يجب على الحريديم الابتعاد عن نتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

•كان أول بيان مؤيد لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فور نشر توصيات الشرطة بإحالته إلى المحاكمة من رئيس اللجنة المالية عضو الكنيست موشيه غفني، وقد جاء فيه: "لرئيس الحكومة الحق في التمسك بالبراءة، ومن الناحية القانونية فإن توصيات الشرطة لا تقدّم ولا تؤخر، وخصوصاً في ضوء الأحداث الأخيرة التي جرت في الشرطة". بعده مباشرة أصدر نائب وزير الصحة، يعقوب ليتسمان، بياناً يقول فيه إنه "يشد على يد رئيس الحكومة نتنياهو، ومؤمن ببراءته، ويتمنى للحكومة، بعون من الله، أن تنهي أيامها بحسب القانون بما يخدم مصلحة مواطني إسرائيل".

•بذلك كان أعضاء الكنيست من الحريديم أول الذين وقفوا إلى جانب نتنياهو. كذلك أيّدت المقالات والتعليقات في الصحف اليومية الحريدية رئيس الحكومة، وحتى الرسوم الكاريكاتورية صورت نتنياهو مطارداً من دون سبب. ويبدو أن في إمكان الصحف الحريدية أن تعلّم صحيفة "يسرائيل هَيوم" درساً في الدفاع عن نتنياهو. 

•إن السؤال الكبير هو، ما الذي يدفع حقاً الحريديم إلى الوقوف هكذا إلى جانب رئيس الحكومة الغارق في خضم تحقيقات مهمة إلى درجة أن كرسيه يهتز؟ لماذا غفني الزاهد، الذي لم يركب يوماً طائرة مسافرة إلى الخارج، سارع إلى الدفاع بحماسة عن نموذج محب لمنع الحياة، نتنياهو يرتاد الفنادق الفاخرة والصالونات الفخمة مع سيجار وشمبانيا؟ لماذا ليتسمان المتواضع الذي يسكن منزلاً من ثلاث غرف في القدس يخرج عن طوره لمنح دعمه لرئيس حكومة متهم بالحصول على رشى وخيانة الأمانة والفساد؟ لماذا يتجاهلان ما جاء في التوراة التي تحرّم الحصول على رشى؟ أليس من المفترض أن يكونا هما بالذات، من يمثل التوراة والهلاخاه، منارة أخلاقية للشعب؟

•الرد الحريدي على هذه الأسئلة مركب. يساعد نتنياهو في ولايته الحالية عالم التوراة واليِشيفوت [المدارس الدينية] بأموال وقوانين متنوعة. وتعتبر الحكومة برئاسته من أفضل الحكومات بالنسبة إلى اليهودية الحريدية. والخوف من صعود يائير لبيد [زعيم حزب الوسط "يوجد مستقبل" العلماني] إلى السلطة هو خوف حقيقي. ومن الممكن أن يوجّه لبيد ضربة قاتلة إلى عالم التوراة واليِشيفوت [المدارس الدينية]. بالإضافة إلى ذلك، فإن القطاع الحريدي، كأقلية، يشعر بأنه مكروه ومطارد من جانب سلطات تطبيق القانون، ومؤسسات السلطة، ووسائل الإعلام، يتماهى مع الزعيم الذي ينجح في الإفلات من فكي المؤسسة، بل ويحتقرها.

•ومع هذا كله، يتعين على أعضاء الكنيست الحريديم أن يفكروا من جديد بشبكة علاقاتهم مع نتنياهو. إذ على الرغم من كل الهدايا والتقديمات، فإن الهدف (الحصول على أموال وتقديمات) لا يبرر الوسيلة (تجاهل الفساد والاحتيال). حتى لو كانوا لا ينوون تفكيك الائتلاف كان يتعين على  أعضاء الكنيست الحريديم إسماع صوتهم القوي ضد الفساد. وفي نظرة أوسع عليهم التخلي من شعورهم بالالتزام حيال نتنياهو، وأن ينظروا إلى الوقائع: وقائع استمرار عمل القطار الخفيف يوم السبت على الرغم من الوعود، مباريات كرة القدم التي تنتهك حرمة يوم السبت، وحتى القانون المتعلق بالمحلات لم يؤد إلى إغلاق سوبر ماركت واحد. ويبدو أيضاً أن نتنياهو اختار التهرب من إقرار قانون التجنيد المعدل، بخلاف ما جاء في الاتفاق الائتلافي.

•يجب على الحريديم أن يدركوا أن نتنياهو هو بطة عرجاء لا يمكنه الوفاء بوعوده. لذا من الأفضل أن يتراجعوا خطوة إلى الوراء وأن يمتنعوا من منح نتنياهو الشرعية التي يحتاج إليها كثيراً في هذه الأيام. لقد حان الوقت لتغيير الاتجاه: إصدار بيان أخلاقي واضح ضد الفساد، وبيان سياسي حكيم وموزون، يوضح أن الحريديم ليسوا في جيب نتنياهو.