الحرب النفسية في ذروتها بين إسرائيل وإيران
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•في المؤسسة الأمنية يعتقدون أن إيران تواصل الاستعدادات تحضيراً لعملية انتقامية مهمة ضد إسرائيل. ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية في هذا التوقيت ليس صدفة، وهو يهدف إلى نقل رسائل إلى إيران تفيد بأن إسرائيل ترى الاستعدادت وتستعد لمواجهة رد مضاد واسع النطاق، بمدى ما ينفذ الإيرانيون التهديدات والاستعدادت التي يقومون بها قبيل عملية انتقامية.

•يمكن التقدير أن هذه الرسالة موجهة أيضاً إلى روسيا والولايات المتحدة، وهي تلمح إليهما بأن الأزمة الحالية أكبر كثيراً من التوترات التي نشأت بعد الهجوم الأميركي في سورية، وإذا لم يتدخلا لكبح الإيرانيين يمكن أن تُجر المنطقة إلى حرب. ويمكن أن نرى فيما ينشر اليوم جزءاً من حرب نفسية تقوم بها إسرائيل في مواجهة إيران، في محاولة لمنع الرئيس الإيراني روحاني من القيام بعملية ضد إسرائيل، ومن أجل دفع الروس إلى التدخل وإيقاف قائد فيلق القدس قاسم سليماني عن جر المنطقة إلى حرب.

•إذا لم تثمر مساعي نقل الرسائل العلنية عبر وسائل الإعلام وبالوسائل الدبلوماسية، واكتشف الجيش الإسرائيلي أن الإيرانيين يواصلون عملهم، فستواجه إسرائيل معضلة، هل تقوم بعملية إحباط مسبقة لضرب قدرات إيران الانتقامية من  أراضي سورية، وهذه عملية يمكن أن تؤدي إلى تصعيد إضافي. على المستوى العلني يطرحون في إسرائيل معادلة بسيطة: إذا هاجمتم فإن ردنا لن يكون متناسباً. ويمكن التقدير أيضاً أنه إذا كان الرد الإيراني محدوداً وصغير الحجم، فإنه سيكون لذلك انعكاس أيضاً على نوع رد إسرائيل التي هي غير معنيّة بنشوب حرب في الشمال.

تخوف من خطأ في الحسابات

 

•تنجم المشكلات المركزية في أحداث من هذا النوع عن خطأ في الحسابات والتقديرات المغلوطة، لكل طرف حيال عدوه، فيما يتعلق بنواياه الهجومية. بالنسبة إلى إسرائيل، الرسالة المركزية من هذه الرسائل هي: أنتم مكشوفون لنا، ونحن نرى نواياكم، ومن الأفضل أن تتراجعوا إلى الوراء. 

•في مقابل ذلك، الإيرانيون يستطيعون أن يفهموا من نشر هذه المواد  بأنها تحضيرات أخيرة من جانب إسرائيل في الأساس من أجل الحصول على شرعية دولية قبيل هجوم جوي واسع النطاق للجيش الإسرائيلي ضد القوات الإيرانية، بهدف تدمير قدرات إيران العسكرية في سورية. بالنسبة إلى إسرائيل هدف ما يُنشر هو كبح الإيرانيين وإشراك القوى العظمى في كبح التدهور ومنع التصعيد، لكن ليس من المستبعد أن التفسير الإيراني يختلف تماماً وأن التوتر فقط سيزداد. ما يجري هو لعبة بوكر متوترة وخصوصاً أن كل حركة غير صحيحة يمكن أن تكون لها نتائج كبيرة على الاستقرار الإقليمي.

•بحسب الادعاء الإسرائيلي، يستخدم الحرس الثوري خمسة مطارات من أجل بناء قدرته العسكرية في سورية، هي مطارات: حلب، ودير الزور، وT4، (مطار دمشق الدولي وسيقال). قد يبدو أن لا جديداً في هذه المعلومات، فقد استخدم الإيرانيون هذه المطارات طوال سنوات الحرب الأهلية في سورية. يقولون في إسرائيل إن الفارق هو أنه في السنتين الأخيرتين يستخدم سليماني الحرس الثوري كمقاول تنفيذي من أجل بناء ذراع جوية، كي يتحرك ضد إسرائيل عندما يحين الوقت بواسطة الطائرات من دون طيار وصواريخ أرض- أرض. والدليل أنه بحسب تقديرات في الجيش الإسرائيلي تسرّع إيران في الأشهر الأخيرة هذا التوجه، بينما التهديدات وحجم القتال ضد المتمردين تراجعا ويتطلبان نوعاً مختلفاً تماماً من الصواريخ التي يرسلها الإيرانيون إلى سورية.

 

حزب الله يتراجع خطوة إلى الوراء

 

•في 2015، وبعد قيام الجيش الإسرائيلي من الجوّ بقتل ضباط في حزب الله والحرس الثوري في هضبة الجولان، كانوا بحسب الجيش يخططون للقيام بهجوم على الحدود،  فإن الذي نفذ العملية الانتقامية كان حزب الله عندما أطلق صاروخاً مضاداً للدبابات (كورنيت) على قوة من الجيش الإسرائيلي، فقتل ضابطاً ومقاتلاً. حينها اختارت إسرائيل عدم الرد من أجل لجم التصعيد. فقد كانت العملية الانتقامية محدودة نسبياً، ولم ينفذها الإيرانيون بصورة مباشرة. هذه المرة يلمح حزب الله بصورة واضحة إلى أن ما يجري لا شأن له فيه. فإذا كانت إيران مهتمة بالرد ستضطر إلى أن تتحرك وحدها، لذلك تواجه طهران معضلة كبيرة: رد محدود صغير يمكن أن يُفسَّر كضعف في مواجهة إسرائيل. من جهة أُخرى، عملية انتقامية كبيرة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد كبير، في الوقت الذي من المتوقع أن يحسم الرئيس ترامب مستقبل الاتفاق النووي.

•كما قلنا في "معاريف" في الأسبوع الماضي، الرسائل الإسرائيلية ليست موجهة فقط إلى الروس الذين يكذب عليهم قاسم سليماني  ويهدد مصلحتهم الأساسية بالهدوء والاستقرار، بل إلى الأميركيين الذين يجب عليهم التدخل بصورة أكبر فيما يجري في المنطقة، وألاّ يكتفوا بالظهور كضيف لمرة واحدة من خلال هجوم رمزي. الرسالة موجهة هذه المرة أيضاً إلى رئيس إيران روحاني كي يكبح سليماني، الذي بحسب التقديرات في إسرائيل يقود خطاً متشدداً مستقلاً يتعارض تماماً مع موقف الرئيس في إيران.

•هل روحاني على معرفة بأنه يجري بناء ذراع جوية وقوة إيرانية متقدمة بهدف العمل ضد إسرائيل؟ في المؤسسة الأمنية يعتقدون أن سليماني يكذب عليه. وهذا طبعاً افتراض يتطلب تأكيداً ولا يمكن اعتباره حقيقة مؤكدة. وفي الواقع فإن التوترات بين الرجلين واضحة وتحاول إسرائيل اللعب عليها. إن الكشف عن الصور وصورة الوضع موجهة كي تصل إلى مسامع روحاني، فإذا كان عن طريق الخطأ لم يعرف ولم ير ماذا يجري في سورية، فإن هذه فرصته لإظهار ما يريده: هل هو مهتم بأن يجره قائد فيلق القدس إلى مواجهة عسكرية ضد إسرائيل على أرض سورية.