تعيين ستيفن بانون مستشاراً لترامب هو لحظة الحقيقة ليهود الولايات المتحدة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•بعد أقل من أسبوع على الانتخابات في الولايات المتحدة، تقف الجالية اليهودية الأميركية أمام معضلة أخلاقية واضحة: العمل مع أو ضد الزعيم الأقوى في العالم، الذي عيّن إلى جانبه في منصب استراتيجي رئيسي ستيفن بانون الذي هو رجل معاد للسامية ومن الذين يؤمنون بتفوّق العنصر الأبيض.

•ستيفن بانون، الرئيس السابق لحملة ترامب الانتخابية، حوّل عن قصد الموقع الأخباري بريتبارت [Breitbart News] إلى ملتقى للعنصريين والقوميين البيض وكارهي النساء. ليس في إمكان أحد ادعاء أن هناك غموضاً حول مسألة أي رئيس يخطط ترامب لأن يكونه. إنه تحديداً الشخصية  الخلافية والخطرة نفسها التي ظهرت في المعركة الانتخابية.

•ومَن يحتاج إلى دليل على ذلك غير تعيين بانون، فيمكن أن يجده في رفض ترامب التراجع بعد الانتخابات عن خطابه الهجومي والترهيبي الذي استخدمه خلال الحملة. ففي مقابلة أجرتها معه مجلة "وول ستريت جورنال" سألته المجلة هل يأسف على تهجّمه ضد المسلمين والأميركيين من أصول لاتينية ومجموعات أخرى في المعركة الانتخابية؟ أجاب الرئيس المنتخب: "كلا، ففي نهاية الأمر انتصرت".

•في الأيام الأولى بعد الانتخابات، لم يكن في إمكان اليهود الأميركيين أن يفعلوا شيئاً غير أن ينتظروا بقلق إشارة تدل على شخصية الرئيس التي تتبلور أمام أعينهم. إن الأغلبية الكبيرة من يهود الولايات المتحدة هي ليبرالية - ديمقراطية وصوتت ضد ترامب بصورة جارفة، وقد شعرت بصدمة من جرّاء فوزه، لكنها أملت أن يتخلى ترامب قبل دخوله إلى البيت الأبيض باسم الوحدة عن الخطاب التحقيري الذي طبع حملته الانتخابية.  

•وفي مقابل أولئك، سمح اليهود الجمهوريون، حتى الذين لديهم تحفظات عميقة تجاه ترامب، لأنفسهم بالاحتفال، لأن الحزب الجمهوري سيسيطر حالياً على البيت الأبيض وأيضاً على هضبة الكابيتول. وقد تلقى العديد منهم رسائل تطمينية من جماعة ترامب - المحاميان جايسون غرينبلات وديفيد فريدمان، ومن صهر ترامب اليهودي الملتزم جيراد كوشنير - مفادها أن إدارة ترامب ستكون "جيدة لليهود" وخاصة لإسرائيل. 

•وبعد مرور يوم على الانتخابات وصلت عيّنة عما هو مقبل، فقد هاجم مات بروكس، رئيس الائتلاف اليهودي الجمهوري رابطة مكافحة التشهير [منظمة يهودية غير حكومية] بسبب سلوك المنظمة خلال المعركة الانتخابية، مدعياً أنه كان قاسياً للغاية تجاه مؤيدي ترامب. وقال بروكس: "لقد عرّضت رابطة مكافحة التشهير نفسها للخطر بإعلاناتها المتعلقة بقدرتها على مجادلة الإدارة المقبلة". وردّ رئيس الرابطة جوناثان غرينبلات متحدياً بأن هذا الأمر لن يمنع الرابطة من التحذير من العداء للسامية - مهما كان مصدرها.

•هنا تحديداً جوهر المشكلة. جمهوريون أوفياء ومنظمات يهودية كبيرة، سبب وجودها هو التوسط وإقناع مراكز القوة في الإدارة في الولايات المتحدة باسم المصالح اليهودية، سيشعرون بأن عليهم مواصلة الصلة مع ترامب. وستحثهم حكومة إسرائيل على القيام بذلك بذريعة أن البقاء مع الجانب الإيجابي في البيت الأبيض هو ضرورة استراتيجية، من دون أي يكون لذلك صلة بساكن هذا البيت أو بهوية مساعديه.

•فمن المتوقع أن تعمل هذه الهيئات على تطبيع ولاية ترامب من خلال تحويل الانتباه إلى وجود عناصر معادية لإسرائيل وللسامية في صفوف اليسار [في إدارة أوباما]، والقول إن هذا الأمر لم يمنعهم من التحاور مع البيت الأبيض خلال رئاسة باراك أوباما. وهذه تماماً الطريقة التي يدافع فيها بانون عن حركة ألت–رايت Alt-right [مجموعة يمينية متطرفة تنشط خاصة عبر مواقع الإنترنت] المعادية للمؤسسة الحاكمة والتي تعتنق أيضاً أشكالاً مختلفة من العنصرية البيضاء والعداء للسامية، ويرفض بانون أن تكون الحركة عنصرية، فهو قال في مقابلة أجراها معه الموقع الأخباري Mother Jones: "هل هناك قوميون بيض ينتمون إلى فلسفة ألت-رايت؟ محتمل، ومن المحتمل أن جزءاً من هؤلاء الأشخاص المنتمين إليها من المعادين للأجانب. لكن هذا يشبه كيف تجذب جهات من اليسار التقدمي ومن النواة الصلبة لليسار، أطرافاً معينة".

•من المستحيل القبول بمثل هذا الكلام، ففي سنة 2008 تخلى المرشح الرئاسي باراك أوباما عن عضويته في الكنيسة بسبب الكلام التحريضي لكاهن الرعية جيريمي رايت الذي هو كلام معتدل بالمقارنة مع كلام بانون الذي ينشره يومياً في برايتبارت. كما أن أوباما لم يضم رايت إلى معركته الانتخابية، ولم يعيّنه في منصب رفيع في البيت الأبيض.

•إن منظمات يهودية مثل الرابطة ضد التشهير لن تقبل ذلك. وكانت الرابطة المنظمة اليهودية الكبيرة الأولى والوحيدة في الولايات المتحدة التي أدانت تعيين بانون فور إعلانه.

•لو استمر العنف ضد الأقليات في الارتفاع وواصل البيت الأبيض بإدارة بانون التعامل مع ذلك باستخفاف وتجاهله أو شجعه، فإن الجمهور اليهودي الواسع وبخاصة اليهود الشباب لن يقفوا صامتين عندما ستقوم منظمات يهودية وزعماء إسرائيليون بإظهار أن ترامب أهل للمنصب من خلال لقاءات "حارة ومفيدة" ومجموعة صور تميّز أيام الرئاسة الأولى.

 

•هل اعتقدتم أن أيام الصراع ضد الاتفاق النووي مع إيران كانت صاخبة بالنسبة لليهود ولإسرائيل؟ انتظروا الآتي.

 

 

المزيد ضمن العدد 2495