كيف نحسن ظروف حياة الفلسطينيين في غزة من دون أن نقوي "حماس"؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•في قطاع غزة، المجاور لإسرائيل، والواقع على بعد يسمح بإطلاق قذائف مدفعية على مستوطنات وإطلاق صواريخ على مطارها الوطني، يعيش مليونا فلسطيني. إنهم يتكدسون في منطقة قد تكون الأكثر اكتظاظاً في العالم، وهم يعيشون حياة بؤس، وكثيرون منهم يسكنون أكواخاً متهاوية، ويشربون مياهاً ملوثة، ويحصلون على التيار الكهربائي لساعات محدودة، ويصمدون بفضل المواد الغذائية التي توفرها لهم منظمة الأونروا. إنهم قنبلة موقوتة.

•تسيطر على قطاع غزة حركة "حماس"، وتنظيم إرهابي إسلامي متطرف، يلتزم بأيديولوجيا تنادي بتدمير دولة إسرائيل. وإذا كانت "حماس" تكبح أحياناً هجماتها ضد إسرائيل بسبب احساسها بالمسؤولية حيال سكان القطاع، فإن هناك تنظيماً إرهابياً آخر هو الجهاد الإسلامي، والشيء الوحيد الذي يكبحه هو الخوف من رد فعل "حماس" على تحركه.

•إن نزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة التي تبصق ناراً من حين إلى آخر وتنفجر كل بضع سنوات، يضع إسرائيل أمام معضلة. من الواضح أنه من الأفضل لها المساهمة في تحسين ظروف حياة السكان وتخفيف معاناتهم، وإتاحة المجال لبناء مرفأ، والسماح بالدخول والخروج الحر من وإلى القطاع. ولكن ما دامت "حماس" تسيطر على القطاع، فإن خطوات من هذا النوع ستعزز قوتها - وستقوي أيضاً الجهاد الإسلامي- وستزيد من احتمال نشوب جولة قتال أخرى. ومن دون شك، فإن هذا ليس هو الهدف المرغوب بالنسبة لإسرائيل ولجميع الذين يشعرون بأن "حماس" تشكل خطراً عليهم.

•هناك إمكانية اخرى هي تدمير البنية التحتية العسكرية لـ"حماس"- مخزونها الصاروخي، وقدرتها على انتاج الصواريخ، والأنفاق ومراكز القيادة- واغتيال زعاماتها. وفي إمكان الجيش الإسرائيلي القيام بهذا كله. بعد ذلك تستطيع إسرائيل المساعدة في تحسين ظروف حياة سكان غزة من دون الخوف من أنها بذلك تقوي "حماس". لكن من سيسيطر على قطاع غزة بعد أن تخسر "حماس" سيطرتها هناك؟ هذه هي المعضلة التي واجهتها إسرائيل في عملية "الجرف الصامد"، وكانت الخلاصة حينها أن "حماس" أفضل من كل البدائل الأخرى، والوضع الحالي هو النتيجة. 

•كيف يمكن قطع العلاقة المعقدة بين بؤس السكان الفلسطينيين في غزة وسلطة "حماس" هناك؟ من الضروري القيام بذلك من أجل إعادة الأمن إلى مستوطنات الجنوب. ومن دون شك يجب انهاء سلطة "حماس". لكن ما هي السيناريوات المتعلقة بالبدائل  من سلطة "حماس"، وما هو موقف مصر من الموضوع؟ هذه هي الأسئلة التي يجب توضيح الاجابات عنها قبل نشوب جولة قتال جديدة في القطاع.

•إن الخوف الدائم من الغرق في الوحل الغزاوي- الكابوس الذي أدى إلى الخطأ الكبير باقتلاع سكان مستوطنات غوش كطيف، والتخلي عن مستوطنات شمال القطاع وتعريض مستوطنات الجنوب القريبة لإطلاق القذائف الصاروخية - لا يمكن أن يشكل القاعدة الوحيدة التي توجه التفكير في الموضوع. فهذا الخوف هو الذي تسبب بنشوب ثلاث جولات قتال مع "حماس" لم تسفر عن أي تغيير للوضع. لذلك هناك حاجة  الآن إلى ما هو أكثر من تكرار هذه العمليات التي كلفت ثمناً باهظاً جداً.  

•يجب العثور على سبيل للتخفيف من سوء وضع السكان الفلسطينيين في قطاع غزة من دون أن نعزز في المقابل قوة "حماس" والجهاد الإسلامي، العدوان اللدودان لإسرائيل. وهذه مهمة ليست مستحيلة. ومن المحتمل أيضاً أن تكتشف إسرائيل أنها لن تضطر للقيام بهذه المهمة لوحدها.

 

 

المزيد ضمن العدد 2369