ضباط في فرع إيران في شعبة الاستخبارات العسكرية [أمان] يتحدثون عن التحدي الإيراني
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

[أجرى المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، مقابلة مع 4 رؤساء أقسام في فرع إيران في الاستخبارات العسكرية أمان، أحدهم برتبة نقيب والآخرون برتبة رائد، بينهم امرأتان. وتجدر الإشارة إلى أن فرع إيران يهتم اليوم بالربط بين ساحتين مركزيتين: الإيرانية والسورية. ويهتم بتحليل ما يجري في الداخل الإيراني، ولا سيما حركات الاحتجاج والأزمة الاقتصادية والبرنامج النووي الإيراني. وبحسب فرع إيران، هناك 5 مكونات تؤثر في عملية اتخاذ القرارات في قيادة الحرس الثوري. المكون الأول، الوضع الداخلي في إيران واستقرار السلطات والهدوء العام والاجتماعي. وبحسب أرقام شعبة الأبحاث في أمان، فإن نحو 80% من الجمهور الإيراني لا يؤيدون نظام الملالي؛ المكون الثاني هو الوضع الاقتصادي؛ والثالث هو الرغبة في خلق هدوء داخلي وخارجي في مواجهة التهديدات العسكرية؛ والرابع القوة الصناعية الإيرانية؛ والخامس والأخير هو السياسة الخارجية. نقتطف من هذه المقابلة الطويلة القسم المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، والرؤية الإيرانية للأزمة الداخلية في إسرائيل].

الخروج من الاتفاق النووي - خطأ استراتيجي

  • القرار الأحادي الجانب الذي اتخذته الولايات المتحدة بالخروج من الاتفاق النووي هو خطأ استراتيجي، في نظر عدد من كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية. من جهة، بسبب التقدير أن الخروج الأميركي من الاتفاق سيؤدي إلى نتيجة عكسية، وإلى تقدُّم دراماتيكي في السباق الإيراني نحو القنبلة، ومن جهة أُخرى، بسبب عدم وجود استعداد لعملية عسكرية. وفقط في العامين الأخيرين، وبتأخير كبير، بدأت الاستعدادات لعملية عسكرية تأخذ زخماً كبيراً.
  • في رأي ضابط كبير في أمان: " خلال سنوات الاتفاق النووي، تقلصت المهمات التي لها علاقة بإيران. وبدأت إيران بالتدخل في المنطقة والتواجد فيها. والسبب الأساسي لذلك هو الحلف مع حزب الله، ومع الرئيس الأسد في سورية في صراعه ضد تنظيم الدولة الإسلامية وأطراف من المعارضة السورية، حلف انضم إليه الروس لاحقاً."
  • وتابع: "من ناحية إيران، هذه كانت فرصة لتعزيز نفوذها وبناء نظام من القوى في مواجهة الحرب المقبلة ضد إسرائيل. إيران اليوم هي التحدي الأكبر بالنسبة إلى إسرائيل، بسبب برنامجها النووي، وبسبب نقاط الاحتكاك الكثيرة بها."
  • وأكبر دليل على ذلك التوتر الأمني على الجبهة الشمالية: المسيّرة الإيرانية التي أسقطتها إسرائيل بعد تسلُّلها من سورية إلى هضبة الجولان، وقبلها التقارير التي تحدثت عن مقتل ضابط في الحرس الثوري كان، على الأرجح، يعمل مستشاراً لدى حزب الله في مجالات عسكرية مختلفة، بينها الصواريخ الدقيقة، والهجوم الجوي المنسوب إلينا. كل ذلك، بالإضافة إلى ازدياد وتيرة الهجمات على أهداف إيرانية، وأُخرى تابعة لحزب الله في سورية، والمنسوبة إلى إسرائيل، رداً على الهجوم الذي وقع بالقرب من مجدو. يدل تسلسُل هذه الأحداث، بوضوح، على تفاقُم التصعيد في مواجهة إيران. بالنسبة إلى إسرائيل، التهديد يزداد تفاقماً، وسيكون معقداً ومتعدد الأبعاد. وبالإضافة إلى النووي الإيراني، فإن التهديدات على طول الحدود وتوطيد العلاقة بين إيران وحزب الله و"حماس" وأطراف "إرهابية" أُخرى على الساحة الفلسطينية تشغل بال رؤساء المؤسسة العسكرية في الليل والنهار.
  • الرائدة أ، رئيسة القسم الخارجي في فرع إيران، تشرح عملها بالقول: "نهتم بما تريد إيران إظهاره للخارج، وما هي مصالحها، وكيف يتشابك برنامجها النووي مع علاقاتها بالدول الأُخرى." وتشرح الرائدة أ: "إيران اقتربت جداً من الدرجة الأعلى في تخصيب اليورانيوم 90%، والتي بعدها تستطيع البدء بتطوير سلاح. وصولها إلى هذه الدرجة من التخصيب يشكل أداة ضغط كبيرة على العالم. وهي ستستخدم السلاح النووي للردع، لذلك، يحرصون في طهران على إعلان كل تقدُّم في البرنامج النووي، مهما كان ضئيلاً."
  • وتتابع الرائدة أ: "تدرك إيران أن تطوير سلاح نووي هو موضوع خطِر جداً. ولا أحد في طهران يريد القيام بخطوة يندم عليها. نحن الآن نصنّف إيران كدولة على عتبة النووي. والإيرانيون يديرون سياسة التجربة والخطأ خلال عملية التخصيب. وفي كل مرة يتقدمون فيها خطوة، ينتظرون كيف سيردّ العالم على ذلك. والعلاقات مع أوروبا مهمة جداً بالنسبة إلى الإيرانيين."
  • وردّاً على سؤال: ما هي الخطوة المقبلة؟ تقول الرائدة أ: "قريباً جداً، ستصل إيران إلى درجة تخصيب 90%، وهذه هي الدرجة العسكرية المطلوبة للقنبلة. والموضوع ليس مسألة الوقت، بل مسألة المحفّز trigger - أحداث تقع، أو قرارات تُتخذ ضدهم. هذا ما يمكن أن يدفعهم إلى قرار التخصيب على درجة 90%."

وجهة النظر الرائدة: هجمات مرتفعة الثمن

  • الرائد ي هو رئيس قسم الردع في فرع إيران في أمان، وهو القسم الذي يهتم بسياسات استخدام القوة الإيرانية، وكيف تنظر طهران إلى إسرائيل، وكيف تفهمها. يقول الرائد ي: "يدركون في إيران أن إسرائيل لاعب مهم بحد ذاته، يقف ضدهم. لكنها ليست تهديداً في مستوى الولايات المتحدة. ومع ذلك، تشكل تهديداً كبيراً." وفي رأيه، "إيران لا تملك حلاً حالياً. ووجهة النظر الإيرانية هي أنه سيأتي يوم ستختفي فيه إسرائيل عن الخريطة." ويتابع الرائد أنه حتى الآن، فشلت إيران في تنفيذ عمليات "إرهابية" ضد إسرائيليين في دول العالم. لكنها تتحسن شيئاً فشيئاً، تكنولوجياً واستخباراتياً.
  • ويضيف: "هجمات تحصد ثمناً غالياً هي وجهة النظر المركزية التي تركز عليها إيران حالياً. هم يريدون القيام بعملية دقيقة في دولة أجنبية. وربما إيران تراقب إسرائيل اليوم، وترى أن لديها فرصة لاستخدام التحديات الداخلية ضدنا."
  • وردّاً على سؤال: كيف يقرأ الإيرانيون خريطة ما يجري عندنا الآن؟ أجاب الرائد ي: "الإيراني العادي يعتبر أن إسرائيل في أزمة، وهو يصفق لذلك. بالطبع، هناك حالة من الرضا عن الوضع، لكن الإيرانيين حذرون جداً. وهم يريدون حقاً أن تضعف علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة. لكن الأزمة تجعل إسرائيل، في نظر الإيرانيين، أكثر خطورةً وأقل توقعاً."
  • بحسب توقعات الأجهزة الأمنية، فإن احتمالات دخول إيران في معركة مع إسرائيل في حال اندلاع مواجهة مع حزب الله قائمة. في المقابل، فإن احتمال دخول حزب الله في دائرة القتال في حال حدوث تصعيد دراماتيكي بين إيران وإسرائيل هو أكثر معقولية. ويخلص الضباط في نهاية الحديث معهم إلى القول إن إيران تتعامل بجدية كبيرة مع احتمال هجوم إسرائيلي عليها - ليس فقط ضمن إطار البرنامج النووي.
  • في ظل واقع يبدو فيه الاتفاق النووي الإيراني بعيداً، فإن معقولية تصاعُد التوترات بين إسرائيل وإيران ستزداد، وستكون هي المسيطرة، كما لاحظنا في الفترة الأخيرة. لكن في الخلاصة، يمكن الاستنتاج أن الطرفين ليسا معنييْن بحرب وتصعيد كبير في هذا الوقت.