قلّة خبرة خطرة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•بالأمس تجنّبت إسرائيل التطرق ولو تلميحاً إلى التقارير الآتية من الولايات المتحدة، والتي تحدثت عن كشف ترامب عن معلومات استخباراتية سرية للغاية خلال اجتماعه هذا الأسبوع مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وسفير روسيا في واشنطن. وهذا فقط ما كان ينقص المسؤولين الكبار في المؤسسة الأمنية: التورط في مشكلة مع ترامب الذي لا يمكن توقع ردود فعله، قبل زيارته إلى إسرائيل الأسبوع المقبل.

•في تقدير وسائل الإعلام الأميركية بالأمس أن المعلومات السرية وصلت من الأردن أو إسرائيل حيث لأجهزة الاستخبارات فيهما صلات وثيقة مع الاستخبارات الأميركية، كما أن لهاتين الدولتين قدرات جيدة. لدى الأردنيين قدرة أفضل على صعيد استخدام العملاء ويمكن افتراض أن إسرائيل تمتاز بالتكنولوجيا الاستخبارتية التي تغطي سورية وتنظيم داعش. وكانت صحيفة "نيويوك تايمز" ذكرت بالأمس أن المعلومات وصلت من إسرائيل، التي طلبت من الولايات المتحدة التعامل معها بمنتهى الحذر.

•وبغض النظر عن المصدر، فقد تناولت المعلومات مؤامرت إرهابية يخطط لها تنظيم داعش. ويمكن افتراض أن ترامب قال ما قاله بهدف تجنيد الروس وحثهم على العمل أيضاً ضد التنظيم الإرهابي، وهي جبهة يجرّون فيها أقدامهم جراً. لكن الكشف عن معلومات سيف ذو حدين، فالروس الذين يعملون في سورية من أجل تعزيز حكم بشار الأسد، يستطيعون نقل المعلومات إليه وربما أيضاً إلى حلفائه في الحرب الأهلية السورية - إيران وحزب الله. وكل طرف من هذه الأطراف يمكنه ان يستخدمها، إذا حصل عليها، بطريقة تعرض للخطر عمليات استخباراتية وتكشف مصادر معلومات. وفي عالم الظلال هذا ليس هناك من خطأ أكبر من خطأ عدم المحافظة على سرية المصادر وكشف عملاء. تذكروا قضية إيلي زعيرا [رئيس سابق للموساد، ومؤلف كتاب عن حرب تشرين/أكتوبر 1973 بعنوان "الواقع يحطم الأسطورة"] وقضية العميل المصري أشرف مروان.

•في الدولة الديمقراطية يجب على أجهزة الاستخبارات أن تقدم كل المعلومات التي في حوزتها إلى المستوى السياسي. وكان هناك زعماء في إسرائيل (مثل يتسحاق شامير ويتسحاق رابين) يطلبون الحصول ليس فقط على "ملخص تنفيذي"، بل وأيضاً معرفة مصادر هذه المعلومات. ومن الممكن افتراض أن ترامب لم يكشف المعلومات عن قصد، ولكن ببساطة، بسبب عدم فهمه لقواعد اللعبة الاستخباراتية. لكن إن كان فعل ذلك عن قصد، فتلك قصة أخرى تلامس الخيانة والتجسس.

•إن نقل معلومات إلى طرف ثالث من دون إذن من مصدرها، يلحق من دون شك الضرر بالثقة بين الدولتين، فالتعاون الاستخباراتي يعتمد قبل كل شيء على الثقة. ولا شك أيضاً في أن الأجهزة الاستخباراتية الأميركية محرجة من قلّة خبرة الرئيس. لكن ماذا تستطيع فعله؟ وهناك أيضاً مَن هم على مسار تصادمي معه، ونموذج على ذلك طرد ترامب رئيس الـ"أف. بي. آي" جايمس كومي من منصبه. في النهاية، ترامب هو الرئيس المنتخب والقائد الأعلى للجيش.

•وحتى قبل أن ينتخب رئيساً تورط ترامب في زلة لسان وتسريب معلومات استخباراتية حصل عليها حينها من خلال التقارير التي كانت تصل إليه.

 

•والآن تتحدث تقارير في أوروبا عن تفكير بعض الدول بعد الحادثة بتقليص تعاونها مع الولايات المتحدة. هذا كلام لا قيمه له، فالولايات المتحدة دولة عظمى استخباراتية، وجميع أجهزة الاستخبارات في العالم الغربي، وبالتأكيد في دول صغيرة مثل إسرائيل، تعتمد عليها. العلاقات هنا ليست علاقات متساوية. وحتى الذين يشعرون بالغضب من ترامب لا يستطيعون اتخاذ خطوات ضده لأنهم سيكونون عرضة للانتقام والعقاب الأميركيين. وإذا كان مصدر المعلومات بالفعل إسرائيل أو الأردن، فليس هناك ما يدعو إلى القلق- ستواصل الدولتان تعاونهما مع الولايات المتحدة، ولا سيما أنه ليس لديهما خيار آخر. لكن على الرغم من ذلك، فهما ستكونان أكثر حذراً.