ألمانيا التي تُعتبر مرساة الاستقرار في الاتحاد الأوروبي تغرق في فوضى سياسية. السبب أنه مثل دول غربية كثيرة، بينها إسرائيل، لا تؤدي الانتخابات إلى فوز أغلبية تسمح لمعسكر سياسي معين – يميني أو يساري– بالحكم.
عدم وجود أغلبية إلى جانب طرف سياسي أو آخر يفرض تشكيل ائتلاف تسوية يُعنى بصورة أساسية بإدارة الأزمات بدلاً من وضع سياسة واضحة تدفع قدماً بألمانيا إلى الأمام.
ظاهرياً، الضعف الداخلي في ألمانيا وأوروبا يشكل أخباراً سارة لإسرائيل: فبدلاً من التدخل في الشؤون الداخلية الإسرائيلية ومحاولة فرض تسويات سياسية تشكل خطراً على وجود إسرائيل، مثل حل الدولتين، سينشغل الألمان والأوروبيون بمعالجة مشكلاتهم.
في الوقت عينه يجب أن تشعر إسرائيل بالقلق الشديد من المسار السلبي المستمر في العلاقات مع ألمانيا. المرشحون الثلاثة لمنصب المستشار يمكن اعتبارهم أصدقاء إسرائيل، لكن مواقفهم هذه لا تعكس موقف الأغلبية في أحزابهم ووسط الجمهور الألماني.
لقد أهملت إسرائيل العلاقات مع الجمهور الألماني أعواماً عديدة بدافع الكسل والتعامل مع ألمانيا كحليف بديهي بسبب التاريخ. بالإضافة إلى ذلك كانت العلاقات الألمانية - الإسرائيلية في عهدة أطراف يسارية إسرائيلية، جزء منهم شديد العداء للصهيونية. إذا تشكلت بعد الانتخابات حكومة يسارية تجمع اليسار المتطرف، فإن النشاط الألماني المعادي لإسرائيل سيحظى بزخم كبير حتى ولو كانت الحكومة الألمانية مشغولة في مسائل اقتصادية واجتماعية وداخلية.
الحزب الاشتراكي - الديمقراطي، الذي يسعى وراء الناخبين المسلمين والعرب، يدفع قدماً بشخصيات "ألمانية – فلسطينية" إلى مراكز رفيعة المستوى، وفي الماضي عمل أعضاء فيه على تجميد صفقات سلاح بين ألمانيا وإسرائيل. جهات في حزب اليسار المتطرف كانت وراء مبادرات لمقاطعة إسرائيل.
على الرغم من أنه جرى الدفع قدماً بمبادرات من أجل تعزيز العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل خلال حكم ميركل، لكن لم يُبذل ما فيه الكفاية لمنع ألمانيا من التحول إلى أحد المراكز الأساسية للنشاطات المعادية لإسرائيل في أوروبا.