تعقّد المصالح على الحدود السورية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•منذ نشوب الاضطرابات في سورية قبل أربع سنوات، تحولت الحدود مع إسرائيل إلى جبهة قابلة جداً للانفجار قد تجر أطرافاً عدة إلى دائرة العنف. فقد غيّر دخول "داعش" إلى المعركة وتحرك جبهة النصرة التي كانت في البداية متحالفة معه وأصبحت اليوم على عداء معه، جذرياً كلاً من الاستعدادات الإسرائيلية على الحدود وحاجة النظام السوري وحلفائه إلى الرد على التهديد الإسلامي المتزايد. هنا دخل الإيرانيون وحزب الله إلى الصورة.

•خلال العام الأول من المواجهات الداخلية السورية امتنعت إيران وكذلك حزب الله عن التدخل. لكن منذ تموز/يوليو 2012 وبعد الضربة القاسية التي تلقاها النظام جرّاء التفجير الدموي لقيادة الأمن القومي في دمشق، بدأ النظام في طهران وحزب الله يظهران تدخلاً أكبر، فبالنسبة إليهما شكل صمود الأسد مصلحة عليا نظراً الى كون سوريا مدماكاً أساسياً في "معسكر المقاومة"، وهي تمنح إيران موطئ قدم ونفوذاً في الشرق الأوسط. وبناء على ذلك، عبر آلاف المقاتلين الحدود اللبنانية في اتجاه سورية، بينهم رجال الحرس الثوري [الإيراني]، من أجل الدفاع عن نظام الأسد. وبدأ حزب الله بمعنى ما يملأ الفراغ العسكري الذي تركه النظام السوري.

•أدى سقوط مدينة القنيطرة في يد تحالف قوات الثوار بزعامة جبهة النصرة والجيش السوري الحر، إلى خطوتين بارزتين من جانب النظام السوري وحلفائه: الخطوة الأولى تجلت في جهد مركّز مشترك بين سورية وإيران وحزب الله من أجل استعادة المدينة من جديد، وحتى الآن نجحوا بصورة جزئية فقط؛ والخطوة الثانية استغلال خطر جبهة النصرة بوصفها الذراع الطويلة للقاعدة على أبناء الأقليات التي تعيش في المنطقة وبخاصة في جنوب سورية، من أجل تجنيدهم إلى جانب النظام. وهكذا وجد المسيحيون والدروز أنفسهم يتدربون على يد حزب الله وإيران ويقاتلون إلى جانب جيش الأسد ضد الثوار. وكان القاسم المشترك بين الجميع الدفاع عن البقاء والخوف من الخطر الإسلامي السني المتطرف.

•وكانت النتيجة الأساسية لهاتين الخطوتين بالنسبة إلى إسرائيل أنه للمرة الأولى في المواجهة بينها وبين حزب الله، ينتشر التنظيم الشيعي على جبهة أخرى في سورية إلى جانب جبهته العادية في جنوب لبنان. فإذا نجح الحزب في التمركز على الأرض وحقق هدفه باستعادة السيطرة على معبر القنيطرة من الثوار، فإن مستوى التهديد على إسرائيل سيرتفع ويزداد من نواح ثلاث: سيوسع حزب الله قدرته على جمع معلومات استخباراتية عن الجيش الإسرائيلي وعن المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة الاستراتيجية التي تتشكل من هضبة الجولان؛ وسيحاول أن يوسع خطره الصاروخي إلى منطقة جديدة، وبذلك يحسّن قدرته على ضرب السكان المدنيين في إسرائيل؛ كما سيحاول تجنيد مقاتلين وسط الأقليات التي تعيش في إسرائيل من دروز وفلسطينيين وعرب [المقصود عرب 48]، كذراع أخرى للقيام بهجمات ضد أهداف داخل إسرائيل. والدليل الحسي لهذه الطريقة في العمل أن اثنين من المخربين الأربعة الذين صفاهم سلاح الجو الإسرائيلي يوم الأحد، هم من أبناء عائلة كبيرة تسكن في القرية الدرزية مجدل شمس، المعروفة بولائها لسورية وتأييدها لنظام الأسد. 

•لكن ليس حزب الله وحد هو الذي يهدد إسرائيل، بل الواقع القابل للانفجار الذي يشكله وجود الثوار في هضبة الجولان. ففي النهاية، هؤلاء هم تحالف قوى مؤلف من تنظيمات إرهابية تشكل إسرائيل أحد أهدافه المستقبلية. وأكثر من مرة وقف مقاتلو أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة في مواجهة المنطقة الإسرائيلية وحاولوا إبراز وجودهم من خلال إطلاق النار في الهواء.

 

•لكن من المحتمل أيضاً حدوث السيناريو التالي: إذا نشأ وضع صعب في المواجهة مع الجيش السوري وحزب الله، فمن المحتمل أن يحاول الثوار المبادرة إلى مهاجمة الحدود مع إسرائيل من اجل جر الجيش الإسرائيلي إلى مواجهة مع السلطة الحاكمة السورية، أي الأسد وحليفه حزب الله. إن الإدراك بأن الجيش الإسرائيلي وحده قادر على كبح حزب الله، وبحسب رأي جهات كثيرة أيضاً بوسعه في توجيه ضربة قاضية إلى نظام الأسد وتسريع سقوطه، لهما دور أساسي في منظومة الاعتبارات لدى جميع تنظيمات الثوار، الإسلامية منها والعلمانية على حد سواء.