نشهد تشكل شرق أوسط جديد في ضوء ازدياد الوجود الإيراني
المصدر
دافار ريشون

[مقابلة مع د. راز تسيمت الخبير في الشؤون

الإيرانية حول المخاطر الحالية المحدقة بإسرائيل]

 

•حذّر رئيس الموساد يوسي كوهين، أول من أمس الأحد، وزراء الحكومة من تعاظم الوجود الإيراني في الشرق الأوسط. وقال إن السيرورة المركزية الحاصلة في المنطقة اليوم هي التوسع الإيراني، من خلال قوات إيرانية وأذرع محلية. وقال كوهين إنه "حيث يتقلص وجود داعش، تعمل إيران على ملء الفراغ". 

•د. راز تسيمت، خبير في الشؤون الإيرانية من "معهد دراسات الأمن القومي" و"منتدى التفكير الإقليمي"، يؤكد أن الواقع أكثر تعقيدا مما قد يُفهم من أقوال رئيس الموساد. وأضاف "يمكن القول إننا نعيش الآن المراحل الأخيرة من المعركة ضد داعش، سواء في العراق أو في سورية.... صحيح أن إيران تستغل دحر داعش كي تعزز مواقعها وتأثيرها هي، لكنها ليست اللاعب الوحيد والحصري".  

•يقول تسيمت إن ثمة عناصر عديدة تدخل إلى الفراغ الذي يتركه تنظيم "داعش". فـ"الأطراف الأساسية المهيمنة في سورية هي روسيا، تركيا والأكراد. صحيح أن نظام الأسد أصبح أقوى الآن مما كان عليه من قبل، وخصوصا بفضل الدعم الإيراني والروسي، وهو يتيح للإيرانيين تعزيز مواقعهم وتأثيرهم في سورية، لكنهم لا يتحركون هناك وحدهم". 

•وتابع: "في العراق أيضاً لا شك في أن المليشيات الشيعية التي يخضع بعضها للتأثير الإيراني، شكلت رأس حربة في الحرب ضد داعش، لكن الأشهر الأخيرة تشهد اتصالات تجري بينها وبين المملكة السعودية، خصم إيران المركزي، فيما تواجه إيران نفسها تحديات كثيرة، منها على سبيل المثال القلق الشديد حيال إعلان الأكراد استقلالهم. ينبغي الفصل ما بين الأهداف الإيرانية الواضحة في مجال امتلاك القدرات النووية وبين الظروف غير السهلة التي تراكمها التحديات أمامها ميدانيا". 

•سؤال: هل ثمة علاقة بين الوضع في الشرق الأوسط الآن وبين الاتفاق النووي الذي وقعت عليه إيران والولايات المتحدة؟ 

•تسيمت: "تحسنت أوضاع إيران الاقتصادية كثيرا في أعقاب الاتفاق المذكور وحققت زيادة كبيرة في مداخيلها، بفضل رفع الحظر والعقوبات في مجال تصدير النفط. هذا يمكّنهم من استثمار الأموال في منظومة الصواريخ وفي التدخل الإقليمي. لكن من الضروري التشديد على أن التعاظم الإيراني ـ كما أراه ـ ليس وليد الاتفاق النووي فحسب. لم يكن الاعتبار الاقتصادي هو المركزي بالضرورة، والدعم الإيراني للأسد وحزب الله قائم منذ ما قبل هذا الاتفاق أيضا. إن أكثر ما يدفع إيران إلى توظيف أموال وجهود أكبر في الشرق الأوسط هو الظروف الجديدة الناشئة، مثل تراجع "داعش" وضعفه. ينبغي القول في نهاية الأمر، إن الإيرانيين لم يروا بعد الثمار الاقتصادية المركزية المأمولة من الاتفاق. كثير من الشركات الأوروبية التي كانوا يأملون في عودة استثماراتها إليها لم تعد معنية بذلك، نظراً لتخوفها من ردة الفعل الأميركية. وهذا فضلا عن أن الاقتصاد الإيراني يواجه صعوبات ومعيقات منظومية تحول دون إشفائه وتأهيله حتى الآن".  

•سؤال: كيف يؤثر هذا علينا نحن؟

•تسيمت: "ينشط الإيرانيون في سورية على عدة مستويات. الحضور المباشر محدود جدا ويقتصر على بضع مئات من الجنود. لكن إيران تبذل جهودا كبيرة لزيادة تأثيرها في سورية. فقد رأينا هذه السنة مثلا أنها أرادت إنشاء ميناء بحري، علاوة على ما تمتلكه من تأثير اقتصادي كبير في سورية والعراق على حد سواء. وكلما ازداد التأثير الإيراني على حزب الله ازدادت التحديات أمام إسرائيل، وخصوصاً قرب حدودها الشمالية. لقد شهدنا محاولات لإنشاء بنى إرهابية قرب الحدود ومحاولة لإقامة مصنع لإنتاج الأسلحة والوسائل القتالية في جنوب لبنان. وبينما يحقق الأسد إنجازات ملحوظة، سيخرج الإيرانيون من هذه المرحلة أكثر قوة مما يعود بالضرر المباشر على إسرائيل".  

•سؤال: يبدو إذاً أن "داعش" أفضل بالنسبة لنا، بمعان معينة؟ 

•تسيمت: "يكمن الفرق بين داعش وإيران في حقيقة أن داعش كان يضع إسرائيل في مرتبة ثانوية من حيث الأهمية والأفضلية، بينما تضعها إيران وحزب الله في مرتبة عليا. أنا لا أعتقد بالطبع أن لإسرائيل مصلحة في أن يكون تنظيم داعش قوياً، لكن إذا كان البديل عنه هو حزب الله ففي ذلك ما يضع إسرائيل أمام تحد كبير". 

•سؤال: من سيحلّ محلّ "داعش"؟  

•تسيمت: "الخيار الأفضل بالنسبة لإسرائيل بالتأكيد، أن تحل محلّه أطراف غربية ـ أميركية تكون قادرة على فرض الوقائع وجدول الأعمال. حتى تركيا أفضل من إيران. وفي العراق أيضا يفضل أن يكون البديل عناصر مثل الحكومة المركزية في بغداد، لكونها أكثر اعتدالا وضبطا للنفس من المليشيات الشيعية العراقية. البيئة دينامية ومتغيرة ويتعين اختيار البديل الأقل سوءًا. وفي حال كان الخيار بين روسيا، حزب الله وإيران فالأفضل أن تكون روسيا. وحتى وإن كانت هذه الأخيرة غير متفقة تماما مع إسرائيل، فمن الأسهل التحدث معها".