بوتين لم يسكت على استفزازات الولايات المتحدة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • تعرفت إلى روسيا فلاديمير بوتين في سنة 2004، عندما كنت رئيساً لمجلس الأمن القومي وزرت موسكو في أوقات متقاربة. كان مضيفي هناك إيغور إيفانوف، الذي كان رئيساً لمجلس الأمن القومي الروسي، وقبلها وزيراً للخارجية. منذ البداية، شدد على أن الولايات المتحدة لا تفهم روسيا. وتساءلت كيف يمكن ذلك وكونداليزا رايس، التي كانت رئيسة مجلس الأمن القومي آنذاك، نالت شهادة الدكتوراه عن الاتحاد السوفياتي. فقال لي إيفانوف: هذه هي المشكلة بالضبط، هي ربما تعرف الاتحاد السوفياتي، وليس روسيا. روسيا لا تؤمن بالأيديولوجيا الشيوعية، بل بالمصالح فقط.
  • حينها، ادّعى إيفانوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف أن لروسيا ثلاثة طلبات من الولايات المتحدة. الأول، ألّا تتدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لروسيا، وألاّ تحكم على مستوانا الأخلاقي، مثلما لا نحكم نحن على العلاقات بين السود والبيض في أميركا. الأمر الثاني، ألّا تحاول الولايات المتحدة جرّ دول الاتحاد السوفياتي سابقاً إلى حلف الناتو، المنظمة المعادية للروس علناً. الأمر الثالث، أن تتعامل الولايات المتحدة معنا باحترام، وألّا تضعنا أمام وقائع وخطوات أحادية الجانب.
  • عموماً، اعتقد بوتين آنذاك، كما يعتقد الآن، بأن الولايات المتحدة لم تحترم فقط هذه المصالح الروسية الثلاث، بل عملت الإدارات الأميركية خلال السنوات العشرين الأخيرة على المسّ بهذه المصالح عمداً. وهناك عشرات الأمثلة، نشير إلى اثنين منها.
  • في سنة 2005، زار ديك تشيني، الذي كان نائباً للرئيس الأميركي جورج بوش آنذاك، عاصمة لاتفيا. وهاجم في خطابه بوتين شخصياً لعدم وجود ديمقراطية في روسيا. في سنة 2008، حاولت جورجيا ضم محافظتين مستقلتين، أغلبية سكانهما ليست من الجورجيين. فسارع جو بايدن، الذي كان نائباً للرئيس الأميركي آنذاك، إلى زيارة تبليسي، ووقف إلى جانب الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، أكثر شخص يكرهه بوتين في العالم، ووعد بتقديم مساعدة سياسية وحتى عسكرية. وتساءل بوتين لماذا جورجيا مهمة إلى هذا الحد بالنسبة إلى الأميركيين.
  • بالعودة إلى سنة 2004، سألت الروس: "ماذا يمكن أن تفعلوا إذا لم تحترم الولايات المتحدة طلباتكم الثلاثة؟" الجواب حصلت عليه في أيلول/سبتمبر من ذلك العام. إذ طلب مني إيفانوف القدوم بسرعة إلى موسكو للبحث في موضوع إيران. فذهبت إلى موسكو على رأس وفد إسرائيلي والتقيت إيفانوف ووزير الدفاع ورئيس اللجنة الروسية للطاقة النووية، الذين قالوا لي إن روسيا تريد أن تقترح صفقة على إيران: إقامة منشأة لتخصيب اليورانيوم بمشاركة اقتصادية روسية - إيرانية، لكن يجب أن تكون المنشأة في روسيا، وأن تبقى السيطرة التكنولوجية للروس فقط. علاوة على ذلك، تقوم المنشأة بتخصيب اليورانيوم على درجة 4% فقط، وتنتج الوقود المطلوب لإنتاج الكهرباء، لكن بعد الاستخدام، لا يمكن زيادة التخصيب لإنتاج قنبلة. قلت لهم عظيم، لكن ماذا تريدون منا في المقابل؟ الجواب الروسي كان بسيطاً. كل ما نريده دعم الولايات المتحدة ودول الغرب للـ"اقتراح الروسي"، رسمياً وعلنياً. لقد كان من المهم جداً لبوتين أن يكون في القيادة، وأن يحصل على اعتراف غربي. وغني عن القول إن الولايات المتحدة رفضت الاقتراح الروسي بازدراء.
  • صحيح أن بوتين ديكتاتور، ومن دون شك هو "الشخص الشرير" فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، وماذا عن الولايات المتحدة وهي التي كانت ثمِلة بقوتها منذ سنة 1991، واستمتعت بإذلال روسيا، عبر سلسلة من الخطوات الأحادية الجانب، من نصب صواريخ متقدمة في بولندة، إلى دعم عدائية جورجيا، ووصولاً إلى جذب المزيد من دول الاتحاد السوفياتي، سابقاً، إلى الناتو؟
  • لقد ضيعت الولايات المتحدة فرصة جذب روسيا إلى جانبها فيما يتعلق بالموضوع النووي الإيراني، وما ربحته من سياستها الاستفزازية في أوروبا الشرقية ليس واضحاً. لكن من الواضح أن إسرائيل هي التي خسرت.