إنذار ترامب انحسر، لكن مصلحة نتنياهو تثير الشكوك في الانتقال إلى المرحلة الثانية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إطلاق سراح ثلاثة مخطوفين من كيبوتس نير عوز، أنهى في الأمس الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى من صفقة المخطوفين. وتبددت المخاوف التي رافقت تقدُّم الصفقة منذ بداية الأسبوع، لكن تحقُّق الدفعات المقبلة، إطلاق 6 مخطوفين أحياء وإعادة ثمانية جثامين في الأسابيع الثلاثة المقبلة، لا يزال موضع شك. حتى لو حدث ذلك، حسبما هو مخطط له، فمن المتوقع مواجهة عقبة أكبر لاحقاً، هي الانتقال إلى المرحلة التالية.
  • بدأ هذا الأسبوع بتهديد "حماس" بتعليق الدفعة الثالثة. فردّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، موصياً إسرائيل بتوجيه إنذار والمطالبة بإطلاق كل المخطوفين حتى الساعة 12 من ظهر يوم السبت. لم يوضح ترامب ما إذا كان المقصود  12 ظهراً بتوقيت واشنطن، أو بتوقيت القدس، لكن في نهاية الأسبوع، تبدد النقاش من تلقاء نفسه. ففي يوم الجمعة، اتضح أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد تصعيد الأزمة، على الرغم من تصريحاتها العالية النبرة. ومن اللحظة التي تراجعت فيها "حماس"، وأعلنت أنها ستُطلق المخطوفين الثلاثة، حسبما هو مخطط له، تراجعت إسرائيل عن تهديدها...
  • من الواضح أن ترامب لا يحب فكرة الدفعات الصغيرة، وأيضاً لا يحب حقيقة أن الصفقة تتقدم وفق المخطط الذي صاغته إدارة جو بايدن السابقة. بينما لدى نتنياهو اعتبارات أُخرى: فهو يتخوف من الانتقال إلى المرحلة الثانية، لأن ذلك سيدفع قدماً بإنهاء الحرب، ويعرّض بقاء حكومته للخطر، وربما سيزيد في حدة المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية لفحص إخفاقات الحرب.

......

  • تشمل تحركات نتنياهو في الوقت الحاضر توجيه الإطراء إلى ترامب، وزرع العقبات في طريق الصفقة، والتهديد بدخول برّي جديد للجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة. ووفق وعود رئيس الحكومة، فإن هذه الخطوة ستُخضع "حماس"، وتضمن انتهاء الحرب. عملياً، من المعقول أكثر أن مثل هذه العملية سيسرّع في موت مزيد من المخطوفين (هم في معظمهم من الجنود)، وستتمكن "حماس"، بطريقة من الطرق، من المحافظة على سيطرتها على أجزاء من القطاع، حتى ولو على صورة حرب عصابات متفرقة وضعيفة نسبياً. في الأيام الأخيرة، وعلى خلفية التهديدات الإسرائيلية بشأن تجدُّد القتال في غزة، استدعى الجيش، على عجل، عدة آلاف من الاحتياطيين. لكن في نهاية الأسبوع، أرسلهم إلى منازلهم، بانتظار الخطوات المقبلة.
  • لم يحاول نتنياهو التظاهر وتسويق مظاهر فارغة من التعاطف مع المخطوفين العائدين. وهؤلاء، من جهتهم، حرصوا على شُكر كل الذين ساهموا في إطلاقهم، باستثناء رئيس الحكومة...
  • مرت تسعة أشهر على وعد نتنياهو بزيارة الكيبوتس المدمر نير عوز، الذي ينتمي إليه المحرَّرون الثلاثة الذين أُطلقوا في الأمس، والذي قُتل، أو خُطف، ربع سكانه في 7 أكتوبر. ومع ذلك، لم يفِ نتنياهو بوعده.  فهو يستثمر أكثر في الإيحاءات التي يرسلها إلى قاعدته السياسية، والتي تهدف إلى إظهار القوة في مواجهة "حماس". في الأمس، حرصت مصلحة السجون على نشر صورة مهينة لأسرى فلسطينيين سيُطلق سراحهم في إطار الصفقة، وهم راكعون وظهورهم للكاميرا، وقد أُجبروا على ارتداء قمصان كُتب عليها بالعربية "لن ننسى، ولن نغفر"...
  • منذ سنة وأربعة أشهر، يشتكون من الدعاية الإسرائيلية التي تلاقي صعوبة في تحقيق نتائج مُقنعة على الساحة الدولية. كان في إمكان إسرائيل الاكتفاء بالمشهد المؤثر والمبكي للمواطنين الإسرائيليين الثلاثة لحظة لقائهم عائلاتهم. بدلاً من ذلك، نشرت الدولة هذه الصورة الغبية من السجن، كأن الأمر تسجيل نقاط. من الممكن الادعاء أن ما جرى هو من روحية  وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير، التي لا تزال سائدة وسط السجّانين وقادتهم. ومن الممكن أن نشك في أن التعليمات أتت من فوق، والهدف هو الاستمرار في الدفع قدماً بالادّعاء السخيف بشأن النصر المطلق.
  • إلى جانب انتظار القرارات بشأن غزة: مواصلة الصفقة، أو تجدُّد القتال، أو تمديد المرحلة الأولى الحالية من الصفقة، تصل إسرائيل إلى نقطة أساسية أيضاً في لبنان. إذ تنتهي فترة تمديد وقف إطلاق النار الموقت يوم الثلاثاء، ومن المفترض أن يسحب الجيش قواته من الجنوب اللبناني. في الأيام الأخيرة، انسحبت القوات من عدة مواقع  أساسية في شمال الحدود، وأخلت المواقع العسكرية في القرى المدمرة. حالياً، تحاول إسرائيل، من خلال الإدارة الأميركية، الحصول على تمديد إضافي لوقف إطلاق النار حتى نهاية هذا الشهر.
  • في لبنان نفسه، يسود التوتر، في ضوء مساعي الحكومة الجديدة لوقف تهريب الأموال من إيران إلى حزب الله، بواسطة الرحلات المدنية إلى مطار بيروت.
  • في هذه الأُثناء، هناك ساحتان في حالة انتظار متوتر، ومن غير المؤكد أن ينتهي هذا الانتظار بعودة الاشتباك من جديد. لكن هناك في الساحتين (وخصوصاً في قطاع غزة) مخاطر من حدوث تصعيد. كما من غير الواضح بتاتاً أن يجري هذا لأسباب صحيحة، ويؤدي إلى النتائج المرغوب فيها، بالنسبة إلى إسرائيل.