يجب على الجيش عدم المسّ بالطيارين الذين وقّعوا العريضة
تاريخ المقال
المواضيع
فصول من كتاب دليل اسرائيل

مهند مصطفى


أسامة حلبي, موسى أبو رمضان


أنطوان شلحت

المصدر
- إن عريضة الطيارين التي نُشرت يوم أمس ليست رسالة سياسية. والهدف منها ليس إسقاط حكومة إسرائيل، وهي ليست دعوة إلى الامتناع من أداء الخدمة العسكرية أيضاً. الطيارون الذين وقّعوا العريضة هم مواطنون يؤدون المهمة الملقاة عليهم، مثل أيّ مواطن آخر - التحذير من حالة تتخطى فيها الحرب حدود المسموح به على الصعيدين الأخلاقي والقانوني.
- يمكن الرد على هذا الادّعاء بالقول إن الطيارين وقّعوا العريضة كطيارين، وليس كمواطنين. هذا الادّعاء مضلل. فالطيارون في قلب المعركة العسكرية. والطيار هو نوع من أنواع القناصة العميان، لأنه لا يرى الهدف الذي يوجّه نيرانه نحوه. أخلاقياً، يجب أن يكون مقتنعاً بأن المعطيات التي يحصل عليها من غرفة القيادة تتماشى مع الواجب الأخلاقي والقانوني الملقى عليه. عليه أن يكون متأكداً من أن عمله كطيار يجري في إطار مبادئ الحرب المبررة.
- لذلك، حين لا يكون الطيارون متأكدين من ذلك، عليهم رفع الراية الحمراء والتحذير. المقاتلون الذين يتلقون أوامر غير قانونية البتة، يجب أن يرفضوا تنفيذها، حتى لو أمرهم بها رئيس هيئة الأركان، أو قائد سلاح الجو. لا تستطيع الحكومة تحويل أيّ أمر غير قانوني إلى قانوني. فالحكومة لا تملك سيادة أخلاقية على أيّ شخص، وبالتأكيد ليس لها سيادة أخلاقية على المقاتلين.
- يدّعي الطيارون أن الحرب الآن ليست مبرَّرة. وأنها لا تخدم هدف الدفاع عن النفس، لأن الدفاع عن النفس الذي تحقّق يسمح بوقف الحرب والتجهّز بطريقة أفضل للتهديدات المستقبلية. إن قيم "النصر"، أو "النصر المطلق"، المنفصلة عن مبدأ الدفاع عن النفس، تُحوّل الحرب إلى حرب غير مبرَّرة. هذا الادعاء يتعزز بسبب الإخفاق الكبير لدولة إسرائيل والجيش في تحرير المخطوفين. الآن، عندما تم التوصل إلى الدفاع عن النفس الذي يسمح بتجهيز الجيش من جديد للدفاع عن مواطني الدولة، بقي المخطوفون من دون أيّ دفاع.
- إنهم مواطنون في إسرائيل أيضاً، والآن، ينطبق عليهم أيضاً واجب الدفاع عن النفس بشكل خاص. تعود السلطة الحاكمة وتكرر أن أحد أهداف الحرب هو تحرير المخطوفين، لكنه ليس سوى أحد الأهداف، وليس الهدف المركزي. تربط السلطة تحقيق هذا الهدف بتفكيك حُكم "حماس". لذلك، يتحول الهدف الأول - تحرير المخطوفين، إلى هدف ثانوي. ومن خلال هذه الأفعال، يتم إلحاق الضرر بالدولة والجيش وتطبيق مبدأ الدفاع عن النفس على المخطوفين.
واجب العمل استناداً إلى المبادئ الأخلاقية اللائقة
- يتوجب على كل مواطن، وبشكل خاص مَن لديه سلاح قوي جداً، مثل الطائرة، أن يعمل استناداً إلى المبادئ الأخلاقية اللائقة. المواطن الذي يرتدي الزيّ العسكري، لا يمكنه التنصل من الواجبات الأخلاقية، بل بالعكس: الجندي يحمل معه مجموع القيم الأخلاقية والمدنية والاجتماعية.
- لم يكن لائقاً ردّ ضباط الجيش الذين أعلنوا إقالة الطيارين من الخدمة. فهو يطلب منهم المسّ بقيَم الجيش التي "تستند إلى أخلاق إسرائيل كدولة ديمقراطية ويهودية". يجب على قيادة الجيش أن تضع السلطة أمام الدلالة الأخلاقية للقتال الذي لم يعُد دافعه مبدأ الدفاع عن النفس، وأن استمرار هذا القتال وطريقة إدارته يقودان إلى ضرر متراكم يلحق بالقيم الأخلاقية والأساسية للمجتمع في إسرائيل.
- الطيارون مستعدون، وهم أيضاً يريدون الدفاع عن إسرائيل، لكن يُطلب منهم بأن يكونوا دمى في حرب أُخرى. يجب على الجيش الوقوف إلى جانب قيَم الجيش، وإلى جانب الطيارين، ويرسل رسالة للسلطة: توقفوا! الآن، الجيش يطالب المقاتلين بالولاء من دون انتقادات، وهو ما سيضرّ في نهاية المطاف بأمن مواطني إسرائيل. إن عريضة الطيارين هي عريضة تاريخية، ستكون شهادة بأننا لم نفقد بعد القدرة على التوقف، وأن نكون فاعلين أخلاقيين في هذا الوقت.