أيها المنافقون، ألم تتعبوا؟
تاريخ المقال
المصدر
- إن الذين يُتقنون فن النفاق يشعرون بالفزع من اقتراح الرئيس ترامب، ويسخرون منه، ويسمونه "الترامبسفير". ولا يعتبرونه عملياً، أو قابلاً للتطبيق، ويواصلون الدفاع عن كذبتهم المحببة إليهم، "حلّ الدولتين"، الحل الأقل قابليةً للتحقيق.
- هم يخفون حقيقة أن المقصود ليس تهجيراً قسرياً، بل المقصود مجموعة من التقديمات التي ستُعطى للغزّيين، بهدف تشجيعهم على الهجرة. إن أحد أهم حقوق الإنسان هو الحق في الهجرة، لكن المنافقين يحرمون الغزّيين هذا الحق.
- هؤلاء الذين يُتقنون فن النفاق يكررون عبارة "اليوم التالي"، مراراً وتكراراً، عبارة تشكل رمزاً لحلمهم الخطِر، دولة فلسطينية في قلب غرب أرض إسرائيل، من خلال تقديم جنود الجيش الإسرائيلي السيطرة على قطاع غزة للسلطة الفلسطينية على طبق من فضة. وهم يرفضون رفضاً قاطعاً، ويسخرون من مبادرة ترامب بشأن "اليوم الآخر"، وهي التشجيع على هجرة سكان غزة إلى الخارج.
- هؤلاء الذين يُتقنون فن النفاق يعتبرون اقتراح الرئيس ترامب تهجيراً قسرياً، وعنصرياً، ولذلك يرفضونه، وينسون أنهم، هم أنفسهم، مَن أيّد التهجير القسري لآلاف اليهود من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية قبل عشرين عاماً، وهم أنفسهم، الذين أيّدوا "ترانسفير" مئات الآلاف من اليهود من أجل تمكين فكرتهم المفضلة "حلّ الدولتين"، وإضفاء الشرعية عليها.
- هؤلاء الذين يُتقنون فن النفاق يرتكبون خطيئة احتقار المحرقة، عندما يعتبرون أن إسرائيل في القرن الحادي والعشرين تشهد خطوات مريعة، شبيهة بالتي حدثت في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي. سواء أكانوا من اليسار العنصري المسياني، أم من دعاة الديمقراطية، الذين يتحدثون عنها بصورة مبالَغ فيها..
- أولئك المنافقون يشفقون على "اللاجئين" الذين يعيشون في "مخيمات اللاجئين" المدمرة، بينما المقصود هو الجيل الرابع من لاجئي 1948، الذين لم يعودوا لاجئين منذ زمن طويل، والذين أصبحت مخيماتهم مدناً بكل معنى الكلمة، ويحظون بتأييد سخيّ من المنظمة المعادية للسامية، المسماة الوكالة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، وهي موجودة فقط "للّاجئين" العرب في أرض إسرائيل، وليس للّاجئين الحقيقيين في أنحاء أُخرى من العالم.
- هؤلاء المنافقون ينكرون حقيقة أنه في سنة 1948، لم يكن هناك لاجئون عرب فقط، بل أيضاً كان هناك لاجئون يهود طُردوا بالقوة من الدول العربية، فور قيام الدولة، ووصلوا إلى البلد كلاجئين فقراء، وبدأت على الفور عملية إعادة تأهيلهم وتأقلمهم. اقتراح ترامب غير العنيف هو عملية تلاعُب، في نظر المنافقين.
- هؤلاء المنافقون يطالبون بلجنة تحقيق رسمية، المصطلح غير موجود في قانون لجنة التحقيق، من أجل التحقيق في إخفاقات الحرب الحالية، بهدف الحؤول دون تكرارها في المستقبل، لكنهم لا يأتون إلى هذا النقاش العام بأيادٍ نظيفة. التحقيق الحقيقي يتطلب:
- التحقيق بهدف منع تكرار مثل هذه الأحداث، لا من أجل تعليق مشانق للمتهمين. ومثل هذا التحقيق لا يمكن أن يجري بصورة واقعية من طرف أشخاص، كل هدفهم شنق نتنياهو، ويجب أن تقوم به أطراف مهنية تحظى بثقة الجمهور. لذلك، فإن لجنة التحقيق يجب ألّا يشكلها القاضي يتسحاق عميت [رئيس المحكمة العليا الذي عيّنته لجنة تعيين القضاة، ورفض وزير العدل ياريف ليفين الاعتراف بهذا التعيين، واعتبره غير قانوني] الذي لا يحظى بثقة الجمهور.
- يجب التحقيق في تطورات النظرية التي قدمت تنازلات للعدو، سواء من خلال التنازل عن أجزاء من الوطن في أوسلو، أو تقديم المال لحركة "حماس". إن النظرية التي فضّلت عرفات وخليفته، والنظرية الداعية إلى شراء الهدوء من "حماس" وحزب الله، اللذين قادا الحرب الحالية ضد إسرائيل، هما نظريتان مرفوضتان.
- المنافقون لا يلاحظون أنه يوجد في إسرائيل سياسيون يرتدون البذلات وسياسيون يرتدون الأثواب [التي يرتديها القضاة]، وهؤلاء يتحركون بقوة، ويقوضون ثقة الجمهور بهم، وهي ثقة ضرورية من أجل عمل المنظومة القضائية...