جيش الشعب لا يمكن أن يبقى من دون الإيمان بصدق الطريق
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • مؤخراً، نُشر في الإعلام أن الجيش قرر الدفع قدماً بحوارات، بدلاً من الطرد، في تعامُله مع موجة العرائض التي تطالب بتحرير المخطوفين، حتى لو كان الثمن وقف الحرب. مَن اعتقد أن استخدام القسوة مع الموقّعين الأوائل ستردع البقية وتشكل إشارة إلى من يجرؤ على رفع رأسه بأنه سيُصفع، اكتشف أن جنود الاحتياط ليسوا مثل الجنود النظاميين الذين يتخوفون من الصفعة. وبخصوص جنود سلاح الجو الذين طُردوا، يحاول الجيش الآن الشرح أن نموذج الاحتياط في سلاح الجو مختلف، لذلك، فإن التعامل المختلف مقبول، وكأن الموضوع هو مسألة إجرائية وليس مسألة معيارية.
  • بيْد أن المشكلة الحقيقية أعمق كثيراً. لقد تعلّم رئيس هيئة الأركان زامير مباشرةً ما كان يمكن أن يتعلمه من تجربة أسلافه. إن جيش الشعب يستند كلياً إلى جيش الاحتياط الخاص به، وحتى في حالة الحرب، هم مواطنون في نهاية المطاف، ولا يمكن أن يقوم هذا الجيش من دون الإيمان بصدق الطريق.  إن آلاف دعوات الشتم والتخوين لم تُجدِ نفعاً مَن فقد الثقة بالقيادة ويعتقد أنه خاطر بحياته من أجل الذي يسعى لهدم القيم الأساسية للدولة، والإقالات التي تهدف إلى التوضيح أن هناك رئيس هيئة أركان جديداً يرفض عدم الامتثال للخدمة العسكرية، لن تردع من يشك في أن الحرب تشكل خطراً على حياة المخطوفين، والهدف منها هو بقاء الحكومة.
  • فهِم زامير هذه الحقيقة سريعاً، وأيضاً متأخراً، وفقد وقتاً ثميناً. لكن عليه أن يعلم أن الموجة التي تجتاح مكتبه اليوم يمكن أن تكون فقط مجرد مقدمة لتسونامي سيصل، عاجلاً أم آجلاً، إذا قررت الحكومة المضيّ في طريق الأزمة الدستورية الضخمة. إنه مثل أيّ جنرال، يفضّل العمل على المناورات الكبيرة والتدمير العسكري، ويصرّ على منع دخول السياسة إلى الجيش. لكن مثلما هي الحال في الحياة الطبيعية، فإن التوقيت مهم جداً. وتوقيت زامير لا يتضمن فقط رفض "حماس" التعاون مع التهديد المستهلك "اخضعوا، وإلّا ستُفتح أبواب جهنم"، إنما أيضاً الحكومة التي تسير بسرعة نحو أزمة دستورية كاملة وانقسام مجتمعي لا يقلّ حجمه عمّا كان هنا عشية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
  • لذلك، من المفضل أن يجهّز نفسه للّحظة التي سيتوجب عليه فيها اتخاذ القرار بشأن وجهته، وهو يقف في مفترق طرق، والمطلوب منه أن يقرر، إمّا أن يخضع للقانون، أو يستمع إلى أوامر المستوى السياسي الذي يتجاهل هذا القانون. هذه اللحظة يمكن أن تكون على شكل خرق لقرار المحكمة بشأن تجنيد الحريديم، أو أوامر مرتبطة بما يحدث في الضفة، ويمكن أن نتخيل حالات أبعد من ذلك - أثبتت الأيام الماضية أنه لا يوجد أيّ سيناريو غير ممكن. أولاً، لأنه يقف على رأس أهم مؤسسة في الدولة، وبشكل خاص في أيام الحرب، ويجب أن يكون لديه موقف مبدئي بشأن السؤال الأساسي عن بقاء المؤسسة أصلاً؛ ثانياً، لأنه سيفقد القدرة على قيادة الجيش إن لم يضمن للجنود وجود مَن يُمكنهم الاعتماد عليه، وأن الجيش، تحت قيادته، لم يتحول إلى مؤسسة سياسية. زامير يعرف جيداً أن الجمهور ينظر إلى شرطة إسرائيل، ويسأل نفسه عمّا إذا كان الجيش هو التالي في القائمة.
  • إن إسرائيل في خضم أزمة دستورية على عدة صُعد. والحكومة تتجاهل موقف المستشارة القضائية للحكومة - وهي قانونياً  المخولة  تفسير القانون. رئيس الحكومة يرسل إشارات، مفادها أنه لن يلتزم قرار المحكمة العليا، وهناك حملة منسّقة، الهدف منها تفكيك الثقة بمنظومة القضاء وحراس البوابة الذين لا يتماشون مع الولاء للقائد.
  • زامير حصل على كثير من نقاط الثقة عندما أظهر شجاعة خلال النقاشات العلنية في مقابل وزير الدفاع بشأن التحقيق مع الجنرال سلومون، وأيضاً من خلال صموده في مواجهة خرق القانون وقيم الجيش في الضفة الغربية. لكن هذا لا يكفي، ويجب أن نضمن بقاءه في الحراسة لأن الامتحانات المتوقعة يمكن أن تكون أكثر جديةً كثيراً على جميع الصعد. سيحاول رئيس هيئة الأركان أن يكون مؤسساتياً حتى النهاية. وسيكون من الصعب أن نتخيله كالمفوض العام للشرطة، يقف ويوضح أنه سيلتزم قرار المحكمة، لأن مقولة كهذه في واقعنا تُعتبر مقولة سياسية واضحة، ومن الأفضل الامتناع من قولها. إذاً، الامتحان سيكون في الأفعال، عبر الرسائل التي سيزرعها في المؤسسة وشجاعته المدنية وقت الحاجة. إذا لم يجهّز نفسه لهذه اللحظة، فيمكن أن يجد نفسه يتجهز لهزيمة "حماس"، لكنه يُخضع جيش الشعب أولاً.

 

 

المزيد ضمن العدد