إيران تلعب بالنار في مواجهة الولايات المتحدة
تاريخ المقال
المصدر
- الهجمات الإرهابية للحرس الثوري الإيراني، وهذه المرة على ناقلات نفط في الخليج الفارسي، هي دليل إضافي على الضغط والضائقة اللتين تشعر بهما طهران بسبب العقوبات الأميركية الشديدة. واشنطن تخنق، بالتدريج، الاقتصاد الإيراني، ويواجه آيات الله صعوبة في إيجاد مخرج ينقذهم من تضييق الخناق عليهم. الأوروبيون، كعادتهم، يبدون تفهماً لمصاعب إيران، لكنهم لا يفعلون شيئاً لمساعدتها. حتى روسيا والصين، الحليفتان المهمتان لنظام آيات الله، والمعروفتان بعدم تقديمهما هدايا مجانية، وحتى لو أرادتا المساعدة، فإن قدراتهما الاقتصادية محدودة.
- لقد قدّر الإيرانيون أن في إمكانهم الصمود حتى الانتخابات القادمة في الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، على أمل بأن تتغير الإدارة في واشنطن، ويخف الضغط الأميركي عليهم. لكن الاقتصاد الإيراني انهار في وقت أسرع مما قدّروا في طهران، والضائقة الاقتصادية زادت من الاحتجاج المدني الداخلي. وفرضت الصعوبات المالية تقليصاً للمساعدة السخية التي تقدمها إيران لفروعها في شتى أنحاء الشرق الأوسط، وبينهم حزب الله، ونظام بشار الأسد في سورية.
- لقد حاول الرئيس روحاني والمقربون منه من أتباع التيار المعتدل بشدة إيجاد حل سياسي بواسطة أصدقاء إيران في أوروبا، وأيضاً بمساعدة روسيا والصين. لكن اتضح بسرعة أن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، هما شخصان ثانويان، وأن الذي يصنع السياسة في إيران هم أفراد الحرس الثوري المعنيون بالمحافظة على قوتهم وتشجيع الإرهاب في شتى أنحاء الشرق الأوسط، حتى لو كان مَن سيدفع الثمن هم المواطنون في إيران.
- لقد قرر الإيرانيون إذن إشعال النار على أمل أن يفضّل الأميركيون منع التصعيد الذي سيضر بحلفائهم في الخليج، وبالتالي يوافقون على التخفيف من العقوبات. في المقابل، يأملون في طهران بأن تخضع أوروبا وحتى اتحاد دول الخليج للإرهاب، وأن تحث واشنطن على التنازل، أو يعملون لإرضاء الإيرانيين.
- إيران هي نمر من ورق. صحيح أنها قادرة على تخريب حياة جيرانها ونشر الإرهاب في المنطقة، لكن عندما تجري مواجهتها وتوضع لها خطوط حمراء، وعندما يكون هناك استعداد لضربها، تتراجع إلى الوراء. هذا ما حدث في سورية على سبيل المثال، حيث نجحت إسرائيل في كبح جهود إيران لإقامة موقع متقدم لها. بالإضافة إلى ذلك لا تملك إيران قدرة حقيقية على الوقوف في مواجهة القوة الأميركية، إذا توجهت نحوها بالكامل وبكل بحزم.
- تأمل طهران بأن تنجح في السير على حافة الهاوية من دون الوقوع فيها، وهي تعتقد أنها بواسطة تهديدات إرهابية ستنجح في تحقيق أهدافها والحؤول دون الانهيار الاقتصادي. ويبدو أن الإيرانيين يشجعهم تراخي المجتمع الدولي، وخصوصاً سلوك الولايات المتحدة الذي يفسّرونه بأنه ضعيف ومتردد. في النهاية، في الشرق الأوسط كما في الغرب المتهوّر، "إذا كنت تريد إطلاق النار فالأفضل أن تفعل ذلك"، وإلّا فإن أحداً لن يخاف من تهديداتك.
- لا يمكن الإنكار أن الولايات المتحدة ترسل رسائل متناقضة. فهي من جهة تطلق التهديدات الحادة ضد إيران، ومن جهة ثانية، توضح أنها تنوي مغادرة الشرق الأوسط وعدم الغرق من جديد في مستنقع النزاعات الإقليمية. توجّه واشنطن أصبع الاتهام إلى إيران بسبب مسؤوليتها عن الإرهاب ومهاجمة ناقلات النفط في الخليج الفارسي، وتهدد بالرد إذا تجرأت إيران على المس بمصالح أميركية. وفي المقابل، يبدي الأميركيون استعدادهم للدخول في حوار مع طهران، والأهم من هذا كله، هم لا يردون أبداً على هجماتها الإرهابية في المنطقة.
- باستثناء إسرائيل، ليس لدى دول المنطقة، وخصوصاً دول الخليج، القدرة على مواجهة إيران وحدها. واشنطن قد تضطر، ومن الأفضل عاجلاً وليس آجلاً، إلى ضرب إيران ليس فقط لردعها، بل أيضاً لمنع التصعيد والحرب.