حكومة التغيير لا تحقق الحلم اليساري، لكن يمكن أن نجد فيها نقاطاً من الضوء
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إعلان نفتالي بينت انضمامه إلى حكومة تغيير مع شريكه يائير لبيد أمر لم أكن أتوقعه أبداً. لم أعتقد أن معسكر "فقط لا بيبي" سيصمد، وقللت من شأن أمل جديد الذي قدمه جدعون ساعر، ويبدو أنني كنت على خطأ. فبعد مرور أشهر على الانتخابات، وبعد الحرب مع "حماس"، وربما الاشتباكات بين العرب واليهود في إسرائيل، الأحزاب التي تعمل على الحلول محل بنيامين نتنياهو تتكاتف ولا تتخلى عن هدفها: إخراج بيبي وسارة من بلفور [مقر رئاسة الحكومة].
  • وهنا بعض الملاحظات التحذيرية: هناك أسبوع قبل أن تؤدي الحكومة العتيدة القسم، وهذا وقت طويل في الحياة السياسية الإسرائيلية؛ فخلاله يمكن أن يُخرج نتنياهو أرنباً من قبعته ويسرق منشقاً من الطرف الثاني؛ أن ينقلب بينت مرة أُخرى، وهذه المرة على لبيد، وأن يبرز شيء غير متوقع ولا يمكننا تخيله. ومع ذلك، اليوم حدث أمر مهم وبرز إمكان تأليف حكومة من دون الليكود والأحزاب الحريدية لأول مرة منذ سنة 1977. سيداتي سادتي: إنه انقلاب.
  • الذين تخيلوا أن التغيير خطوة دراماتيكية تنطفىء فيها الأنوار دفعة واحدة على حكم نتنياهو خاب أملهم بالهدوء الذي يجري فيه التغيير... ويبدو بينت مستعداً لهذه الساعة، مثل الرجل الذي فاز في الأسبوع الماضي بـ76 مليون شيكل في اللوتو. لقد أثبت قدرة غير مسبوقة في التاريخ السياسي على استغلال الفرص كرافعة لقوته السياسية عندما انتقل من موقع الخاسر الذي لم ينجح في اجتياز نسبة الحسم إلى رئيس الحكومة المقبل تقريباً. منذ لحظة وصوله إلى السياسة تحدى نتنياهو في البداية من اليمين واليوم من الوسط. بينت ليس زعيماً كاريزماتياً يحمّس الجماهير مثل نتنياهو، لكن الناس يحبون العمل معه أكثر بكثير من خصمه. والأيام المقبلة ستكون اختباراً لزعامته الشابة، وسيكون خلفه فريق عمله من حزب يمينا إلى أن تؤدي الحكومة القسم في الكنيست.
  • خطاب بينت ونتنياهو هذا المساء في الكنيست هما تعبير عن الكراهية المتبادلة، فقد أكد كل منهما أن خصمه سيؤدي إلى هلاك الدولة. "متسادا" مقابل "خطر على مستقبل إسرائيل". لقد بدا بينت رجل دولة حازماً مقنعاً، على الأقل حتى الساعة. ونتنياهو كان على حق عندما ادّعى أن وريثه المحتمل غير مستقيم ولم يفِ بوعده الانتخابي بعدم الجلوس في حكومة مع لبيد. ثم شبّه إدارة جو بايدن بإيران و"حماس" باعتبارهم الأعداء الثلاثة لإسرائيل الآن. مَن يتوقع أن يقوم بزيارة قريبة إلى البيت الأبيض لا يتحدث بهذه الطريقة، بل هو مثل الذي يوزع الشتائم في كل الاتجاهات في طريقه إلى خارج مكتب رئاسة الحكومة.
  • حكومة التغيير التي في قيد النشوء بعيدة عن تحقيق الحلم اليساري مع بينت وأنصار الضم، وإلى جانب جدعون ساعر في وزارة العدل، وأيلييت شاكيد في وزارة الداخلية، وليبرمان المستوطن في وزارة المال، وأغلبية يمينية في لجنة اختيار القضاة. حتى لو جرى كبحهم إلى حد ما من طرف أحزاب اليسار، فهؤلاء سيحاولون الدفع قدماً بخطوات لربط المستوطنات بإسرائيل، والمسّ بطالبي اللجوء، وفرض قيود على قوة المستشار القانوني للحكومة والمحكمة العليا. هذه أيديولوجيتهم ويجب ألّا ننساها، حتى لو نجحوا في استبدال نتنياهو.
  • لكن من الممكن أن نجد نقاط ضوء في الائتلاف المخطط له،  قبل كل شيء التعاون بين الأحزاب الصهيونية والعربية، من المفارقة أنه تحقق إلى حد كبير بفضل الشرعية التي منحها نتنياهو إلى الناخبين العرب وحزب منصور عباس الإسلامي. ثانياً، إبعاد الحريديم عن السيطرة على حنفية المال. والأهم استبدال السلطة بعد أكثر من 12 عاماً متواصلة من حكم نتنياهو.
  • من السابق لأوانه الحديث عن "نهاية عهد بيبي" في السياسة الإسرائيلية، لكن إذا تحقق التغيير في نهاية الأمر سيتضح أن الذين أسقطوا نتنياهو هم رفاقه من اليمين الذين أنهوا زعامته. وبالإضافة إلى السياسيين الذين قادوا الثورة في اليمين - ليبرمان، ثم ساعر وألكين، والآن بينت - هناك أيضاً 300 ألف ناخب من الليكود لازموا منازلهم في الانتخابات الأخيرة ولمّحوا إلى أنهم سئموا من الضجيج، ومن التفرقة والتحريض، ومن عبادة الشخص، وهم ببساطة يريدون شيئاً آخر. كل واحد من هؤلاء شريك في هذا الانقلاب. بعد أسبوع سنعرف ما إذا كانوا نجحوا في ذلك.