على خلفية اجتماع نتنياهو مع بوتين: تريُّث إسرائيلي في إسقاط الطائرة المسيّرة خشية من أن تكون روسية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بينما كانت طائرة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا تزال في الجو في طريقها إلى موسكو، انشغلت القيادة الأمنية في إسرائيل بحادثة جوية تطورت في الشمال يوم الأربعاء. فقد أسقطت بطاريات صواريخ باتريوت إسرائيلية طائرة سورية من دون طيار تسللت إلى أراضي إسرائيل بعد مرورها من سورية إلى الأردن. لكن عملية الاعتراض سبقها تردد: وفقط بعد أن تأكدت إسرائيل أن هذه الطائرة ليست تابعة لسلاح الجو الروسي، أُعطيت الموافقة النهائية على إسقاطها.

•على هذه الخلفية جرت مخاطرة محسوبة. الطائرة من دون طيار التي أُسقطت كانت تحلّق بعمق يقارب عشرة كيلومترات داخل أجواء إسرائيل. ويمكن الافتراض أن التقصّي المسبق شمل استيضاحاً هاتفياً من الروس، بواسطة خط هاتفي تستخدمه الدولتان بينهما في السنوات الثلاث الأخيرة لمنع الاحتكاك.

•إن خلفية الحادثة، التي هي الثانية من نوعها خلال أسبوعين، لها علاقة بالهجوم الذي يشنه نظام الأسد ضد المتمردين في جنوب سورية. في منطقة درعا جرى التوصل إلى اتفاقات استسلام، لكن المدينة نفسها لم تسقط نهائياً في يد قوات الجيش السوري. بناء على ذلك، يوجّه النظام جهوده غرباً بالقرب من الحدود مع إسرائيل.

•الهدف الأول له هو الجيب الواقع تحت سيطرة فرع داعش، تنظيم اسمه جيش خالد بن الوليد، يتحرك في الجانب السوري من مثلث الحدود مع الأردن وإسرائيل. وتحدثت تقارير هذا الصباح عن هجوم جوي كثيف شنه سلاح الجو الروسي على هذا الجيب كمساعدة للنظام.

•الطائرة التي جرى اعتراضها بعد الظهر هي طائرة مسيّرة غير محملة بالسلاح، هدفها جمع معلومات استخباراتية. ومن المحتمل أنها ضلت طريقها. لكن لا يمكن استبعاد احتمال أن يكون مطلقوها أرادوا استغلال الفوضى على الحدود من أجل تصوير مواقع في إسرائيل. في جميع الأحوال، السياسة الإسرائيلية ثابتة: رد فوري على أي خرق للسيادة أو إطلاق النار على أراضينا (الذي ازداد مؤخراً على خلفية عودة النظام إلى جنوب سورية)، وأي خرق لاتفاقات الفصل في الجولان الموقّعة سنة 1974.

•حالياً، وفي ضوء اقتراب القتال من الجولان، تصر إسرائيل أكثر على الالتزام بقواعدها. ففي حادثة سابقة وقعت في نهاية حزيران/يونيو أُطلق صاروخ باتريوت في اتجاه طائرة من دون طيار (على ما يبدو تابعة لإيران أو حزب الله) اقتربت من المنطقة التي يوجد فيها عدد قليل من القوات في الجولان. الصاروخ أخطأ الهدف، لكن الانطباع الذي ساد في الجيش أن الرسالة وصلت إلى الطرف الثاني. في نهاية الأسبوع الأخير جرت مهاجمة موقع للجيش السوري، بعد إطلاق جيش الأسد قذائف في اتجاه المتمردين في القنيطرة "انزلقت" في اتجاه الحدود مع إسرائيل. 

•يشدد الجيش على أن الطائرة من دون طيار جرى رصدها وهي لا تزال في أراضي سورية، وجرت متابعة تحركها، وفي الوقت عينه تم إرسال طائرات حربية وطوافات ووُضعت بطارية صواريخ باتريوت في صفد على أهبة الاستعداد. من المعقول أن يثير التحقيق الداخلي  في سلاح الجو مسألة ما إذا كان من الضروري تقصير وقت الرد واعتراض الطائرة من دون طيار في وقت مبكر، أي قبل أن تتسلل إلى داخل أجواء إسرائيل. 

•ولكن يمكن الافتراض أن الاعتبار الأقوى الذي يفرض نفسه هنا هو سياسي - استراتيجي: لا يريد نتنياهو أن يهبط في موسكو ويكتشف أن مهمته الأولى هي تقديم تفسيرات لمضيفه الرئيس فلاديمير بوتين، بشأن إسقاط طائرة روسية مسيّرة. إسرائيل بحاجة حالياً إلى الروس في أمور كثيرة، وفي طليعتها تحقيق التعهد الروسي بإبعاد القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية عن حدود الجولان. وعندما يكون هذا هو الهدف المطروح، فإنها مستعدة هنا وهناك للقيام بمخاطرات معينة.