من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•إن التسوية المُفتعلة بين الليكود وحزب البيت اليهودي التي جرى بلورتها هذه الليلة (الأحد) في اللحظة الأخيرة، يجب ألاّ تلغي أهمية الحجج التي أثارها الوزير نفتالي بينت من خلال مطالبته بتعزيز المجلس الوزاري المصغر. إن الأحداث التي شهدها الأسبوع الماضي، إلى حين التوصل إلى اتفاق يتيح الآن لأفيغدور ليبرمان أداء اليمين كوزير للدفاع، يمكن أيضاً أن تشير إلى ما هو آتٍ؛ أي الصعوبات التي من المنتظر أن يواجهها الائتلاف اليميني الجديد.
•في أساس مطالبة بينت تعزيز مكانة المجلس الوزاري المصغر وجود عدم ثقة عميقة بطريقة اتخاذ القرارات الأمنية في القيادة السياسية. وعدم الثقة هذه موجهة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وبصورة أكبر إلى ليبرمان، بصفته وزيراً للدفاع؛ وهي موجهة ضد واقع قائم منذ سنوات طويلة، إذ يقوم رؤساء الحكومة ووزراء الدفاع، بالتنسيق مع قادة الأذرع الأمنية بتقليص متعمد لحجم المعلومات المهمة التي ينقلونها إلى أعضاء المجلس الوزاري المصغر؛ كما يستند هذا الشعور إلى خيبة أمل كبيرة من أداء مجلس الأمن القومي، الذي على الرغم من أن القانون يمنحه صلاحيات واسعة النطاق، فإنه لا يتمتع بمكانة مستقلة، وفي الأشهر الأخيرة أصبح من دون رئيس دائم له.
•حظيت الحجج التي يقدمها بينت بشأن ضعف المجلس الوزاري المصغر والمعلومات الجزئية التي يحصل عليها، وعجز أعضائه عن استيعاب المعلومات المقدمة إليهم، بسبب عدم وجود أمين سر عسكري مسؤول عن نقلها إليهم، بدعم غير علني من أعضاء آخرين في المجلس الوزاري المصغر الحالي. وفي نهاية الأسبوع الماضي أصدرت مجموعة من وزراء سابقين، وسياسيين ينتمون إلى معسكرات سياسية مختلفة اجتمعوا في لقاء عقده المعهد الإسرائيلي للديموقراطية، رسالة دعموا فيها مطالب وزير التعليم. وتعزز نظرة سريعة إلى تقارير صادرة عن لجان التحقيق ومكتب مراقب الدولة خلال العقد الماضي الادعاءات التي طرحها بينت بشأن كيفية اتخاذ القرارات وضعف المجلس الوزاري المصغر.
•فقد وجّه تقرير لجنة فينوغراد التي حققت في حرب لبنان الثانية انتقادات قاسية إلى الطريقة التي اتُخذت فيها القرارات يوم البدء بالحرب في سنة 2006. وأظهر التقرير ضعف مجلس الأمن القومي، والمجلس الوزاري المصغر الذي جرى تجاهله خلال الحرب، لأن أغلبية القرارات اتخذتها الهيئة السباعية غير الرسمية، أو اتُخذت من خلال استشارات شارك فيها قلائل لدى رئيس الحكومة آنذاك إيهود أولمرت. وجاء في تقرير مراقب الدولة في قضية الأسطول التركي سنة 2010، أن آلية اتخاذ القرارات لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تجري من دون "عمل طاقم نظامي يملك صلاحيات ويعمل بصورة موثقة ومنسقة"، وأن نتنياهو كان يعقد قبل مجيء الأسطول نقاشاً أسبوعياً من "حين إلى آخر"، من دون إعداد ومن دون مشاركة الهيئات المعنية بالاستعداد لمواجهة أسطول الحرية.
•أمّا فيما يتعلق بقضية الحرب على غزة، فتكشف مسودة تقرير مراقب الدولة التي نشرتها "هآرتس"، أن المجلس الوزاري المصغر كان مستبعداً عن معظم المعلومات الجوهرية قبل نشوب الحرب، وأنه حصل عليها بصورة جزئية خلالها. والخلل الأبرز هو المتعلق بتهديد الأنفاق الهجومية التي حفرتها حركة "حماس". وبينما كان نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون مُدركَين خطورة التهديد، والنوعية المحدودة للمعلومات الاستخباراتية التي لدى إسرائيل بشأن خطط "حماس"، والخطط العملانية الجزئية التي أعدها الجيش لمواجهة هذا الخطر، فإن أغلبية وزراء المجلس الوزاري المصغر لم يعرفوا شيئاً عن هذا.
•(.......)
•ثمة شك في أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه الليلة سيعزز فعلاً المجلس الوزاري المصغر، كما يدّعي الآن بينت. وفي أي حال من الأفضل استخدام تعزيز المجلس، في أحسن الأحوال، من أجل كبح وموازنة القرارات التي يتخذها بصورة خاصة الثلاثي: رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان. لكن التطور المقلق فعلاً ليس ضعف المجلس الوزاري، وإنما استقالة يعلون (بعد اكتشافه أن نتنياهو ينوي إعطاء ليبرمان حقيبة الدفاع).
•إن الخطر الأساسي المتمثل من التدهور إلى حرب، مثل الحروب التي وقعت في العقد الماضي، يمكن أن يتحقق من دون مبادرة إسرائيلية مخطط لها، وهذا الأمر يتعلق برجاحة واتزان الرأي أكثر من آلية اتخاذ القرارات. وإذا حللنا تقرير فينوغراد يمكننا أن نفهم أن المشكلة الأساسية في حكومة أولمرت لدى الدخول في حرب 2006 لم تكن مشكلة إجرائية، وإنما هي ضعف القيادتين السياسية والعسكرية اللتين ظهرتا عديمتي التجربة وغير حذرتين وغير متزنتين.
•وعلى الرغم من الحجج الأساسية التي طرحها بينت، فإنه لا يمكن طبعاً تجاهل السياق السياسي وراء المطالب التي قدمها. إن التأييد الذي حصل عليه بينت الأسبوع الماضي- أكان من أشخاص يؤيدون اقتراحه أم من الأطراف الراغبة في إسقاط الحكومة- تخدمه في تصوير نفسه وزيراً محتملاً للدفاع في الجولة المقبلة. وبالإضافة إلى تعهده الدفاع عن حياة الجنود وإعلانه أنه لا يريد شيئاً لنفسه أو لحزبه، فإن بينت بالتأكيد سعى لجمع نقاط من خلال اختياره الدخول في مواجهة مع نتنياهو بشأن مسألة أمنية أساسية. في المرة الأولى التي خاض فيها حزب البيت اليهودي بزعامته الانتخابات، أدّت خلفيته العسكرية وخلفية زملائه في الحزب دوراً أساسياً في الحملة الانتخابية. وكانت الرسالة الموجهة إلى الناخبين الشباب العلمانيين هي: كما اعتمدتم علينا، نحن الضباط المتدينين في الوحدات الخاصة للجيش، فليس هناك سبب في ألاّ تعتمدوا علينا في الكنيست أيضاً. وقد خدم هذا الخط بينت بصورة جيدة. ففي النقاش الحالي، خطا خطوتين إلى الأمام- إذ قدم نفسه بصفته البديل المستقبلي في حقيبة الدفاع- على الأقل حتى تراجعه بالأمس، تحت طأة الخوف من أن يُتهم بالتسبب بانهيار ائتلاف اليمين.