الصراع على صورة الجبهة الشمالية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•ثلاثة أحداث منفصلة في الظاهر عن بعضها البعض، لخصت في هذا الأسبوع الصراع الدراماتيكي الدائر حالياً من أجل بلورة الجبهة الشمالية في سورية ولبنان.

•الحدث الأول هو إسقاط طائرة من دون طيار حلقت بالأمس بالقرب من الحدود مع إسرائيل. ليست هذه المرة الأولى التي تُسقط فيها إسرائيل طائرة من دون طيار تعود على ما يبدو للجيش السوري، وسبق عملية الإسقاط اتصال بالقوات الروسية الموجودة في المواقع السورية للتأكد من أن الطائرة ليست روسية، وذلك للحؤول دون وقوع مواجهة لا أحد يرغب فيها بين الدولتين.

•الحدث الثاني، هو الكشف عن قاعدة برية يقيمها الإيرانيون جنوب دمشق. لقد حذّرت إسرائيل أكثر من مرة في الأشهر الماضية من نية إيران إقامة قواعد دائمة في سورية، برية وبحرية، لكن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها الكشف عن دليل حقيقي من خلال صورة أقمار صناعية حديثة للقاعدة التي يجري بناؤها.

•الحدث الثالث، اتهامات رئيس الجمهورية اللبنانية وزعيم حزب الله بأن رئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري، محتجز في السعودية، بعد أن أجبرته المملكة على الاستقالة كجزء من الحرب التي تخوضها ضد إيران راعية الحزب. ويدل الكثير من التقارير المنشورة على أنه ليس من المستبعد أن تكون هذه الادعاءات صحيحة وأن السعودية فرضت استقالة الحريري.

•ظاهرياً، قد لا تبدو هناك علاقة بين هذه الأحداث الثلاثة. لقد أسقطت إسرائيل الطائرة من دون طيار على الرغم من أنها لا تشكل خطراً، وذلك كجزء من سياستها الواضحة بعدم التدخل في الحرب الأهلية في سورية، لكن أيضاً عدم السماح بإلحاق أي أذى بأراضيها أو سيادتها. وعملياً، فالمقصود هو أكثر من ذلك: الرسالة الموجهة إلى سورية (وإلى إيران، وحزب الله، المؤيدين لها) هي أن إسرائيل ليست مستعدة لأي لعبة في الجولان.

•ويصح هذا أيضاً على القاعدة الإيرانية. لقد أوضح رئيس الحكومة ووزير الدفاع مؤخراً أن إسرائيل لن تسمح لإيران بالتموضع في سورية، ومن المحتمل أن تتخذ خطوات لمنع ذلك. وما نشرته محطة إعلامية محترمة مثل "بي بي سي" نقلاً عن "مصادر استخباراتية غربية"، يحظى بأصداء واسعة في العالم ويحرج طهران، ويثير جدلاً دولياً بشأن الخطوات الواجب اتخاذها لكبح التمدد الإيراني.

•لقد أراد المحور الشيعي أن يحرج السعودية. إن تهمة وضع الحريري في الإقامة الجبرية في الرياض، والادعاء المقابل الذي صوّر الأمور كما لو أنه جرى تنسيقها مع إسرائيل، ليس ليس الهدف منهما فقط إظهار تدخل السعودية في الدول الأجنبية، بل هدفه أيضاً تخفيف العبء عن إيران التي ستدعي بالتأكيد الآن أن تحركاتها في سورية ولبنان تهدف فقط للدفاع عن نفسها من العدوانية السعودية.

 

•إن جميع هذه الخطوات هي نتيجة الصراع على الصورة المستقبلية للمنطقة الشمالية ما بعد الحرب الأهلية. ومنذ اللحظة التي زال فيها التهديد عن وجود نظام الرئيس الأسد، تتصارع القوى المعتدلة (الدول السنية المعتدلة وكذلك إسرائيل) مع القوى الراديكالية (المحور الشيعي خصوصاً)، ويرتفع حجم الرهان باستمرار. وتقضي المصلحة الإسرائيلية بالتأثير في هذه الصراعات في سورية ولبنان، ولكن عدم التورط داخلها، ويبدو أن هذه المهمة تصبح أكثر تعقيداً.