وضع العرب في إسرائيل أمام خيار مستحيل
تاريخ المقال
المصدر
- هذا الأسبوع، وافق الكنيست الإسرائيلي، بالقراءة التمهيدية، على قانون يحظر رفع العلم الفلسطيني فوق مؤسسات تمولها الدولة. المقصود، ليس فقط خطوة مرفوضة أخلاقياً وغير ديمقراطية، بسبب الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات في الاحتفاظ بهويتها الوطنية، بل هي أيضاً خطوة مدمرة بالنسبة إلى فرص قيام مجتمع يتّسم بالشراكة والمساواة، ويمكن أن تزيد في مظاهر الاغتراب والعداء والعنف بين العرب واليهود في إسرائيل.
- سبقت ذلك حوادث كثيرة، فشهدت الفترة الأخيرة محاولات لقمع الهوية الفلسطينية للعرب في إسرائيل، وأحياناً، منعهم بالقوة الجسدية من رفع أعلام فلسطين في الأراضي المحتلة وداخل حدود الدولة. هذا ما جرى لدى مهاجمة نعش الصحافية شيرين أبو عاقلة الذي كان ملفوفاً بالعلم الفلسطيني، ومهاجمة الطلاب العرب الذين أقاموا اعتصاماً في ذكرى النكبة [في جامعة النقب]ـ وتهديدات عضوي الكنيست، يسرائيل كاتس ويوآف غالنت، بنكبة ثانية. الخطوة التشريعية الأخيرة هي استمرار مباشر وخطِر.
- نحو خُمس مواطني الدولة هم من العرب، وهم في أغلبيتهم الساحقة، يعتبرون أنفسهم أبناء الشعب الفلسطيني. فمن خلال هويتهم المدنية، هم جزء من دولة إسرائيل، ومن المجتمع الإسرائيلي، ومن خلال هويتهم الوطنية، هم جزء من الشعب الفلسطيني. دولتهم تحتل شعبهم. الخطوة التشريعية الحالية تحاول الضغط عليهم للاختيار بين عنصرين أساسيين في هويتهم.
- لكن بالإضافة إلى ذلك، فإن قانون حظر رفع العلم الفلسطيني هو خطوة مدمرة لفرص قيام مجتمع شراكة يعتمد على قيم الاحترام والمساواة، ويمكنه الدفع قدماً بتسوية سياسية للنزاع القومي، عندما يحين الوقت. لجنة أور الحكومية التي حققت في أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2000 [التي قُتل فيها 11 مواطناً عربياً في تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين في المناطق المحتلة إبان الانتفاضة الثانية] قررت أن على الدولة العمل من أجل إصلاح التمييز الخطِر بين اليهود والعرب، وأن تشجع على اعتراف رسمي بالهوية الجماعية للمواطنين العرب.
- في الأعوام الأخيرة، وفي ضوء التوجهات الإيجابية إلى تخصيص ميزانيات حكومية للمجتمع العربي أكبر من الماضي، نحن نرى دخولاً أكبر للمواطنين العرب في مجالات كانت في الماضي مخصصة لليهود فقط - في مؤسسات التعليم العالي، ومراكز العمل، والمواصلات العامة، والمستشفيات، والحدائق العامة، وغيرها. ويلتقي العديد من اليهود والعرب يومياً، ويمكن أن يشكل هذا اللقاء قاعدة لبناء مجتمع شراكة، لكن كي يحدث هذا وينجح في خلق تواصُل وشراكة، فإنه يجب أن يعتمد على اعتراف عام ورسمي بالهوية المعقدة للشعبين اللذين يعيشان هنا، وذلك بوحي من توصيات لجنة أور.
- بدلاً من محاولة إجبار المواطنين العرب على القيام باختيار مستحيل بين هويتيهما، يتعين على الدولة الاعتراف ومنح الشرعية لهويتهم الجماعية – اللغوية والثقافية، وأيضاً القومية. وفي إمكانها فعل ذلك بواسطة تعليم الشراكة في المؤسسات التعليمية، ومن خلال جعل الحيز العام يحترم الهويات المختلفة.
- يجب على الدولة القيام بخطوات مهمة للاعتراف بالهوية العربية والتطبيع مع كل جوانبها في المجتمع. وإذا سمحت الدولة للمواطنين العرب بأن يكونوا فخورين بهويتهم المدنية - الإسرائيلية، وأيضاً بهويتهم الوطنية - الفلسطينية، فإن هذا الأمر لن يؤدي إلى مجتمع شراكة ومساواة فحسب، بل يمكنه أيضاً تحويل المواطنين العرب إلى لاعبين مهمين في الدفع قدماً بحلٍّ للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
الكلمات المفتاحية