· فقط الآن، بعد نصف سنة على الحرب على لبنان، توجّهت المؤسسة الأمنية إلى الجنرال احتياط عاموس مالكا وطلبت منه أن يتفحص كيفية بناء نظام متوازن لمواجهة الأخطار على المستوى الوطني، كما لو أنه لم يكن عندنا مؤسسة أمنية ولم يتم بناء الجيش طوال 58 عاماً.
· فجأة أخذوا يتذكرون أن الوزير السابق دان مريدور أكمل، قبل عدة أشهر من الحرب، دراسة شاملة عن مفهوم الأمن الإسرائيلي. وبحسب الطريقة التي أديرت فيها الحرب يمكن الافتراض بأن أحداً لم يكلف نفسه عناء قراءة هذه الدراسة بجدية. لكن الآن، بعد نصف سنة، يتم استدعاء مريدور لقراءة التحقيقات العسكرية ولإضافة فصل عن مفهوم الأمن الإسرائيلي.
· بعد نصف سنة من الحرب تواجه إسرائيل وضعاً إستراتيجياً نادراً، إذ أن صورة التهديدات الآن واضحة كما لم تكن من قبل. كما أن الثمن الذي سندفعه، إذا لم نفعل شيئاً ضد هذه التهديدات، واضح جداً. ويعود الفضل في ذلك كله إلى نتائج حرب لبنان. إن المحور الراديكالي الذي تقف إيران في مركزه يزداد قوة. كما تتوثق عرى الصلة بين حماس وإيران بهدف تصعيد عدم الاستقرار الإقليمي، وذلك ليس في مواجهة إسرائيل وحدها، وإنما في مواجهة الدول العربية المعتدلة أيضاً. هذه العملية تنضج على مهل ويمكن أن تنفجر في وجوهنا في سنة 2008. أما السلاح النووي الإيراني فإنه، على ما يبدو، ينضج على مهل أكثر حتى سنة 2010.
· في الأشهر المقبلة لن تكون إسرائيل في قلب جدول أعمال حزب الله بعد الضربة القاسية التي تلقاها، وبسبب انهماكه في ترميم قوته العسكرية. وسيكون اهتمام حزب الله منصباً على لبنان الداخل، أي على منع سيطرة رئيس الحكومة السنيورة على لبنان، ومنع تطبيق القرار 1701، ومنع إقامة المحكمة الدولية التي ستتهم سورية بالمسؤولية عن اغتيال الحريري. لكن هذا السيناريو يمكن أن يتغيّر بسرعة فائقة. ومن الممكن أن يتدهور لبنان إلى وضع من عدم الاستقرار، ويحتمل أن نجد أنفسنا مرة أخرى خلال السنة المقبلة في قلب عاصفة في الشمال. كذلك فإن السوريين لن يمضوا إلى الحرب غداً. لكنهم يعززون قوتهم. والسلطة الفلسطينية في وضع هشّ.
· في ظاهر الأمر يبدو الوضع ليس سيئاً. في الأشهر المقبلة لن يهطل المطر، لكن الغيوم موجودة وتتجمع. ويوجد أمام إسرائيل نافذة فرص غير كبيرة لتبديد هذه الغيوم بطرق سياسية، وبالتعاون مع الدول العربية المعتدلة. أما نافذة الفرص التي أمامها لبناء رد عسكري على هذه الغيوم فهي نافذة أصغر.