من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•في الأسابيع الأخيرة كشف الشاباك على الأقل ثلاث خلايا إرهابية في الضفة الغربية والقدس الشرقية كانت تخطط لهجمات بالسلاح الناري ضد إسرائيليين. هذه الاعتقالات وكتب الاتهام التي وجهت في أعقابها، أثارت الشكوك بشأن نيات بعيدة الأمد: هجمات انتحارية، خطف وإطلاق نار. وفي ضوء التصريحات المتكررة الصادرة عن كبار مسؤولي حركة حماس في غزة، فإن النية واضحة، وهناك مسؤولون كبار يريدون تحويل المواجهة العنيفة الدائرة في المناطق منذ أكثر من ثلاثة أشهر الى انتفاضة مسلحة. ومثل هذه الخطوة يمكن أن تكون لها انعكاسات بعيدة الأمد على الوضع في قطاع غزة.
•حتى الآن نجحت جهود متضافرة لإسرائيل والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في إحباط أغلبية خطط "حماس". وما يزال معظم العنف في الضفة وفي حدود الخط الأخضر، يتصف بكونه هجمات دهس وطعن. وحتى هجمات اطلاق النار التي تحدث أحياناً، كالهجوم الأخير والأخطر الذي نفذه مخرب من وادي عارة في وسط تل أبيب في 1 كانون الثاني/يناير، فإنها ليست من عمل تنظيمات إرهابية بل هي عمليات يقوم بها إرهابيون أفراد. لكن إذا نجحت خلايا "حماس" في الضفة في تنفيذ هجوم كبير، فإن مثل هذه الخطوة ستنعكس على ما يحدث على حدود القطاع حيث تدور منذ وقت طويل حرب أدمغة بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وأعضاء الذراع العسكرية في "حماس" الذين عادوا إلى حفر أنفاق هجومية في اتجاه إسرائيل.
•في أواسط كانون الأول/ديسمبر، خسرت "حماس" عضواً من هذه الذراع كان في الماضي من حراس غلعاد شاليط. ووفقاً لبيان الحركة قتل الرجل في انهيار نفق "شرقي خان- يونس". والشيء الوحيد في القطاع الموجود شرقي خان- يونس هو الحدود مع إسرائيل. خلال المعركة الأخيرة في غزة، أي عملية الجرف الصامد صيف 2014، اكتشفت إسرائيل 32 نفقاً هجومياً حفرها الفلسطينيون في اتجاه إسرائيل، حُفر نحو ثلث منها شرقي الجدار داخل أراضي إسرائيل. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه هدم جميع هذه الأنفاق، لكن منذ انتهاء الحرب تجددت الحفريات. وتوظف "حماس" جهوداً وأموالاً ضخمة في مشروع الأنفاق. والتقدير المعقول هو أن عدد الأنفاق التي تجاوزت الحدود يقارب عددها الآن ما كان عليه عشية عملية الجرف الصامد.
هل تبحث "حماس" عن مواجهة مع إسرائيل؟ الحكمة السائدة تقول: لا. فالقطاع لم يتعافَ بعد من أضرار الحرب التي وقعت قبل عام ونصف العام، ولم يحصل عشرات الآلاف من السكان على منازل جديدة أو منازل جرى ترميمها بدلاً من المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي. لكن من المحتمل حدوث سيناريوين آخرين:
•الأول، أن يؤدي نجاح "حماس" في تنفيذ هجوم كبير في الضفة الغربية إلى رد إسرائيلي ضد الحركة في القطاع، مما سيجر الطرفين نحو مواجهة لا يرغبانها (كما حدث عندما أدى خطف وقتل ثلاثة شبان في غوش عتسيون إلى تصعيد قبل عام ونصف العام). والثاني، أن يدفع الجهد الإسرائيلي من أجل تحديد موقع الأنفاق وتخوّف "حماس" من أن تبادر إسرائيل إلى الضرب أولاً، زعماء الذراع العسكرية في الحركة، محمد ضيف ومروان عيسى ويحيى السنوار، إلى القيام بهجوم من طرف واحد، برغم الثمن الباهظ الذي قد يدفعه القطاع.
يحيى السنوار، الركن الثالث في زعامة الذراع العسكرية في "حماس"، وهو رجل الاتصال المركزي بينها وبين الزعامة السياسية للحركة. وقد أُفرج عنه في تشرين الأول/أكتوبر 2011 في إطار صفقة شاليط. شقيقه محمد هو قائد لواء في الذراع العسكرية وكان من بين المخططين لخطف شاليط. وعندما أُفرج عن السنوار تعهد علناً بالعمل على تحرير "إخوانه"، سائر الأسرى الذين تركهم وراءه في الأسر الإسرائيلي. وفي الفترة الأخيرة نشرت "حماس" مقاطع من فيديو يعود إلى فترة خطف شاليط. والهدف من هذا النشر المحافظة على صورة "حماس" في وعي سكان القطاع بصفتها تنظيم "مقاومة" يقاتل إسرائيل، لكن هذا النشر يدل أيضاً على الأهمية الكبيرة التي ما تزال "حماس" توليها لعمليات الخطف كأداة لفرض تنازلات على إسرائيل.
•قد تشن "حماس" مستقبلاً عملية هجومية من خلال الأنفاق إذا شعرت بأن مشروع الأنفاق الهجومية معرض من جديد لخطر الانكشاف. وهناك أيضاً عناصر اضافية في الصورة الاستراتيجية تذكر بالوضع الذي كان سائداً في تموز/يوليو 2014 عشية الحرب، الأهم من بينها هو الضغط الكبير الذي تمارسه مصر على القطاع، فقد أغرقت قوات الأمن المصرية جزءاً كبيراً من أنفاق التهريب في رفح، مما زاد في تدهور وضع "حماس" الاقتصادي، التي كانت مداخليها تعتمد بصورة كبيرة على جباية الضرائب على البضائع التي كان يجري نقلها عبر الأنفاق.
•ومع أن إسرائيل تسمح بإدخال كميات كبيرة من البضائع يومياً عبر معبر كرم- سالم، إلاّ أن منع السكان من مغادرة القطاع من طريق إسرائيل (باستثناء حالات ناردة)، ما يزال مستمراً. وتزداد حدة الحصار بسبب رفض القاهرة فتح معبر رفح أمام الحركة. ومعدل فتح المعبر هو تقريباً مرة واحدة كل شهرين ليومين أو ثلاثة، وآلاف معدودة فقط من السكان ينجحون في المغادرة في كل مرة. وإذا كانت أجهزة الأمن الإسرائيلية طرحت قبل نصف عام أفكاراً تتعلق بمشاريع بعيدة الأمد في مجال البنية التحتية في القطاع- مثل إقامة مرفأ على الشاطئ وجزيرة اصطناعية- فإن جميع هذه الأفكار جرى حفظها بتوجيهات من المستوى السياسي.
•من المعقول أن تكون العقيدة الهجومية للحركة، من وجهة نظر الذراع العسكرية، برهنت فاعليتها في الحرب الأخيرة برغم الانجازات المحدودة. والأفكار التي بلورها محمد ضيف: نقل الحرب إلى أرض العدو، أي إسرائيل، بواسطة هجوم من خلال المعابر، واستخدام قوات كوماندوس من البحر (غطاسين) ومن الجو (استخدام المظلات)، أثبتت نفسها. كما اعتبرت "حماس" أن تساقط الصواريخ على وسط البلد انجاز، وقبل نهاية الحرب وجهت الحركة ناراً كثيفة من راجماتها نحو مستوطنات غلاف غزة بعد أن شعرت بأن سكان هذه المستوطنات هم نقطة ضعف إسرائيلية. جميع هذه الأفكار لا تزال قائمة.
•ماذا تفعل إسرائيل بشأن تحدي الأنفاق؟
•قبل بضعة أشهر تحدثت تقارير عن تقدم في بلورة حل تكنولوجي يمكنه المساعدة في تحديد أماكن الأنفاق وعن خطوات أولى لتنفيذه على الأرض. تحتفظ المؤسسة الأمنية بالتفاصيل الكاملة للخطط بصورة سرية، لكن مصدراً أمنياً رفيعاً قال في الفترة الأخيرة لـ"هآرتس"، إن الكلفة التقديرية لبناء سياج جديد حول القطاع ينطوي على رد تكنولوجي ملائم لمشكلة الأنفاق، لا تقل عن 2.8 مليار شيكل. ولا يظهر هذا البند الضخم في ميزانية الدفاع للسنة الحالية، ويقولون في وزارة الدفاع إن كل عمل لتحسين السياج في القطاع يجب أن يأتي تمويله من خارج الميزانية، لأنه من دون ذلك لا يمكن تنفيذ الخطط المتعددة السنوات للجيش الإسرائيلي.
•على غلاف العدد الأخير لمجلة "معراخوت" العسكرية تظهر صورة رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية وقائد كتيبة غفعاتي خلال الجرف الصامد. والمانشيت على الغلاف ملخص مأخوذ من مقال كتبه العقيد رومان غوفمان قائد لواء عتسيون اليوم (بيت لحم) عنوانه: "ما قبل حرب لبنان الثالثة - ضرورة تغيير عميق في مجال المبادرة على الصعيد التكتيكي". وتعمد محرّرو المجلة إبراز تمييز غوفمان بين: "المبادرة ومعها الخدعة، والجرأة والتصميم، هي التي ستحسم مصير المعركة المقبلة. إن الجيش الإسرائيلي لم يبرع في هذه المجالات خلال الجرف الصامد، ومن واجبنا أن نجري تغييراً عميقاً".
•إن مجرّد اعتراف الجيش بهذه الثغرات مهما كان متأخراً، مثير للإعجاب، وكذلك جزء من الخطوات التي اتخذت منذ جولة القتال الأخيرة في القطاع. لكن العناصر الأساسية في صورة الوضع في الجنوب، مثل الاستمرار في حفر الأنفاق وعدم وجود عائق فعال على الحدود مع القطاع، والحصار المشدد على غزة، تبقي مخاطر جولة جديدة على حالها برغم أن موازين القوى العسكرية كانت وتبقى مائلة إلى جانب الجيش الإسرائيلي.