في الجيش الإسرائيلي يتخوفون من تضييع فرصة تحقيق تسوية في القطاع بسبب الانتخابات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • بعد مرور شهر على جولة التصعيد الأخير في قطاع غزة، يتخوفون في الجيش الإسرائيلي من أن الفرصة الناشئة للتوصل إلى تسوية طويلة الأجل في القطاع قد تضيع مجدداً. في الأسابيع الأخيرة، رأى الجيش أن هناك إمكاناً لتسريع المحادثات غير المباشرة الجارية مع "حماس"، بحيث يصبح من الممكن التوصل إلى وقف القتال فترة طويلة. لكن الاتصالات لم تحقق حتى الآن تقدماً كافياً، وفي هذه الأثناء، يمكن أن يؤدي نشوء جدول أعمال سياسي جديد، قبل إجراء الانتخابات الثالثه في أقل من عام- إلى عرقلة بلورة اتفاقات.
  • التصعيد الأخير بدأ في 13 تشرين الثاني/نوفمبر بعملية الاغتيال الإسرائيلية للمسؤول الكبير في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا التي شكلت بداية لعملية "حزام أسود"، واستمرت مدة يومين، أُطلق خلالها قرابة 500 صاروخ على الأراضي الإسرائيلية. قُتل جرّاء القصف الإسرائيلي 35 فلسطينياً، أكثر من 20 منهم عناصر من حركة الجهاد الإسلامي. في المؤسسة الأمنية، وخصوصاً في الجيش، اعتقدوا أن ثمة فرصة للتوصل إلى تسوية في ضوء تطورين: الضربة القوية التي تعرضت لها الحركة، بالإضافة إلى قرار زعامة "حماس" في القطاع عدم المشاركة في المواجهة العسكرية.
  • مقتل أبو العطا أزاح من الطريق من كان يُعتبر عقبة أساسية أمام التسوية، والمسؤول عن أكثر من 90% من إطلاق الصواريخ من القطاع في السنة الأخيرة. في إسرائيل جرى تفسير قرار "حماس" كتعبير عن رغبة زعامة الحركة الشديدة، برئاسة يحيى السنوار وإسماعيل هنية، في الحصول على تسهيلات اقتصادية كبيرة للقطاع. في الاستخبارات الإسرائيلية وُصف موقف "حماس" كتغيير استراتيجي تضع  الحركة في إطاره التغير المُلح للوضع الاقتصادي والبنى التحتية في القطاع في رأس سلم أولوياتها، أيضاً على حساب المبدأ الأيديولوجي المهم، مقاومة إسرائيل.
  • على هذه الخلفية، أوصى الجيش ومكتب منسق الأنشطة في المناطق بتسريع مساعي التهدئة. في هيئة الأركان العليا، أعربوا عن تأييدهم سلسلة تسهيلات في القطاع، بينها الدفع قدماً بتخطيط مشاريع كبيرة في مجال البنى التحتية للمياه والكهرباء والمجارير، وإقامة منطقة صناعية في حاجز كرني، وزيادة عدد الأذونات المعطاة للعمال من القطاع، للعمل في المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة. في الشاباك، تحفّظوا بشدة عن التوصية الأخيرة، تخوفاً من أن يؤدي دخول آلاف العمال إلى استخدامهم من جانب أطراف إرهابية للتحضير لهجمات في إسرائيل.في مقابل ذلك، أعرب وزير الدفاع عن تأييده تقديم تسهيلات إلى القطاع، إذا جرى ضمان الهدوء.
  • رئيس الأركان أفيف كوخافي، تحدث مع رؤساء المجالس المحلية في مستوطنات غلاف غزة، وعاد وقال في حديث له إنه يؤيد تقديم تسهيلات في القطاع، بما في ذلك تشغيل عمال فلسطينيين في الغلاف، في إطار التهدئة. بحسب مشاركين في الحديث، وصف رئيس الأركان التحسن المعين في الوضع الحالي- انخفاض في عدد إطلاق الصواريخ، محاولات "حماس" وقف إطلاق النار، تقلص حجم التظاهرات العنيفة بالقرب من السياج، ووقف إطلاق الطائرات الورقية والبالونات المشتعلة- ورأى أن هناك إمكانات لتحقيق تقدم إضافي. لكن عملياً، يبدو أن زخم الاتصالات غير المباشرة لمحاولة التوصل إلى تسوية تباطأت بصورة واضحة. أولاً، واجهت "حماس" صعوبات داخلية: حركة الجهاد الإسلامي ردت على اعتقال ناشطيها الذين كانوا متورطين بإطلاق الصواريخ بإطلاق صواريخ إضافية. ثانياً، على ما يبدو، لن تسارع إسرائيل إلى الدفع قدماً باتفاقات، بسبب تحوّل اهتمام المستوى السياسي إلى الأزمة السياسية العميقة. هذا الاتجاه يمكن أن يتفاقم حالياًـ بسبب الانتخابات، وأيضاً بسبب الصعوبة التي يمكن أن يواجهها نتنياهو وبينت في الدفع قدماً بخطوات سيعتبرها اليمين كتقديم تنازلات إلى "حماس". الانتقادات لا تأتي فقط من اليمين- في المعركتين الانتخابيتين الأخيرتين، هاجم حزب أزرق أبيض نتنياهو لأنه أظهر ضعفاً حيال "حماس".
  • في هذه الأثناء، تواصل "حماس" إرسال رسائل لمصلحة التهدئة، على الرغم من أن زعماء الحركة يحرصون على التشديد على أن المقصود ليس وقف إطلاق نار طويل الأمد (هدنة)، بل تفاهمات قصيرة الأمد ("تهدئة") . المثال البارز لذلك هو إصرار الحركة على الاستمرار في مشروع إقامة مستشفى ميداني أميركي في شمال القطاع، بالقرب من معبر إيرز. على الرغم من انتقادات السلطة الفلسطينية الشديدة التي تدّعي أن "حماس" تمد يدها إلى مؤامرة تجسس إسرائيلية-أميركية، تحت غطاء مشروع إنساني. يكشف قرار "حماس" التمسك بالمشروع عن تخوف قيادتها من انهيار الجهاز الصحي في القطاع، وأيضاً العبء الذي يمثله آلاف الجرحى الذين أُصيبوا برصاص القناصين الإسرائيليين في أثناء التظاهرات على طول السياج.
  • يتخوفون في الجيش من أن يؤدي تأجيل الاتفاقات، وخصوصاً كون الانتخابات على الأبواب، إلى تضييع الفرصة للتوصل إلى تسوية توصف بأنها لن تتكرر. في الخلفية أيضاً، هناك الانشغال الكثيف للمؤسسة الأمنية في صراعها ضد تمركز إيران العسكري في سورية. هذه المسألة لا تزال مطروحة على رأس أولويات الجيش الإسرائيلي.
  • إيران لا تُظهر علامات تدل على أنها ستتخلى عن نشاطها في سورية وتهريب السلاح إلى حزب الله في لبنان، لذلك، من المعقول في الأشهر المقبلة أن يتواصل الاحتكاك العسكري بها في الجبهة الشمالية. وهذه الجبهة يعتبرها الجيش أكثر حساسية وخطراً مقارنة بما يحدث في غزة التي من الممكن تهدئة الساحة فيها وقتاً طويلاً نسبياً.