•قبل سنة وفي مثل هذا الأسبوع، وُقع الاتفاق النووي مع إيران. ومن المفيد تقويمه بعد سنة، وبالتأكيد بعد أن اتضح خلالها أن الإيرانيين يلتزمون بما اتفق عليه الأطراف.
•لم أغيّر رأيي: لقد اعتقدت يوم توقيع الاتفاق أن الولايات المتحدة ضيّعت فرصة تاريخية بتنازلاتها، وأنها لم تستغل تفوقها الواضح منذ بداية المفاوضات من أجل التوصل إلى إنجازات أكثر أهمية. لقد كان في الإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل بكثير في كل ما يتعلق بتفكيك قدرات إيران النووية، وكذلك في الكفاح من أجل منع تحول دول أخرى إلى دول نووية في المستقبل. كانت إيران هي الطرف الضعيف الذي يحتاج إلى اتفاق، لكن الولايات المتحدة لم تستغل بصورة صحيحة الأوراق التي كانت لديها.
•بقيادة الولايات المتحدة، وبمساعدة لا يستهان بها من دولة إسرائيل، نشأت عشية المفاوضات جبهة واحدة تضم معظم دول العالم في مواجهة إيران، التي تدهور وضعها الاقتصادي إلى حد أجبر الإيرانيين على المضي نحو مفاوضات هدفها الأساسي إلغاء العقوبات. لا جدوى من الدخول في تحليل أخطاء الولايات المتحدة التي أدت إلى شعورها بضرورة التوصل إلى اتفاق. وفي المقابل أدرك الإيرانيون أن الولايات المتحدة لا تملك خياراً آخر غير الاتفاق. وهكذا تحولت موازين القوى في المفاوضات الى جانب إيران، وعرف مندوبوها كيف يستغلوا ذلك بصورة مثيرة للاعجاب.
•في الاتفاق حققت الولايات المتحدة هدفاً كبيراً مباشراً: تعهدت إيران بإخراج معظم اليورانيوم المخصب الذي لديها (كميات تكفي لصنع 4 قنابل). وقد فعلت ذلك وأبقت لديها كميات صغيرة من المواد المخصبة، من الآن وحتى نهاية فترة الاتفاق (أو حتى يجري خرقه قبل ذلك). بالإضافة إلى ذلك، الاتفاق قضى في الوقت الراهن حتى الآن على القدرة الإيرانية لإنتاج البلوتنيوم وتطوير مسار بديل لصنع السلاح النووي.
•إن التنازل الأميركي في المفاوضات كان جوهرياً. بدلاً من المطالبة بتفكيك القدرة الإيرانية، غيّر الأميركيون توجههم بصورة مطلقة، وأبقوا في يد الإيرانيين كل القدرات التي كانت لديهم في مسار تخصيب اليورانيوم ولكن بحجم أصغر، وأعلنوا أنهم سيراقبونه مراقبة شديدة. في هذه الأثناء لا يبدو أن الرقابة شديدة بل بالعكس. والأخطر من ذلك أن الاتفاق سمح للإيرانيين بالتقدم في مجالين مهمين لهما علاقة بالمستقبل النووي:
•يستطيعون مواصلة تطوير الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي للتخصيب، وهذا الجيل الجديد الذي في نهاية فترة البحث والتجربة (التي ستستغرق تقريباً الوقت الذي يستغرقه الاتفاق) سيتيح لهم التخصيب بحجم يفوق بـ 10 إلى 20 مرة ما يستطيعه الجيل الحالي.
•هم يستطيعون مواصلة تطوير الصواريخ الثقيلة والبعيدة المدى.
......
•لا تستطيع إسرائيل أن تبقى لامبالية حيال نتائج الاتفاق. وقد اتضح في وقت لاحق أن الولايات المتحدة مصرة على عدم استخدام الخيار العسكري بخلاف تعهداتها، ولذا يتعين على إسرائيل أن تكون مستعدة للقيام بنفسها بما هو مطلوب - إذا توجهت إيران نحو القنبلة. إن إخفاء مجريات المفاوضات عن إسرائيل، والتراجع عن التعهدات التي قُدمت لها، والنتائج في نهاية المفاوضات، تبرر تشاؤم المتشائمين في القدس. ومن المحتمل أن تكون هناك الآن فرصة لتغيير نظرة واشنطن.
•ومن أجل ذلك، يجب على إسرائيل أن تقيم منظومة عمل وثيقة مع الإدارة الجديدة التي ستبدأ العمل بعد نصف سنة في الولايات المتحدة. ومن المفيد تشكيل مجموعات عمل مشتركة، مهمتها الكشف عن أي خرق للاتفاق ووضع قوانين اللعبة الملائمة عند حدوث ذلك، أو عندما تبدأ إيران في بناء قوة نووية بعد انقضاء فترة الاتفاق.
•إيران هي الدولة الوحيدة التي من المحتمل أن تمتلك القدرة على تهديد وجود إسرائيل. ويتعين على إسرائيل الاستعداد لإزالة هذا الخطر بنفسها لو تحقق هذا الاحتمال، وفي الوقت عينه تجنيد الولايات المتحدة للانضمام إلى هذا الجهد الكبير.