حلو وحامض
تاريخ المقال
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي
معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
- تطبيع العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة هو من دون شك أحد التطورات الإيجابية بالنسبة إلى إسرائيل في السنوات الأخيرة. ما جرى قد لا يكون حدثاً تاريخياً، لكنه بالتأكيد بداية نافذة إضافية على العالم العربي، يمكن أن نأمل من خلالها بتطبيع حقيقي، لم نعرفه في علاقاتنا مع دول عربية أُخرى بسبب التأييد الذي يحظى به في الشارع الإماراتي.
- لكن لا يمكننا تجاهل تعبيرات كثيرة عن معارضة، وعدم رضى عن هذه الخطوة واستياء من جانب أطراف متعددة في العالم العربي، وفي الساحة الدولية، ووسط الجمهور الإسرائيلي. ينظر هؤلاء إلى سلوك إدارة الرئيس ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو في السنوات الأربع الأخيرة، ويطرحون تساؤلات بشأن توقيت إعلان تطبيع العلاقات وطريقة نشره، بعد 4 سنوات تقريباً من الانشغال في بلورة وإعداد صفقة القرن لترامب. على ما يبدو هناك صلة بين هذه الخطة وبين خطة نتنياهو للضم وبين إعلان التطبيع.
- لقد تبين للإدارتين الأميركية والإسرائيلية حتى قبل نشر خطة القرن في كانون الثاني/يناير 2020 أنها غير قابلة للتطبيق بسبب المعارضة الكبيرة التي تثيرها في الساحة الفلسطينية، وفي الدول العربية، وفي المجتمع الدولي، وكذلك وسط مجموعات قوية في اليمين الإسرائيلي. خطة الضم التي عبّر عنها نتنياهو كانت محاولة لفرض حقائق على الأرض قبل أن تصبح خطة غير قابلة للتنفيذ وتُزال من جدول الأعمال.
- بالطبع الإعلان عن تطبيع العلاقات هو إلى حد بعيد تعويض لترامب ونتنياهو عن الطريق المسدود الذي واجهته الخطة، وعن فشل الضم الذي كان جزءاً لا يتجزأ منها. يحصل ترامب في المقابل على إنجاز سياسي عشية الانتخابات الرئاسية، يستطيع أن يقدمه إلى ناخبيه الإنجيليين المناصرين لأمن إسرائيل ومصلحتها ويستطيع نتنياهو تقديم التطبيع كذريعة لتخلّيه عن خطة الضم، أو بحسب قوله، تأجيل هذه الخطة التي وعد بالبدء بتنفيذها في مطلع تموز/يوليو 2020.
- بالنسبة إلى الإماراتيين أيضاً، لا شيء بالمجان، هم لم يطالبوا بالحصول فقط على تجميد الضم، بل سيحصلون أيضاً على مقابل، هو خيار التسلح بوسائل قتالية متطورة تعتمد على تكنولوجيا الاختراعات الجديدة، لم يستطيعوا الحصول عليها في الماضي، مثل طائرة الشبح أف-35، وذلك بسبب معارضة إسرائيل والتعهد الأميركي بالمحافظة على تفوقها العسكري. حالياً، وبحسب تصريحات ترامب وكبار موظفيه، سيُسمح للإمارات بالتزود بهذا النوع من السلاح. الطلبيات التي ستُقدَّم إلى الشركات الأميركية ستوجد فرص عمل كثيرة في الولايات المتحدة، وستمنح ترامب إنجازاً إضافياً عشية الانتخابات، أخذاً بعين الاعتبار الأزمة الاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة بسبب وباء الكورونا وصعوبات الماضي.
- بكلام آخر، إذا اعتقد هؤلاء الزعماء أن في إمكانهم إخفاء القضية الفلسطينية بواسطة إعلان التطبيع ووضعها تحت السجادة بعد أن خسروا فعلاً فرصة تطبيق خطة القرن، هم واهمون.
- على الرغم من تحطم النموذج القديم الذي ربط تطبيع العلاقات مع إسرائيل بحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، فإن الإماراتيين، من خلال مطالبتهم بتجميد الضم، أوجدوا صلة واضحة بالقضية الفلسطينية، وثبتوا أنه يتعين على إسرائيل الاستمرار في الدفع بعملة إقليمية لقاء تسويات سلام في المنطقة، ما دام النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي لم يجر حله.
- سيكون من الخطأ الاعتقاد أن الفلسطينيين سيعترفون بتغير النموذج القديم، وسيقبلون خطة القرن لترامب.