· علمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بدأ مع وزير الدفاع إيهود باراك، في خريف 2010، أي بعد عام ونصف العام من انتخابه لهذا المنصب، بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الجانبين، وذلك بوساطة أميركية، وتحت غطاء من السرية التامة حتى عن أعين كبار الوزراء، ورؤساء المؤسسة الأمنية. وقد وقع الاختيار للقيام بهذه الوساطة على الدبلوماسي الأميركي فريد هوف، الذي يعتبر خبيراً في شؤون رسم الحدود في المناطق المتنازع عليها. وقد أنهى هوف قبل عدة أيام مهمات منصبه في وزارة الخارجية الأميركية، وقام بكشف النقاب عن عدد من الرسائل والوثائق المتعلقة بهذه المفاوضات.
· ووفقاً لتلك الرسائل والوثائق، فإن هذه المفاوضات جرت على أساس موافقة إسرائيل على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان وإعادتها إلى السيادة السورية، وذلك في مقابل اتفاق سلام نهائي يشمل تطبيع العلاقات وتبادل السفراء بين الدولتين. وقد فوجئ الأميركيون من استعداد نتنياهو لأن يقترح على السوريين انسحاباً [من الجولان] أعمق من الانسحابات التي اقترحها أسلافه في هذا المنصب بدءاً بيتسحاق رابين، ومروراً بباراك، وانتهاء بإيهود أولمرت. وتمثل فحوى ما اقترحه نتنياهو في الانسحاب إلى خط الحدود المسمى "خط 4 حزيران/ يونيو 1967"، أي حتى خط المياه المحاذي لبحيرة طبرية.
· وقالت مصادر أميركية رفيعة المستوى لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن نتنياهو وباراك وافقا على الانسحاب إلى خط الحدود هذا في مقابل اتفاق سلام تكتفي إسرائيل فيه بالإعراب عن أملها في أن تقدم سورية على قطع علاقاتها الخاصة مع إيران، أي من دون أي التزام رسمي في هذا الشأن من جانب الأسد. ومع ذلك لم يتم الاتفاق بين الجانبين على الجدول الزمني المتعلق بالانسحاب الإسرائيلي، إذ طالب السوريون بتنفيذ الانسحاب في غضون فترة لا تتجاوز عامين ونصف العام، بينما طالبت إسرائيل بفترة أطول.
· وأكد مصدر سياسي أميركي رفيع المستوى للصحيفة أنه لولا الحرب الأهلية التي اندلعت في سورية في بداية سنة 2011 لكانت هذه المفاوضات استمرت، ولكان الجانبان توصلا في نهاية المطاف إلى اتفاق. وأشار هذا المصدر نفسه إلى أن نتنياهو اختار استئناف المفاوضات مع الأسد كي يبرر الجمود المسيطر على المفاوضات مع الفلسطينيين، وكي يحاول إضعاف "محور الشر" الذي يضم كلاً من سورية وإيران ولبنان ومنظمة حزب الله.
· وكان كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما، ونائبه جو بايدن، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومستشار الأمن القومي توم دونيلون، والمستشار الخاص للرئيس دنيس روس، والسفير الأميركي في إسرائيل دان شابيرو، على علم بهذه المفاوضات. ومثّل سورية في هذه المفاوضات وزير الخارجية وليد المعلم، غير أن الوسيط الأميركي هوف عقد عدة اجتماعات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
· وفي الجانب الإسرائيلي علم بهذه المفاوضات، فضلاً عن نتنياهو وباراك، كل من السكرتير العسكري السابق لرئيس الحكومة اللواء يوحنان لوكير، والمستشار السابق لشؤون الأمن القومي عوزي أراد، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة رون دريمر، والمبعوث الخاص لرئيس الحكومة المحامي يتسحاق مولخو، والسكرتير العسكري السابق لوزير الدفاع العميد احتياط مايك هيرتسوغ. ووقع جميع هؤلاء وثيقة خاصة تلزمهم الحفاظ على السرية التامة. وكانت الاجتماعات الخاصة المتعلقة بهذه المفاوضات تعقد في بيت رئيس الحكومة في القدس، أو في بيته الخاص في قيسارية، أو في مكتب المحامي مولخو في تل أبيب، وليس في ديوان رئيس الحكومة. وحرص رئيس الحكومة ووزير الدفاع على إخفاء أي معلومات في هذا الشأن عن كبار الوزراء، وكبار المسؤولين في أجهزة الاستخبارات، وفي جهاز الأمن العام [شاباك]، وجهاز الموساد. كما نفى ديوان رئيس الحكومة في بداية سنة 2011 نبأ نشرته صحيفة كويتية ونقلت في سياقه تصريحات أدلى بها دنيس روس في إثر اجتماع عقده مع وليد المعلم وأكد فيها أن سورية على استعداد لاستئناف المفاوضات، وأن لدى إسرائيل "استعداداً تاماً" للانسحاب من الجولان بصورة كاملة.
· وتعقيباً على هذه المعلومات قال بيان صادر عن ديوان رئيس الحكومة إن "الحديث يدور على مبادرة واحدة من سلسلة مبادرات عرضت على إسرائيل في الأعوام الأخيرة. ولم توافق إسرائيل في أي مرحلة على هذه المبادرة الأميركية." وأضاف البيان أن "هذه المبادرة أصبحت الآن قديمة وليست ذات صلة، والنشر عنها في الوقت الحالي ناجم عن أهداف سياسية."