من تصعيد إلى حرب: تمرين مفاجىء في الشمال - والرسالة إلى نصر الله
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • على خلفيات تقديرات الجيش الإسرائيلي، التي وفقاً لها حزب الله مهتم بالمبادرة إلى خوض "أيام قتال" محدودة في الحدود الشمالية، أجرى سلاح الجو تمريناً مفاجئاً واسعاً حمل اسم "وردة الجليل"، بدأ يوم الأحد وانتهى اليوم (الثلاثاء).
  • في إطار التمرين رفع سلاح الجو مستوى جهوزيته إلى الحد الأقصى، مع استخدام كل المنظومات القتالية والدفاعية الجوية من طائرات ومسيّرات، وصولاً إلى بطاريات صواريخ حيتس والقبة الحديدية. مئات من عناصر الاحتياط استدعوا، وكان معدل الحضور 85%، واستُخدمت مئات الطائرات في سماء الشمال، وخلال يوم واحد هوجم 3000 هدف.
  • السيناريو الذي تدربت عليه القوات بدأ بهجوم صاروخي مضاد للطائرات من إنتاج روسي شنه حزب الله على طائرة حربية تابعة لسلاح الجو تقوم بمهمة جمع معلومات استخباراتية في سماء لبنان. الطائرة لم تسقط بحسب السيناريو، لكن مهاجمتها أدت إلى سلسلة هجمات ضد أهداف تابعة لحزب الله، الذي من جهته "رد" بهجمات على السياج الحدودي ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود.
  • جرى التمرين بعد أسبوعين من وقوع حادثة في الجنوب اللبناني – لأول مرة منذ حرب لبنان الثانية أطلق حزب الله صواريخ مضادة للطائرات على مسيّرة للجيش الإسرائيلي وأخطأها. في شعبة الاستخبارات العسكرية رأوا ارتفاعاً حقيقياً في استعداد التنظيم الشيعي للمبادرة إلى تصعيد محدود ضد إسرائيل مع خطوط تميزت بها جولات القتال في الجنوب مع قطاع غزة. لكن في تدريب سلاح الجو تُرجم التصعيد بسرعة نسبية خلال يومين - ثلاثة إلى قرار للحكومة بشن معركة ضد حزب الله، ومئات الهجمات على بيروت والبقاع والجنوب اللبناني.
  • "خلال شهر من القتال في حرب لبنان الثانية جرت مهاجمة نحو 3500 هدف، كمية مشابهة لها هوجمت خلال يوم واحد، كما تدربنا هذا الأسبوع. خططُنا الهجومية أكبر ويجري تحديثها طوال الوقت"، شرح هذا الصباح ضابط كبير في سلاح الجو في حديث مع المراسلين. "في التمرين نظرنا أيضاً شرقاً، إذا أطلق حزب الله النارعلينا من سورية سنهاجمه هناك أيضاً. في سيناريو التمرين هاجمنا صواريخ الكورنيت التي يملكها حزب الله واستعدّينا لمواجهتها دفاعياً - من خلال اعتراضها بعد إطلاقها على الساحل الإسرائيلي، وأيضاً منع إطلاقها من خلال تدميرها. في التمرين دمرنا قيادات وبنى تحتية حكومية يستخدمها حزب الله، وصواريخ إيرانية مضادة للطائرات انتقلت إلى الحزب."
  • من الواضح أهمية التمرين المفاجىء لسلاح الجو الذي يهدف إلى ثلاث غايات أساسية: الأولى- الفحص عملياً إلى أي مدى في استطاعة سلاح الجو أن ينتقل من صفر إلى 100 كيلومتر في الساعة على مرحلتين، من الحياة الطبيعية إلى حالة الطوارىء، ومن حالة الطوارىء إلى الحرب. وذلك بحسب السيناريو المعقول الذي قدمته شعبة أمان في تقديرها السنوي للوضع، والذي رأى أن معقولية حرب استباقية يشنها أعداؤنا ليست مرتفعة. لكن في المقابل هناك معقولية متوسطة - عالية لأن نتدهور إلى حرب نتيجة تصعيد غير مخطط له. لذلك ما يجري سيكون على مرحلتين، وليس هناك انتقال حاد من الحياة الطبيعية إلى الحرب كما جرى في الحروب السابقة. في الوقت الحالي من المعقول أن تحدث في البداية أيام قتال إذا لم تنته بسرعة يمكن أن تتدهور إلى حرب نتيجة قرار لنا أو لحزب الله.
  • الغاية الثانية - فحص ما إذا كان سلاح الجو قادراً، نظرياً وعملياً وبالمستوى المهني المطلوب، على تنفيذ الخطط التي أعدها لتحقيق تفوق جوي (تدمير بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات التي تهدد الطائرات والذخيرة التي تحملها، و"ضربات جوية" ضد أهداف على الأراضي اللبنانية (وعند الحاجة في سورية أيضاً)، وحماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية المدنية والعسكرية.
  • الغرض الثالث للتمرين ليس عملانياً، لكنه موجّه للوعي – والردع - ولنقل رسائل إلى الطرفين لمنع التدهور إلى حرب نتيجة "خطأ في الحسابات" (تقدير غير صحيح لحزب الله والإيرانيين لنيات إسرائيل والطريقة التي سيعمل فيها الجيش الإسرائيلي. القصد هو أن نشرح، وخصوصاً لحسن نصر الله (وللإيرانيين والسوريين والروس) قواعد اللعبة واعتبارات التصعيد المقبل، وما هي الأثمان التي يمكن أن يدفعها حزب الله ورعاته إذا لم يحترموا البطاقة الصفراء التي رُفعت في وجوههم.
  • الرسالة الأولى تتعلق بحرية العمل الجوي لإسرائيل في الساحة اللبنانية. ينقل السوريون بطاريات صواريخ أرض - جو من صنع روسي إلى لبنان، جزء منها قديم وآخر أكثر جدة - لكنها كلها تمتاز بقدرة عالية على الحركة والاختباء في الأودية العميقة والأحراش الكثيفة، وهو ما يمنح بطارياتSA-6 و(SA-22) قدرة عالية على الصمود، ويسمح لحزب الله بمفاجأة الطائرات القتالية ومسيّرات سلاح الجو التي تحلق في سماء لبنان.
  • مؤشر إلى تهديد ما يسمونه في سلاح الجو "التفوق الجوي في سماء لبنان" حدث قبل أسبوعين عندما أُطلق من الأراضي اللبنانية صاروخ أرض- جو من نوع SA-22 في اتجاه مسيّرة استخباراتية للجيش الإسرائيلي. الصاروخ لم يُصب المسيّرة والجيش لم يرد. لكنهم في الجيش قدّروا أن هذا يمكن أن يكون محاولة من نصر الله لوضع قواعد لعبة جديدة تؤدي إلى تآكل التفوق الجوي لإسرائيل.

هل سيبقى نصر الله واقعياً؟

  • الفعل الاستهلالي لسيناريو التصعيد والحرب في تمرين "وردة الجليل" كان إطلاق صاروخ مضاد للطائرات من طرف حزب الله من الأراضي اللبنانية على طائرة حربية إسرائيلية. الطائرة تضررت في السيناريو، لكنها لم تسقط. لكن رد إسرائيل في السيناريو شديد ومدمر: يوجه سلاح الجو سلسلة ضربات جوية شديدة ضد "أرصدة" تابعة لحزب الله. وحتى الآن ليس ضد لبنان.
  • الرسالة التي تبعث بها إسرائيل بواسطة التدريب: نصر الله عليك أن تعلم بأنه في المرة المقبلة التي يطلق فيها رجالك صاروخ أرض - جو على طائرة إسرائيلية، وخصوصاً إذا كانت تقل أشخاصاً، وخصوصاً إذا أصابها الصاروخ، الجيش الإسرائيلي لن يقف مكتوف الأيدي. لكن هذه ليست نهاية السيناريو. هناك رسالة إضافية.
  • نصر الله كما أوضح صراحة في خطاب ألقاه مؤخراً يعتقد أن إسرائيل – مثله - لا ترغب في حرب بل في عدة أيام قتالية في كل مرة يحدث فيها تصعيد. نصر الله مستعد، وربما يريد عدة أيام كهذه من تبادل إطلاق النار مع إسرائيل بسبب ضعف مكانته في لبنان. بهذه الطريقة يستطيع أن يثبت أن حزب الله هو درع لبنان، ويصرف انتباه اللبنانيين عن الانهيار الكبير - في مؤسسات الحكومة والدولة اللبنانية. وذلك من دون المجازفة بالتسبب بضرر كبير لكل سكان لبنان، وفي أسوأ الاحتمالات فإن المتضررين سيكونون سكان الجنوب الشيعي، أي أنصاره.
  • لذلك، وفقاً لسيناريو التمرين يعطي نصر الله أوامر لرجاله بإطلاق النار (وربما القيام بهجمات) على مناطق محاذية للحدود وفي عمق الجليل. بحسب السيناريو، ستقرر إسرائيل الدخول في حرب (لأن في الخلفية هناك أيضاً مشروع الصواريخ الدقيقة في لبنان الذي إذا تقدم يمكن أن يشكل تهديداً خطراً لا يُحتمل على الجبهة الداخلية الإسرائيلية خلال بضعة أشهر).
  • في هذه الحرب الافتراضية يخلع سلاح الجو قفازاته ويهاجم آلاف الأهداف، بينها أهداف بنى تحتية مدنية مزدوجة الاستخدام في لبنان، مثل محطات الطاقة، وجسور استراتيجية، وخزانات وقود، ومرافىء تخدم مواطنين غير متورطين في القتال، وفي الأساس الجهد الحربي لحزب الله. وقال المسؤول العسكري الكبير في التلخيص الذي قدمه للمراسلين الإسرائيليين علناً أنه سيُفرض أيضاً على لبنان حصار بحري وجوي.
  • في الخلاصة: إسرائيل لن تمنح نصر الله ترف خوض أيام قتال يزرع فيها رجاله الدمار في مستوطنات الحدود الشمالية وفي الجليل، ثم يغلق الموضوع ويعلن الانتصار من بيروت. بحسب سيناريو التمرين، إذا استخدم نصر الله جزءاً فقط من ترسانة حزب الله ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فإن إسرائيل لن تتردد في الانتقال من أيام قتال إلى حرب شاملة ضده.
  • إذا تدخلت إيران وسورية وأرسلتا بطاريات صواريخ أرض - جو إلى لبنان، أو إذا قصف حزب الله مستوطنات إسرائيلية من أراضي الجولان السوري - أيضاً جيش الأسد وحزب الله سيهاجَمان بعنف وفوراً من سلاح الجو في القيادة الشمالية.
  • بكلمات بسيطة تنقل إسرائيل رسالة إلى حزب الله وسورية ترفع فيها كثيراً من الثمن الذي سيدفعانه في البقاع اللبناني وفي دمشق، إذا راهنا على أيام قتال، ستكون إسرائيل مستعدة لاستيعابها وستكبدها ضرراً محدوداً فقط. السؤال هو هل ستصل الرسالة؟ وهل يمكن "الاعتماد" على أن تقديرات نصر الله ستظل واقعية؟

 

 

المزيد ضمن العدد 3502