بايدن سيُدرك خلال زيارته أن القيادة الفلسطينية ليست شريكاً حقيقياً
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • في الأيام الأخيرة تحدثت تقارير عن أن السلطة الفلسطينية "بدأت بالضغط الشديد على الإدارة الأميركية بهدف الحصول على بادرة مهمة خلال زيارة الرئيس بايدن"، مع أنه من الصعب رؤية السلطة الفلسطينية "تستخدم الضغط" على الإدارة الأميركية، سواء الضغط الشديد أو الخفيف. وفي هذه الأثناء، تأجلت الزيارة التي يجب أن تشمل السعودية، ومن المحتمل تأجيلها إلى وقت أبعد، سواء بسبب الحكومة التي هي على وشك الانهيار في إسرائيل، أو بسبب معارضة كثيرين من كتلة الديمقراطيين، وخصوصاً الجناح اليساري، تسوية العلاقات مع السعودية. وبسبب أزمة النفط، فإن الزيارة إلى السعودية تعدُّ أحد الأهداف الأساسية لجولة الرئيس، لكن لإسرائيل أيضاً مصلحة بعدم التصعيد بين واشنطن والرياض - سواء من أجل إقامة علاقات مع السعودية على قاعدة ثابتة وأكثر علنية، أو من أجل تعزيز الجبهة الإقليمية ضد إيران، وما ينتج منها عملياً من تعزيز المعارضة في وجه التوجهات المؤيدة للعودة إلى الاتفاق النووي في أميركا.
  • ولن يكون الرئيس الفلسطيني محور الزيارة المتوقعة إذا حدثت، لكن يمكن الافتراض أن الرئيس الأميركي سيرغب في القيام ببادرة معينة إزاء السلطة الفلسطينية من أجل إرضاء الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، والذي تحول عداؤه لإسرائيل إلى أحد البنود الأساسية في أجندته السياسية. كذلك جرى ذكر موضوعات، مثل زيارة المستشفى العربي في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وقبل كل شيء فتح قنصلية أميركية منفصلة في القدس الشرقية، وهذه خطوة تعني، من الناحيتين العملية والقانونية، إلغاء الاعتراف الأميركي بالقدس الشرقية الموحدة عاصمة لإسرائيل.
  • ولا تملك مجموعة الأحزاب المتنافرة المسماة "حكومة التغيير" عموداً فقرياً سياسياً، ولا قدرة فكرية لمواجهة معظم التحديات التي تواجهها دولة إسرائيل، والتي ستكون من مهمات الحكومة المقبلة، سواء تشكلت من الكنيست الحالي أو بعد الانتخابات. فإسرائيل ليست وحدها، وهذا الأمر تؤكده الأزمة العالمية حول الحرب في أوكرانيا، والمواجهة المتفاقمة بين وجهتي نظر متنافستين بشأن النظام العالمي، والتهديد بحدوث أزمة اقتصادية.
  • لكن فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني الذي له صلة مباشرة بنا، فثمة اضطراب وعدم فهم وغياب خط موجّه، ليس فقط لدى اليسار. ويتجاهل الذين يدّعون في اليسار أن إسرائيل هي المذنبة في مسألة عدم تحقيق السلام، عن قصد أو عن جهل، أن شرط الفلسطينيين الأساسي، سواء المعتدلين منهم مثل أبو مازن أو المتطرفين مثل "حماس"، لأي حل هو حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، ومعنى ذلك محو دولة إسرائيل. وكل ما تبقى، بما في ذلك حل الدولتين، ليس سوى أدوات موقتة لتحقيق هذا الشرط.
  • علاوة على ذلك، فإن إقامة دولة فلسطينية الآن لا يعني أن هذه الدولة ستكون خاضعة لـ"حماس" أو أطراف متطرفة أُخرى فحسب، بل أيضاً وصول إيران إلى حدودنا الشرقية، وتهديد استمرار وجود الأردن، وموجة لا تتوقف من الحروب. فالذين أداروا المفاوضات في اتفاقات أوسلو تجاهلوا هذه الحقيقة، وجلبوا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات، ورسخوا بذلك الوحدة الفكرية والعملية بين الشتات الفلسطيني وبين سكان الضفة الغربية وغزة. في المقابل تأمل بعض اليمين الإسرائيلي في أن البناء الهائل في كل الضفة الغربية سيقلب الواقع رأساً على عقب، بينما يوجد على الهامش نوع من حلف غير مكتوب بين عضوي الكنيست عوفر كسيف [القائمة المشتركة] وإيتمار بن غفير [الصهيونية الدينية]، ويسعى الاثنان، كل لأسباب مختلفة تماماً وعلى طريقته، نحو دولة واحدة من البحر إلى نهر الأردن، ومعنى ذلك القضاء بصورة مبرمة على إسرائيل كدولة يهودية.
  • إن جذور النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أيديولوجية، فهو ليس نزاعاً على الأرض، كما أنه ليس النزاع القومي الوحيد في العالم الذي لم يتم التوصل إلى حل له، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن التوصل إلى ترتيبات جزئية من شأنها أن تخفف حدة العنف وتضمن المصالح الإسرائيلية الأمنية والصهيونية، وفي الآن ذاته تترك مجالاً أوسع للفلسطيني من أجل إدارة شؤونه بنفسه. اليوم لا يوجد في الجانب الفلسطيني شريك جزئي أو غير ذلك، لذا فإن الوضع القائم سيستمر، وهذه هي الرسالة الوحيدة التي يمكن أن يحملها الرئيس بايدن معه، إذا حضر، لدى عودته إلى واشنطن.