الانتخابات الإسرائيلية المقبلة ليست صراعاً بين اليمين واليسار
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
  • يُفترض بأفيغدور ليبرمان أن يكون في انتخابات أيلول/سبتمبر 2019 الوشيكة "رفـول" [رفائيل إيتان ـ رئيس سابق لهيئة أركان الجيش ووزير سابق في إسرائيل] انتخابات 1992. فقد حصل رفول آنذاك على ثمانية مقاعد، بعد أن نجح في استمالة صقور علمانيين معارضين للحريديم [اليهود المتشددون دينياً]، ممن أرادوا اعتماد قبضة حديدية ضد الإرهاب، وفاعلية أمنية، وعارضوا في المقابل الإكراه الديني ونفروا من التطفل الحريدي الممأسَس. وعشية تلك الانتخابات، صرح بأنه يعتزم الانضمام إلى ائتلاف حكومي مع الليكود أو مع العمل بحسب أيهما يقبل مواقفه أو مع كليهما معاً. وبعد أن حقق العمل برئاسة رابين الفوز في الانتخابات، قرر رفول البقاء في المعارضة.
  • يتهم الليكود ليبرمان بالمسؤولية عن الاضطرار إلى إعادة الانتخابات. والحقيقة هي أنه بعد 42 يوماً حاول خلالها تأليف حكومة جديدة، لم يكن بنيامين نتنياهو قد توصل إلى أي اتفاق مع أي من الأحزاب. وأيقنت جميع الأحزاب أن في وسعها ممارسة الضغط الذي تريده عليه، لأن ما كان يشغله هو ليس مصير حكومته ولا مصيره السياسي، وإنما مصيره الشخصي. كان كل حزب يدرك أن في مقدوره حرمانه القدرة على تأليف حكومة جديدة وسلبه حريته الشخصية في الوقت نفسه. كان كل حزب يدرك أنه يستطيع الدفع به إلى مقاعد المعارضة، ثم إلى ما وراء القضبان لاحقاً.
  • لا تقعوا فريسة الارتباك ولا تدعوا البلاغة تخدعكم. لا تشتروا البضاعة القديمة المستعمَلة؛ الانتخابات المقبلة ليست صراعاً بين اليمين واليسار، بين الحمائم والصقور، بين الرأسماليين والاشتراكيين ـ الديمقراطيين. الانتخابات هي معركة على الحصانة. نقطة. لذا يبذل نتنياهو كل ما في وسعه من جهود جبارة من أجل توحيد المتدينين والحريديم، القومجيين المتعصبين والمخبولين، ورصّهم في بلورات كبيرة. فهو يعلم أن شرخاً قد حدث لدى كثيرين من مصوّتي الليكود، وأن أشخاصاً كثيرين أدركوا أنه يطلب أصواتهم من أجله هو لا من أجلهم هم، ولغايات شخصية لا قومية، وكي ينجو من أفعاله لا كي ينفذ أعمالاً.
  • يستطيع حزب "أزرق أبيض" العثور على لـُقىً هنا وهناك بين الجمهور الليكودي، لكن هذا الحزب يبدو، حتى الساعة على الأقل، فاقداً الدافعية الحقيقية، كأنه حزب بحذاء منزلي. سينزل إلى أرض الملعب بالتركيبة ذاتها، وربما يضع في المكان الخامس أورلي ليفي - أبكسيس [عضو كنيست سابقة، خاضت الانتخابات الأخيرة في قائمة مستقلة أخفقت في اجتياز نسبة الحسم] التي تشير نتائج الانتخابات الماضية إلى أن قوتها تعادل مقعدين اثنين بالتأكيد.
  • حزب العمل من جهته، سيمر بعملية تفكيك وإعادة تركيب. والجناح اليميني والصقري منه سيلتحق بحزب وسط، على شاكلة "أزرق أبيض" أو كديما. أمّا الجناح اليساري والحمائمي فسيتّحد مع حزب ميرتس ليؤسسا حزباً يسارياً صريحاً معلـناً وواثقاً بنفسه. لكن هذا لن يحصل الآن فجأة أو اليوم. الانتخابات المقبلة هي امتحان فجائي ولا متسع من الوقت فيه للتجدد السياسي.
  • في الانتخابات التمهيدية الداخلية [برايميرز] الأخيرة لحزب العمل فاز عمير بيرتس بالمرتبة الثانية، بعد رئيس الحزب آفي غباي. كان ثمة مَن حذر من أن غباي سيحقق النتائج الأسوأ في تاريخ هذا الحزب، غير أن الرفاق رفضوا الإصغاء فكادوا يحصدون صفراً من المقاعد. بعد تلك الحادثة المؤسفة التي سبّبها غباي، والتي كان في إمكان أي ممتحن سير سياسي ـ حزبي توقعها مسبقاً، يجب الآن الإسراع في انتخاب عمير بيرتس لرئاسة الحزب. لن يكون في مقدوره إحداث انقلاب، ولا حتى انقلاب صغير، لكنه الوحيد القادر على نقل مقعدين - ثلاثة من الليكود.
  • يمتاز حزب العمل، ضمن ما يمتاز به، بقلة احترام نفسه وقادته. خذوا إيتسيك شمولي مثالاً. إنه برلماني نشيط ومجتهد، عمل كثيراً من أجل الفئات المستضعفة، لكن كل تجربته تتلخص في ست سنوات من عضوية الكنيست. لم يتول إدارة شيء من قبل سوى مساعد برلماني ومستشار إعلامي. حين يتنافس الآن على رئاسة الحزب، بل ويتعهد أيضاً بإحداث تغيير في الحزب وفي الدولة (!)، يبدو لي أن في الأمر طموحاً مبالغاً فيه في أفضل الأحوال وكثيراً من جنون العظمة في أسوئها.
  • أو خذوا، مثلاً، ستاف شافير، الفعالة بامتياز، التي يمكن رؤيتها قائدة للحزب بعد عقد من الزمن بالتأكيد. بالنسبة إلى سنها المبكر، تقول إن "أشخاصاً أقل مني سناً أقاموا الدولة". أمّا الادعاء بشأن قلة تجربتها الإدارية فيثير حنقاً شديداً لديها: "ما معنى أنني لم أتول إدارة شيء في حياتي؟ لقد توليتُ إدارة لجنة الشفافية". صحيح أنها كانت صاحبة المبادرة إلى إقامة لجنة الشفافية وإتاحة المعلومات الحكومية للجمهور الواسع وتولت رئاستها، لكن يبقى الحديث هنا عن رصيد هوائي، بل فارغ حتى، لا يؤهل للمطالبة بصولجان القيادة.

سيدور السجال السياسي في الانتخابات المقبلة بأصوات خفيضة، لا بل بالهمس، هذا إن جرى أصلاً. لن يتحدثوا فيها عن السلام، ولا عن التسوية، ولا عن إنهاء الاحتلال أو تقليصه. قد تكون النتيجة الأفضل تأليف حكومة يمين - وسط، حكومة "أزرق أبيض" مع الليكود من دون نتنياهو. أمّا اليسار فسيضطر إلى انتظار فرصة أُخرى. 

 

المزيد ضمن العدد 3106