[ناقشت صحيفة "يسرائيل هَيوم" في ملحق يوم الجمعة الوثيقة التي وضعها جنرالات في الاحتياط وخبراء أمنيون عملوا إلى جانب رئيس الحكومة، وحالياً، يعملون في معهد القدس للاستراتيجيا والأمن". تضمنت الوثيقة توصيات مفصلة موجهة إلى الحكومة الجديدة، تناولوا فيها الخطر النووي الإيراني، وعرضوا خلالها العقيدة الأمنية التي يجب أن تتبناها إسرائيل. ولدى اطلاع وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان عليها أعرب عن رغبته في توزيع النسخة الإنكليزية منها على وزراء الدفاع في العالم، وبالفعل فقد وزعت النسخة على عدد كبير من وزراء الدفاع في العالم. ننقل فيما يلي الحوار الذي أجرته الصحيفة مع واضعي الوثيقة، بينهم يعقوب عميدرور الذي ترأس سابقاً مجلس الأمن القومي، وإفرايم عنبار رئيس المعهد وعيران ليرمان نائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً. وتجدر الإشارة إلى أن المعهد أُقيم قبل عام ونصف العام، ومعروف بأنه يدعم توجهات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو]
- اشتملت الوثيقة على 14 توصية قدمها أعضاء المعهد إلى المستوى السياسي. بعضها يختلف تماماً عن السياسة التي يقودها نتنياهو. التوصية الأولى والأكثر أهمية في رأي باحثي المعهد هي "المحافظة على وحدة المجتمع الإسرائيلي". سألنا العميد في الاحتياط د.عيران ليرمان، الذي لديه وجهة نظر قريبة من نتنياهو:
- لماذا بين كل الموضوعات الأمنية والسياسية المطروحة على جدول الأعمال اخترتم البدء بهذه التوصية؟
- " في رأينا يجب عدم تقسيم الشعب، لا نحو اليمين ولا نحو اليسار. لقد بدأنا بالكتابة قبل وقت طويل من الأزمة الحالية في الخليج الفارسي، لأننا رأينا أن الموضوع الإيراني سيُطرح على الحكومة الجديدة خلال وقت غير طويل... لكن من أجل مواجهة هذا التحدي كما يجب، الواجب الأول المطروح علينا هو المحافظة على الوحدة."
ويضيف رئيس المعهد البروفسور إفرايم عنبار:
- "الواقع الأمني الذي تواجهه دولة إسرائيل يفرض أحياناً استخدام القوة. في رأينا من الأفضل أن يترافق استخدام القوة مع إجماع وطني".
- في السنوات الأخيرة توقّف الكلام عن خيار عسكري لمواجهة النووي الإيراني وبدا أنه لم يعد مطروحاً. هل توصون بالعودة إلى هذا الخيار؟ ولماذا؟
يجيب يعقوب عميدرور بالقول:
- "تتطلع إيران إلى أن تصبح قوة عظمى نووية. والإيرانيون لا يخافون من المجازفة كما فعلوا قبل أسبوعين. الولايات المتحدة هددتهم، لكن على الرغم من ذلك فإنهم تحركوا. وهذا يعني أن هناك شيئاً ما كبيراً جداً يحركهم. وهذا ينطبق على عملياتهم الواسعة في سورية، وعلى المنظومة الضخمة التي بنوها في لبنان، مع ترسانة ضخمة تضمنت 130 ألف صاروخ لدى حزب الله. لماذا يفعلون ذلك؟ ما الذي يدفعهم إلى التحرك بهذا الشكل؟ هم يصرّون على أن يبنوا هنا آلة حرب إيرانية مستقلة مع ميليشيات، وصواريخ، وطائرات من دون طيار محملة بالسلاح، وحتى التسلل عبر الأردن، لأن كل ذلك هو جزء من خطة كبرى. الخطة هي خلق تهديد كبير جداً لدولة إسرائيل، كي، عندما يأتي الوقت، وعندما يُتخذ قرار إسرائيلي بالقيام بعملية عسكرية ضد المشروع النووي، تخاف إسرائيل من التهديد المتراكم في لبنان وفي سورية، ومن الجهاد الإسلامي في غزة. هذه هي عقيدة كوريا الشمالية. لماذا كوريا الجنوبية هي أكبر معارِض لعملية ضد كوريا الشمالية؟ لأن كوريا الشمالية قد تتضرر لكن سيول ستُدمَّر. هذا ما يفعله الإيرانيون، هم يبنون مثل هذه القدرة في المنطقة كلها كي نخسر هامش المناورة في العملية. يتعين علينا بذل كل ما نستطيع لمنع ذلك، بما في ذلك خطر الحرب. يجب أن نفهم ضخامة التهديد من الشمال، وأن نكون على استعداد لدفعه".
- أيضاً استباقية ضد البنية التحتية النووية؟
يقول عميدرور:
- "نعم، يجب أن يكون ذلك مطروحاً على طاولة متّخذي القرارات".
أمّا عنبار فيجيب:
- "نعم، يجب إعادة طرحه على الطاولة. خيار عسكري موثوق به يساعد أيضاً مَن يحاول في هذه الأيام إجراء مفاوضات للتوصل إلى شروط أفضل من الصفقة النووية في مواجهة إيران. في العالم، وأيضاً الجمهور في إسرائيل، يجب أن يدركوا أن إسرائيل جدية، وأن مثل هذه الخطوة يمكن أن تكبدنا خسائر".
- ليرمان الخبير:
- "يجب أن نكون مستعدين للقيام بعمل. لقد ربح العالم سنوات من الهدوء، لكن الخطر الإيراني يعود اليوم بقوة. الحرب في سورية اضمحلت، وحزب الله يستطيع أن يتفرغ للمواجهة مع إسرائيل. نحن جنباً إلى جنب مع السعودية والإمارات فيما يتعلق بإيران، لكن التغيّر في موقف الولايات المتحدة يفرض على الإيرانيين اتخاذ قرارات. لذلك ازداد خطر الحرب".
أمّا رأي ميكي أهرونسون الخبيرة في العلاقات الدولية:
- "في ضوء صعود التوتر في مواجهة إيران، من المهم المحافظة على الحوار مع القيادة في موسكو، وعلى الاتصال مع القوات الروسية في سورية التي تحول دون وقوع مواجهات. وقدر الإمكان، يجب الامتناع من اتخاذ مواقف في المنتديات الدولية تفسَّر كأنها ضد المصلحة الروسية".
- إذا كان هذا هو الوضع، لماذا نكتفي بقصف محدود في سورية؟ الأكيد أن صواريخ حزب الله لن تصدأ، لماذا لا نبدأ بضرب مخازنهم ونمنع إيران من تطويقنا؟
عميدرور:
- "من الناحية العسكرية، هناك إغراء كبير للقيام بضربة استباقية. لكن العالم لا يحب حروباً كهذه، وهناك صعوبة في قيام إجماع وطني على حرب كبيرة جداً. نبادر إليها نحن لذلك الضربة الاستباقية مغرية جداً، لكنها معقدة من منظور واسع داخلي وخارجي".
- هل تستحق "حماس" عملية؟
- تتطرق الوثيقة إلى تآكل الردع الإسرائيلي. مثلاً، يحذّر عميدرور من أن "عمليات غير كافية خلال فترة طويلة تدل على خلل أساسي في عقيدة استخدام القوة. لا مفر من العودة إلى القتال، بحسب القواعد القديمة.. وحده، جهد برّي حازم يمكن أن يكسر معنويات العدو. في بداية حملة الإرهاب الفلسطيني (2000-2001) لم تشأ الحكومة الإسرائيلية المناورة ضد المدن الفلسطينية، وانتشرت وسط الجيش الإسرائيلي عقيدة تقول إن لا فائدة من احتلال مساحة كبيرة. كان يجب وقوع مئات القتلى، وسنة ونصف السنة من القتال القاسي، لإرسال الجيش للقيام بمناورة في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. اتضح حينها أن الجيش قادر على تحقيق أهداف أمنية مهمة بواسطة مناورة..."
- لماذا لا تُستخدَم هذه العقيدة في غزة، ولا نقوم بعملية برية لا تسقط "حماس" بل تحرمها قدراتها الهجومية؟
ليرمان:
- "الردع موجّه إلى الوعي، وهو مسألة مراوغة، لكن الطريقة التي ربما يبدو فيها الجيش الإسرايلي كجيش يتجنب القتال البري- مفهوم يجب كسره. الخطر في عملية في غزة أننا إذا دمرنا "حماس" ستصبح المسؤولية ملقاة على عاتقنا، إنّما إذا ضربنا حزب الله، ستبقى هناك الدولة اللبنانية."
- لنعد إلى الشمال. بطريقة مفاجئة تقترحون التنازل للبنان، أي لحزب الله، في النقاش بشأن المياه الإقليمية، لماذا؟
ليرمان:
- "ليس هناك أمر مهم يستحق الآن الإصرار عليه. صحيح أننا يمكن أن نخسر حقول غاز، لكن حتى لو أصرّينا واستخدمنا حقول الغاز تحت خطر الاحتكاك، فإن المستثمرين لن يأتوا. كما قال مبارك، المال يخاف".
- في جميع الموضوعات التي تطرقنا إليها حتى الآن، بحسب معرفتي، مواقفكم تتطابق مع مواقف رئيس الحكومة. هناك مجال أنتم توصونه بالعمل فيه وهو لا يتبنى موقفكم، أي موضوع القدس. لماذا في رأيكم من المهم البناء في القدس وفي E-1؟
عنبار:
للقدس أهمية استراتيجية وتاريخية. يجب المحافظة على القدس الكبرى وهذا يتضمن البناء في E-1، هذا احتياط الأرض الوحيد الموجود شرقاً."