنا منعنا حزب الله من تهريب السلاح ، آنذاك، قبل نحو 19 عاماً، مثلما نمنعه اليوم، ومنعنا تسلّل قواته إلى جنوب نهر الليطاني. وكذلك هي الحال في الجنوب: لو منعنا تدفّق الأموال والأسلحة إلى القطاع، ولو تخلّينا عن أحلام الأوهام بشأن ما سُمّي باعتدال "حماس" المزعوم ("النظرية) نتيجة الحاجة إلى إطعام ومعالجة وإعالة نحو مليونَي فم...
  • وما لايقل ذنباً (وربما أكثر) عن الجيش الإسرائيلي: هي حكومات إسرائيل، وخصوصاً رؤساء الحكومات في تلك الفترة:إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو، والأخير بشكل خاص. كان الأول ما زال في منصبه عندما استخفّ حزب الله بالقرار 1701، ولم يُصدر أمراً للجيش باستخدام القوة لمنع خروقاته، وبعد وقت قصير، انتُخب نتنياهو، وتراجع، مثلما فعل سلفه. وكذلك الأمر في مواجهة تعاظُم قوة "حماس" في غزة.
  • هل تُشير العمليات الأخيرة في سورية ولبنان وغزة إلى أن نتنياهو استفاق أخيراً؟ من السابق لأوانه الجزم، والأيام ستخبرنا.