حل جديد – قديم: دولة فلسطينية برعاية الأردن
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG
المؤلف

 

•مر 49 عاماً على توحيد القدس وحرب الأيام الستة، وبقي من الزمن سنة لبلوغ اليوبيل الذهبي، وهو موعد يستدعي حساباً صارماً للنفس: هل كانت هذه الحرب في الاجمال جيدة بالنسبة لإسرائيل أم أنها كانت سيئة؟

•إنها مراجعة حساب معقدة: في المديين القصير والمتوسط ساهمت هذه الحرب في الإحساس بقوة إسرائيل سواء داخلياً أم على المستوى الدولي. وارتفع منسوب التضامن مع إسرائيل، ووصل المتطوعون إليها من كل أنحاء العالم، وتحرر الإسرائيليون أنفسهم من الإحساس بالاختناق الذي فرضته عليهم الحدود الضيقة السابقة. ولكن من جهة أخرى، ومع مرور الأعوام، خيّم على هذا كله حقيقة واحدة عميقة الأثر مثيرة للجدل- فإسرائيل لم ترث فقط المناطق [المحتلة] بل أيضاً مليوني شخص لا ترغب في منحهم هوية. لذلك، فإنها غير قادرة أيضاً على ضم المناطق التي سيطرت عليها.

•إن السيطرة على الأشخاص وليست السيطرة على الأرض، هي التي يتولد منها مصطلح "احتلال": في حرب الاستقلال [حرب 1948] احتلت إسرائيل أراضي لم تكن لها في البداية، وضم الجولان مع سكانه مرفوض من المجتمع الدولي، لكنه بالتأكيد يثير ضجة أقل. إن السيطرة على مليوني شخص لا يحملون الجنسية هي سبب الانتقاد الصارم داخل المجتمع الدولي والانقسام المؤلم في الداخل. لقد خفف وجود السلطة الفلسطينية من الاحساس "بالاحتلال" المباشر، لكن غطاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية ما يزال قائماً. ولا مفر من وضع كهذا في غياب حل سياسي، لكن ثمنه فادح.

•ما هو الأكثر أهمية: السيطرة على جميع أنحاء أرض إسرائيل الغربية، أو استمرار وجودنا كدولة يهودية مستقلة؟ على ما يبدو هذا هو جوهر النقاش الدائر بين اليمين الإيديولوجي وخاصة الديني، وسائر الإسرائيليين. هل الدولة هي السبيل إلى خلاص أرض إسرائيل؟ أم أن أرض إسرائيل هي وسيلة وشرط ضروري لقيام دولة مستقلة؟ يبدو أن أغلبية الجمهور بما في ذلك أغلبية اليمين، تفضل مبدئياً وجود الدولة. على الرغم من ذلك يمكن أن تنجرّ رغماً عن إرادتها إلى قرار قد يؤدي إلى خسارة الدولة وذلك لصالح الأرض.

•لقد اتضح في الفترة الأخيرة أنه قبل خطر ذوبان الهوية اليهودية للدولة، فإن النقاش بشأن المناطق يمكن أن يؤدي إلى خسارة الطابع الديموقراطي لإسرائيل- ليس بسبب قرار مستقبلي يقضي بضم المناطق مع عدم منح المساواة بالحقوق للسكان الفلسطينيين، لأن المجتمع الدولي لن يسمح بمثل هذا القرار. إن انهيار الديمقراطية الإسرائيلية يحدث هنا والآن: سواء من خلال الضغط الذي يمارسه أشخاص معيّنون من اليسار على المجتمع الدولي لإخضاع إسرائيل لإرادته، أو بسبب العنف- الجسدي والكلامي- الذي يمارسه أنصار اليمين حيال العرب واليساريين معاً.

•وبالمناسبة، في هذا الشأن قد يكون أنصار اليمين على حق عندما يزعمون أن إسرائيل أيام سيطرة حزب مباي [اليساري] كانت أكثر سوءاً بكثير من الناحية الديموقراطية- فقد فرضت الحكم العسكري على العرب في إسرائيل، وقامت بعملية قبيه ومذبحة كفر قاسم وغيرها - لكن أنصار اليمين لا يفهون الخطر: فالعنف الذي استخدمته إسرائيل في عهد حزب مباي، وبرغم إشكاليته، كان استخداماً للقوة من جانب السلطة ويستند إلى مبدأين: الأول أن للسلطة دائماً الحق في استخدام القوة؛ والثاني أن العنف المستخدم كان بقرار واعٍ، كما أنه كان خاضعاً للسيطرة، وحتى للكبح والضبط من جانب محكمة العدل العليا. ولكن عندما تتفشى أجواء الكراهية والعنف في الشارع، يكون من الصعب جداً السيطرة عليها.

•وعلى أي حال، يظهر لدى الطرفين [اليمين واليسار] ميل للاستغناء عن النقاش المقنع الديمقراطي انطلاقاً من الإحساس بأن المسؤولية عن الحائط المسدود لا تقع على الفلسطينيين بل على الخصم الداخلي. ويمنح هذا  شرعية داخلية خطرة تسمح بالقيام بكل شيء من أجل وقف هذا الخصم الداخلي. وفي هذه الأثناء يستطيع الفلسطينيون أن يفركوا أيديهم فرحاً: فرفضهم الحصول على الاستقلال بشروط معقولة تضمن أمنهم ومستقبل إسرائيل يدفع الإسرائيليين أنفسهم إلى حافة حرب أهلية وانهيار داخلي.

•إن الخلاصة من هذا كله متعددة الأبعاد: على صعيد القيم لا يمكن اعطاء قيمة واحدة مهما بلغت أهميتها، الأهمية الحصرية، سواء كان المقصود أرض إسرائيل أو السلام. فالواقع المعقد يفرض حلولاً معقدة وتوازنات دائمة بين مختلف القيم. وعلى مستوى النقاش الداخلي هناك أحقاد بين المعسكرات، لكن على الرغم من ذلك يجب ألا يتمحور النقاش حول كيفية اخضاع الخصم الحقود، بل على ما هو الأصح والأفضل لحاجات الدولة. 

•وعلى الصعيد العملي المطلوب هو تحرك موجه محكوم بمبدأين: من جهة إرادة وحاجة لعدم السيطرة على الفلسطينيين، ومن جهة أخرى - إدراك أن قيام دولة فلسطينية مستقلة بشروط تحافظ على أمن إسرائيل ومستقبلها ليس ممكناً في المستقبل المنظور. 

•عملياً، معنى هذا الأمر هو محاولة العودة إلى صورة صيغة ما "للخيار الأردني"، يحصل الأردنيون في إطارها على رعاية الفلسطينيين أو يقيمون اطاراً سياسياً مشتركاً معهم، مقابل وقف البناء الإسرائيلي خارج الكتل الاستيطانية، وبذل الجهد للسماح بأكبر قدر ممكن من الحرية والحقوق للفلسطينيين مع المحافظة على أمن إسرائيل.