تحليل: إيران تستخدم "الجهاد الإسلامي" على الحدود السورية، لكن الحركة قابلة للاختراق
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•تعكس أحداث الأسبوع الأخير في الشمال - إطلاق صواريخ كاتيوشا من سورية باتجاه مرتفعات الجولان والجليل الأعلى والرد شبه الفوري للجيش الإسرائيلي بضرب خلية تابعة لحركة "الجهاد الإسلامي" هي بحسب إسرائيل المسؤولة عن عملية إطلاق الصواريخ – هي محاولة إيرانية للإبقاء على جبهة محدودة يمكن من خلالها الاشتباك مع إسرائيل من دون إشعال حرب واسعة النطاق، ومن دون توريط زائد لشركاء إيران الأكثر أهمية في المنطقة، أي نظام الأسد في سورية، وحزب الله. لذلك، وعلى الرغم من فشل الهجوم على إسرائيل، يجوز افتراض أنه ستجري محاولات إضافية من هذا القبيل على الأقل مرة واحدة كل بضعة أشهر. 

•بدأ تسخين الجبهة الشمالية في مطلع العام 2013 بعد ما يقارب 40 عاماً من الهدوء شبه المطلق، كنتيجة جانبية للحرب الأهلية الدائرة في سورية.

في البداية، استخدمها حزب الله لشن هجمات محدودة رداً على قصف قوافل الأسلحة التي تعبر الحدود السورية - اللبنانية، وعلى عمليات استهداف نشطائه في لبنان - التي اتهم إسرائيل بتدبيرها. ولاحقاً استخدمت إيران بواسطة فيلق "القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، شبكتين محليتين في الجولان: الأولى، بقيادة القاتل [الأسير] المحرر سمير القنطار، مكونة من مواطنين سوريين دروز من قرية الحضر، والثانية وصفت بأنها إحدى قوات النخبة التابعة لحزب الله، موضوعة بقيادة جهاد مغنية. 

•بيد أن سلسلة العمليات التي نسبت إلى إسرائيل كشفت إلى أي مدى كانت هذه الشبكات قابلة للاختراق من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وقد جرى استهداف رجال القنطار ثلاث مرات على الأقل، وفي إحدى المرات عندما كانت المجموعة في طريقها إلى زرع عبوات ناسفة بالقرب من الحدود. أما مغنية ومساعدوه المقربون وجنرال إيراني كان ضابط ارتباط من قبل الحرس الثوري، فقتلوا في غارة قرب القنيطرة في كانون الثاني/يناير [2015].

•إن إطلاق القذائف الصاروخية في الأسبوع الماضي يدل على أن إيران وجدت وكيلاً جديداً على الحدود - شبكة تابعة لحركة "الجهاد الإسلامي"، وهو تنظيم فلسطيني سني يتلقّى، وعلى الرغم من الشرخ العميق بين الشيعة والسنة، تمويلاً وتوجيهات من طهران. لكن يبدو أن اللاعب الجديد في الساحة مكشوف أمنياً لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية بدرجة لا تقل عن أسلافه. فلم يقتصر الأمر على قتل أعضاء الخلية في عملية إسرائيلية انتقامية بعد مرور أقل من يوم واحد على إطلاق القذائف الصاروخية، بل إن جهات أمنية إسرائيلية أطلعت صحافيين في إسرائيل على أدق تفاصيل التسلسل القيادي للمجموعة، من اسم الضابط الإيراني الذي يشغلها من قبل فيلق القدس، سعيد إيزادي، إلى اسم ضابط الارتباط بالتنظيم الفلسطيني أكرم العجوري الذي يعمل بتكليف من رمضان شلح أمين عام حركة "الجهاد الإسلامي". 

•غير أن الاستعداد الإسرائيلي لكشف هكذا معلومات استخباراتية حساسة كهذه – وهذا قد يؤدي أيضاً إلى انكشاف مصادر [مخبرين] محتملين - يؤكد أن هناك اعتبارات أكثر أهمية في الميزان. والأمر يتعلق بالطبع بالمعركة التي يقودها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ضد الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى. ومن الحجج الرئيسية التي تسوقها إسرائيل ضد الاتفاق هو أن رفع العقوبات عن إيران سيؤدي إلى تدفق مليارات الدولارات إلى مجموعة كبيرة من التنظيمات الإرهابية التي تمولها إيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وقبل يومين من إطلاق صواريخ الكاتيوشا من سورية، قام رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة بزيارة ميدانية إلى قيادة المنطقة الشمالية، وألقوا نظرة على الأراضي اللبنانية. واستغل نتنياهو الفرصة ليردد أقوال قادة إيران وحزب الله الذين تعهدوا بمواصلة مقاتلة إسرائيل. 

•إن إطلاق صواريخ الكاتيوشا يؤكد ما كانت الاستخبارات الإسرائيلية تعرفه مسبقاً، وهو أن إيران معنية بمواصلة شن هجمات منخفضة الوتيرة من هناك ضد إسرائيل، مع أن نظام الأسد يسيطر فقط بصعوبة على 10% من الحدود مع إسرائيل في الجولان، وهذا إذا أخذنا في الحسبان الممر الذي يربط القنيطرة بمدينة دمشق وأيضاً الجيب الدرزي المتمثل بقرية الحضر. 

•وفي اللحظة التي شهدت فيها إسرائيل محاولة أخرى من هذا القبيل، فإنها ردت بقوة من خلال استهداف المجموعة المسؤولة عن الهجوم، فضلاً عن قصف مواقع اللواء 90 في الجيش السوري المشرف على الطريق التي تربط دمشق بالحدود. 

 

•كما سارعت إلى استغلال الحادثة لتسجيل نقاط في حربها الإعلامية ضد الاتفاق النووي. لكن المسألة هي أن المسؤولين في واشنطن لا يتأثرون بهذه الحجة بنوع خاص لأنهم يعتبرونها هامشية قياساً بما تصفه إدارة الرئيس أوباما بأنه مكسب كبير – أي وقف برنامج إيران النووي بفضل اتفاق فيينا. وحالياً يواجه نتنياهو على ما يبدو، صعوبة في حشد تأييد عدد كاف من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي ضد الاتفاق في الكونغرس، لكن هذه قصة أخرى.