المطلوب لمعسكر التغيير قيادة متبلورة وخطة عمل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إذن ماذا لدينا؟ أولاً انتصار شخصي لبنيامين نتنياهو. وإذا لم تحدث مفاجآت، سيُكلف مجدداً بتشكيل حكومة يقف وراءها، لأول مرة بعد 23 عاماً في السياسة، حزب لديه 35 مقعداً في الكنيست [بحسب التعداد النهائي، ارتفع عدد مقاعد الليكود إلى 36 مقعداً]. في "الكتل" ليس هناك تغيير فعلي، ارتفع عدد أعضاء الكنيست من خصومه، ثلاثة أحزاب - المعارضة اليهودية في الوسط واليسار، من 40 مقعداً إلى 45 مقعداً. عدد المقاعد التي حققها الليكود ليس إنجازاً فعلياً بالنسبة إلى نتنياهو.  لكن فوز أزرق أبيض هو إنجاز غير مسبوق لبني غانتس، الذي خلال أقل من 23 أسبوعاً وليس سنوات، تحول من مواطن ليس لديه أي خبرة سياسية إلى منافس حقيقي، وصل إلى حافة نصر، وخلفه 35 مقعداً.
  • صحيح أن الهدف الأعلى لتغيير السلطة لم يتحقق، لكن على الرغم من أخطاء غير قليلة - بينها عدم استيعاب مدى الأهمية الحاسمة لحجم "الكتلة" والاكتفاء بـ"توحيد قوى" غير كاف، وحملة انتخابية من دون "غريزة قتل"، وفقدان بنية تقنية لحملة انتخابية ناجحة في "عهد شبكات التواصل الاجتماعي" – فإن ما جرى هو إنجاز مذهل لـ"معسكر التغيير" بقيادة غانتس ورفاقه. ما يزال هذا المعسكر يبحث عن السبيل الأكثر نجاحاً (أي أن يكون أكثر قوة، وتواضعاً، وأكثر لذعاً كما هو مطلوب للفوز، لكن فقط ضمن إطار القانون) لمحاربة مهارة حملة نتنياهو. وإذا أردتم، فإن كل هزيمة هي نقطة بداية جيدة للتعديل والتغيير. وفي الواقع، فإن الإنجاز الذي حققه غانتس يوجد فيه كل ما هو مطلوب للبدء اليوم بحملة لإعادة التعقل والرسمية والاستقامة من هامش المنصة السياسية إلى وسطها.
  • في الحكومة التي ستؤلَّف ستسقط الأقنعة. ستكون حكومة أكثر تطرفاً من التي سبقتها، وسيكون رئيسها من دون كوابح أكثر من أي مرة سابقة، وسيعيَّن في مناصب مثل وزارة العدل ولجنة تعيين القضاة أشخاص مثل بتسلئيل سموتريتش وأشخاص من قوة يهودية [حركة سياسة متطرفة مؤيدة لكاهانا]. وأول اختبار لقدرة صمود ديمقراطيتنا، الضعيفة منذ اليوم، سيجري في مرحلة مبكرة جداً. وسينقض نتنياهو وشركاؤه فوراً على الكنيست مع قانون الحصانة (أو حيلة مشابهة)، ومع "قانون التجاوز" الذي يمنع تدخُّل محكمة العدل العليا. [ويعطي الكنيست حق تجاوز قرارات محكمة العدل العليا].
  • هذه الخطوة المزدوجة التي تبدو تقنية، ستشكل دفناً خطِراً لمبدأ المساواة أمام القانون، وإضعافاً لا رجعة عنه لمحكمة العدل العليا. كلنا سنرتكب خطأ جسيماً إذا فشلنا في كبح ذلك قبل حدوثه. من دون ذلك سنجد أنفسنا مثل بولندا وهنغارياـ أي: ديمقراطية بالاسم، وبالفعل هي دولة "ثيوقراطية" من نوع الدولة "الأردوغانية".
  • إن نشر الأكاذيب، والتحريض، وزرع الكراهية، واختراق الهواتف، وتركيب الكاميرات، والتغريدات، والتشهير بالخصوم، وتهديدات موظفين، ستبقى وسائل عمل للمحيطين بنتنياهو. وما نتحدث عنه هو حلف مقدس بين نتنياهو وبين الفاسدين الذين يريدون تدمير مؤسسة القانون لإنقاذ أنفسهم من المحاسبة، وبين متطرفين متشددين يريدون تدمير هذه المؤسسة كي يكون في إمكانهم تحقيق رؤيا "الأبرتهايد اليهودي". يجب أن نمنع حدوث ذلك.
  • في محيط نتنياهو هناك من يؤكد أنه مع تقديم "صفقة القرن" سيحدث هنا تغير إيجابي. ونتنياهو، الذي في جعبته حصانة ضد إحالته على المحاكمة يعرف أن على إسرائيل أن تقول "نعم، ولكن..." للخطة المقترحة- وسيضطر إلى الانفصال عن جزء من المتطرفين وسيقدم علاجاً للضربة ويضم إلى حكومته أحد مكونات حزب أزرق أبيض، وبذلك يصبح وسطياً. لكننا نعلم أن نتنياهو لا يستطيع اتخاذ قرارات تغيّر واقع، جوهره "مناورة للتحييد"، لمنع أي حسم.
  • أريد أن أنهي بملاحظة عامة بشأن ظاهرة نتنياهو. للإسرائيليين تبدو أنها ظاهرة مميزة وغير مسبوقة. لكن التاريخ مملوء بسوابق شعوب، وخصوصاً في فترات الضائقة والإحباط، أُعجبت بسحر ديماغوجيين شعبويين، من ذوي الشخصيات النرجسية، التي هي ليست دائماً متوازنة، وأحياناً كثيرة فاسدة - إلى أن اصطدمت بالحائط ومرت بخيبة أمل وطنية مؤلمة ترافقت أكثر من مرة مع كارثة.
  • في مواجهة المخاطر التي تطرحها حكومة نتنياهو الخامسة، المطلوب "لمعسكر التغيير" قيادة متبلورة وعابرة للقوائم، لا تقع في إغراءات نتنياهو، وخطة عمل تتلاءم مع صراع طويل ومستمر. والمطلوب رؤيا إيجابية، تثير حماسة بصورة لا تقل عن الرؤيا المسيانية – العنصرية التي يقودها الكهانيون وتثير حماسة شبان التلال وتلامذة الحاخامين من أمثال دوف ليؤر ويتسحاق غاينزبورغ - الذين يتلاعبون بنتنياهو. المطلوب رؤيا صهيونية يهودية وديمقراطية، بروحية متنورة ووفق مبدأ المساواة أمام القانون كما عبّر عنه إعلان الاستقلال.