خطاب نتنياهو الذي يحذر من محرقة جديدة تهدد اليهود سبب هجرة الشباب من إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • ليس من المستغرب أن يكون الموضوع الأساسي الذي يشغل الجمهور في إسرائيل هو سفر الشباب وهجرة الأدمغة إلى دول الرخاء في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا. فزعماء إسرائيل ولا سيما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يحذر من محرقة جديدة تهدد اليهود، لا يقدمون أي أمل للجيل الشاب.
  • لقد عاد نتنياهو هذا الأسبوع إلى جامعة بار إيلان لتحديث الخطاب الذي ألقاه هناك قبل أربعة أعوام ونصف حين أيد لأول مرة دولة فلسطينية. في هذه المرة، صوّر نتنياهو الإيرانيين وكذلك الفلسطينيين وكأنهم نازيون، واستخدم مساعد أدولف هتلر المجرم النازي ديتر فيسليتسني كي يصف المفتي الحاج أمين الحسيني باعتباره شريكاً في المحرقة، وليوبخ السلطة الفلسطينية لإحيائها ذكرى الحسيني. خلاصة الكلام واضحة، فاستناداً إلى كلام نتنياهو، لا يمكن التحاور مع ورثة شركاء النازيين الذين عايشوا "أجيالاً من التحريض"، وفي الامكان التوصل إلى اتفاق فقط حين يوافق الفلسطينيون على مطالب مرفوضة من جانبهم - أي الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية" وترتيبات أمنية بعيدة المدى.
  • في اليوم التالي للخطاب، استقبل نتنياهو في القدس رئيس تشيكيا ميلوش زمان، وقارن ضمنياً بين الوضع الحالي في إسرائيل ووضع تشيكوسلوفاكيا سنة 1938. والرسالة هي أن الغرب من خلال تقربه من إيران، يساهم في تعريض إسرائيل للتدمير مثلما جرت التضحية بتشيكوسلوفاكيا عندما حاولت بريطانيا استرضاء هتلر.
  • يمكننا أن نفهم الدوافع السياسية لنتنياهو، فتأييده المتحفظ لدولة فلسطينية [في خطاب بار إيلان 2009] كان يهدف آنذاك إلى إرضاء الرئيس باراك أوباما، وكان بمثابة دفعة مسبقة على حساب عملية أميركية في المستقبل ضد المنشآت النووية في إيران. وعندما أدرك نتنياهو أن أوباما لن يتحرك ضد إيران، رد عليه بالتخلي عن حل الدولتين وبتدمير أساس المفاوضات مع محمود عباس، وبتصوير تسيبي ليفني وكأنها تتمسك بالبقاء في الحكومة وإدارة مفاوضات عقيمة.
  • لكن خطورة رسالة نتنياهو تجاوزت غرف المفاوضات ووصلت إلى كل مواطن في إسرائيل: فإذا كانت دولة إسرائيل على طريق الدمار والموت، أو على طريق الحرب التي لا نهاية لها مع ورثة النازيين، يصبح في الإمكان تفهم الشباب الذين يبحثون عن مستقبلهم في أماكن أخرى.
  • يتجاهل نتنياهو المخاوف الاقتصادية للطبقة الوسطى، ويتمترس وراء خطاب المحرقة، وتقوم حكومته بتطبيق جدول الأولويات الذي يتبناه حزب الليكود منذ 1977، أي ضم الضفة الغربية ورعاية المجتمع الحريدي المعفى من الخدمة في الجيش ومن العمل. 
  • لقد تبددت منذ وقت طويل الوعود الجوفاء للشركاء في الائتلاف بشأن "المساواة في تحمل العبء" [أي تطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية على تلامذة المدراس الدينية]، ولم يبق سوى توبيخ المساكين الذين استوعبوا رسالة نتنياهو واختاروا لأنفسهم مستقبلاً أكثر ضمانة في الخارج.